نقاش Ikhwan Wiki الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين:مستخدمون
(إصلاح النفس )
نظرة في الواقع
كثير من الناس الذين يدعون إلى التغيير والإصلاح وتجدهم ينتقدون هذا ويهدمون عمل هذاويفسقون هذا ويبدعون هذا ويتهمون هذا في دينه ، وهذا في عمله ، وهذا في إدارته ، وهذا في طريقة تعامله ، وهذا في أسلوبه كأنهم هم المصلحون ، وكأنهم هم الواعون ، وكأن الإصلاح لن يأتي إلا من عندهم وعلى أيديهم ، وإذا تأمل أحدهم في نفسه وحاسبها لوجد أنه مازال مقصراً في أبسط الأمور والواجبات تجاه ربه وتجاه مجتمعه وتجاه أهلة رغم علمه بان سيد الخلق يقول في حديثة خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي أخرجه التِّرْمِذِيُّ، فتجده حريص على إصلاح غيرة عاجز على إصلاح أهله ومن يعول وتجده يكاد يحافظ على الفروض الواجبة وقد يترك بعضها أحياناً ، صلاته بلا خشوع ، لا يصوم إلا رمضان بتثاقل ، يجمع للدنيا كأنها خالدة ، لا يعرف لله حرمة ولا لرسوله كرامة ، لا يعرف البكاء من خشية الله ، ليس له ورد يومي من كتاب الله ، لا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر ، يتساهل في الذنوب إلى غير ذلك من التقصير الواضح في حق الله وكذلك في حق الناس تجده قليل الإحسان إلى الناس قد يحمل حقداً وكبراً وغروراً ، قد يظلم هذا ويغتاب هذا ويتكلم في عرض هذا ويجرح هذا ينتقد أكثر مما ينصح يغتاب أكثر مما يأمر بمعروف وينهى عن منكر قد يسب العلماء والدعاة وهو لم يقدم شيء ، يرى عمل الآخرين قليل وعديم الفائدة وهو أصلاً لم يعمل شيء ، وفوق هذا كله يزعم أنه على الحق وأن رأيه هو الصواب ومن خالف رأيه فهو الباطل بعينه ... تراه دائما يلبس نظارة سوداء لا يرى بها إلا الجزء الفارغ من الكوب ، أما علم هذا أن الإصلاح أولاً يجب أن يكون في إصلاح النفس وهديتها أقول لهؤلاء : لو نظرت حولك نظرة المتجرد الأمين الحريص على رضا ربة لوجد ت نفسك أولى بالنقض وبذاتك أولى بالإصلاح إلا يتذكر هذا قول الله عز وجل في كتابة )عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتُمْ(
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها **** فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله **** عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
فهناك يُسمعُ إن وعظت ويُقتدى **** بالقول منك ويُقبلُ التعليمُ
أبداً بنفسك أولاً فأصلحها ثم انظر إلى من حولك وابدأ بإصلاحهم ثم ابدأ بالانتقاد البناء
لغيرك على ضوء العمل الذي قدمته ، فإن لمتقدم شيئاً فحري بك أن تقول خيراً لو لتصمت.
يا ايها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم تصف الدواء لذي السقام وذي الضنا كما يصبح به وانت سقيم ونراك تصلح بالرشاد عقولنا ابداً وانت من الرشاد عديم إبدأ بنفسك وانهها عن غيها فاذا انتهت عنه فانت حكيم فهناك يسمع ما تقول ويهتدي بالقول منك وينفع التعليم إصلاح النفس هو الطريق الوحيد للإصلاح
إن إصلاح النفس هو الطريق الوحيد وهو بداية الإصلاح الحقيقي، لأنك لا تستطيع أن
تُصلح غيرك قبل إصلاح نفسك والجهاد لا يكون إلا بإصلاح النفس، فالمولى عز وجل
يقول لنا في كتابه الكريم: ﴿إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ (( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)) فكيف تنصر الله في المعركة وأنت مهزوم في معركة نفسك كيف تنصر الله على عدوك وأنت تعمل بمنهجهم وتعيش على طريقتهم كيف تنصر الله وأنت أسير للمعاصي كيف
تنصر دينك وأنت بعيد عن منهجه فلابد أن تنصره على نفسك بتغليب أمره على هواك 0 فإن انتصارك على هوى نفسك وعلى نفسك هو البداية لانتصارك في المعركة. لان أول
الضعف هو في الإنسان نفسه فلن تنتصر إلا إذا امتلكت مصادر القوى لان الله لا ينصر امة ضعيفة امتلك الشيطان والهوى عليها جميع جوانب حياتها 0 فلابد من توفير
مناخ النصر حتى نكون أهل لنزول الرحمات وتدخل رب الأرض والسموات 0 إن الملائكة لم تنزل يوما لمساندة المسلمين وهم عصاه بل نزلت في بدر على أناس
صدقوا ما عاهدوا الله علية ، فنظر الله لهم فوجد أنهم وفوا حق الله من نصرة شرعة وسنة نبيه على أهوائهم وعلى احتياجاتهم الشخصية فوفوا بعهدهم ووعدهم وبيعتهم لله ،
((مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (الفتح 29 )
أن ميدانك الأول نفسك، إذا قدرت عليها كنت على غيرها أقدر، وإذا عجزت عنها
كنت عما سواها أعجز"، سيطِر على نفسك أولاً، فإذا كان حالك هو الضعف وعدم
الثبات أمام الفتن التي نتعرض لها بالليل والنهار ، فإذا لم تقدر على هذه فكيف تقدر
على القيام بمهمة الدفاع عن الإسلام والدعوة له وإقامة دولته0وتربية غيرك على العمل
لنهضة الأمة نعم كيف تصلح غيرك وأنت عاجز على إصلاح نفسك فكن صريح مع
نفسك 0كيف تحمل غيرك في سفينة غير صالحة للإبحار أصلح سفينتك يكتب لك
سلامة الوصول أنت ومن يركب معك فلابد من إحكام السفينة ولابد أن تراعى طبيعة
الطريق فتتزود له ، وحتى نستطيع الوقوف على الصورة الحقيقية لمعنى الإصلاح نتأمل
في وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله
))يا أباذر احكم السفينة فإن البحر عميق،وخفف الحمل فإن العقبة كأود، وأكثر الزاد فإن السفر طويل ، واخلص العمل فإن الناقد بصير(
والقرآن يخبرنا ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ (الرعد:من الآية11)،
وانظر وتأمل معي هذا المشهد القرآني في قوله تعالى ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ
آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ(175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ
ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)﴾ (الأعراف)، إن هذا مثل رجل عرَف هذه الآيات وكان يستطيع القيام بها، لكنه رفض هذا،
وانظر إلى تعبير القرآن (فانسلخ) نلاحظ هنا أن الإنسان بنفسه هو الذي انسلخ من
آيات الله فسرعان ما تدخل الشيطان فغواة وزين له هذا الانسلاخ فأصبح بفعل نفسه
وبيده وبإتباع الشيطان له من الغاوين 0
آخى الكريم كيف تصلح أهل الدنيا وأنت عاجز عن إصلاح أهل بلدك ، كيف تصلح
أهل بلدك وأنت عاجز عن إصلاح أهل قريتك ، كيف تصلح أهل قريتك وأنت عاجز عن
إصلاح بيتك ، كيف تصلح أهل بيتك وأنت عاجز عن إصلاح نفسك ، فلابد أن تكون
نقطة البداية إصلاح القلب وتهذيب النفس.