قراءة في أحداث الأسبوع
2009-26-08
محتويات
أولا:الشأن اداخلى
حول زيارة الرئيس مبارك لأمريكا
تظهر التحليلات لزيارة الرئيس (مبارك) أن القضية الفلسطينية كانت الموضوع الأساسي لأجندة الزيارة، فقد تناولت الحوارات واللقاءات الرسمية وغير الرسمية التطورات الإستراتيجية التي تشهدها هذه القضية، وخاصةً في ظل الدعم الأمريكي والأوروبي لحل الدولتين، وهو طرح ما زال في بداياته الأولى، ولم توضع بشأنه تصورات نهائية؛ حيث ينادي هؤلاء الحلفاء الصهاينة لوقف الاستيطان الصهيوني بشكلٍ مؤقت، وفرض التطبيع العربي الجماعي على النظم والشعوب العربية والإسلامية.
وكان واضحًا أن من أهم أهداف الزيارة هو المساعدة في بلورة مبادرة أمريكية لوضع حلول نهائية للقضية الفلسطينية، ولكن النجاح في صياغة تلك المبادرة الجديدة المزعومة ووضعها موضع التطبيق يتوقف على تجاوب الكيان الصهيوني مع صانعي السياسة الأمريكية والبدء بقبول وقف الاستيطان المؤقت قبل الحديث عن التطبيع الجماعي، وفي هذه الجزئية يبدو أن مصر تتشكك في التزام الكيان الصهيوني بأي اتفاق لعلمها أن الحكومات الصهيونية تتبنى دائمًا سياسة مراوغة؛ الأمر الذي سيؤدي "من وجهة نظر مصر" إلى تدهور الاستقرار وتفاقم المشكلات الأمنية والعسكرية.
ومع تركيز الزيارة على الملف الفلسطيني، فإنها لم تهتم كثيرًا بالشئون الداخلية المصرية؛ حيث كان الحديث عن محورين فقط:-
1- إبراز التقارب مع السياسة الأمريكية الجديدة، وكان هناك إسهاب واضح في الحديث عن حقوق المرأة والاجراءات التي تتبعتها الحكومة المصرية خلال السنوات الماضية لتأكيد حقوق المرأة وتمكينها سياسيًّا واقتصاديًّا، فيما لم يتضح أن هناك قضيةً أخرى أو موضوعًا آخر نال مثل هذا الاهتمام، وخاصةً فيما يتعلق بتفعيل الأحزاب السياسية وإتاحة فرص أوسع للقوى السياسية والاجتماعية.
2- تأكيد أن الإصلاح السياسي هو مسألة داخلية، وأن المضي فيه يأتي في سياق مبادرة داخلية ترعاها الحكومة وفي هذا الصدد تمت الإشارة إلى التعديلات الدستورية وبرنامج الرئيس للدلالة على جدية الحكومة في التحول الديمقراطي مع أن التعديلات الدستورية، تصبُّ أساسًا في تقييد الحريات وتقليل فرص المشاركة في الانتخابات، وهو ما يتناقض مع الادعاء بوجود مبادرة ذاتية لتبني الديمقراطية وإلغاء حالة الطوارئ واستبدال قانون مكافحة الإرهاب بها.
وكان واضحًا أيضًا أن الكلام عن الإصلاح السياسي وتداول السلطة وشكل وطبيعة الديمقراطية التي يريدها النظام جاء عامًا وغير محدد الاتجاه؛ وذلك على خلاف تناول قضايا المرأة.
ويرى المراقبون أن ما أُعلن عن الزيارة وأبعادها ونتائجها لم يتناول العديد من الأمور ذات التأثير على القضايا الجوهرية؛ داخليًّا وخارجيًّا، وأن الزيارة انتهت وليس من المتوقع تغير الموقف الصهيونى تجاه الاستيطان والتطبيع، واستمرار الصعوبة في التنبؤ بمسار الإصلاح السياسى المزعوم.
ثانيًا: الشأن الإقليمي
1- الدور المصري وغموض الحوار الفلسطيني

تسعى مصر لعقد جلسة جديدة للحوار بين الفلسطينيين، وهذا المسعى لا يزال في بدايته؛ حيث يقوم وفدٌ مصري بإجراء مقابلات مع الفصائل الفلسطينية للتوافق حول أجندة الجولة القادمة للحوار، ولقد تم عقد لقاءاتٍ مع كلٍّ من فتح وحماس، والجهاد الإسلامي ورغم أهمية الإعداد للجولة القادمة، إلا أنه لم تتبلور الأجندة المشتركة للحوار بشكل نهائي، وتشير الأخبار المتعلقة بمساعي الوفد المصري إلى أن الإستراتيجية التفاوضية التي يتبناها الوفد المصري لم تستطع حصر مطالب الفصائل الفلسطينية ووقعت أسيرة لمطالبها وأولوياتها، وهناك إشارات إلى أن الوفدَ المصري لم يذهب بروح تمكنه من وضع بدائل حاسمة وواضحة.
وتأتي المساعي المصرية في ظلِّ تطورات سياسية مهمة، فهي تأتي في سياق تبني محمود عباس سياسة انفتاحية على إيران والسودان وإعلانه عن رغبته في ترميم اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عبر عقد المجلس الوطني الفلسطيني، وهو ما يمكن أن يُوسِّع من الفضاء السياسي الذي تتحرك فيه حركة فتح ومنظمة التحرير، كما تأتي تلك المساعي أيضًا في ظل التباعد بين الحركتين (فتح وحماس) على إثر انعقاد المؤتمر العام السادس لحركة فتح.
والخلاصة أن التحدي الرئيسي الذي يواجه الحوار الفلسطيني، يتمثل في اختلاف المواقف إزاء المبادرة الأوروبية الأمريكية للحلول النهائية للقضية الفلسطينية، ومحدودية التأثير العربي على المواقف الصهيونية والأمريكية، ومن هنا فإن تأجيل الجلسة إلى ما بعد عيد الفطر كان أمرًا متوقعًا، كما أنه ليس من المتوقع حدوث اختراق في الفترة الحالية.
2- اليمن: حرب الحكومة والحوثيين (أزمة دولة)
لا يبدو أن أزمة الحكومة اليمنية والحوثيين، سوف تشهد انفراجة في المدى المنظور، إذ إن هذه الأزمة هي انعكاس لتعثر تكوين الدولة الوطنية، وخاصةً في فترة ما بعد الاستقلال.
فالخلاف السياسي بين الطرفين والذي تحوَّل منذ سنواتٍ لأزمة أمنية، كان وما زال بسبب الخلاف حول شرعية النظام اليمني وسعي الدولة أو السلطة لبسط سيطرتها على كامل الأرض اليمنية بالقوة.
وقد تأججت الأزمة هذه الأيام لأسباب اقتصادية واجتماعية تتعلق بمعالجة مشكلات السكان في تلك المنطقة مع استمرار الدعوة للعودة للنظام الملكي، وهو ما يعتبر تهديدًا لشرعية النظام القائم.
وتأتي هذه الأزمة في ظلِّ السياسة الأمريكية لمكافحة ما يسمونه بالإرهاب وتحجيم النفوذ الإيراني في الدول العربية، وهذا ما يفسر الاهتمام الأمريكي بتداعيات الأزمة والدعوة للحفاظ على وحدة اليمن بشكلٍ عام، كما يفسر أيضًا سعي اليمن لاتهام إيران بدعم الحوثيين وإمدادهم بالمال والعتاد.
إن الخطورة التي تمثلها الأوضاع الحالية في اليمن هي "أنها تأتي في سياق أزمة عميقة تهدد وحدة الدولة، وخاصةً بعد تبلور مطالب "قوى الحراك الجنوبي"؛ حيث إن تضافر هذه التحديات وتتابعها، سوف يُكرِّس الانقسامات العرقية والمذهبية في الدولة، وهذا ما يتطلب تجنب الصدام والبحث عن تسويات سياسية.
ثالثًا: الشأن الدولي
تعثر السياسة الأمريكية في أفغانستان
جرت الانتخابات الرئاسية الأفغانية في ظل تزايد المعارك بين حركة طالبان وبين الوجود الأمريكي الذي يسعى لتكوين حكومة مدنية موالية لواشنطن، وهذه ليست المرة الأولى التي تتبع فيها الولايات المتحدة هذا الأسلوب كوسيلةٍ لإعادة تشكيل المجتمعات الإسلامية فمنذ احتلال القوات الأمريكية وحلفائها لأفغانستان، سعت إلى العمل على محورين؛ الأول هو تفكيك القدرات العسكرية لحركة طالبان، والثاني هو السعي لإعادة تكوين النظام السياسي للدولة على أسس جديدة تخدم مصالح أمريكا في المنطقة وتحقق أهدافها البعيدة فيها.
وعلى هذا الأساس جرت الانتخابات الرئاسية كمحاولةٍ لتجديد الحكومة الأفغانية، غير أن إجراءها هذه المرة يكتسب أهميةً خاصةً باعتبارها اختبارًا لفاعلية الإستراتيجية الأمريكية الجديدة ومدى قدرتها على القضاء على طالبان وبناء نظام سياسي مدني في ظل التدهور الأمني والاقتصادي الذي تشهده البلاد في المرحلة الحالية.
ولا شك أن سعي الولايات المتحدة لإعادة تشكيل المجتمع الأفغاني وفق القيم الغربية، لا يواجه فقط التحديات الأمنية التي تشكلها حركة طالبان، ولكن معها أيضًا التحديات النابعة من قيم المجتمع الإسلامية وتعثر سياسات التنمية، وكذلك المشكلات السياسية والإدارية التي تعاني منها البلاد، ومن جهةٍ أخرى يبدو واضحًا أن الجانب الأمني والعسكري في السياسة الأمريكية تتراجع فاعليته وتأثيره في الشئون الأفغانية، وخاصةً بعد إخفاق هذه الانتخابات الأخيرة في زيادة التأييد الشعبي للحكومة الأفغانية (الأمريكية الصنع).
المصدر
- تقرير:قراءة في أحداث الأسبوعإخوان أون لاين