عامر شماخ يكتب: هل يمكن تحقيق مصالحة؟!

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
عامر شماخ يكتب: هل يمكن تحقيق مصالحة؟!

بتاريخ : الخميس 04 سبتمبر 2014

ما بين أحلام وطنيين مخلصين يبغون السلام والاستقرار للبلاد والعباد، وواقع مرير تغشاه آلام آلاف الضحايا والمعذبين.. يُطرح هذا السؤال: هل يمكن أن تتحقق مصالحة مصرية؟! وقبل الإجابة عن هذا السؤال الملحِّ يجب إعادة النظر فى النقاط الآتية:

1- لا يختلف اثنان على وجوب الصلح، وتطهير ذات البين؛ لما أمر به الكتاب والسنة، ولما تعارف عليه الآدميون من حب السلام والعيش فى جماعات متعارفة متوافقة، وكراهية الشقاق والخصام، والحروب والتارات..

فما ورد فى الكتاب وشاع على ألسنة الناس: {والصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]، {وأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ولا تَنسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237]، {فَاتَّقُوا اللَّهَ وأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: 1]، وغيرها كثير فى الكتاب المجيد. وفى السنة المشرفة أبواب بكاملها للصلح، أشهر أحاديثها: «.. وخيرهما الذى يبدأ بالسلام».

2- كما لا يختلف اثنان على أن أولى أولويات «الأمن القومى» هى «السلم الاجتماعى» و«تأمين الجبهة الداخلية» ما يجعل هذا الأمر -أى أمر المصالحة الوطنية- حتمًا وضرورة، لا يرفضها إلا كل متآمر يبغى الفساد فى الأرض، بأن تظل الساحة ملتهبة والفتنة مشتعلة،

حتى إذا ووجهت البلاد بكارثة من الكوارث أو بحرب من الحروب، فهى -فى هذه الحالة- تواجه كارثتين اثنتين، أو تحارب على جبهتين مختلفتين؛ الجبهة المباشرة،

حربًا أو كارثة، والجبهة غير المباشرة المتمثلة فى محاولة إخماد الفتنة أو السيطرة على (المعارضة) أو قتال (العدو الافتراضى) الذى اصطنعته لحاجة فى نفسها، واستعملته فزاعة ثم لا تستطيع التعاطى معه الآن كما كانت تفعل من قبل.

3- ويعلم الجميع أن حربًا لا هوادة فيها، ولا خلاق، شنت على تيار بعينه، أعنى التيار الإسلامى، الذى فاز بغالبية أصوات الشعب فى عدة استحقاقات انتخابية..

لا لشىء إلا لأن له معتقدات لا تروق لعصبة النظام العالمى الجديد، الذين عينوا وكلاء لهم فى بلادنا، فقاموا بتنفيذ ما أملته عليهم تلك العصابة بالحرف، معتمدين فى تلك الحرب «القذرة» على كل وسائل القوة والعنف والتسلط، والكذب والوقيعة والخداع..

فلم ينج ممثلو التيار الإسلامى من حصار هؤلاء وهؤلاء، فكانت النتيجة ذلك الانقلاب الدموى الغادر الذى رأينا مشاهده المخزية منذ عام مضى وحتى الآن.

4- لقد نتج عن هذا الانقلاب، الذى لم يطل التيار الإسلامى وحده، بل طال ثورة بيضاء مجيدة قام بها الشعب المصرى كله، بشتى فئاته، فى 25 يناير 2011، فقد تم -بأوامر العسكر وتحت قصف الدبابات والطائرات- سحق الديمقراطية.

ووأد الحرية وإلغاء ما يعرف بـ «حقوق الإنسان» وعادت البلاد أكثر من خمسين سنة إلى الوراء، وسادت قيم سلبية مقيتة مثل الخوف والأثرة والكذب، والمجاهرة بالمعصية وتشويه الصالحين، وغيرها.

5- ولكى يثبّت هذا الانقلاب أركانه، فقد كان على قادته أن يرتكبوا المذابح وأن يأتوا البشائع وأن ينكلوا بكل خصم ومعارض لكيلا ينحاز إليهم أحد أو بتعاطف معهم حر أو ينتفض من أجلهم وطنى غيور.. فقتل فى تلك المذابح آلاف المصريين، من أبناء وبنات هذا الشعب، وأصيب أضعافهم، وسجن عشرات الألوف، وطورد مثلهم واغتصبت البنات.

وصودرت الأموال، ولفقت القضايا بالافتراء والزور، بل صدرت أحكام بالإعدام لمئات المصريين، فضلا عما طال هؤلاء من تشويه السمعة، وتهديد أبنائهم وبناتهم بالقتل والحرق وهتك عوراتهم وإثارة روعاتهم.

6- ومن خلال معرفتى بالإخوان المسلمين، فإنهم لا يمكن أن يكونوا ضد المصالحة، لما يعلمون من كتاب الله وسنة رسوله، ولما عُرفوا به من محبة أوطانهم..

غير أنهم لا يعترفون ولا يستجيبون لمصالحة منقوصة أو (مفروضة بقوة السلاح) سواء كانوا طرفًا فيها أو كانوا حكامًا أو شاهدين عليها.. وحسب ما أعلمه فإن كل مبادرات الصلح - التى سمع بها الإخوان من خلال وسائل الإعلام - كانت اجتهادات مخلصين، أو مبادرات مدفوعين (من الطرف الآخر) من أجل قبول (الأمر الواقع!!) والرضا بالعيش (كما يعيش باقى الخلق!!)، وأن كل ما سيقدمه العسكر هو الإفراج عن المعتقلين، وإعادة الطلبة المفصولين، ورد الأموال المصادرة، وإلغاء أوامر الضبط والإحـضار.. إلـخ،

وهـذا – بالطبع - لا يرضى الإخوان ولا المضارين من (محنة الانقلاب)، بل يثير حفيظتهم، بل ربما شكك بعض أعضاء الجماعة فيمن يتبنون تلك المبادرات، لما يلمسونه من عدم تقديرهم لحجم الخسائر التى لحقت بالأرواح والأنفس والأموال، بل بالخسارة العظمى التى لحقت بالوطن.

7- لا علم لنا حتى الآن أن الطرف المعتدى والذى أشاع الفوضى وقسّم المجتمع وخلق العداوة بين الجيش وشعبه.. قد سعى لهذه المصالحة، بل لم نعلم أن لديه نية لذلك، فى القريب أو البعيد، بل كثير من المواقف والتصريحات الصادرة عن هذا الطرف تتحدث بلسان البطر وغمط الناس، ولا حديث لهم إلا عن «محاربة الإرهاب» مهما كانت تكلفة هذه الحرب من أرواح وممتلكات _حسب ما صدر عنهم.

8- يمكن أن تتحقق المصالحة - بعد العرض السابق - فى حالة واحدة، هى أن تنفذ العدالة كاملة فيمن تسبب فى تلك الخصومة العظيمة، وفيمن أسال الدماء، وفيمن أفسد الحياة السياسية، وفيمن، وفيمن... وهذه -لعمرى- أحلام أناس طيبين.. ثانيًا: من سيقوم بهذا الأمر؟! ومن سيعطى إشارة البدء؟ ومن سيقبل تطبيق العدالة على نفسه؟!..

إن هذا لا يكون إلا إذا قام «دكر!!» بالدور نفسه الذى قام به قائد الانقلاب «الدكر!!» مع السيد الدكتور محمد مرسى.. وقتها ربما تحققت المصالحة.

المصدر