علم ما في قلوبكم فأثابكم فتحا قريبا .. عبدالوهاب عمارة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
علم ما في قلوبكم فأثابكم فتحا قريبا .. عبدالوهاب عمارة

بتاريخ : الخميس 16 يناير 2014

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيد المرسلين , وبعد

بدايةً دعونا نتفق علي أن المدبِّر لثورات الربيع العربي والحامي لها هو مالك هذا الملك الله جل جلاله . فما كانت من تدبير الشباب ولا أي قوة سياسية , وليس هذا نكرانا لدور الشباب ؛ بل هو اعتراف بفضل الله علينا فهو المتفضل أولا وآخرا {.. وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ } (آل عمران : 126) فالنصر بكل أشكاله مرده إلي الله , وليس لأحد في ذلك منة . فالملك ملكه والأمر أمره { لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ }(آل عمران :128) {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (هود : 123) {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (يوسف : 21)

ومن أسماء الله الحسنى : القيوم وهو القائم بتدبير أمور الخلق وتدبير العالم بجميع أحواله .

  • ودعونا نتفق ثانية أن الإخوان المسلمون لهم تاريخ نضالي مشرف فقد كانوا ولا زالوا أكبر قوة مناهضة لظلم الحكومات والأنظمة علي مر الزمان وعلي سبيل المثال مساندة الإخوان لاستقلال القضاء وقد تم القبض وقتها علي الدكتور محمد مرسى .

وضحوا - في زمن ندرت فيه التضحية- بأموالهم وأرواحهم وأعمالهم غير متطلعين لمنصب أو مكسب فقد حُرموا من كل المناصب صغيرها وكبيرها ..

وقدَّر الله للإخوان المسلمون أن يخوضوا انتخابات مجلس الشعب عام 2010م -بالرغم من انتقادات كثير من القوى السياسية وقتها إن لم يكن جميعها - والتي كانت من أكبر أسباب تعرية النظام وقيام الثورة .

فبتقدير الله كان الإخوان سببا من أسباب تفجير الثورة .

  • ولما كانت دعوات التظاهر في الخامس والعشرين من يناير كان القرار عدم نزول الإخوان كجماعة وترك الحرية لأفراد الجماعة في النزول ؛ حتى لا يُقال علي الثورة أنها من صنع الإخوان والجماعات الإرهابية . ولنتخيل لو كان الداعون لهذه الثورة هم جماعة الإخوان؟!

لأجهضت الثورة في مهدها , بمباركة دول الشرق والغرب , وبمساندة إعلام العار بممارسة هوايته في الكذب والتضليل , ويصوِّر للداخل والخارج أنه تم السيطرة علي مجموعات إرهابية للجماعة المحظورة كانت تخطط لقلب نظام الحكم عمالة للعدو الصهيوني . ويتغنَّى عليهم تسلم الأيادي .

ويأتي تدبير الله للإخوان في حماية الثورة يوم موقعة الجمل .

ويشهد العدو قبل الصديق بأنه لولا أن سخَّر الله شباب الإخوان يوم موقعة الجمل بصدورهم العارية وصمودهم لفشلت الثورة , وشهدوا ببسالتهم في حماية المؤسسات والكنائس في اللجان الشعبية بعد إحداث الانفلات الأمني .

ومع ذلك تعالت الأصوات بأن الإخوان ركبوا الثورة وأنهم الجماعة المحظوظة .

وأن الثورة لم يكن للإخوان عليها من يد إلا أنهم المستفيد الوحيد منها , سَفَهًا بغير علم .

  • ولأن الإخوان يعتمدون التغيير السلمي الذي عمادة العقيدة الراسخة المحفزة للسلوك الإيجابي وإيثار الصالح العام انحاز الإخوان إلي المسار الديمقراطي , فاختاروا الانتخابات أولا فكان مجلس الشعب وثقة الشعب في الإسلاميين عموما وهذا ما أرَّق أعداء الثورة في الداخل والخارج ,ولأنهم الأكثرية كان من الطبيعي أن يشكِّلوا حكومة ؛ لكن رئيس الوزراء وقتها الدكتور كمال الجنزوري هدَّد رئيس مجلس الشعب الدكتور سعد الكتاتني بحلِّ المجلس , ونفذ تهديده بعد ذلك .

وما تشاءون إلا أن يشاء الله : وبَدَا للمتأمِّل أنهم يدبِّرون لانقلاب ناعم علي الثورة بفوز مرشح فلولي يعيد نظام مبارك بشخوصه , وبَدَا بعد ذلك جليا في الإطاحة بخيرت الشاطر وأبوإسماعيل , فكان قرار الإخوان في خوض انتخابات الرئاسة خوفا من سرقة الثورة وعودة نظام مبارك .

وتأمل جيدا أن أي حزب سياسي إن أراد مصلحته الخاصة لا يحمل همّ ومسؤولية بلد محروق بعد نظام ترك البلد متآكلا ووصل الفساد إلي نخاعه ولكنهم رأوا ذلك واجبا وطنيا وشرعيا فهم أكبر قوة متماسكة منظمة في البلد .

وتكالب الأعداء وساندهم الأصدقاء في اتهامات الإخوان ومرشحهم , وكان تقدير الله بنجاح الدكتور مرسي .

واضْطُروا إلي القبول به رئيسا لحين إسقاطه . وبالفعل جُيِّشت الجيوش من الإعلام والنخبة والمنظمات وكل مؤسسات الدولة من جيش وشرطة وقضاء

والدولة العميقة لحرب وإسقاط الرئيس , وبالفعل سحروا أعين الناس وخدعوهم مرة بما أسموه أخونة الدولة ومرة أخرى ببيع الأهرامات وسيناء

وبما قالوا عنه حكم المرشد كذبا وبهتانا .

وضيقوا عليهم في معاشهم بالأزمات المفتعلة في الكهرباء والوقود والأمن والمرور حتى قال الناس : ولا يوم من أيامك يا أبو علاء .

  • وحاولوا الانقلاب أكثر من مرة ؛ يوم تشييع جنازة الجنود , ويوم أحداث الاتحادية , حتى جاء الانقلاب راكبا مظاهرات 30 يونيو التى خرجت تطالب بانتخابات رئاسية مبكرة ؛ فكان اعتصام الإخوان في رابعة وغيرها وقدموا آلاف الشهداء وآلاف الجرحى وآلاف المعتقلين من شباب وقيادات وعلماء الأمة وقد صدَّعوا رءوسنا أن القيادات يجلسون في المكيفات يخدعون ويضحون بالأفراد , فرد عليهم قدر الله باستشهاد أسماء البلتاجي وابن فضيلة المرشد وغيرهم من القيادات وذويهم - تقبلهم الله في الشهداء -.

وتمر بالإخوان أصعب محنة علي مر التاريخ ؛ فحرِّقت الجثث وقُتِّلوا تقتيلا , بأبشع الطرق , واعتقلت النساء والفتيات وتم سحلهن والتحرش بهن وتعذيبهن , وقتلت العجائز بلا أدنى رحمة , وبأيدي من ؟!! بأيدي خير أجناد الأرض ؛ القوات الخاصة والصاعقة في مواجهة الفتيات العزل سلاحهن أربعة أصابع .

وصودرت الأموال وحُلَّت الجماعة وأعلنوها جماعة إرهابية . وعاد النظام الذي ثُرنا عليه في 25 يناير بشخوصه في نفس الثوب القديم . يحذفون 25 يناير ويمجدون في 30 يونيو .

لكن إرادة الله هي النافذة , لتكون ثورة إسلامية , صنَّاعها وحماتها الإخوان والجماعات الإسلامية ومن معهم من الأحرار , وفي المقدمة النساء والفتيات .

فأبشروا إن الله يأبي إلا أن تكونوا حماة دينه وشريعته , ومجددي الإسلام في هذا القرن , فتحيى الحضارة الإسلامية علي أيديكم ,فلعل الله علم ما في قلوبكم فابتلاكم ليثيبكم فتحا قريبا علي صدق نياتكم ,ومنافع كثيرة ما كنتم لتحصوا عليها لولا تدبير الله ,ويكون التطهير الشامل ويحق الله الحق علي أيديكم {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ * وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} (الأنفال : 5-8)

أحبابي إنها سنة الله في كل عصر ومصر التدبير والتمكين لأهل الحق وحاملين رايته , والخزي والهلاك والبوار للخائنين المفسدين {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ *هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ * وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ * وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} (آل عمران : 137-143)

وعجبا لحال هذا الرئيس الذي قالوا عنه استبن وضعيف ويأخذ التعليمات من مكتب الإرشاد . أصبح بحق زعيما للأمة وذكره الطيب علي كل لسان وحبه في كل قلب , وأرادوا أن يحاكموه فحاكمهم فما الذي بينك وبين ربك حتى يمنحك كل هذا ؟؟!!

وعجبا لأمر الانقلابين ما الذي بينهم وبين الله حتى يفعل بهم كل هذا فلعنتهم علي كل لسان وآلاف الشهداء والجرحى دماؤهم في رقابهم وآلاف الأيتام والثكالى والأرامل قلوبهم مكلومة على ذويهم , وأيديهم مرفوعة لرب الأرض والسماء وقد التهبت حناجرهم يدعون عليهم , وقد رفعوا مظلمتهم لمحكمة العدل الإلهية قاضيها الملك العدل الذي لا يظلم عنده أحد ويحكم بعلمه الذي لا يخفي عليه مثقال ذرة . نعم هو يمهل لكنه لا يهمل .

فما هي إلا صبر ساعة بعدها يكون الفرج والفلاح {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }( آل عمران : 200)

والحمد لله رب العالمين {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ*وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ*وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الصافات :180-181)

عبدالوهاب عمارة

إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف

المصدر