ليس منا من بات شبعان وجاره جائع

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
ليس منا من بات شبعان وجاره جائع



بقلم:القاضـي/محمود رضا الخضيري


جزء من حديث شريف يعرفه الكثيرون ولكن المعرفة شئ والتطبيق شئ أخر، الذين يعرفونه كثير والذين يطبقونه قلة، وهو ما نعاني منه نحن المسلمين، نعرف الكثير عن الجوانب الإيجابية في ديننا ولكن ما نطبقه منها هو أقل القليل، الحديث يتحدث عن مساعدة الجار الذي يكون أول من يتأذى بالسعة في العيش التي يعيش فيها جاره، في حين يكون هو في ضيق من العيش وأحيانا يبيت هو وأسرته وأطفاله الصغار جوعا، ويبيت جاره يعاني أحيانا من التخمة، وقد يبيت الجار مرتعدا من البرد في حين أن جاره يتقلب بين الأغطية المختلفة يختار منها ما يتناسب مع الجو، قد يكون مريضا لا يجد ثمن تذكرة العلاج وأجر الطبيب في حين أن جاره يذهب للطبيب ليس للعلاج ولكن للاطمئنان على أن الصحة جيدة (الفحص الدوري للقادرين) من هنا أوصانا رسولنا الكريم بالجار وظل يوصينا عليه حتى ظن من سمع الوصية أنه سيورثه، ومن روعة الإسلام إنه عندما تحدث عن الجار لم يخصصه بدين أو ملة فجعل للجار حقا وإن اختلف معك في الدين أو الملة وكل ما هناك أنه جعل للجار المسلم حقا أفضل باعتبار أن له حق الجوار وحق الاشتراك في الدين ولكن لكل حق يجب مراعاته والحرص عليه وبأثم من يتجاهل هذا الحق ،مرت بي كل هذه الخواطر والعظات وأنا أتابع ما عليه حال اخوتنا وجيراننا في غزة الفلسطينية الشقيقة منذ سنوات، من حصار حتى من الأشقة العرب والمسلمين وأولهم مصر الشقيقة الكبرى التي من المفروض أن تكون أول من يقاوم ويتحدى هذا الحصار بحكم ثقلها التاريخي والحضاري وقربها من غزة ولو أن مصر كان لها موقف أخر من هذا الحصار لفقد فاعليته ولو أنها فقط قالت أن إرادة شعبها لا توافق على هذا الحصار كما يقول زعماء البلاد الكبرى التي تعمل حسبا لشعوبها التي أتت بها إلى الحكم ويمكن أن تطيح بها لو لم توافق على تصرفاتها لكان ذلك مبررا مقبولا لتحلها من الاشتراك في فرض هذا الحصار، جيراننا في قطاع غزة الفلسطينية الشقيقة يموتون كل ساعة إما مرضا كان يمكن علاجه وعجز الأطباء عن ذلك لنقص الدواء وإما بردا لنقص الكساء والدفء اللازم من برد الشتاء القارص وإما جوعا لنقص الطعام أو خلوه مما يقم أود الجسم، والغريب أن بعضهم يموت وهو على أبواب غزة من الجانب المصري مع إمكان إنقاذهم في مصر أو فتح الأبواب لهم لكي يعالج من يريد في بلده أو يموت فيها بين أهله وفي أحضان ذويه، كل هذا يحدث أمام أعيننا ولا نحرك ساكنا ولا نغضب ولا نقاوم وأكثرنا غضبا يرفع الحناجر بالصراخ والعويل والأكف بالدعاء ومن رق قلبه تفيض عيناه بالدموع، وكل ذلك اخوتي لا يطعم جائع ولا يكسو عريان ولا يشفي مريض ولا يدفئ مقرور، كل ذلك اخوتي لا يثمن ولا يغني من الجوع. المطلوب اخوتي عمل يطعم الجائع ويكسو العريان ويعمل على شفاء المريض.

غزة اخوتي جار أوصانا به الرسول الكريم وأخرج من الملة والدين من لا يقوم بهذه الوصية ولا يعمل بها أولهم القادر على المساعدة بماله أو بعمله أو بجهده أو نفوذه.

أطلب من الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الشريف ومفتي الديار المصرية أن يقولا رأيهما فيمن لا يساعد إخواننا في غزة أو من يحاول أن يمنع ذلك أو يضع العراقيل في سبيله، كما أطلب من شيخنا الجليل الشيخ يوسف القرضاوي بما عرف عنه من جرأة في الحق أن يقول لنا رأيه في هذا الشأن لأن رأيه سيساعد بلا شك في شحز الهمم وتقوية العزائم على فعل الخير في هذا المجال والذي يحتاج إلى همة كل عربي ومسلم مهما قل هذا الجهد.

أعرف أن نقابة الأطباء تقوم بجهد مشكور في هذا الشأن، ولكنه بلا شك جهد محدود بحدود من يقومون به وهم كما أعلم يعانون في سبيل ذلك معاناة شديدة خاصة من الأجهزة المسئولة في الدولة التي تضع أمامهم العراقيل الشديدة في سبيل أداء مهمتهم الإنسانية وهو ما يوجب علينا أن نقاومه بشدة ونقف في سبيله بكل قوة لأن من يقوم بذلك إنسان تجرد من أحاسيس النخوة والشهامة والرجولة والدين والإنسانية.

وأول ما ينبغي عمله في هذا الشأن ألا نترك نقابة الأطباء وحدها في هذا المضمار بل يجب على كل النقابات والجمعيات الإنسانية والجمعيات الخيرية أن يكون هذا الأمر شغلها الشاغل في هذه الأيام العصيبة، وأن تبذل الجهد في سبيل جمع التبرعات وتوصيلها إلى الأخوة الأشقاء في غزة المحاصرة وتحمل ما يمكن أن تقوم به أجهزة الحكومة من مضايقات في هذا الأمر ولو كان الاعتقال، وأطالب جميع كتاب مصر ومفكريها برفع الصوت وفضح كل من يقف في سبيل أداء هذه المهمة الإنسانية.

نقابة المحامين والصحافيين ونادي القضاة يجب أن يكون لهم دور مؤثر في هذا الشأن من حيث الدعاية والدعوة إلى التبرع وإيصال هذه التبرعات بطرق مشروعة، الشعب بكل فئاته وطوائفه ومطالب بأن يقول للحكومة أن عدم الوقوف إلى جوار إخواننا في هذا الوقت العصيب عار لا نستطيع أن نعيش في ظله، نعلم أن إمكانيات شعب مصر وحكومتها محدودة في هذا الشأن ولكن مصر بموقعها من القطاع يمكن أن تكون منفذا للأشقاء العرب والمسلمين في إنفاذ هذه المعونات لقطاع غزة ولو أنها فعلت ذلك فقط لكفى، أما أن نساعد ونساهم في إحكام الحصار ومنع المعونات التي يقوم الناس بجمعها فهذا هو الخزي والعار الذي يجلل الحكومة والشعب إذا رضي به أو سكت عن مقاومته.

يا سيادة الرئيس أنت تعلم ما عليه حال إخواننا في غزة من ضيق وجوع وبرد ومرض وألم فهل يرضيك هذا؟ وماذا تقول لربك يوم القيامة عندما يسألك عن ذلك ويقول لك ألم يبلغك كلام حبيبي رسول الله ليس منا من بات شبعان وجاره جائع؟ ترى يا سيادة الرئيس هل تتحمل أن ترى حفيدك الصغير يتلوى من الجوع أو البرد أو العطش أو المرض؟! إن أجهزتك تمنع المواطن البسيط الذي لا يملك إلا قوت يومه من أن يقتسم لقمته مع أخيه الفلسطيني، وبدلا من أن نرى حكومتك الرشيدة تسارع بتقديم العون لإخواننا هناك نراها تمنع من يحاول ذلك بل قد تصنفه على أنه إرهابي يساعد الإرهابيين.

يا سيادة الرئيس إن ديننا الحنيف يحضنا على إطعام الحيوان الجائع وسقياه فيقول رسولنا الكريم إن للمسلم في كل كبد رطب صدقة والكبد هنا يعني الإنسان والحيوان معا فيحضنا على إطعامه وسقياه وعلاجه وإيوائه من البرد إن وجد فكيف بنا والجوعى والعطشى والمرضى اخوتنا وأبناء عمومتنا وأهلنا، أملي كبير في أن ترجع حكومتنا إلى رشدها في هذا الأمر وإلا فإن كل شئ مباح لنا حتى نتمكن من إنقاذ إخواننا في غزة وهو أمر يدخل قانونا في نطاق الدفاع الشرعي عن النفس ومن يقول غير ذلك فهو خائن لدينه ووطنه وعروبته وشرفه وعرضه، المظاهرات واردة والاعتصام وارد والإضراب وارد والعصيان المدني وارد مهما كلفنا ذلك من جهد فهو أفضل من أن نرى بأعيننا إخواننا يموتون جوعا وعطشا وبردا ولا نفعل شئ كأن قلوبنا قد قدت من صخر .

أملي كبير في ألا تكون صحوة الشارع المصري هذه المرة من أجل إخواننا في غزة فورة غضب لا تلبث أن تخمد ويخبو لهيبها قبل أن تؤتي ثمارها بفك الحصار عن شعب غزة الشقيق وحتى لا يشعر الشعب الفلسطيني أنه يقف وحيدا في مواجهة هذا الطغيان فإنه بلا شك يخفف عن إخواننا شعورهم بالألم أن لهم أشقاء يشعرون بمعاناتهم ويحاولون مساعدتهم ولو بالمسيرات والمظاهرات والغضب حتى يأذن الله بفك أسر هذه الأمةالمنكوبة