مائة يوم من الإفلاس ... بقلم: عبد العزيز مجاور

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
مائة يوم من الإفلاس ... بقلم: عبد العزيز مجاور

بتاريخ : الأربعاء 17 سبتمبر 2014

بدأ حملته (اللا) انتخابية بكلمات شهيرة ومعبرة (مفيش)، (معنديش)، (مش قادر أديك) وأردفها بخطط سطحية ساذجة لحل مشكلة الكهرباء والبطالة أمثال (اللندة) الموفرة و(عربية الخضار) بسوق العبور فعاقبه الشعب وقاطع مهزلة الانتخابات.

ومر مائة يوم على التنصيب الرسمي لقائد الانقلاب والذي يحكم مصر فعلياً منذ 3 يوليو2013، والمتتبع لتلك المائة فسوف تمتلكه الدهشة من كم الفشل والانهيار الذي لم يتوقعه أكثر المتفائلين بفشله.

بدأت المائة يوم بتعطل المصالح الحكومية بالدولة حتى يمكن أن يمر التنصيب دون شعب، كما بدأت بمناشدة دول العالم لتلبية دعوة العاهل السعودي في يونيو 2014 بالمشاركة في مؤتمر التسول الدولي لمصر والمسمى بمؤتمر المانحين.

والعجيب أنه لم تستجب أي دولة في العالم لتلك الدعوة، وبعد مائة يوم بدا الوضع مأسوياً لدرجة أن وزير الخارجية يطلب المساعدة بالمال على رؤوس الأشهاد في مؤتمر جدة المتعلق بمحاربة (داعش) في سقطة دبلوماسية تعودنا عليها في ظل الانقلاب.

كما اتسمت المائة يوم بخطابات التسول الداخلي والتي بدأت بالدعوة لجمع 100 مليار جنيه (على جنب كده) في صندوق تسول مصر وإرهاب رجال الأعمال بالدفع وإلا؟؟؟ (هتدفع هتدفع) وعلى الرغم من مرور شهرين كاملين على البدء في الجمع بالصندوق لم يفصح أحد عن مجموع ما تم جبايته، ثم الحاجة لـ 130 مليار جنيه للكهرباء، وبعدين (الحقوا) تم بناء مدارس دون تدبير رواتب مدرسين والتي تحتاج أيضاً للمساعدة ولا مجيب، لذا تم اللجوء لحيلة الترغيب بالفائدة الـ 12% والتي خدعت البسطاء فسحبوا ودائعهم ليلقوا بها في القناة.

بدأ الانقلابي خطاب التنصيب بذكر أخطاء الماضي، والتي يريد أن يعالجها فقال نصاً: (وكما تعلمون فقد عاش وطننا فترة عصيبة قبل الثلاثين من يونيو،... ظروف اقتصادية متردية، ديون داخلية وخارجية متراكمة، عجز ضخم في موازنة الدولة) فاستبشر البعض بالمستقبل ورقصوا على أنغام (بشرة خير).

ولكن لم يستطع القائد المفلس فعل شيء لأنه (مش قادر) ولم يتحسن الوضع ولم يستمر على حاله دون المزيد من التدهور، فماذا حدث في الديون وعجز الموازنة والخدمات؟ بل ماذا حدث لمصر وموقعها التنافسي بين دول العالم؟ واستناداً للبيانات الرسمية الصادرة عن كل من البنك المركزي ووزارة المالية نلحظ ما يلي:

ارتفعت الديون الداخلية من 1.444 تيريليون جنيه في يونيو 2013 إلى 1.702 تيريليون جنيه بزيادة نحو 218 مليار جنيه.

ارتفعت الديون الخارجية إلى 45.3 مليار دولار مقابل 43.2 مليار في 30 يونيو 2013 على الرغم من وجود منح ومساعدات خارجية بلغت أكثر من 20 مليار دولار وفقاً لبيانات قائد الانقلاب.

ارتفع العجز الكلي للموازنة من 135 مليار بموازنة عام 2012/2013 إلى 240 مليار جنيه عام 2014/2015 على الرغم من رفع الدعم عن بعض السلع والخدمات مثل البنزين والكهرباء والماء لينعم البسطاء ومحدودي الدخل بحياة أفضل كما بشرهم المذكور أعلاه، وارتفع التضخم من 8.6% في يونيو 2013 إلى 9.6% في يوليو 2014.

شهدت مصر العودة للقرون الوسطى بانقطاع الكهرباء المستمر طوال المائة يوم، ثم كانت الدراما بانقطاعها عن محافظات بأكملها في الخميس المظلم الذي تسبب في توقف المصانع وتحقيق خسائر بنحو مليار جنيه، وشهدت مصر لأول مرة وفاة بسبب انقطاع الكهرباء كما حدث في مستشفى أسوان الجامعي، ورأينا عمليات جراحية تتم على أضواء الشموع وكشافات الهواتف المحمولة، ومؤتمرات عالمية تنقطع عنها الكهرباء.

أما عن وضع مصر في العالم فقد صدر تقرير التنافسية العالمي لعام 2013/2014 ليفضح الانقلاب، فعلى صعيد مستوى جودة التعليم الأساسي انتقلت مصر من الترتيب 137 من ضمن 148 دولة في عام 2012/2013 إلى الدولة الأخيرة بلا منازع أو منافس في كارثة قد تؤثر مستقبلاً على وضع المدرس المصري في الخارج، وعلى صعيد جودة البنية الأساسية تدهور الحال حيث احتلت مصر المرتبة 118 بدلا من المرتبة 88 عام 2012/2013.

لم يعد أمام قائد الانقلاب بعد الفشل والإفلاس في الاقتصاد إلا أن ينجح في معركته الوهمية ضد الإرهاب، فأخذ يقتل ويهدم المنازل في سيناء بلا رقيب، ويقتل ويعتقل المتظاهرين في أنحاء مصر عله يثبت نجاحاً أو يواري فشلاً فماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة التضحية بالجنود بصورة تثبت ترهل الجيش وعدم جاهزيته.

وخير مثال على ذلك - والأمثلة يتعذر حصرها - مقتل 28 من الضباط والجنود بالفرافرة بالوادي الجديد في يوليو 2014 دون مقاومة أو التوصل للجناة، وقبلها بشهر مذبحة مماثلة راح ضحيتها ضابط وخمسة جنود في ذات المكان، وتفجير مدرعات وقتل الجنود بالعريش ورفح ولم تتم محاسبة قائد عسكري واحد على هذا التقصير المخابراتي والعسكري.

أما عن عودة الدولة البوليسية القمعية فحدث ولا حرج عن أكثر من 41 ألف معتقل بجرائم واهية، وظهور التقارير الأمنية لتقصي كل معارض بمجرد الاشتباه، حتى أنك تقرأ في بوابة الأهرام في 26 أغسطس خبر بأن شركات الكهرباء تسلمت قائمة من الأمن (غير) الوطني بأسماء 1200 عامل وقامت بنقلهم لانتمائهم السياسي، ولو كنا في دولة لتمت إقالة رئيسها وحكومتها بهذا الخبر فقط.

والحقيقة هناك مجالات عديدة للإفلاس والفشل تحتاج لموسوعات لذكرها، منها سد النهضة والذي تم اكتمال 40% منه ومصر لم تكن على قدر المسئولية في المطالبة بحقوقها المائية، وسوء إدارة ملف الوساطة في حرب غزة.

واتساع حالة الاستقطاب السياسي وانهيار السلم الاجتماعي داخل المجتمع المصري، حتى أن افتقاد العدالة دفع البعض للعودة للثأر فرأينا حالات قتل لمخبرين وأمناء الشرطة الذين يعذبون ويقتلون المعتقلين دون محاسبة ولا عقاب.

مرت المائة يوم الأولى ونتمنى أن تكون الأخيرة بعد التنصيب لتثبت أنه بالفعل مصر كبيرة جداً على العسكر الذين يفشلون في أقل مهمة لهم وهي حماية الجنود، فضلاً عن تقديم حماية للشعب وللحدود، بل يفشلون في تنظيم طابور زيارة لأهالي طلاب معهد عسكري فيقع قتلى وجرحى.

ولتثبت أيضاً أن نهاية ستين عاماً من حكم العسكر قد كتبت على يد قائد الانقلاب، وأنه قد آن الأوان لتعود مصر لشعبها بعد إفلاس العسكر.

المصدر