من فقه القيادة
بقلم : د. أحمد عبدالقادر
فقه القيادة .. تأخر مطمئن
روى الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ :
"تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا ، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلاَةُ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ . مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا".
متى يكون التأخر مطمئنا وعلامة على القيادة الفذة؟
" تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِي صلى الله عليه وسلم "
1ـ عندما يكون بالجسد من القائد دليل على حركته التفقدية لجميع مواقع الرعية فلا يلزم مكانا واحداً فتأتي الثغرة من غيره.
2ـ عندما يكون قائدا حقيقا يهتم بالقاصي والداني فيستوي عنده أول الناس مع آخرهم .
3ـ عندما يتراجع لأناس لا يستطيعون أن يتقدموا ليزاحموا أهل الصفوة والحظوة فينزل القائد بنفسه إليهم ويدنوا منهم ويعلن أن لهم في القلب مكانا وفي الميدان عنوانا وفي الصحبة الحقيقية واقعا ومعايشة.
4ـ عندما يدرك أن تأخره حفظ للمؤخرة وجمع للصفوف وانشغال بالأحوال ومراعاة للتفاوت وشحذ للهمم.
5ـ عندما يستشعر أن من بين القوم ضعيفا يعان أو عاجزا يحمل فيكون هو لا غيره المعين والحامل.
6ـ عندما يريد أن يرسخ رسالة في قلوب السائرين أن صفوفكم كلها خير،وأن يشارك الفرحة والحزن مع الجميع في نصرة أو هزيمة فيحمل الجميع على عين الاهتمام والتقدير فلا يرى أحدا أقل منزلة في قلبه من الآخر.
7ـ قد يتأخر لربما أراد الانفراد بربه والخلوة به وليحمده على جزيل منته فيسير أهل الإيمان بين يده ويتبعهم بدعاء ومناجاة تأتي خيرها وبركتها على الجميع دون استثناء.
8ـ يتأخر من أجل فرد واحد تراوده مشاكل دنيوية فيحلها لها ويسامر آخر بمذاح فيكشف عنه وانظر ماذا فعل مع جابر وجمله.
9ـ يتأخر ليجعل لأهله فسحة حتى في وقت محنته فيشاركهم بدعابة ويظهر حقيقة الاهتمام بهم مع كثرة الشواغل فلا يغفل عنهم فيقل في محبة أو يتفاوت في مشاعر.
10ـ يتأخر ليطمئن على أن الرعية في طريقها سائرة وإن غابت القيادة عنها فالتعلق بالله أصل و الغاية واضحة والتعليم مثمر والعبرة بالحبيب والقائد قائمة إما بوجوده بينهم أوببقاء أثره معهم.
وهذا هو فقه القيادة " تأخر مطلوب ومطمئن "
المصدر
- مقال:من فقه القيادةموقع:نافذة مصر
