موجة ثورية جديدة وثوار فوق العادة.. بقلم: قطب العربي

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
موجة ثورية جديدة وثوار فوق العادة.. بقلم: قطب العربي


بتاريخ : الجمعة 23 يناير 2015

هل سيسقط الانقلاب يوم 25 يناير 2015؟! نتمنى ذلك ونسعى إليه، وقد يحدث وفقا لتقديرات إلهية، لكن الحسابات البشرية لا تشي بذلك، وهذا ليس كارثة، وليس نهاية العالم، ولا نريد للثوار أن يشعروا بأي نوع من الإحباط إن انتهى اليوم دون نهاية العسكر.

فقد حدثت موجات ثورية متعددة على مدى الشهور الماضية، ورغم أنها لم تُسقط حكم العسكر إلا أنها أسهمت في تصدعه، وعدم استقراره، وعدم قدرته على جذب أي سائح أو مستثمر (بعيدا عن الاستثمارات السياسية بطبيعتها التي تضخها بعض الحكومات الخليجية لإنقاذ الانقلاب).

شخصيا أرى أن الرسالة الأهم للموجة الثورية الجديدة هي التقدم إلى الأمام نحو تحقيق الهدف النهائي وهو إسقاط حكم العسكر واستعادة المسار الديمقراطي، والتأكيد بأن الثورة لا تزال قوية عفيّة، لم ولن تتوقف، وأن الثوار لن يعودوا إلى منازلهم ويوقفوا مظاهراتهم إلا بعد تحقيق النصر بإسقاط الحكم العسكري، وإقامة حكم مدني كامل.

لقد تعرض الحراك الثوري على مدار الشهور التالية للانقلاب العسكري لحملة تشويه واسعة النطاق، شككت بداية في قدرته على الصمود لبضع أسابيع أو شهور، فإذ به يصمد على مدار 19 شهرا.

وتعرض للتشكيك في قدرته على الحفاظ على زخمه العددي فإذ به يزداد حضورا كمًّا وكيفًا، ثم تعرض أخيرا للتيئيس بعد إغلاق قناة الجزيرة مباشر مصر بزعم أن القناة كانت هي الصوت الإعلامي الذي ينقل تلك الفعاليات، فإذ به يثبت أنه الفعل وأن القناة -أي قناة- هي مجرد ناقل له، وبدلا من قناة واحدة ظلت تنقله حصريا شهورا عدة هاهي 4 قنوات أو أكثر تنقل تلك الفعاليات لحظة بلحظة.

الذين يسخرون من مظاهرات الشوارع "والحواري المزنوقة" بزعمهم يرددون أوهاما يصدرها لهم عباس ورفاقه في الشئون المعنوية والمخابرات العامة والحربية بهدف كسر الروح المعنوية للثوار من ناحية، ورفع الروح المعنوية لأنصار السيسي من ناحية أخرى، والعجيب الغريب أن أدعياء للثورة يشاركون في ترديد هذه الأكاذيب، ونسي هؤلاء أو تناسوا أن هذه المظاهرات الممتدة عبر 19 شهرا حرمت سلطة الانقلاب من الادعاء بتحقيق الأمن والاستقرار.

وكيف تحقق هذه السلطة الأمن والاستقرار للشعب وهي التي لم تستطع توفيره لنفسها؟ ألم يعترف السيسي أنه تعرض لمحاولات اغتيال؟

وألم يتعرض وزير الداخلية نفسه لمحاولة اغتيال راح ضحيتها جنود حراسته؟ وألم يسقط العشرات بل المئات من ضباط وجنود الجيش والشرطة قتلى في العديد من المواجهات سواء في سيناء أو المحافظات الأخرى؟

ألم تحرق مئات أقسام ونقاط وسيارات الشرطة والضباط؟ ألم تتعرض خطوط الغاز وأبراج الكهرباء في أكثر من مكان للتفجير في عز النهار؟

ألم يختطف الضباط جهارا نهارا من نقاط تمركزهم ومن حافلات ركوبهم؟ ألم يضطر قائد الانقلاب نفسه لتغيير العديد من مواعيده الرسمية المحددة سلفا لتجنب غضب الثوار كما فعل في كلمته أمام الأمم المتحدة في نيويورك، وفي احتفال عيد الشرطة؟

لقد أبهر شباب مصر الحر العالم بثورتهم في 25 يناير (في أيامها الثمانية عشر) وهاهم يبهرون العالم مجددا بصمودهم الأسطوري في مواجهة أعتى آلة بطش عسكرية، وفي مواجهة أعتى حرب إعلامية ونفسية، لقد صقلتهم الأيام.

وصنعت منهم "ثوارا فوق العادة"، لم ترهبهم دبابات ولا مدرعات ولا حتى طائرات، ولا كاميرات تجسس مزروعة في كل مكان، ولا حملات إعلامية، ولا سجنا ولا فصلا ولا تهجيرا، لقد حطموا الكثير من التابوهات التي صنعتها أو حاولت أن تصنعها سلطة الانقلاب.

وكان أولها تلك التابوهات شخصية قائد الانقلاب نفسه والتي وصل الحال ببعض كهنته لوصفه بالنبي المرسل، بل ربما تجاوز البعض ليعتبر كلامه مقدسا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

لكن تلك الصورة تحطمت على وقع حراك نوعي في الشوارع، وجهد إعلامي في إعلام المقاومة بدءا من تسريبات رصد وانتهاء بتسريبات الشرق ومكملين، وبرامج وقفشات السخرية من الطاغية ومن ساعده ومن أيده.

ثم هاهم الشباب يحطمون تابوها آخرا وهو أسوار ميدان التحرير حيث تمكنوا من الوصول إليه مرات عديدة خلال الشهور والأيام الماضية رغم الحصار الأمني وكاميرات المراقبة.

كما أن مقاومة الانقلاب كسرت الحصار الإعلامي من خلال إنشاء عدة قنوات سدت فراغ الجزيرة، وبثت الفعاليات بثا مباشرا من كل مواقعها، وتنافست فيما بينها على نشر تسريبات من قلب مكاتب قادة الانقلاب.

مهما حاول قائد الانقلاب أن يتجمل أمام ساسة العالم ورؤساء الشركات العالمية ومديري المحافظ الاستثمارية الدولية الذين خاطبهم مؤخرا في قمة دافوس فلن يفلح في إقناعهم بضخ استثماراتهم في مصر، حيث إنهم يسمعون منه كلاما بينما يرون منكم فعلا، ولا يجدون حدًّا أدنى من الاستقرار والشفافية والحرية تجذبهم لضخ استثماراتهم، وهو ما يتكرر أيضا مع حركة السياحة إلى مصر.

هل كان أحد يتوقع أن تقطع الكهرباء شتاء بعد أن ظلت طوال الصيف في حالة انقطاع شبه كامل؟! حدث هذا في ظل الإدارة الفاشلة لسلطة الانقلاب.

هل كانت رواتب موظفي الحكومة والقطاع العام تتأخر عن أول الشهر؟! حدث هذا في ظل الإدارة الفاشلة لسلطة الانقلاب.

هل كان الانقلابيون يتوقعون تعثر خارطة طريقهم، وقلب أولوياتها رأسا على عقب ثم عجزا بعد مرور 19 شهرا عن الوفاء بكل ما تضمنته؟!

حدث هذا فعلا بفضل صمودكم، فتم تغيير أولويات الانتخابات من البرلمانية إلى الرئاسية عكس ما سطروه، وفشلوا في إجراء هذه الانتخابات البرلمانية التي وعدوا بها حتى الآن رغم غياب القوى الحقيقية، وبدلا من أن يضعوا ميثاق شرف إعلامي إذا بهم يحوّلون الإعلام إلى مجرد أذرع تابعة للمخابرات مباشرة.

أيها الشباب الصامدون في الشوارع أنتم الأمل ليس فقط لمصر وطنًا وشعبًا، بل أيضًا لعموم الأمتين العربية والإسلامية ولشعوبهما، فثقوا بأنفسكم وبنصر الله ومعيته لكم، والله معكم ولن يتِركم أعمالكم.

المصدر