هل لانتصار أوباما قيمة حضارية؟

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث

هل لإنتصار أوباما قيمة حضارية ؟

مما اعتمد عليه أوباما في حملته الانتخابية في مخاطبة الشعب الأمريكي، إثارة قيم إنسانية لتحقيق الحُلْم الأمريكي، ومن هذه القيم الجدية والعزيمة، متمثلةً في قصة كفاح والدته، وأن المجتمع الأمريكي أعطاها الفرصة لتنال هي وابنها مكانةً اجتماعيةً مكَّنت أوباما من استثارة قيمة حضارية كبرى، وهي عدم التفرقة بين البشر على أساس اللون، واستطاع أوباما أن يتجاوز ظاهرة برادلي "رغم حصول المواطنين الأمريكيين السود على حقوقهم ظاهريًّا يبقى في نفوس البيض عنصرية دفينة جعلتهم يُسقطون برادلي المرشح الأسود عندما خلوا إلى صناديق الاقتراع؛ حيث لا يراهم أحد إلا الله".


لا شك أن تخطِّيَ أغلبية الشعب الأمريكي هذه العقبة النفسية ظاهرةٌ حضاريةٌ دعا إليها الإسلام عندما خاطب الله الناس جميعًا؛ مسلمهم وكافرهم، أبيضهم وأسودهم، رجالهم ونساءهم، غنيَّهم وفقيرهم، قويَّهم وضعيفهم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات:13).


التفرقة على أساس اللون قيمة جاهلية؛ أذهبها الله عن قلوب هذه الأمة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس.. إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وتعاظمها بآبائها؛ فالناس رجلان: رجل بر تقي كريم على الله، وفاجر شقي هين على الله، والناس بنو آدم، وخلق الله آدم من تراب".


وعندما دفع الغضب أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن يُعيَّر بلالاً بلونه، فقال له: "يا ابن السوداء"، كان تنبيه وزجر رسول الله صلى الله عليه وسلم شديدًا، فقال له: "إنك امرؤ فيك جاهلية"، وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل والأسوة في المساواة والعدل وعدم التفرقة بين الناس على أساس لونهم أو موطنهم، بل كان القدوة فيما يحمل من أسمى مشاعر الحب والتقدير؛ فمكانة زيد بن حارثة وابنه أسامة عند الرسول معلومة لدى الكافة، وكان أسامة يلقَّب بحِبِّ رسول الله وابن حِبِّه.


نعم.. هذه قيمة إنسانية حضارية؛ أكدها رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر وصاياه في حجة الوداع: "يا أيها الناس.. إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، خيركم عند الله أتقاكم".


إن هدف الشعب الأمريكي لاختيار أوباما هو المصلحة القومية، وهي بقاء أمريكا قائدةً للعالم وفق القيم الأمريكية، والتي تمكِّن الأمريكيين من الاستمتاع بأكبر قدرٍ من خيرات العالم (الرفاهية الأمريكية)، مع تحسين صورة أمريكا لدى شعوب العالم بعد أن أفسد الساسة هذه العلاقة بين الشعب الأمريكي وكثيرٍ من شعوب العالم بحروب الدمار والظلم.


كما ساهم الساسة من الديمقراطيين والجمهوريين على حدٍّ سواء في نشر ثقافة التمييز ضد المسلمين عند الشعب الأمريكي بعد كارثة 11 سبتمبر التي استنكرتها كل شعوب العالم الإسلامي، وخاضت الولايات المتحدة حربًا ظالمةً في كلٍّ من أفغانستان والعراق تحت مظلة محاربة الإرهاب، كما شاركت الولايات المتحدة بدعمها غير المحدود للكيان الصهيوني وبضغطها على حكام العرب حتى يستمر الحصار في إبادة الفلسطينيين، وهذا أثار شعورًا سلبيًّا ضد الولايات المتحدة لدى غالبية الشعوب العربية والإسلامية؛ فبعد أن كانت الحضارة الأمريكية محلَّ تقديرٍ أو ربما تطلُّعٍ من كثير من شعوب العالم في الشرق والغرب أصبحت هذه الحضارة محلَّ شكٍّ وريبةٍ، بعد أن قَتل استكبارُ الجيوش الأمريكية إكبارَ الشعوب.


إن لانتصار أوباما، متخطيًا عقبة التمييز على أساس اللون، قيمةً حضاريةً، ولكن هل سيكون له أثر في الواقع والممارسات؟ هذا ما سوف تكشف عنه الأيام، خصوصًا بعد أن عيَّن أوباما الإسرائيلي (رام إيمانويل الذي كان متطوعًا في الجيش الصهيوني) كبيرًا لموظفي البيت الأبيض، أي كبير مستشاري الرئيس.


المصدر : نافذة مصر