مدد يا أصحاب المقام الرفيع

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
مدد يا أصحاب المقام الرفيع


الاثنين,08 ديسمبر 2014

كفر الشيخ اون لاين | خاص

بقدر تحمسي لمشاهدة جلسة النطق بالحكم على حسني مبارك من القاضي أحمد رفعت بقدر ما كان زهدي في مشاهدة جلسة النطق بالحكم الأخيرة ، واكتفيت بمعرفة ملخصها الذي كان قد أصبح واقعا وحتما مقضيا بعد انقلاب يوليو الإجرامي ، غير أنه لفت نظري أن رئيس الجلسة قد استحدث بروتوكولا قضائيا جديدا أن قدم الشكر والثناء في وثائق مكتوبة لمن وصفهم ب " أصحاب المقام الرفيع " وبعض هؤلاء هم من أعضاء النيابة حديثي التعيين .

الوصف الذي قدمه رئيس محكمة جنايات القرن كما يحلو للبعض أن يصفها يلخص المشهد المصري في عمومه ، والذي أشارت اليه من قبل أغنية " احنا شعب وانتوا شعب " ، ويعتبر الحكم هو المذكرة التفسيرية لما أوجزه مؤلف الأغنية - شعب أصحاب المقام الرفيع وشعب عديمي المقام أو ذوي المقام الوضيع . وعلى ما يبدو فإن أصحاب المقام الرفيع أو الطبقة " العليوي " قد قرروا تجاوز مرحلة التطفل على ثروة البلاد والإنتقال إلى مرحلة استعباد عديمي المقام ، والإنتقال المبتسر من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية ربما كان السبب الرئيس في الحراك الشعبي الذي أنتج ثورة يناير .

الفكرة ليست جديدة وما كان لهؤلاء أن يستحدثوا أو يبتكروا فهم على ما يبدو لا يجيدون القراءة الرشيدة ، إن نظرية الكبر والتعالي قديمة قدم البشرية وهى أول نظرية فتح عليها أبونا آدم عليه السلام عينيه بعد أن نفخ الله فيه من روحه عندما امتنع ابليس عن السجود له كبرا وعلوا ، غير أن اليهود هم من قاموا بعملية هندسة الفكرة وبلورتها واعطائها الأساس الفلسفي عندما قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه ، ثم طوروا النظرية لتصبح : ليس علينا في الأميين سبيل أي ليس علينا في أموال الأميين سبيل ، وعلى الرغم من أن الواضح البين أن الأميين في مصر الآن هم في غالبهم من مؤيدي الإنقلاب بل إن رأس الإنقلاب ومساعديه من جنرالات الجيش قد ضربوا مثالا صارخا في الضعف الثقافي والفكري فضلا عن الضعف المهني والفني إلا أنهم قد تبنوا النظرية ا لإسرائيلية التي ما طبقها اليهود في أي دولة حتى أنتجت في النهاية نتيجة واحدة تتكرر في كل الأزمان وهى ذبحهم أو حرقهم أو استعبادهم واسترقاقهم .

لقد كان حكم القاضي الوسيم ببراءة مبارك في حقيقته قضاء ضمنيا باعدام الدولة ، فالدولة وبراءة مبارك نظريتان لا يمكن أن يتواجدا في مكان واحد ، غير أن دلائل تلاشي الدولة على ارض مصر لا تتوقف على انكار التجبر على الفرعون واخلاء سبيله من قبل سلطة القضاء وإنما امتدت إلى عطب أصاب السلطتين الأخريين التنفيذية والتشريعية والأخيرة قد أهدرتها المحكمة الدستورية فلم تقم من بعد ولا أمل في أن تقوم إلا على أنقاض الإنقلاب والإنقلابيين أما السلطة التنفيذية فحدث ولا حرج عن رئيس لا يكاد أن ينبس ببنت شفته حتى يسخر منه القاصي والداني ورئيس وزراء متهم في قضايا تربح وفساد ، ووزراء أفضل ما أجادوا أن انتظموا في طابور الصباح بعد التنزهه " واحدة واحدة يا بسكلته " خلف قائد الإنقلاب على طريقة شادية وكارم محمود وبالتأكيد تعلمون حضراتكم من كان منهم شادية ومن كان كارم محمود .

اسمحوا لي هنا أن أقول أن مصر تعيش مرحلة ما قبل الدولة وهى مرحلة من العشوائية بمكان بحيث لا تدري نفس فيها ماذا تكسب غدا ولا بأي أرض تموت ، فلا عصمة لأحد فيها ولاحتي لمن يسمون مجازا بالجنرالات وقد قاموا في الصباح ليجدوا العامة والدهماء وقد تداولوا احاديثهم التي أسر فيها رئيس أركان الجيش القول لوزير الداخلية في أمر يتعلق برئيس الجمهورية السابق في حضور مدير مكتب رئيس الجمهورية الحالي .... فهل يمكن تسميه هؤلاء جنرالات ؟ وهل يمكن أن يكون هذا جيش يستطيع أن يذود عن حوض الوطن ؟ وإذا كان في امكان بائعة الفجل التي أشار اليها الشيخ حسان أن تستمع في الصباح لحديث الجنرالات في المساء وهو الموسوم بخاتم " سري جدا " فكيف يمكن مطالبتها بالتبرع لصندوق تحيا مصر ....

على ما يبدو أن أصحاب المقامات الرفيعة في مؤسسات الدولة قد تعلموا من اليهود درس الكبرياء وصعبت على فهمهم مهارات اليهود ومكرهم فظهروا أقزاما مهانين في عالم المقامات الدولية .

المصدر