"مشعل": لن ننقل المعركة خارج فلسطين وجميع الخيارات مفتوحة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
"مشعل": لن ننقل المعركة خارج فلسطين وجميع الخيارات مفتوحة

[24-03-2004]

مقدمة

الأستاذ "خالد مشعل"

• من الطبيعي أن نرد على العدو بما يماثل جريمته والجزاء من جنس العمل.

• أتمنى أن يتمكن المجاهدون من اصطياد الرءوس الصهيونية الكبيرة.

• الشيخ ياسين كان وما زال عامل صمود وتوحيد في الساحة الفلسطينية.

أكد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) "خالد مشعل" أنه ليس هناك تغيير في إستراتيجية الحركة بـ"حصر المعركة في فلسطين"؛ لكنه أشار إلى أن "كل الخيارات أصبحت مفتوحة" بعد اغتيال الشيخ "أحمد ياسين"، وبعدما قال "مشعل":

إن "استشهاد المؤسس والرمز والمرشد خسارة كبيرة"، أشار إلى أن غياب الشيخ "ياسين" "لن يؤثر في وحدة القرار، ولا على نهج المقاومة، ولا على تماسك الصف الداخلي"، نافيًا إمكان وجود خليفة له؛ لأن "وضعه استثنائي".. وهذا نص الحوار الذي أجرته معه صحيفة (الحياة) اللندنية:


نص الحوار

  • هل جرت أية اتصالات على مستوى قيادة (حماس) للبحث في موضوع خلافة المؤسس الشيخ "أحمد ياسين
الزعامة الروحية ليست موقِعًا إداريًّا يُحدَّد بالانتخاب أو الاختيار؛ بل إنها مسألة اكتسبها الشيخ الشهيد "أحمد ياسين" برمزيته الدينية ورمزيته الجهادية ورمزيته الإنسانية.. هذا موقع خُصَّ به الشيخ "أحمد ياسين"، أما الصيغة التنظيمية للحركة فلها وضع آخر، والقيادة في (حماس) جماعية وهي مؤسسة.
ولا شك أن رحيل الشيخ "أحمد ياسين" خسارة في هذا المعنى؛ لكن (حماس) عودت أمتها أن تقدم طلائع وقوافل من القادة كمجاهدين واستشهاديين، دون أن تضعف الحركة أو أن تلين لها قناة، والحركة قادرة على ترتيب أمورها، وليس عندنا تنازل ولا تطلُّع إلى منافسة أو سلطة، وبالتالي القيادة عندنا مؤسسة، والحركة قادرة على استيعاب المرحلة المقبلة، حتى إن رحل عنها رجل كبير وعظيم بحجم الشيخ "أحمد ياسين".
  • هل حصلت أية تشاورات في هذا السياق؟
الأمر ليس في حاجة إلى اجتماعات، هذه الآليات تلقائية، تمارسها الحركة كلما غاب عنها أحباؤها من الرموز والقيادات؛ سواءٌ في المجال السياسي أو العسكري.


تطور المقاومة

مجاهدون من حماس
  • قيل إن المقاومة دخلت بعد اغتيال الشيخ "ياسين" طورًا جديدًا؟
حجم الجريمة وبشاعتها وإدراك شعبنا أن رسالتها هي ضرب نهج المقاومة، ومحاولة كسر الإرادة الفلسطينية.. كل هذا يخلق حالَ تحدٍّ عند الشعب؛ بمعنى أنه في استقبال معاكس للرسالة الصهيونية، وإذا كان "شارون" يريد أن يكسر إرادة الصمود، فنحن سنعزز الصمود، وإذا كان "شارون" يقصد إنهاء المقاومة فنحن سنعزز المقاومة، والرد الفلسطيني سيكون بحجم الجريمة.
  • كانت (حماس) ملتزمةً عدمَ نقلِ المعركة إلى الخارج، وفي الفترة الأخيرة كان هناك حرص على عدم استهداف المدنيين، وفي بعض الأحيان على حصر العمليات في أراضي العام 1967م، هل سيحصل أي تغيير في هذه المبادئ الثلاثة؟
فيما يتعلق بالعمل في الخارج لا تغيير على سياسة الحركة في شأنه.. نحن نحصر المعركة في دولة فلسطين؛ لكن داخل فلسطين الخيارات كلها مفتوحة.
  • كل الخيارات مفتوحة..؟
هي مفتوحة في الماضي؛ لكن كانت تحكمها تقديرات ميدانية يراعيها المجاهدون، وفقًا للظروف والإمكانات والوضع على الأرض.. وفي تقديري إن جريمة اغتيال الشيخ "أحمد ياسين" ستدفع المجاهدين على الأرض الفلسطينية إلى الانطلاق في شتَّى المجالات وإلى البحث عن آليات، وعن تطوير للمقاومة بكل خياراتها المفتوحة؛ لكن داخل فلسطين، سواءٌ في أراضي 1967م أو أراضي 1948م.
  • رئيس الوزراء الصهيوني "أرييل شارون" أشرف على اغتيال رأس (حماس) ورمزها الروحي، وأحد القادة العسكريين لـ(حماس) هدَّد بأن الانتقام سيكون باستهداف رأس "شارون" نفسه؛ هل فعلاً هذه هي سياسة (حماس
هذا يقدره الإخوة المجاهدون والجناح العسكري، وأعتقد من الطبيعي أن يرد على العدو بما يماثل جريمته، والجزاء من جنس العمل، وما دام العدو استهدف قياداتنا ورموزنا؛ بل رمزًا كبيرًا بحجم الشيخ "أحمد ياسين"، فمن حق المقاومة أن ترد على كل الرءوس الصهيونية؛ لكن هذا يعود للقدرة، وأتمنَّى أن يتمكن المجاهدون من الردِّ على هذه الجريمة النكراء باصطياد الرءوس الصهيونية الكبيرة.
  • بمن فيها "شارون"؟
نعم.. بمن فيها "شارون"؛ لكن هذه مسألة تعود إلى القيادة العسكرية على الأرض، وإلى إمكاناتها وتقديراتها، وأتمنى أن يوَفَّقوا.


حماس بعدالشيخ ياسين

الشيخ الشهيد "أحمد ياسين"
  • هناك اعتقاد بأن الشيخ "أحمد ياسين" كان يمثل تيارًا معتدلاً، وكان يمثل نقطة التقاء بين آراء مختلفة داخل (حماس)؛ كيف سينعكس غياب الشيخ "أحمد ياسين" على الحركة؟
قصة الاعتدال هي قصة يطيب للبعض أن يتحدث عنها، وهي في الحقيقة بعيدة عن واقع الحركة وعن تركيبتها القيادية، فنحن بالمعنى الإيجابي كلنا معتدلون؛ لأننا طلاب حق وليس فينا أحد متطرِّف، ونحن بالمعنى الإيجابي كلنا متمسكون بخيار المقاومة، وإذا سمَّى البعض ذلك تطرفًا أو إرهابًا فإننا نسميْه قمة الاعتدال؛ لأن من المنطق والعدل والاعتدال أن نرد على الجريمة، وأن ندافع عن نفسك، وأن نسعى إلى استعادة حقوقنا وإنجاز الحقوق الوطنية الفلسطينية.
ليس من السهل تعويض الشيخ "ياسين" على مستوى (حماس)؛ بل حتى على المستوى الفلسطيني والعربي؛ لكن على مستوى الوضع القيادي للحركة فلا خوف عليه؛ لأننا حركة مؤسسية يحكمنا نهج، ويحكمنا برنامج، وتحكمنا لوائح وضوابط ونظم مؤسسية شورية ديمقراطية، وفوق ذلك تحكمنا روح إيمانية وروح أخوية وروح الإيثار والعمل المشترك والتعاون، وبالتالي الحركة قادرة دائمًا على أن تسير وفق برنامجها ونهجها، وعلى إدارة القرار بطريقة فاعلة ومؤثرة وصحيحة.
  • بعد اغتيال الشيخ "ياسين".. هل جرت مشاورات لعقد مجلس شورى؟
لا.. لم يحصل، وليست هناك حاجة لذلك في الوقت الحاضر؛ لأن الحركة- كما قلت- قادرة على التكيف مع الوضع الجديد، وهناك نظم وآليات متعارف عليها تعالج مثل هذه المستجدَّات والحالات الطارئة، وليست هناك إشكالية تستدعي مثل هذا اللقاء السريع.


الرسائل السياسية

حوارات91.jpg
  • ما الرسالة السياسية التي يريد "شارون" إرسالها من وراء عملية الاغتيال في ضوء وجود كلام عن احتمال فك الارتباط أو الانسحاب من غزة؟
هناك أربع رسائل:
أولاً: محاولة رد الاعتبار للجيش والأمن الصهيوني بعد عملية (أشدود)، التي اعتبرها العدو إستراتيجيةً وضربًا في العمق والصميم، وفشلاً ذريعًا للأمن الصهيوني، فأراد في هذه العملية الاستعراضية أن يعطي هذا التعويض النفسي والتوازن لدى الشارع الصهيوني.
ثانيًا: أراد أن يوازن مركزَه السياسي في حكومته؛ لأنه في الآونة الأخيرة حصل "تضعضُع" في وضعه في الحكومة؛ نتيجة الاعتراضات من اليمين ومن صقور (الليكود) على برنامجه؛ سواء في فك الارتباط، أو الانسحاب من طرف واحد من غزة.
ثالثًا: محاولة تجنب سيناريو الخروج من قطاع غزة بصورة الهزيمة، كما جرى في جنوب لبنان، فأراد أن يعطي رسالةً بأنه يخرج من غزة منتصرًا، وقد قصم ظهر المقاومة على حسب ظنه أو زعمه.
الدلالة الأخيرة وربما الأخطر: هي محاولة لما يعبر عنه الصهاينة بـ"تنظيف" غزة من المقاومة وكل عوامل القوة لديها؛ سواء القيادة السياسية، أو القيادة العسكرية، أو سلاح المقاومة، أو كوادر المقاومة؛ تمهيدًا لإخلاء غزة وترتيب الأوضاع فيها للأطراف التي يراهن عليها "شارون" والأمريكيون.
  • من هم هؤلاء الأطراف؟
من السابق لأوانه الحديث في هذا الوقت عن هذه الأطراف؛ لكن شعبنا بوعيِه يُدرِك من هذه الأطراف، ويعرفها ويعرف سلوكَها، ويعرف ماذا تُحضِّر ويدرك الخطورة التي تحملها.
عندما طرح "شارون" مبادرة فك الارتباط والانسحاب من قطاع غزة كان يضعها في سياق الالتفاف على المقاومة أو لمحاولة وقفها وإجهاض منجزاتها وحرمان الشعب الفلسطيني من الثمرة الحقيقية للمقاومة والانتفاضة، وهي رحيل الاحتلال دون قيد أو شرط.
لكن كان من مراميه الخروج من غزة ودفع الفلسطينيين إلى الاقتتال والصراع على السلطة، ليقول للعالم إن الشعب الفلسطيني ليس أهلاً لأي كيان أو أي دولة، ويبرر بالتالي سيطرته على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكنا نتابع ملامح هذا المخطط، الذي كان يحضِّر له "شارون" ومِن خلفه الإدارة الأمريكية، وربما كان يجد بعض الأطراف أنه يمكن أن تتعاطى معه طمعًا في أن تستأثر بالسلطة، وأن يكون لها دور ولو على دبابة أمريكية؛ لكن بعد جريمة اغتيال الشيخ "أحمد ياسين" نعتقد أن من بركات الشيخ "أحمد ياسين" كما كان في حياته عاملَ صمودٍ وتوحيدٍ في الساحة الفلسطينية، فإن استشهاده اليوم سيكون أيضًا عامل توحيد وتجميع للصف الفلسطيني، وبالتالي قطع الطريق على كل محاولات إذكاء صراع الفتنة الداخلية في الشعب الفلسطيني.
  • هل هناك تخوُّف من ذلك؟
لست خائفًا من هذه الاحتمالات، وإن كان هناك بعض الأطراف لا يبالي إن حصلت؛ لكن أعتقد أن هذه الأطراف تمثل أقليةً محدودةً وأقليةً ليس لها شرعية وشعبنا يعرفها، وبالتالي الغالبية على مستوى الشارع وعلى مستوى القوى هي غالبية وطنية وغالبية مدركة لخطورة المرحلة، وبالتالي مُصرَّة على الحفاظ على الوحدة الوطنية الفلسطينية وعلى التحرك بصورة جماعية بين جموع القوى، بعيدًا عن عقلية الإقصاء أو التفرُّد؛ لذلك أعتقد أن هذه صِمامات أمان، ونحن- إن شاء الله- سنعزز هذه الحالة، و(حماس)- التي صبرت على جراحها في أصعب الظروف- ستظل على نهجها في الحرص على الوحدة الوطنية، ورفض الانجرار إلى أي اقتتال أو مواجهة داخلية فلسطينية.. سنعمل- إن شاء الله- على الحفاظ على هذه الوحدة وعلى الحق الفلسطيني، وبالتالي الحفاظ على منجزات الانتفاضة والمقاومة، خصوصًا أننا نشعر بأننا بدأنا نقترب من الإنجاز الوطني الفلسطيني.. "شارون" يحاول أن يحرمنا منه أو أن يقذف بنا إلى أتون الصراع الداخلي.
  • ماذا تقصد بقولك إننا نشعر بأننا نقترب من الإنجاز الوطني؟
إن الانتفاضة- في مداها الزمني خلال ثلاث سنوات ونصف- أثَّرت في الكيان الصهيوني تأثيرًا بالغًا ما لم تؤثره في عقود طويلة من الصراع، أفقدت "شارون" صوابه، ثم عطلت كل خياراته وأفشلتها.. "شارون" بذل كل خياراته الأمنية والعسكرية ولم يفلح.. هذا التأثير البالغ للانتفاضة والمقاومة، وانعكاسه على الوضع الاقتصادي والسياسي والأمني والمعنوي الصهيوني، باعتبار أن "شارون" هو آخر منقذ يراه الشارع الصهيوني.
أنا أعتقد أن محاولات "شارون" الأخيرة هي أخيرة لجنرال مفلس، يحاول أن يتحاشى الهزيمة أو يتحاشى الاعتراف بالهزيمة؛ ولذلك طرح مبادرته في بناء الجدار وفكِّ الارتباط والخروج من غزة، ويحاول أن يقذف بالمأزق الصهيوني إلى الطرف الفلسطيني، وأن يدفعه إلى الاقتتال؛ إدراكًا لقرب لحظة الهزيمة الصهيونية، ولو كانت هزيمة جزئية، ولا أقول هزيمة شاملة.. هذه اللحظة كونها تقترب تلقي علينا مسئوليةً إضافيةً؛ أن ننتبه إلى هذا الشَرَك الصهيوني، إلى هذه الخدع الصهيونية؛ حتى نتمكن من السير موحدين وبكامل طاقتنا؛ من أجل أن نصل إلى الهدف الفلسطيني..؛ الحصول على حقنا أمرٌ ليس ببعيد.
نحن نعتبر أن أي حق نستطيع أن نستعيده من دون قيد.. أي أرض نستطيع أن نحررها من دون قيد أو شرط؛ لكن هذا مجرد خطوة على الطريق، وليس نهاية المطاف، وليس نهاية الحق، ولا نقبل أن يكون أيضًا ضمن اتفاق أو ضمن دفع ثمن سياسي أو أمني للعدو الصهيوني؛ لذلك نحن نشعر بأننا نقترب من هذا الهدف إن شاء الله.

*نقلاً عن صحيفة الحياة اللندنية 24/3/2004م.

المصدر