قوانين صهيونية جديدة بمضامين قديمة
بقلم : زياد ابوشاويش
الاستغراب من قدرة الكيان الصهيوني على فرض قوانين في الكنيست تخالف القوانين والقرارات الدولية كقانوني الاستفتاء على الانسحاب من القدس الشرقية والجولان السوري المحتلين هو مثار استغراب أكبر كونه يأتي على خلفية سلوك إسرائيلي تكرر على مدار سنوات الاحتلال للأرض العربية منذ عام 1967، وحتى الفلسطينيين ممن بقوا في أرضهم وقبلوا مرغمين الجنسية الإسرائيلية لم يسلموا من القوانين العنصرية والتي تخالف أبسط المعايير القانونية والأخلاقية، وليس أدل على ذلك من فرض قوانين الانتداب البريطاني والحكم العثماني عليهم، ناهيك عن قانون أملاك الغائبين الذي تستولي سلطات الاحتلال بموجبه على أراضي لفلسطينيين صادف وجودهم خارج فلسطين أثناء النكبة وحرب الأيام الستة عام 1967 وتتعمد حكومات تل أبيب المتعاقبة بقاءهم خارجها لتصادر أملاكهم وليس أرضهم فقط.
بعد حرب الأيام الستة وعلى مدار السنوات التي تلتها قامت السلطات الإسرائيلية سواء المدنية أو العسكرية بفرض جملة من القوانين العنصرية المخالفة لقرارات الشرعية الدولية وللأعراف واللوائح المنظمة للحياة المدنية تحت الاحتلال بما في ذلك مخالفتها الفاضحة لوثيقة حقوق الإنسان ووثيقة جنيف حول الأسرى وغيرها من القوانين والأعراف الملزمة للدولة المحتلة لأراضي الغير، ومارست "إسرائيل" ما يتناقض معها تحت حماية الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تجد لها المبررات لتعطيل أي قرار أممي لوقف هكذا ممارسات.
إن قوانين من نوع ضم الجولان و القدس وفرض الهوية الإسرائيلية على قاطنيها لا يمثل انتهاكاً للشرعية والقانون الدوليين فقط بل يمثل جريمة كبرى بحق أناس مدنيين لهم حق الاختيار ويعتزون بانتمائهم لوطنهم ولقوميتهم العربية، وتستحق الدولة العبرية أقصى العقوبات بسببها.
إن الطابع السياسي لهكذا قوانين واضح ولا جديد في مضمونها الذي يمكن تلخيصه بأن دولة الاحتلال ترى أن هذه الأراضي ليست محتلة بل مستعادة أو محررة على حد تعبير قادة العدو يوم احتلال القدس والخليل وغيرهما من المدن العربية، وان أقصى ما يمكن الاعتراف به من جانبها هو أنها أراض متنازع عليها وتحسمها المفاوضات الناجمة عن ميزان قوى يميل لصالحها فرضته بدباباتها وطائراتها.
لم نكن كعرب وفلسطينيين في حاجة لإثبات جديد على استخفاف العدو بنا وبحقوقنا، لكن القانون الذي يفرض الاستفتاء على الانسحاب من الأرض العربية المحتلة في فلسطين والجولان بالإضافة لتأكيده على هذا الاستخفاف حد الإهانة يغلق الطريق أمام الحالمين بالسلام مع الكيان الصهيوني (لأنه يغلق الطريق أمام أي تسوية يستعيدون من خلالها كامل حقوقهم) وهذا هو الشيء الايجابي الوحيد في مثل هذه القوانين.
ويبقى السؤال مشرعاً في وجه القابلين بعودة المفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية تحت الرعاية الأمريكية: على أي شيء ستفاوضون بعد هذه القوانين؟ وماذا ستفعلون إن وصلتم لحل تقبلوه (رغم استحالة ذلك) وأتت نتائج الاستفتاء لتقول لا لهذا الحل وهو المرجح؟
المصدر
- مقال:قوانين صهيونية جديدة بمضامين قديمةالمركز الفلسطينى للتوثيق والمعلومات