لماذا يفضلون الاباتشي ؟؟
بقلم / وائل الحدينى
ما أتكلم عنه فى الأسطر التالية تعدى مرحلة التجريب والتنظير، واستقر كحقيقة واقعية وحتمية تاريخية تحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة الاستقراء !
تعرض الشهيد د / عبد العزيز الرنتيسي إلى عملية إغتيال فاشلة أصيب فيها مع نجله لكن المفاجأة التي ألجمت الجميع أن زوجتة عندما خرجت على الجزيرة الفضائية مع الإعلامي غسان بن جدو تمنت استشهاده ، واستشهاد نجلها وابنائها وتمنت الشهادة هي أيضاً "بعدهم وليس قبلهم ".
ظاهرة الاستشهاد هذه ـ خاصة لدى حركة المقاومة الاسلامية حماس ـ آثارت فى فترات سابقة حيرة وقلق لدى الاجهزة الامنية الصهيونية وانتهت بعجز كامل عن التعامل معها، لكن يمكن التوضيح أن الدراسات التي تناولت ذلك البعد كانت تبحث فى دراسة الافراد لكنها أهملت سلوكيات القادة
محتويات
حياة بلاموت
فى شهر فبراير 2006 نقلت بعض الصف رسالة من د/ موسى ابومرزوق رئيس المكتب السياسي لحركة حماس من السجن الفيدرالي بالولايات المتحدة الامريكية إلى الشهيد يحيى عياش يقول فى بدايتها ( كل يوم تشرق الشمس ويأتي الضياء وتتفتح الازهار وينتشر الناس ، ولكن الشمس بعد الاشراق تغيب ، والضياء يعقبه ظلام ، وتفتح الازهار يصير الى ذبول وزوال ، وانتشار الناس يردفه سبات ، والموت والحياة سنة كونية فكما يقدم كل يوم جديد مولود يرافقه فقدان محبوب إلا انت ايها الشهيد فتشرق دائماً بلا غياب ، وتضيئ دونما انطفاء وتتفتح يافعاً بلا ذبول ولا زوال ، وتولد فينا وتبقى حيا بيننا لا يطولك الموت " ولا تقولوا لمن يقتل فى سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون " )
حالة ايمانية فريدة
يصف الشهيد الرتيسي الاستشهاد بأنه توازن الردع مع الاحتلال ، وعدم فهم الظاهرة هو ترجمة حقيقية للعجز عن وضع حلول لأي طارئ ، وهذه الظاهرة هي الوحيدة التي لا يستطيعون على الاطلاق ان يمتلكوا اجراءات منعها ....
وأكد انها ترجمة صادقة لحالة ايمانية فريدة وهذا يشير الى ان الامة على اعتاب مرحلة انقلابية على الذات ، ومن هنا يشعر العدو بالخطر..
كما اشار الى أن هذه الظاهرة تحتاج الى تعبئة ايمانية راقية جداً : فالناس فطروا على حب الدنيا ولا يمكن التغلب على هذا الحب الا اذاترسخ الايمان بالله ، فما عند الله خير وأبقى وهذا يستلزم شحنة ايمانية كبيرة ، فالمجاهد فى العمليات الاستشهادية يتأكد من أنه سينتقل الى الله اما لدى باقي المناضلين فيكون لديه أمل فى ان يعود ، والتعبئة العملية اشد من التعبئة الشفوية ، والاستفزازات الصهيونية وجرائمها ، الى جانب ان سيرة بطولات الاستشهاديين تشحن الشبان مع التفاعل الجماهيري واعراس الشهادة التي تقام لهم ، وإشفاء الغليل كلها عمليات تعبئة سريعة مما يجعل الظاهرة تستشري فى اوساط الشعب الفلسطيني وحتى بدون التعبئة الشفوية ..
وإني اتمنى الاباتشي
الشهيد عبد العزيز الرنتيسي تمنى الموت بصواريخ الاباتشي صراحةً .
ـ الشهيد / نزار ريان واسرته وقفوا أمام حثمان ابراهيم نزار يتحسسون جروحه تعلو وجوهم ابتسامة حقيقة ، وكأن الموت امنية ثم رفضوا الخروج من البيت واستقبلوا الموت جميعاً 14 فرداً من عائلة واحدة ! أخرجوه من بين الحطام يحملُ رضيعه. خطَ طريقه بيديه، ووضع قواعد اللُعبة ! قرر القائد نزار ألا يترك المجاهدون منازلهم تحت التهديد بالقصف ، علمهُم تحدي أف 16 والاباتشي ، والحوامات ، صنع منهم دروعاً بشرية وشاركهم قهر الاحتلال ..
فلما جاء ت لحظة الحقيقة ووقت الاختبار، رفضوا الخروج من منزلهم مُرحبين بالشهادة .
ـ الشهيد / سعيد صيام اصر على تصريف امور وزارة الداخلية من الميدان وقال نويت ان استند الى القاعدة الشرعية التى اخذ بها الشهيد نزار واستهدفته الطائرات بقنبلة تزن الطن !
ـ قنبلة أخرى تزن الطن كانت قد قتلت الشهيد صلاح شحاده وزوجته وبناته ودمرت حي الدرج !
ـ صواريخ الاباتشي دخلت من شباك غرفة المكتب الاعلامي التي كان يتواجد فيها الشهيدين جمال منصور وجمال سليم فقتلت كل من كان فى دور البناية الادارية المكونة من مكاتب وشركات !
ـ اباتشي استهدفت الشهيد اسماعيل ابو شنب على قارعة الطريق وحرقت جسده وشوهته وخلفّت وجهه كقطعة فحم لكنهم بعد ست سنوات من استشهاده عثروا على جسده كاملاً لم يتغير بفعل الموت .
ـ اباتشي استهدفت الزهار فقتلت ابنه يوم عرسه ومرافقيه والاخر تصدى لاجتياحات فردها بجسدة وسلاحه اباتشي استهدفت الشيخ ياسين فمزقت جسده ومعه جمع من المصلين .
ـ كلهم يفضلون الاباتشي لكنهم لا يستسلمون للموت فالشيخ ياسين كان دوماً يردد " سوف يدفع العدو ثمن جرائمه فاذا زرع المجازر فسيحصد المجازر ، واذا زرع الدم فيحصد الدم "
المعادلة المطلوبة
يتساءل الشيخ احمد ياسين : لماذا نوصف بالارهاب ؟؟
أنا الفلسطيني المشرد من وطنه ، أنا الفلسطيني الذي سلبت أرضه وبيته وداره ، أنا الفلسطيني الذي قتل أبوه وأخوه وأخته وأمه وأطفاله ، أنا الفلسطيني الذي يقع تحت الاحتلال وخراب الاحتلال على رأسه ، فأنا الذي يطالب ببيتي وداري يصفني العالم بانني ارهابي ، والقاتل المحتل المستوطن الذي شرد الملايين من أبناء الشعب الفلسطيني ، والذي يحتل بيوت ملايين الفلسطينيين إنسان شريف وكريم وطيب ؟؟ إذا كانت المعادلات الدولية مقلوبة نحن لا نقبل بالمعادلات المقلوبة اطلاقاُ نحن أناس نريد الحق ..
هل وصلت الرسالة ؟
فى فبراير عام 1258 طوقت بغداد من كل جانب ولم يبقى أمام الخليفة العباسي إلا الإستسلام فذهب لمقابلة عاهل المغول خارج بغداد ، دخل الخليفة العباسي مجلس هولاكو مرتاعاً فابتسم الاخير بخبث ثم قال له : أنت المضيف ونحن الضيوف فانظر بماذا تكرم ضيوفك ؟ فهرع الخليفة إلى دار الخلافة فأحضر الدنانير والخلع والجياد ، فنظر هولاكو بسخرية وقال هذه ليست لنا بل هي لعبيدنا مانريده الدفائن , فدلهم على بركة من الذهب الخالص فى القصر الملكي فحفروا البلاط والرخام وأخذوها ثم أخذور بعدها روح الخليفة بوضعه فى الكيس وإزهاق روحه بالرفس !
فى نهاية 2008 اعدت حماس لمغول العصر بعد ان حاصرواغزة جواً وبراً وبحراً ـ وبعد ان تخلى عنها الجميع ـ الدفائن سراديب مفخخة وانفاق وشهداء يتحركون على الارض ببركة رجال انتزعت ارواحهم بالقصف ،لايعرفون الذهب لكنهم يملكون من قوة الارادة مايصدون به العدوان ويفضحون التواطؤ ولو كان العالم كله ضدهم !
يتمسكون بديارهم غرسوها بالدماء فى ارضهم ، يغادرون فقط الى القبر ، يكتبون بضحايا الاباتشي فصولاً من سير الحياة والنضال الكريم ..
يبقى الشهيد وتذهب الاباتشي الى الموت بعد الصدأ والذم .
هم سيبقون وحدهم رموزاً وعلامات ضوء ، وجيش الاحتلال ومن يُحكمون الحصار، ويهدمون الانفاق ويسرقون الخراف الى زوال ، ومن وراء ذلك حتمية النصر
المصدر : نافذة مصرر