ليبيا.. تساؤلات حول الدور الأميركي
يواجه أوباما منذ أسابيع عاصفة من النقد من الأعضاء «الجمهوريين» في الكونغرس بسبب ما يصفونه بفشل إدارته في التدخل في الصراع الدائر بليبيا.
ويتهم الحزب «الجمهوري» في هجومه الرئيس بـ« الضعف» و«التردد» و«الافتقار إلى القيادة».
ولكن الإدارة، دارت حول نفسها دورة كاملة فجأة، وتحركت بسرعة، وضغطت من أجل إصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يخول إنشاء منطقة «حظر طيران» والتدخل في ليبيا بسبب مخاوف إنسانية وشيكة، وقام المجهود العسكري الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بالفعل، بشن هجمات ضربت دفاعات ليبيا، وقواتها البرية الزاحفة باتجاه المدن التي يسيطر عليها المتمردون.
وعندما بدأ القصف الجوي، غادر الرئيس واشنطن في زيارة تجارية مقررة سلفاً لعدد من دول أميركا الوسطى والجنوبية.
وبعد أن حاول عبثاً التوفيق بين الرسائل المتعددة لزيارته وبين الأحداث التي تتكشف تفاصيلها في ليبيا ، اضطر لقطع زيارته والعودة لواشنطن كي يواجه حرباً محتدمة مع منتقديه في الكونغرس، وخصومه السياسيين من «اليمين» و«اليسار»، الذين أزعجتهم تصرفات الإدارة الأميركية.
بعض المخاوف التي أشار إليها أعضاء الكونغرس مشروعة، وبعضها الآخر ليس سوى ضرب من البلاهة في رأيي، ولكنها جميعها بحاجة إلى التناول.
ويمكن تقسيم الموضوعات المثارة على النحو التالي: إن التدخل جاء متأخراً أكثر من اللازم ومحدوداً أكثر مما ينبغي.
في الحقيقة، يمثل هذا القول استمراراً للهجوم الذي كان يشن على أوباما في الكونغرس قبل بدء العمليات العسكرية في ليبيا، بسبب عدم ميله للاشتباك مع دولة عربية أخرى من دون الحصول على دعم إقليمي.
وفي الحقيقة أن أوباما كان على حق عندما انتظر حتى وافقت الجامعة العربية على طلب «فرض منطقة حظر طيران» قبل الذهاب إلى الأمم المتحدة للسعي للحصول على تفويض بضرب ليبيا .
وعندما يقوم النائب جون ماكين (جمهوري) والنائب «لندسي غراهام» (جمهوري) بالشكوى من أن أوباما انتظر أكثر مما ينبغي، وأن الولايات المتحدة تلعب دوراً تابعاً ولا تتولى زمام القيادة في العملية، فإنهما يتجاهلان حقائق الأوضاع في الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد حرب العراق.
أما صقور الحزب «الجمهوري» الذين يقولون إنه ما لم يتم طرد القذافي من الحكم، فإن المهمة سوف تكون فاشلة، فإنهم على ما يبدو يتمنون أن تعود أميركا مرة أخرى لتلعب دور الفارس الذي يأتي على حصان أبيض لينقذ المظلومين ناسين أن الرئيس بوش، خلال العقد الأخير، قد أطلق النار على الحصان وشوّه سمعة الفارس.
أما «الديموقراطيون» الليبراليون الذين لا يزالون يتحسرون على الأكلاف الباهظة التي تكبدناها في حربين فاشلتين، والغاضبون من تخفيض المخصصات المقررة للبرامج الاجتماعية في الميزانية فيختمر في وسط الجناح التقدمي في حزبهم نوع من التمرد في الوقت الراهن.
وفي هذا السياق اجتمعت مجموعة من أعضاء هذا الجناح في الكونغرس، وعبرت عن قلقها من تورط الولايات المتحدة في «حرب ثالثة في الشرق الأوسط».
عندما كان عضواً في مجلس الشيوخ كان أوباما واضحاً جداً في إصراره على ضرورة موافقة الكونغرس على أي تدخل أميركي جديد.
أما عندما أصبح رئيساً فإنه بات يرى أن البيت الأبيض، وفي ما يتعلق بالصراع الدائر في ليبيا، يمكنه فقط الاكتفاء بإخطار الكونغرس بذلك التدخل على أساس أن مدته ونطاقه محدودان، وبالتالي فإن الإدارة ليست في حاجة للحصول على تفويض.
من المخاوف الأخرى التي تم التعبير عنها تلك التي عبر عنها أعضاء الكونغرس في صورة أسئلة هي: ما هي المصالح الأميركية المهددة بالخطر والتي تبرر تدخلها في ليبيا؟ كم سيكلف تنفيذ المهمة المطلوبة في ذلك البلد؟
وكيف سيتم تعريف النجاح في العملية؟
وامتد السجال إلى وسائل الإعلام الأميركية حيث كان الموضوع الرئيسي الذي احتلت صورته غلاف صحيفة «يو.إس توداي»، هو موضوع الحرب في ليبيا الذي وضعت له الصحيفة عنوانا هو: «الأسئلة الخمسة الكبرى عن ليبيا ».
كما نشرت «النيويورك تايمز» موضوعاً مماثلا عن الصراع في ليبيا صدرته بالأسئلة «من، ماذا، ولماذا؟».
في فترة الإعداد للحرب على العراق ، حث الحزب «الديموقراطي» على الضغط من أجل تمرير قرار يعارض الحرب ما لم يقم الرئيس بوش بتعريف «أكلاف تلك الحرب، والتداعيات التي يمكن أن تترتب عليها، وشروط الالتزام»..
كما حذرت من أننا لا يجب أبدا «أن نفكر في التدخل عسكرياً في بلد لا نعرف شيئاً عن شعبه، وتاريخه، وثقافته».
والأسئلة التي كان يجب أن نسألها قبل أن نغزو العراق كان يجب أن تُسأل ويجاب عليها قبل أن تبدأ العمليات العسكرية في ليبيا أيضاً.
وكون ذلك لم يحدث، وأن الدروس لم يتم تعلمها، أمر يدعو للانزعاج الشديد في الحقيقة.
المصدر
- مقال:ليبيا.. تساؤلات حول الدور الأميركيالمركز الفلسطينى للتوثيق والمعلومات