هل نبكى على رابعة , أم علينا تبكى رابعة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
هل نبكى على رابعة , أم علينا تبكى رابعة


(الأحد 16 أغسطس 2015)

بقلم : السعيد الخميسي

هل نبكى على رابعة , أم علينا تبكى رابعة....؟

  • هل نبكى على رابعة , أم علينا تبكى رابعة ..؟ ، نأسى على رابعة أم علينا تأسى رابعة ..؟ نتألم ونتوجع على رابعة , أم علينا تتألم وتتوجع رابعة..؟ نعم .. لقد فاضت الدماء فى رابعة أنهارا ...
وسالت الدموع من العيون مدرارا . ينقضي الليل ويمر النهار , وستظل ذكرى رابعة فى قلوبنا جذوة نار .

رابعة لن تموت ولن ينجلي ليلها إلا بصبح جديد وفجر مجيد ونهار تليد . هل تعلمون ماذا تعنى رابعة..؟

رابعة روح فى جسد , وزئير فى فم أسد , هى نبض قلوبنا ولا حسد . رابعة قمر فى السماء , ونبع فى أرض بلا ماء .
هى كابوس يؤرق مضاجع الطغاة الظالمين , أبى من أبى وشاء من شاء . ستظل رابعة رغم الداء والأعداء .. كالنسر فوق القمة الشماء .

* رابعة قصة حياة , وليست تابوت موت , رابعة كانت انتصارا ولم تكن أبدا هزيمة وانكسارا . رابعة كانت للأحرار جوائز قبل أن تكون للشهداء جنائز.

رابعة منارة فى سماء الوطن , حين تظلم سماؤه . رابعة واحة خضراء فى أرض الوطن , حين يغيض ماؤه . رابعة أمل كل عليل سقيم , قد استعصى على الأطباء شفاؤه .
ليست رابعة فقط دماء سالت , وجثثا تفحمت , وأطرافا قطعت , وأطفالا يتمت , ونساء رملت , ولكن رابعة ضوء ساطع فى نفق طويل مظلم .
رابعة حكاية شعب أراد الحياة , وأبى الذل والهوان , فقدم روحه رخيصة فداء لدينه ووطنه وحريته .
من كان يظن أن دماء رابعة قد ذهبت سدى , وسينجو الظالمون , ويفر المجرمون بلا حساب أو عقاب , فقد خان الله ورسوله والمؤمنين إلى يوم الدين .

• هلا استنشقت عبير وردة حمراء , فرابعة هى رائحتها الفيحاء . هل شاهدت فى حياتك قمر بلا سماء ..؟ وأرض بلا ماء ..؟ وشهداء بلا دماء ..؟

رابعة هى السماء , وهى الماء , وهى الدماء . رابعة هى نهار الحق مهما طال ظلام المساء .
رابعة ليست قصيدة شعر يتغنى بها الشعراء , وليست رؤية فى منام أو طيف خيال , رابعة ليست ومضة باهتة , كلما جاءت خفت وذهبت , ولكن رابعة كالتعليم فى الصغر , أو كالنقش على الحجر لايمحو ذكراها ولا أثرها أنثى ولا ذكر .
رابعة حكاية شعب أراد أن يستنشق عبير الحرية , ورفض الذل والعبودية , شعب أبى إلا أن يعيش مرفوع الهامة , فى حرية تامة , فانقضوا عليه كالذئاب الجائعة والوحوش الضارية .
لكن أرواح شهداء رابعة تحلق فى الآفاق لتعلم الدنيا درسا فى الثبات والصمود والأخلاق .

* رابعة ليست مجرد اعتصام في ميدان وانفض , أو صرح عال على ربوة شاهقة هوى وانقض , بل رابعة اعتصام دائم فى ميدان القلوب , وصرح شاهق لا تعبث به ريح الخطوب . رابعة ماض وحاضر ومستقبل .

ماض لأنها تاريخ , والتاريخ لا يمحى , وحاضر لأنها لا تنسى , ومستقبل لأنها أمل للأحرار فى كل مكان والآمال تبقى حية لا ينساها إنسان مهما طال ليل الزمان .
رابعة... استشهد فيها الصديق والرفيق , وجرح وأصيب فيها الإخلاء , ومنهم من مات بحثا عن شربة ماء . رابعة .. استشهد فيها الرضيع , برصاص كل خسيس وضيع .
رابعة ذكرى فى سجل الخالدين . سجل صفحاته مكتوبة بمداد من ذهب , وعذرا يا دماء الشهداء لأنك أغلى من ماء الذهب .

* رابعة هى خلجات نفسي , ونبضات قلبي , ونور عيني . ستظل رابعة شجرة مورقة فى أرض فلاة يستظل بها كل عابر سبيل .

رابعة هى اشراقة شمس كل صباح , وضوء قمر كل ليل , لن ينساها جيل بعد جيل .
هى للأحرار الأبرار يوم عيد , من مات فيها فهو بإذن ربه شهيد , ومن أحبها كتب لنفسه مجد تليد .
ومن كرهها وأساء إليها بقول أو بفعل فهو بلا شك شيطان مريد .
رابعة سوق قام وانفض بقدر الله , ربح فيه من ربح , وخسر فيه من خسر . ربح فيه الأخيار الذين ضحوا بأرواحهم فى سبيل دينهم ووطنهم .
وخسر فيه الأشرار الفجار الذين أاساؤوا لدينهم , وباعوا وطنهم واستحلوا الدماء , واسترخصوا الأعراض , وانتهكوا الشرف والكرامة , واقتحموا على العباد خلوتهم .
ولم يراعوا للدماء حرمة , ولا للشرف والكرامة قدسية.

* سينسى التاريخ أسماءنا يوما ما , ولكن التاريخ لن ينسى اسم رابعة .

ستعصف زوابع وأعاصير الجغرافيا بنا وببيوتنا يوما ما , ولكنها لن تمحو ولن تهدم صرح رابعة لأنه قائم على أصوله على ربوة سامقة تناطح عنان السماء رغم كيد الأعداء .
ستظل دماء رابعة علامة فارقة وحاجزا عميقا بين العذب والفرات , بين الأمناء والعملاء , بين الاصلاء والدخلاء , بين الأشرار والأبرار , بين المؤمنين والمنافقين , بين الصامدين الثابتين , والمترددين المرجفين فى المدينة .
فلا تبكوا على رابعة , ولا تحزنوا على شهداء رابعة , فرابعة وشهداؤها بإذن ربهم فى أعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين , وأعداء رابعة ومن استباحوا وأراقوا دماءها فى أسفل سافلين مع أعداء الإنسانية أعداء الدين .
وعذرا ياربعة فمهما قلت , فما وفيتك حقك وأنا دائما من المقصرين.

المصدر