"السيسي" بيسألك :تحب تموت إزاي؟
بقلم : شرين عرفة
(08/11/2014)
من العجيب في "مصر السيسي" -تلك الحقبة المشئومة من حياة البلاد- أنها قد تحرمك من حقك في الحياة، من حقك في الحرية، من حقك في التعليم، من حقك في السكن، من حقك في الزواج،من حقك في العلاج، من حقك في مياه نظيفة وطعام صحي، ولكنها لن تبخل عليك ابدا بحقك في إختيار شكل الموت وطريقة التلذذ به.
بالتأكيد مصر أحسن من سوريا والعراق !!، ففي سوريا والعراق يموتون فقط بالبارود ،يموتون ورؤوسهم مرفوعة وأياديهم على الزناد، بينما في مصر ،فالوضع مختلف ،
يقدم لك قائد الإنقلاب "عبد الفتاح السيسي" تشكيلة مفتخرة من أعذب أنواع الموت، ولك وحدك الخيار ؛ فلو لم تمت تحت التعذيب بأيادي ضباط جيشنا العظيم في سيناء ،أو مقتولا برصاص طائش من رجال شرطتنا البواسل داخل الأقسام أو في الطرقات،أو مشنوقا بحكم إعدام جماعي من قضائنا الشامخ، يصدر في يومين بدون أدلة أومرافعات، فلديك مجموعة أخرى ومتنوعة من أصناف الموت الفاخر.
ما بين الموت دهسا تحت عجلات الدبابات في رابعة والنهضة أو تحت عجلات الأتوبيسات على طرق مصر السريعة، أوما بين الموت متفحما داخل خيام الإعتصامات أو سيارة الترحيلات ، أو الموت متفحما في واحدة من حوادث الطرق كحادث البحيرة وطلبة مدرسة الأورمان.
فهؤلاء الطلبة .. إنما ذهبوا أساسا ليموتوا!!
وهل يوجد في مدارسنا تعليم -لا سمح الله- ؟!
إنما يذهب أبناؤنا إلى مدارسهم ليرتاحوا من حياتهم الشاقة، ويختاروا من بين أنواع مختلفة من الموت ، فما بين الموت مذبوحا بزجاج نافذة فصله كطالب مدرسة المطرية ، أو الموت مهشما أسفل بوابة المدرسة كطالب مرسي مطروح ، أو مخترقة رقبته أسياخ الحديد الناشبة من البوابة ، كتلميذ مدرسة "أحمد بهجت" الثانوية ، ولو قدر الله و نجا من كل ذلك ، فسيموت حتما داخل أسوار جامعته إذا نادى بحقه في الحرية والحياة.
- السيسي يبشر المصريين بحل نهائي وناجع لمشكلة الزيادة السكانية ،خلال الستة أشهر الأولى من حكمه .
- مع وعد بإنهاء الشعب المصري كاملا خلال الخطة الخمسية القادمة.
أنت لا تصدق إذن أن السيسي قد جاء لتحقيق أحلام الصهاينة ؟! بتخريب مصر وقتل الشباب ووأد أحلامهم وإنهاء ثورتهم ، وإفراغ سيناء من أهلها وتقديمها على طبق من فضة للمحتل الإسرائيلي ؟!
"السيسي"الذي لم يكن بحاجة لمنصب الرئيس،حيث كان يحكم مصر فعليا وهو وزير للدفاع ، وكانت مصر تدار بأوامره ومؤسساتها رهنا لإشارته،بينما كان الرئيس الفعلي "محمد مرسي" مسجونا داخل قصره، تحسب عليه أنفاسه وتسجل بدقة خطواته،
مازلت مقتنعا أن السيسي أرتكب خمسة مذابح كبرى وأستولى على الرئاسة ليحنو على الفقير! وأنه ما رفع الدعم إلا من اجله، وما زاد الأسعار إلا ليسعده!
وأننا نور عينيه! لكن ماذا يفعل "يا ولداه" ؟!!
فهو يريد الإصلاح ،ولكن يأتيه الخراب من حيث لا يحتسب، ويريد للمصريين الرخاء، فيأتيهم الدمار من حيث لا يقصد !!
أبشرك إذن بمزيد من الخراب والدمار ،حتى ولو لم يقصد ذلك فرعون مصر، أو مؤسساته الفاسدة، أو أتباعه الفاشلون،
هي سنة الله في الكون، وطالما رضي هذا الشعب بحكم الفرعون،وسكت على الظلم والفجور ؛ فلينتظروا آيات الله كما فعل بأجدادهم، أتاهم الله بتسع آيات بينات ، فبعد أن ضرب موسى بعصاه فإذا هي ثعبان مبين ، ونزع يده فأصبحت بيضاء للناظرين،قال تعالى: (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130) الأعراف.
مصر التي كانت أرض الخير والخصوبة والنماء ابتلى الله أهلها بسنين من القحط والجدب ونقص من الثمرات ،فلما استمروا في ضلالهم وغيهم،واستكانتهم للفرعون وخضوعهم، ابتلاهم الله بالطوفان؛ والطوفان حادث يتكرر في أرض مصر، وفيه خير كبير، ولكن إذا كان زائدًا عن حده، أصبح نقمة بدلا من أن يكون نعمة، حيث ابتلاهم الله بالقراد ( القمل) ؛ الذي يكثر ويزداد في الأرض الرطبة بسبب الطوفان ، فكان مصدر قلق وعذاب كبير للمصريين.
وبعد انحسار الطوفان، تكونت الترع والبرك وكثر وجود الضفادع، فزاحمتهم في أماكن عيشهم و مياه شربهم، وعكرت صفو حياتهم.
وكذلك انتشر مرض البلهارسيا والتي تكثر في وجود المياه الراكدة، فسببت لهم نزف الدم مع البول،وبعد أن أثمرت المزروعات بعد الطوفان جاء الجراد فقضى على أحلامهم وأتلف الزرع من بين أيديهم.
وقد جمعت تلك المعجزات في آية واحدة ؛ قال تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ} (133)الأعراف.
كل تلك الآيات المزلزلة لفرعون وجنده وقومه، لم تزدهم سوى تجبرا وعنادا، فوصفهم الله تعالى جميعا بأنهم قوم مجرمون، طبيعي أن يصف الله فرعون وجنده بالمجرمين، *ولكن ما هي جريمة قومه،من أهل مصر المستضعفين؟
إنما كانت جريمتهم :هي الخضوع للظالم و الرضا بأفعاله من ظلم و طغيان.
والمصيبة ..أن هؤلاء المجرمون حينما أتتهم آيات الله جحدوا بها ، على الرغم من وضوحها وضوح الشمس، ولكنه الكبر والعناد ، قال تعالى : {فَلَمَّا جَاءتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} (النمل13_14)..هم مفسدون إذن لأنهم اتبعوا فرعون في فساده وتكبرت أنفسهم على الإعتراف بالحق.
بل وحكم عليهم أيضا بالفسق حينما قال تعالى متحدثا عن فرعون مصر : {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} (54)(سورة الزخرف)
أستهان فرعون بقومه من أهل مصر وأذلهم ؛ فأطاعوه ...لماذا ؟! لفسقهم وبعدهم عن دين الله،فلولا فسقهم ما خضعوا للظالم ورضوا بأفعاله،بل وغنوا لظلمه وفجره: تسلم الأيادي..
فالتمسك بدين الله والخضوع له يعلم صاحبه العزة والإباء فلا يحني رأسه إلا لخالقه، ولا يخشى من أحد سواه.
من خضع للفرعون وذل نفسه له فهو فاسق،
من اتبع الفرعون وأيده فيما يفعل فهو مفسد،
من رضي بظلم الفرعون وفوضه في قتل إخوانه فهو مجرم ،وجميعهم ظالمون.
shireen.3arafah@gmail.com
المصدر
- مقال:"السيسي" بيسألك :تحب تموت إزاي؟ موقع:نافذة مصر