عامر شماخ يكتب: الإخوان لا يعقدون الصفقات ولا يعرفون المساومات

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
عامر شماخ يكتب: الإخوان لا يعقدون الصفقات ولا يعرفون المساومات

31-03-2012

يردّد البعض هذه الأيام مقولة: إن الغاية عند الإخوان تبرر الوسيلة، وإنهم دائمًا يعقدون الصفقات، ويسلكون طريق المساومات.. ويدللون على رأيهم بأن ثمة صفقة تمت عقب الثورة بين الجماعة من ناحية والمجلس العسكري من ناحية أخرى، حصل الإخوان بمقتضاها على العديد من المكاسب لصالحهم، وأنهم لما اختلفوا مع المجلس مؤخرًا صاروا يضغطون عليه ويساومونه على مكاسب أخرى تضرُّ الوطن وتعطِّل مصالح المواطنين.

وهذا كلام متناقض غير منطقي، يردده هؤلاء الناس بلا دليل، ويشيعونه بلا أدنى بينة، وينطبق على قائله المثل المشهور: "رمتني بدائها وانسلّت"؛ فالإخوان أكبر من أن يقدموا التنازلات، وأطهر من أن يقعوا في الشبهات، وأذكى من أن يشاركوا فى المساومات؛ لعلمهم أن هؤلاء جميعًا عمرهم الدعوي أو السياسي قصير، ولو أن الغاية عند الإخوان تبرر الوسيلة لانكشفوا، ولصاروا أثرًا بعد عين، لكنهم موجودون للآن بقوة، بل يزدادون عددًا وعدة يومًا بعد يوم.

لقد قال هؤلاء على الإمام البنا إنه شيوعي، فلما لم يصدقهم أحد قالوا إنه عميل أمريكي، وقالوا أيضًا إنه عميل للقصر، ومعلوم أن كل هذه الأنباء الكاذبة ما هي إلا شائعات، غرضها إحداث بلبلة في صف الجماعة، وصرف الناس عن الفكرة الإسلامية، وتقويض كيان دعوي وسياسي قوي؛ بالطعن في قادته والتشكيك في مبادئه وأصوله.

فلم يُعرف عن الإخوان يومًا أنهم ساوموا حاكمًا أو محكومًا، أو قدموا تنازلاً لفلان أو علان من الناس، أو عقدوا اتفاقًا في الخفاء، بل عُرفوا بالتجرد لدينهم ودعوتهم، وعُرفوا بالصمود أمام الباطل، فهم لا يخافون أحدًا إلا الله، ولو أنهم (يصفقون أو يساومون) ما تعرَّضوا لما تعرَّضوا له من إيذاء على مدار عقود، ولقد خُيّروا- في عهد انقلاب 1952م- بين أن يكونوا وزراء، أو يقبعوا في السجون، فاختاروا الأخيرة حفاظًا على دينهم وشعورًا بمسئولياتهم تجاه دعوتهم.

لقد عدّ البعض انسحاب الإخوان مثلاً من أمام النظام البائد في بعض الدوائر في انتخابات 2010 صفقةً مع النظام، ولم يذكر هؤلاء عنف هذا النظام وغشمه، وعدم تردّده في فعل أي شيء في مقابل حوز أكبر عدد من المقاعد، وقد جهلوا أيضًا أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وإذا كان هذا السلوك في زمن صعب يسمى "صفقة"؛ فهل نعتبر ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب بعرض ثلث ثمار المدينة على الكفار أيضًا صفقة؟ وأن الغاية عنده صلى الله عليه وسلم تبرر الوسيلة؟!

وإن المخفي في علاقة الإخوان بالمجلس العسكري أكبر بكثير جدًّا من الظاهر، والإخوان يتعاملون في تلك المرحلة التاريخية الحساسة بحذر شديد، وحكمة بالغة، ويلتمسون الأعذار دون أن يخدعهم أحد، كل هذا من أجل مصلحة بلدهم التي تسبق دائمًا مصالحهم الخاصة، ولسوف يثبت التاريخ صدق ما نقول، وأن الإخوان يعيشون هذه الأيام في قلق وهمٍّ؛ ليس خوفًا على مصالحهم كما يدَّعي البعض، وإنما خوفًا على مستقبل مصر الذى يتناوشه منافقو الداخل وأعداء الخارج.

إن هناك سؤالاً واحدًا أرجو أن يجيب عنه من يتهمون الإخوان بهذه التهمة: إذا كانت ثمة صفقات بين الجماعة والأنظمة الحاكمة، فلماذا كانت تلجأ تلك الأنظمة دائمًا إلى الفتك بالإخوان وتخريب ممتلكاتهم؟! ألا فليعلم هؤلاء أن الخلاف الرئيس بين الإخوان وباقي القوى السياسية والدعوية الموجودة على الساحة أن الإخوان حتى الآن لم يقدموا تنازلاً واحدًا، ولم يرضوا لأنفسهم يومًا الدنية في دينهم، ولو سمح قادتهم- لا قدر الله- بهذا السلوك ما سمحت قاعدتهم وهي عريضة ومتماسكة به.

المصدر