مشعل: نوافق على التهدئة ويدنا على الزناد

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
مشعل: نوافق على التهدئة ويدنا على الزناد
21-03-2005

حوار: استشهاد عز الدين ، تصوير تامر فوزي

مقدمة

- سلاح المقاومة خط أحمر لا نقبل المساس به

- التهدئة خطوة في إطار المقاومة وليس للخروج منها

- قضية فلسطين ليست بحجم الشعب الفلسطيني وحده وإنما بحجم الأمة

- على الأمة أن تقوم بواجبها لوزن معادلة الصراع المختلة لصالح العدو الصهيوني

- لو قبلنا حلولاً نهائية الآن في قضية اللاجئين سنكون الطرف الأضعف

- شارون يبيعنا غزة وهي أرضنا ليشتري الضفة وهي أرضنا كذلك

- لا يمكن لطرف أن ينفرد بإدارة غزة دون باقي الفصائل

- مشاركتنا في الانتخابات التشريعية تأتي في إطار النمو الطبيعي للحركة

- خطأ فادح أن تعطي القمة العربية لشارون شهادة حسن سير وسلوك

من فندق نوفتيل بمدينة السادس من أكتوبر بالقاهرة يوم الخميس الماضي 17 مارس 2005م أعلنت الفصائل الفلسطينية عن الاتفاق الذي توصلت إليه في ختام حوارها الذي استمرَّ لمدة يومين، وشارك فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن ورئيس المخابرات المصرية السيد عمر سليمان، فضلاً عن التمثيل الرفيع للفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس، والتي مثلها في الحوار وفد من أعضاء مكتبها السياسي على رأسهم خالد مشعل رئيس المكتب، وقد عكس الإعلان توافقًا كبيرًا بين الفصائل وإصرارًا على ثوابت القضية الفلسطينية وتمسكًا بحقوق شعبها في المقاومة حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني وحق عودة اللاجئين وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وكذلك الحرص على إصلاح وترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، واستمرار التهدئة المشروطة مع العدو الصهيوني حتى نهاية العام الجاري.

وفي الوقت الذي صدر فيه إعلان القاهرة كانت تجرى الإعدادات على قدم وساق للقمة العربية القادمة في الجزائر، ويتزامن هذا مع ذكرى استشهاد زعيم حماس الشيخ أحمد ياسين، كما يأتي الإعلان وتداعيات اغتيال رفيق الحريري لا زالت تتوالى على المنطقة بوجه عام وتمس القضية الفلسطينية والمقاومة واللاجئين الفلسطينيين في لبنان بوجه خاص.. كل هذا وغيره من القضايا الهامة كالمشاركة في الانتخابات التشريعية وانضمام حماس لمنظمة التحرير الفلسطينية نطرحه على مائدة الحوار مع السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس.

  • جئتم إلى حوار القاهرة بعد تهدئة- من طرف واحد- استمرت قرابة الشهرين، وقد أعلنتم أن أول ما ستفعلونه هو سؤال الرئيس أبو مازن حول مدى قدرته على إلزام الجانب الصهيوني خلال الشهريين الماضيين بالشرطين اللذان وضعتموهما لاستمرار التهدئة وهما، الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين البالغ عددهم 7600 أسير، ووقف كافة الاعتداءات الصهيونية على الشعب الفلسطيني.. فهل تلقيتم إجابات على أسئلتكم؟
كنا نتطلع بعد التهدئة الأولى التي امتدت لشهرين أن يتمكن أبو مازن والحكومة المصرية من انتزاع التزاماتصهيونية محددة، ولكن هذا لم يحدث حتى هذه اللحظة، ولم يتمكنوا سوى من وعدصهيوني بوقف إطلاق النار ولكنه ليس التزامًا كاملاً ولم يتحقق فعليًا على أرض الواقع، صحيح أن وتيرة الاعتداءات انخفضت، ولكن هذا يرجع في الأساس إلى التزام الفصائل بالتهدئة، كذلك في موضوع الأسرى لم ينجز الصهاينة وعدهم بإطلاق 900 أسير، وإنما أفرجوا عن 500 فقط وبرؤية أحداية من طرفهم ومعظمهم من أصحاب الأحكام المنخفضة والموقوفون إداريًا أي ليس عليهم قضيًا من الأصل.

لم يستطع أبو مازن والحكومة المصرية انتزاع التزام صهيوني بشروط التهدئة

مجاهدون حماس
  • إذًا لِمَ وافقتم على تهدئة جديدة؟ وما الضمانات التي تلقيتموها لذلك، خاصة وقد أعلنتم في أكثر من موقف أنكم لن تعطوا تهدئة بلا ثمن؟
أولاً هذه تهدئة مشروطة بشروط محددة؛ وهي وقف الاعتداءات واستمرار حقنا في الرد إذا لم يلتزم الجانب الصهيوني بذلك، والإفراج عن كافة الأسرى الفلسطينيين، ثانيًا مسقوفة بسقف زمني وليست مطلقة، ولا يوجد ضمان حقيقي من أي من الأطراف حتى الدولة الراعية للحوار، ونحن لا نراهن على العدو الصهيوني والتزامه، ولكننا وافقنا على التهدئة؛ لأنها تحقق عدة مصالح أولها أنها تمنع تفجيرًا فلسطينيًا داخليًا كان شارون يتمناه ويسعى إليه من خلال ضغطه على السلطة وأبو مازن لضرب المقاومة ونزع سلاحها متوقعًا أن يؤدي ذلك إلى احتكاك فلسطيني فلسطيني ونحنا بتماسكنا الداخلي رددنا الكرى إلى ملعبه وأحبطنا خططه.
ثانيًا أردنا أن نقول للمجتمع الدولي أن المشكلة ليست في حماس ولا المقاومة، وإنما في الاحتلال وشارون، ومن يريد ترسيخ استقرارًا وسلامًا حقيقيًا في المنطقة عليه أن يضغط على شارون ويجبره على الالتزام بشروط التهدئة وأن ينهي احتلاله لأرضنا، الأمر الثالث هو إعطاء فرصة لإصلاح الوضع الفلسطيني الداخلي وترتيب أوراقه وتعزيز الديمقراطية عبر الانتخابات وتحقيق الشراكة الفعالة وتنفيذ برنامج الإصلاح والقضاء على الفساد والخلل في مؤسسات السلطة حتى نحصن الجبهة الداخلية، المصلحة الرابعة أنه إذا استجاب العدو :الصهيوني لشروطنا نكون قد حققنا مكاسب جمة كالإفراج عن الأسرى والأسيرات ووقف الاعتداءات اليومية على شعبنا، ومن ثم فإننا نرى أنه في كل حال سنحقق مصلحة لشعبنا وقضيتنا من خلال ما توصلنا إليه في اتفاق :القاهرة.
لكنني أصر على أن هذا الإعلان ما هو إلا بداية وعلى كل الأطراف المعنية والدول العربية وعلى رأسها مصر بحكم زعامتها ورعايتها للحوار أن تتحرك حركة واسعة لدفع المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات ضد الاحتلال :الصهيوني ليلتزم بشروط التهدئة، وكذلك على الأوروبيين أن يقوموا بدورهم في هذا الإطار، وأيضًا علينا بالضغط على الإدارة الأمريكية لتضغط بدورها على شارون، ومطلوب كذلك تحرك من طرف أبو مازن والسلطة، واستثمار هذا الظرف لبناء المجتمع الفلسطيني وتشكيل مرجعية وطنية فلسطينية وإعادة بناء منظمة التحرير على أسس جديدة، وأنا أرى أننا أمام شوط مهم لو أحسننا استثماره لحققنا العديد من المكاسب لشعبنا.
  • إذًا تحتفظون بالرغم من التهدئة بحقكم في الرد على أي انتهاك صهيوني لشروطها، فماذا إذا حدث انتهاك من جانب الفصائل الفلسطينية خاصة، وقد أعلنت لجان المقاومة الشعبية عدم التزامها بما توصلتم إليه في إعلان القاهرة؟
نحن نحترم ونقدر كل مناضل فلسطيني ونرجو أن تلتزم كافة الفصائل بما توصلنا إليه وتوافقنا عليه لصالح شعبنا، ربما يعود موقف الإخوة في لجان المقاومة؛ لأنهم عاتبون لعدم مشاركتهم في حوار القاهرة، والواقع أن هذا الحوار شاركت فيه الأطر السياسية للفصائل ولم تشارك الأجنحة العسكرية، ولذا لا نرى داعي لهذا التحفظ وارفض من قبلهم حيال التهدئة خاصة أنها مسقوفة زمنيًا ومشروطة ولا تعني التنازل عن خيار المقاومة الذي لا زلنا متمسكين به، وأننا لن نضع أسلحتنا، وبالتالي من الأفضل أن يكونوا ضمن هذا التوافق الفلسطيني وإن لم يقبلوا بذلك فلكل حادث حديث، وسنسعى للوصول لحل مع إخواننا بالحكمة والتفاهم.
  • كان من بين بنود البيان الختامي لحوار الفصائل أن قضايا تهويد القدس (الشرقية) والجدار الفاصل والاستيطان قضايا متفجرة، ولكن لم يتم التعليق عليها، ولا وضع تصور لكيفية حلها، وهل معنى كلمة متفجرة أنها قادرة على تفجير ما توصلتم إليه في إعلان القاهرة؟
ضمن التوافق على الصياغات في الإعلان جرى التعبير عن هذه القضايا الجوهرية بهذه الصيغة، لكنها في تصورنا تعني أهمية التركيز عليها والعمل من أجلها؛ لإنه في حالة استمرار السياسات الصهيونية حيالها ستكون تلك القضايا متفجرة بالفعل، ليس فقط لإعلان القاهرة ولكن للوضع ككل؛ لأن شعبنا لا يحتمل أن يستمر التعدي على أرضه وأبنائه ومقدساته، وخاصة ما يجري في هذه الأيام من قبل متطرفين صهاينة لاقتحام الأقصى بدوافع متعددة من بينها حقدهم الدفين وحرصهم على تدمير الأقصى المبارك ويوظف كذلك لمعارضة خطة فك الارتباط لإرباك شارون ومنعه من تنفيذ خطة الانسحاب من غزة وتفكيك مغتصباتها، والواقع أن القضية الفلسطينية قضية معقدة والمعاناة بها كبيرة، ولكن ليس أمامنا سوى الصمود والتمسك بخيار المقاومة وتعزيز الوحدة الوطنية والتهدئة تأتي في سياق إدارة المعركة بحكمة مراعاة لكل الظروف، ولكن إدارة صامدة على قاعدة التمسك بالثوابت الوطنية وخيار المقاومة وسلاحها.
  • ولكن كيف ستواجهون استمرار السياسات الصهيونية في هذه القضايا؟
هذا تحدٍّ كبير أمامنا كفصائل وبحاجة إلى جهد شعبي وكافة أشكال الفاعليات الجماهيرية والعمل السياسي والدبلوماسي، كما جرى في قرار محكمة لاهاي ضد الجدار الفاصل من قبل، والمقاومة خيار أساسي في هذا الموضوع وإن كنا الآن في فترة تهدئة، ولكن أحب أن أوضح أن هذه القضايا، وخاصةً موضوع القدس والأرض والاستيطان والجدار لا تقع مسئولياتها فقط على فصائل المقاومة، فهي مسئولية المجتمع الدولي بشكل عام، والأهم من ذلك الأمة العربية والإسلامية التي تشكل القدس والأقصى ضميرها ومعراج نبيها؛ لذلك مطلوب جهد عربي وإسلامي حقيق يناصر الشعب الفلسطيني فقضية فلسطين ليست بحجم الشعب الفلسطيني وحده، وإنما بحجم الأمة كلها وعلى هذه الأمة أن تقوم بواجبها لوزن معادلة الصراع المختلة اليوم لصالح العدو الصهيوني وما يلقاه من دعم من قبل الإدارة الأمريكية.

شارون يحاول إعادة الكرة إلى ملعبنا والالتفاف حول إعلان القاهرة

أبو مازن
  • قلتم إنكم بإعلان القاهرة تلقون الكرة بملعب العدو الصهيوني لكن تعليق الطرفين الصهيوني والأمريكي على ما ورد بالإعلان من حيث إنه خطوة إيجابية أولى ولا تحقق كل مطالبهم يمثل محاولة لإعادة الكرة إلى ملعبكم ونوع من الضغط للمطالبة بالمزيد.. فما تعليقكم على ردود أفعال الطرفين، وهل أنتم على استعداد لتقديم المزيد في هذا الصدد؟
طبعًا شارون يحاول أن يفعل، ولكن في تقديري أنه لم ينجح في إعادة الكرة إلى ملعبنا؛ لأن ذلك غير مقبول حتى على المستوى الدولي، أما الضغط لتقديم المزيد والمقصود به نزع سلاح المقاومة فلا أحد يستطيع أن يجبرنا على ذلك طالما استمر الاحتلال، وفي تقديري كذلك أن شارون ليس فرحًا بما توصلنا إليه في القاهرة فقد كان يتمنى تفجير الوضع الفلسطيني الداخلي، وأن نختلف ليقول للعالم هذا هو الشعب الفلسطيني متفلت وغير موحد ولا يستحق أن تكون له حرية ولا قضية ولا سيادة على أرضه، ولكنه كطبيعة الصهاينة لديهم أجندة لا تنتهي، على طريقة الفواتير الأمريكية التي تخرج تباعًا من الأدراج، كلما قبلت فاتورة أخرجوا لك أخرى.
وما فعله شارون محاولة للالتفاف ولكنه لم يفلح في ذلك، فهناك قناعات تتنامى اليوم لدى الأوروبيين وغيرهم من الأطراف أن المشكلة ليست في المقاومة وسلاحها وإنما في السياسات الصهيونية، ونحن نرى أن ذلك في صالحنا ولكننا لا نراهن عليه، نعم نعطي فرصة للتهدئة ولكن يدنا على الزناد فسلاح المقاومة هو الذي يدافع عن الشعب الفلسطيني ويجبر شارون على الرحيل من غزة وإن كان ذلك يبدو وفق خطة فك الارتباط وهي خطة مخادعة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، ولكنه يخرج من غزة؛ لأنه لم يعد يستطيع تحمل تكلفة احتلالها نتيجة لجهاد شعبنا ومقاومته خاصة منذ انتفاضة الأقصى المباركة.
  • يبدو لي أنكم تضعون وزنًا وثقلاً للمجتمع الدولي في معادلة الصراع لا يضعه العدو الصهيوني ولا يقدره ولا يراهن عليه؟
نحن نستفيد من قرارات المجتمع الدولي والرأي العام العالمي، ولكننا لا نراهن عليه، فنحن وفق رؤيتنا ندير المعركة في ميادين متعددة منها المقاومة المسلحة، العمل السياسي والدبلوماسي، العمل الجماهيري، نعمل على كسب أكبر مساحة من التأييد العالمي لقضيتنا خاصة على مستوى الشعوب، تحريض شعوب الأمة العربية والإسلامية لمساندة القضية؛ لأنها تخص الأمة لا الشعب الفلسطيني وحده، هذه مساحات متعددة نعمل عليها وكلها تعنيني بما في ذلك المجتمع الدولي ولكن الفرق أنني لا أضع كافة رهاناتي وآمالي في سلة المجتمع الدولي وقراراته، والرهان أولاً معقود بقدرة شعبنا على الصمود ووحدتنا الوطنية وتمسكنا بخيار المقاومة ومساندة أمتنا لنا، وبعد ذلك نضيف إليه ما كسبنا من مساحات تأييد.
  • هل أتى أبو مازن لحوار القاهرة وفي ذهنه التوصل إلى تهدئة تضمن له التقدم على المسار التفاوضي مع العدو الصهيوني لإقامة الدولة الفلسطينية وما موقفكم من هذه الدولة حال قيامها؟
بالطبع نحن ندرك أن السلطة تريد من التهدئة ممرًا للخروج من حالة الانتفاضة والمقاومة إلى التسوية والتفاوض، ولكننا نؤكد رفضنا لخارطة الطريق وكافة التسويات المطروحة اليوم؛ لأنها غير منصفة ولا تلبي الحقوق الفلسطينية، وأي حل لا يلبي هذه الحقوق التي صارت قاسمًا مشتركًا بين جميع طوائف شعبنا بفعل سنوات الانتفاضة سنرفضها، خاصة فيما يتعلق باستعادة الأرض والسيادة الحقيقية عليها وانتهاء الاحتلال والقدس وحق العودة وإزالة الكتل الاستيطانية، ليست حماس وحدها من سيرفض بل كل القوى الفلسطينية، نعم البعض يراهن أن تكون التهدئة قرار مؤقت انتقالي يعتقهم من حالة المقاومة، لكننا كذلك كمقاومة أقوياء على الأرض نعرف كيف ندير المعركة، والتهدئة بالنسبة لنا خطوة في إطار المقاومة وليس للخروج منها.
  • نعم، ولكنكم صرَّحتم من قبل بقبول دولة فلسطينية في حدود 67 كخطوة مرحلية لتحرير كامل التراب الفلسطني فلماذا ترفضون هذه الخطوة اليوم؟
الجانب الصهيوني اليوم لا يتحدث عن دولة في حدود 67، وإنما يتحدث عما هو أقل من الضفة والقطاع، يتحدث عن غزة و40% من الضفة، ربما أقل أو أكثر لكنها لا ينوي تسليمها كاملة للسلطة، وكذلك الحل المطروح لا يشمل ضمانات للقدس وحق العودة، وكذلك قد تبقى كتل استيطانية، ومن ثم فهذا حل نرفضه بقوة، ولكن إذا حصلنا على حقوقنا في الضفة والقطاع والقدس الشرقية والاعتراف بحق العودة وانتهاء الاستيطان بشكلٍ كاملٍ ووجود سيادة حقيقية في الدولة المزمعة، نعتبر هذا خطوة مرضية على طريق إنجاز باقي حقوقنا الفلسطينية دون أن نعترف بالكيان الصهيوني واغتصابه لباقي أرضنا.
  • من الواضح أن هناك ضغوطًا تُمارس لنزع سلاح المقاومة، بل هناك عدة طروحات تستهدف تجميد المقاومة وخاصةً كتائب القسام وسرايا القدس من خلال توظيف أعضائهما في وظائف عسكرية وأمنية بالسلطة، وأعلن البعض أنه قد عرض عليكم 3600 وظيفة للكتائب و1400 للسرايا، كذلك اقترح في شرم الشيخ إسقاط الأحكام عن النشطاء والمطاردين وجمعهم في مدينة أريحا تحت مراقبة السلطة كنوع من تعليق الجرس بعنق القط كما يقولون، فما موقفكم من هذه الضغوط والطروحات؟
أولاً بالنسبة لسلاح المقاومة فلا نقبل تحت أي ضغط أن يسمه أحد، فمَن الذي يدافع عن الشعب الفلسطيني؟! ومن الذي يرد العدوان عنه؟! ومن الذي يضغط على العدو الصهيوني ليتراجع؟!.. إنها المقاومة، ثم.. هل هناك ضمانات أن يرحل الاحتلال بلا مقاومة؟! أو أن يتوقف العدوان وقتل الأطفال والنساء وهدم البيوت واجتياح المناطق وتجريف المزروعات والمساس بالأقصى المبارك؟!! هل يضمن أحد ألا تتكرر الاعتداءات أو أن تكون هناك اعتداءات جديدة؟!!.. لا يوجد، وكذلك هل بقدرة أحد سواء السلطة أو البلاد العربية والإسلامية أن تحمي الشعب الفلسطيني؟!! إذًا طالما الأمر ليست له ضمانات وليست هناك إجابات واضحة لهذه القضايا فمَن حق الشعب الفلسطيني الاحتفاظ بسلاحه، وبالتالي سلاح المقاومة خط أحمر لا نقبل المساس به.
لا شك في رغبة الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني وربما البعض في الساحة الفلسطينية والعربية أن يجري تفكيك البنى التحتية للمقاومة وتسريحهم أو إحالتهم إلى ما يشبه معسكرات الاعتقال في أريحا أو أن يستوعبوا في الأجهزة الأمنية، وهنا أقول أن حتى الدول التي تحظى بالاستقلال تبقى لها جيوشها التي تدافع عنها فكيف بحالتنا الفلسطينية والاحتلال قائم والعدوان مستمر ولا توجد ضمانات بردع الكيان الصهيوني؛ لذا فمن الخطأ كل الخطأ تسريح المناضلين وكأن الاحتلال انتهى وحصلنا على حقوقنا الوطنية، وحتى هذا إن حدث ستبقى هناك ضرورة لبناء جيش فلسطيني ولا تكفي هنا الأجهزة الأمنية؛ لأنها مثقلة بمطالب صهيونية وأمريكية.

الإفراج عن كل الأسرى والأسيرات وفق جدول زمني محدد شرط من شروط التهدئة

تواجد قوى لحماس فى الشارع الفلسطينى
  • في مقدمة إعلان القاهرة تحدثتم عن تمسككم بحقكم في إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين وحق عودة اللاجئين، ولكننا لم نرَ أي وعودًا أو ضمانات أو جدولة زمنية للإفراج عن الأسرى كذلك لم يوجد تصور واضح لكيفية حل قضية اللاجئين والتي تتعرض اليوم لمحاولات تصفية عديدة، فهل هي من القضايا المجمدة وإلى متى؟
بالنسبة لموضوع الأسرى فقد وضعناه في بند شروط الالتزام بالتهدئة وتوافقنا أن نحصل على التزام صهيوني محدد بالإفراج عن كافة الأسرى والمعتقلين ثم يتم جدولة ذلك زمنيًا، وإذا وجدنا أي تسويف أو مماطلة أو التفاف حول الإفراجات، كما حدث من قبل سيتعطل برنامج التهدئة كله، أما حق العودة فهو مسألة ثابتة توازي قضية القدس من حيث الأهمية ولن نقبل أي حل يشطب حق العودة أو يختزله أو يلتف عليه، نعم هناك محاولات حثيثة تجري لتوطين الفلسطينيين وهناك حديث عن تعويضات أو إعادة توزيعهم كما يحدث اليوم مع اللاجئين في لبنان حيث تجري محاولات لاستمالتهم إلى كندا واستراليا وبعض الدول الأوروبية، ونحن نلاحق هذه المحاولات ونسلط الأضواء عليها ونرفضها منذ البداية.
ولكني أقول أنه إذا أردنا الآن الدخول في تفاصيل الحل النهائي لقضية اللاجئين في ظل موازين القوى المختلة سنضطر إلى قبول العروض التافهة المعروضة علينا؛ لذلك من الخطأ قبول عروضًا اليوم؛ لأننا بذلك نكون الحلقة الأضعف ونضطر إلى قبول الفتات الذي يقدمونه، ولكننا نرى أن استمرار المقاومة والصمود يؤدي إلى تراكم في الإنجاز مع استمرار إرهاق العدو واستنزافه وهذه هي فلسفة المقاومة، وبصراحة شديدة إذا كان العرب جميعًا غير قادرين على الحسم مع العدو الصهيوني فنحن وبكل وضوح لا نقدر على الحسم، ولكننا- إن شاء الله- قادرون على الصمود واستنزاف العدو وإرباكه وحشرة في الزوايا وخلق العديد من المشاكل والتحديات له حتى يصل إلى لحظة لا يستطيع فيها تحمل عبء الاحتلال كما حدث في غزة وجنوب لبنان، هذا التراكم في الإنجاز مهم؛ ولذلك فالمعركة بحاجةٍ إلى صبر ونفس طويل وحسن إدارة ومناورة وهو ما تقوم به المقاومة.
  • على ذكر غزة هل تتوقعون انسحابًا صهيونيًا منها دون مقابل وثمن على كافة المستويات؟
المقاومة أجبرت شارون على الانسحاب، ولكنه لا يريد أن يترك غزة بمظهر المهزوم حتى لا يغرينا ذلك بمزيدٍ من الضغط عليه، بل يريد أن يخرج في إطار خطة فك الارتباط من طرف واحد ليقول للعالم إنها خطوة اختيارية منه، وليبدو متساهلاً في غزة ليتشدد في الضفة، فهو بذلك يحاول أن يبيعنا غزة وهي أرضنا ليشتري الضفة وهي أرضنا كذلك، ويثبت الجدار بها والكتل الاستيطانية الكبرى ويتمسك بالقدس، هذا ما يجري في عقل شارون، ولذا فإن خطة فك الارتباط ليست خطوة سلام من الصهاينة، وإنما تصعيد ومحاولة لتصفية القضية ولكننا لن نستسلم فإن كان لديه خططه وتكتيكه فنحن كذلك لدينا خططنا.
  • بعد الانسحاب الصهيوني المزمع من غزة ستطرح أمامكم إشكالية إدارتها، فهل لديكم تصور حول كيفية مشاركتكم في إدارة غزة؟
نعتبر خروج الاحتلال من غزة إنجازًا للشعب الفلسطيني ومقاومته وطالما هذا الإنجاز تحقق بفضل الله أولاً ثم بجهود جميع فصائل المقاومة والشعب فينبغي أن تكون إدارة الوضع بغزة بمشاركة الجميع، خاصةً أن الاحتلال عند رحيله سيخلي المستوطنات التي تحتل ثلث مساحتها، وهذه مسئولية وطنية كبيرة لا يجوز لأحد أن ينفرد بها، ونحن كما كنا معنيين بالمقاومة في غزة أثناء احتلالها فنحن اليوم معنيين كذلك بالشراكة مع جميع القوى في الإشراف عليها ومعالجة ما يطرأ من تطورات بعد خروج العدو منها ولا يصح أن ينفرد بها طرف بعينه دون الآخرين.

الشعب الفلسطيني يطالبنا بتولي مسئولياتنا في الإصلاح والمشاركة السياسية

  • هناك تخوف من قبل أنصار حماس أن تكون تلك الطفرة على مستوى أدائها السياسي من اشتراك في الانتخابات البلدية والتشريعية والانضمام إلى منظمة التحرير والتهدئة وغيرها من الخطوات السياسية على حساب برنامج المقاومة، فما الضمانات التي تقدمونها لأنصاركم أن هذه الخطوات لحماية برنامج المقاومة وليس لتحجيمه؟
أولاً القاعدة العامة لدينا في حماس أنه لا تعارض بين العمل السياسي ومشاركتها في أطر وبرامج لخدمة الشعب الفلسطيني وبين دورها الجهادي في مقاومة الاحتلال، ثانيًا حماس لم تنتقل لهذا المربع فجأة ولم تقفز من الصفر إلى القمة، بل نشارك في العمل الخدمي والإغاثي والدعوي والثقافي والسياسي اليومي للشعب الفلسطيني دائمًا، ولدينا مشاركات في النقابات والجامعات، وأخيرًا الانتخابات البلدية، نعم مشاركتنا في الانتخابات التشريعية خطوة كبيرة وهامة لكنها تأتي في سياق التطور التطبيعي لنمو الحركة ودورها وليس في سياق القفز في الهواء خاصة إذا وضعنا في الاعتبار أن الشعب الفلسطيني هو الذي يطالب حماس بأن تتولى دورها في الإصلاح الداخلي والقضاء على الفساد والمشاركة في الحياة السياسية كما تتولى دورها في المقاومة.
أما التخوف من تلك المرحلة التي تمر بها حماس فهو يعود إلى أمرين أولهما أن يكون العمل السياسي على حساب العمل العسكري، ولكننا نوضح أن هذا لن يحدث إطلاقًا فلكل ميدان رجاله للعمل السياسي السياسيون وللعمل العسكري المجاهدون، وهذه طبيعة أي عمل مؤسسي، ثانيهما أن المؤسسة التشريعية جزء من هياكل أوسلو السياسية فربما يعني هذا تغير موقفنا منها، لكن الحقيقة أن الشعب الفلسطيني تجاوز أوسلو على أرض الواقع كما داسها شارون بدباباته، نحن نعيش واقعًا جديدًا فرضته الانتفاضة المباركة فلم تعد مرجعيته أوسلو ومخلفاتها، ولكن هذا التوافق الذي تمَّ التوصل إليه في القاهرة، والذي يتمسك بثوابت وحقوق الشعب الفلسطيني والمقاومة كخيار إستراتيجي، وهذا ما ندخل به المجلس التشريعي وليس برنامج أوسلو.
  • مشاركتكم في المجلس التشريعي يتبعها بالضرورة عضويتكم لمنظمة التحرير الفلسطينية.. فكيف ستحتفظ حماس بأطرها الفكرية وبرامجها السياسية حال انضمامها للمنظمة؟
من الطبيعي أن يكون بداخل المنظمة بعد انضمام الفصائل إليها اتجاهات فكرية ورؤى مختلفة، وهذه طبيعة أي صيفة ائتلافية، ولكن سيتم التوافق على أطر وطنية لا يختلف عليها أحد وتضمن الحقوق الفلسطينية ولا تتعارض مع ثوابت ورؤى الفصائل المختلفة مع احتفاظنا ببرنامجنا السياسي، ومن المعلوم أن أي شعب يقود بصورة لا بد أن تكون هناك صيغة شراكة بين فصائلة دون إقصاء أي طرف، وقد عانينا في السنوات الماضية من سياسة الاستفراد، وأؤكد قبل ذلك على أننا لن ندخل المنظمة قبل إعادة بنائها على أسس سياسية وتنظيمية جديدة، وهو ما تمَّ الاتفاق بشأنه في إعلان القاهرة؛ حيث تشكل لجنة تضم الأمناء العامين لكافة الفصائل لتتابع الإصلاحات المطلوبة بالمنظمة لإعادة هيكلتها.
  • يرى البعض أن الخطوة التالية بعد مشاركتكم في الانتخابات التشريعية هي المشاركة في الحكومة وربما المفاوضات فهل من الممكن حدوث ذلك؟
لا..... هذا أمر قطعي بالنسبة لنا، فلن نشارك في الحكومة ولا المفاوضات هذا غير مطروح إطلاقًا.
  • توصلتم في حوار القاهرة الأخير إلى اتفاق بجعل المرحلة القادمة من الانتخابات البلدية تعتمد على النظام النسبي، في حين تعتمد الانتخابات التشريعية على المناصفة بين النظام الفردي والنسبي.. فما الفائدة التي تعود عليكم من هذه النظم الانتخابية؟
هذا نوع من التوافق جرى في القاهرة، ولكن سيبحث في الداخل عبر المؤسسات المختلفة، ونحن في حماس لا فرق لدينا بين هذه النظم فوضعنا قوي على الأرض ولنا حضور وتأثير كبير بفضل الله في الشارع الفلسطيني، ولكن هذا النظام يضمن لبعض الفصائل والقوى ذات الحجوم الأقل أن يكون لها تمثيلاً في المجالس المحلية والتشريعية، ونحن في حماس نرحب بهذا لأنه يعكس شفافيتنا ويلغي حالة الاستفراد التي أضرت بالبلاد لفترة طويلة، شريطة أن يتم ذلك على قاعدة الاختيار الحر والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، كذلك كان هناك رغبة لدى البعض بتأجيل الانتخابات التشريعية مؤخرًا بعد الاكتساح الذي حققته حماس في البلديات؛ خوفًا من أن تتكرر النتائج في التشريعية، ولكننا في حوار القاهرة ثبتنا موعدها.
  • ما يقرب من ستة ملايين لاجيءفلسطيني خارج الأرض المحتلة، هل ستتاح لهم فرصة للمشاركة في الانتخابات والإصلاحات السياسية التي تمر بها البلاد؟
قضية فلسطين قضية موحدة في جغرافيتها وشعبها وديموجرافيتها كذلك، ونحن حريصون على توضيح هذا في كل الأطر السياسية التي نسعى لتشكيلها ولذا فقد سعينا لتشكيل مرجعية فلسطينية عليا مسئولة عن الداخل والخارج هي منظمة التحرير، ولكن بعد إعادة هيكلتها على أسس تنظيمية وسياسية جديدة، وحيثما أمكن إجراء انتخابات للفلسطينيين بالخارج ليشاركوا في صناعة القرار السياسي ببلادهم ستجرى انتخابات إن شاء الله.
  • يأتي حوار الفصائل قبيل القمة العربية بالجزائر مباشرة، فهل تتوقعون تواجدًا كبيرًا للقضية الفلسطينية على مائدة القمة، وما رأيكم بشأن تكهنات البعض بأن تؤيد القمة الهرولة العربية- مؤخرًا- باتجاه التطبيع مع العدو الصهيوني؟
في الواقع نحن قلقون جدًا مما يجري في كواليس القمة خاصةً ما نمى إلينا من معلومات حول مسألتين، أولاً الحديث عن التطبيع والهرولة العربية تجاه العدو، ثانيًا محاولات بعض الأطراف العربية تعديل مبادرة قمة بيروت وخاصة في قضية اللاجئين، وهذا للأسف نوع من التصرف المهزوم عربيًا ومزيد من التنازلات لصالح العدو الصهيوني، ولكن القمة إذا استجابت لمثل هذه التنازلات تكون قد أساءت لنفسها وهمَّشت دورها أكثر مما هو مهمش بالفعل، ومصلحة القمة في احترام الإرادة العربية والثوابت الفلسطينية وإلا ستكون في وادٍ والشعوب في واد آخر، ونحن على الأقل في فلسطين كفصائل مقاومة لن نفرط في حقوقنا وعلى العرب أن يسندوا الظهر الفلسطيني لا أن يطعنوه بخنجر، فهي جريمة كبرى أن يعطى شارون شهادة حسن سير وسلوك وأن يكافأ على عدوانه علينا بهذه الأشكال من التطبيع.
  • الثاني والعشرين من الشهر الجاري هو الذكرى الأولى لاستشهاد الشيخ ياسين وبعده بأيام تأتي ذكرى استشهاد الدكتور الرنتيسي فماذا تقولون في هذا الموقف؟
تتزاحم في نفوسنا مشاعر الألم والفخر، لفقدنا شخصين عزيزين، الشيخ الشهيد أحمد ياسين وهو رجل بأمة، والدكتور الرنتيسي وهو بطل وصقر فلسطين، يعتصرنا الأمل في ذكرى رحيلهما الأولى وكذلك الفخر أن حماس قدمت خيرة قادتها وقاماتها السامقة لأجل فلسطين وشعبها في سبيل الله تعالى، ونفخر أن استشهادهما أعطى روحًا جديدة لقضيتنا وأمتنا وأؤكد أن حماس حركة مؤسسية لا تبخل بكل جهدها وطاقتها من أجل قضيتها.

المصدر