لماذا الطريق الخطا؟ .. بقلم د. عوض السيد

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
لماذا الطريق الخطا؟ .. بقلم د. عوض السيد


بتاريخ : الأربعاء 30 اكتوبر 2013

ما زالت لدي الرغبة في الحوار مع مؤيدي الانقلاب أخاطب فيهم عقولهم وضمائرهم رغم من يذكرني بقول القائل :-

لقد أسمعت إذ ناديت حيا .... ولكن لا حياة لمن تنادي

والحقيقة أنك كلما نظرت إلى الأحداث والدلائل الواضحة وضوح الشمس على إجرام الانقلابيين في حق وطنهم وشعبهم ودينهم وأنفسهم ثم احتفاء العدو بهم واعتبار ما تم أفضل من انتصارهم في 67 ( راجع كلام قادة اليهود في ذلك )- كلما رأيت ذلك ثم رأيت من يزداد تشبثا بموقفه دون أدنى مراجعة تتعجب أشد العجب : أين عقول هؤلاء ؟! أين حكمتهم ؟

بل أين فطنتهم رغم أن الأمر أوضح من أن يحتاج إلى فطنة ويشتد بك العجب حين تجد من بين هؤلاء من تعرفه جيدا ولا تشكك في وطنيته ونزاهته

لكن العجب يزول حين تتذكر من التاريخ ما يلي :-( والشواهد التالية لبيان الالتباس وليس لتشبيه أحد بأحد )

1- موقف قريش من دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

هل هناك دعوة حق أوضح من هذه الدعوة ؟

وهل هناك باطل مكشوف مفضوح مثل موقف قريش

إنها دعوة يؤيدها ويدافع عنها الله ويقدمها للناس أفضل الأنبياء ورغم ذلك انتشر في مكة وضواحيها أسوأ النعوت عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ودعوته فقالوا عنه ساحر وكاهن وكذاب و ... ثم وجد هذا الكذب والتضليل من يصدقه ويروجه ، بل ويحذر من خطره

• انظر لموقف الطفيل بن عمرو الدوسي ، حين دخل مكة سد أذنيه بالقطن حتى لا يستمع إلى كلمة من محمد ولو على سبيل الصدفة خوفا من (( فساده وخطورته)) فما الذي أوصله إلى هذه القناعة؟

ثم تذكر من يتحاشى أن يستمع إلى أي مصدر محايد ويكتفي بالمعرفة من مصادر تمارس الكذب والتدليس عن قصد ثم يصدقها ويكرر كذبها ( مضاجعة الوداع – دستور زواج البنات في تسع سنوات – بيع الأهرامات – بيع قناة السويس – بيع حلايب وشلاتين – جثث تحت المنصة – كرة أرضية تحت الأرض – نكاح الجهاد - .... وغير ذلك كثير مما ثبت كذبه ، ورغم ذلك هل تعلمنا الدرس ؟ أم ما زلنا نشاهد نفس القنوات ونردد الأكاذيب ونقع في نفس الفخ ؟؟!!

• المشكلة ليست في ترديد الأباطيل ولكن المشكلة فينا نحن فقد قال الله تعالى " وفيكم سماعون لهم "

• تذكر أن قريش حين رأوا انشقاق القمر كذبوا أعينهم وأعين المسافرين خارج مكة ، ثم تذكر من رأى تسريبات الانقلابيين بالصوت والصورة ثم يشكك فيها بدعوى أنها مفبركة رغم أن أصحابها لم ينكروها بل أثبتتها تصريحاتهم وتصرفاتهم فيما بعد

• وانظر إلى كثير من القامات أمثال خالد بن الوليد وأبي سفيان وعمرو بن العاص وعكرمة بن أبي جهل وغيرهم ، تأخر إسلامهم لسنوات وهم على موقفهم يحاربون الحق ويشوهون صورته ويدافعون عن الباطل ويتعصبون له ويحاربون من أجله ... ما الذي جعلهم يقفون هذا الموقف

• وتلك المرأة التي ساعدها النبي فأرادت أن تكافئه وهي لا تعرفه فحذرته من محمد .... ما الذي جعلها تقتنع بخطورة محمد وتحذر منه ؟

2- ومن قبل: قال فرعون عن موسى ( إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد ) ( فاستخف قومه فأطاعوه )

3- ولقد كان كبراء قريش يدعون الله يوم بدر أن يهزم الظالم من الفريقين ( اللهم أقطعنا للرحم و آتانا بما لا نعرف فأحنه الغداة )

4- وقوم شعيب ينكرون ما جاءهم ثم يقولون ناصحين مستنكرين مستغربين ( إنك لأنت الحليم الرشيد ) يعني كيف تقول ماتقول وأين رشدك وأين عقلك وحكمتك

كل هؤلاء وغيرهم وهم على باطلهم يظنون أنهم على الحق وأن ( الأنبياء ودعوتهم الربانية ) على الباطل

ألا يجعلك ذلك تخشى أن تكون في الموقف الخطأ وأنت لا تدري؟

ألا تخشى أن تكون ممن قيل فهم ( ....الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) ، أراك تقول : ولم لا تكون أنت أيها الكاتب مخطئا تستحق أن تراجع نفسك ؟؟ وأقول لك : صدقت ، فمن واجبي أن أراجع نفسي ، ولكن :هذا التساؤل منك بغرض توجيهي ونصحي ، أم هو حيلة نفسية تهرب بها من مراجعة نفسك وموقفك وتلقي باللوم على غيرك ثم تنام مستريح البال بعد أن خدرت ضميرك ؟؟

- إننا في حاجة ملحة إلى الإجابة عن هذه الأسئلة :-

1. كيف التبس الأمر على كثيرين حتى ظنوا الحق باطلا والباطل حقا ( كي لا نقع فيما وقعوا فيه )

2. كيف أمتلك ميزانا أستطيع به أن أزن الأمور وزنا صحيحا يعصمني من الذلل

3. هل أنا حقا طالب للحق حريص عليه أم أن عندي من الموانع ما يحول بيني وبين الوصول إلى الحق ؟

- أولا :-

- ما الذي يؤدي إلى هذا الالتباس الشديد حتى تجد للباطل أتباعا على مر التاريخ ينحازون إليه ويدافعون عنه " ويستنكرون " موقف أهل الحق" ؟

إنها الآلة الإعلامية الرهيبة التي يديرها أصحاب الأهواء والمصالح من أهل الباطل فتؤثر على البسطاء وكثير من الشرفاء حتى من أصحاب العقول

إنها الآلة الإعلامية التي جعلت العجائز في البيوت تصدق أن محمدا ساحر وكذاب حتى تحذر المرأة من هذا الخطر الذي أصبح عندها في حكم اليقين

والتي جعلت المشركين يدعون الله أن يهلك الظالم من الفريقين لأنهم على يقين أن الظالم محمد

حين ترى هذا التأثير الإعلامي الشديد حتى في حق الانبياء ثم تراجع حال إعلامنا وما مارسه عن عمد من حرب وتشويه وتدليس وأكاذيب لا تستغرب ما وصل إليه مجتمعنا وما أصاب الكثير من عقلائه وشرفائه من هذه اللوثة لكنك تشفق على المخلصين منهم وتخشى أن يظلوا مغيبين حتى يلقوا ربهم حينئذ لا ينفع الندم

نحن في حاجة لأن نقف موقفا متجردا لله نراجع فيه أنفسنا ونعيد وزن الأمور على ميزان صحيح ؟

- كم من الأكاذيب دخلت علينا فصدقناها و دافعنا عنها بل وعادينا غيرنا من أجلها ثم اكتشفنا زيفها لكننا في الغالب لم نغير موقفنا ؟

- السؤال الثاني : كيف أمتلك ميزانا متجردا غير منحاز أفرق به بين الصواب والخطأ؟

وأحيلك في ذلك إلى طريقة هرقل التي سلكها مع أبي سفيان فاستطاع أن يعرف الحق من لسان مشرك ، وليكن لنا مع هذا حديث لاحق إن شاء الله

-السؤال الثالث :- ما الذي يجعل المرء قادرا على الانحياز الى الحق أو عاجزا عن معرفة الحق أو متابعته إن عرفه ؟ ( قس نفسك على هذه الأمور وتخلص من الموانع إن كنت صادقا في طلب الحق )

1. تهديد المصالح : الآنية والمستقبلية – المادية والمعنوية ( فمن يقبض الأموال أو من يمتلك سلطة ومكانة – حتى وإن كان مخبر متسلط - يحارب الحق الذي يحرمه ذلك )

2. الشهوة المتحكمة في الشخص حتى تعميه عن الحق

3. تصفية الحسابات – الشخص الموتور( فمن فشل في انتخابات أو زواج – مثلا - يعادي من يظن انه السبب في فشله )

4. المواقف الشخصية فالمرء يتخذ الموقف المخالف بسبب مواقف شخصية بينه وبين شخص اخر

5. الاعجاب بالرأي الذي يجعل صاحبه لا يفترض في رأيه الخطأ مطلقا لذلك فهو المصيب دائما ومن يخالفه فهو المخطئ دائما

6. عدم الاستعداد لتحمل ضريبة اتباع الحق – فبدلا من أن يقول بشجاعة أنتم على الحق لكني لا أقدر على تحمل تبعاته مثلكم ، يتخذ موقفا آخر فيخطئ غيره حتى يريح ضميره بأنه لم يترك الحق لجبن أو شح إنما هو المصيب وغيره المخطئ

7. امتلاك الشجاعة للاعتراف بالخطأ والانحياز إلى الحق ومتابعة أهله حتى وإن كان في صف الحق ثقلاء على نفسي أو أدى ذلك أن أكون تابعا لمن هو أقل مني من وجهة نظري

8. امتلاك ضمير حي فالضمير المخدر الذي لا يعنيه مَن الظالم ومَن المظلوم والذي يجعل صاحبه إمعة يصفق للغالب لا تنتظر منه خيرا

9. امتلاك ميزان متجرد يفرق به بين الحق والباطل ويكون قادرا على تطبيقه بنزاهة وحياد على الطرفين فلا يحكم على طرف بميزان ثم يحكم على الآخر بميزان آخر

- ويجمع كل ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( فإذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب المرء برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة)

فمن لا يستطيع أن يتخلص من هذه المثالب فلن ينحاز إلى الحق ولو جاءته آية من السماء أو نبي من الأنبياء

ملحوظة :- الاستشهاد في القياس المنطقي لا يعني التشبيه حتى لا يقال ان هناك تشبيه لأحد بالأنبياء أو المشركين أو غير ذلك

مقالات للكاتب:

د. عوض السيد يكتب: وضوح

المصدر