صواريخ القسام.. هل تصبح بديلاً للعمليات الاستشهادية؟!
بقلم: سمير سعيد
مع تراجع عدد العمليات الاستشهادية برزت على الساحة الفلسطينية مؤخرًا ظاهرةٌ باتت تشكِّل "خطرًا أمنيًا"، كما وصفها الصهاينة أنفسهم، وهي ظاهرة صواريخ المقاومة "العابرة للمغتصبات"، وأيضا للجدار الواقي والمعابر والأكمنة العسكرية، أي بمعنى أوضح "العابرة لكافة المعوقات التي تعترض سبيل الاستشهاديين".
هذه الظاهرة ليست جديدة، ولكن الجديد فيها هو الكثافة والتنوع والتطور؛ حيث الكثافة في عدد ما تطلقه فصائل المقاومة، والتنوع من حيث أسماء هذه الصواريخ وأسماء الفصائل التي صنعتها وأطلقتها ما بين "قسام1-2-3" لكتائب عز الدين القسام و"الأقصى 1-2" لكتائب شهداء الأقصى و"ناصر1-2- 3" لألوية الناصر صلاح الدين و"السرايا" و"شهداء جنين" و"قدس1-2" لسرايا القدس.
وقد شكل الصاروخ "ناصر- 3" - الذي طورته ألوية الناصر صلاح الدين- طفرةً في صناعة الصواريخ الفلسطينية؛ حيث بات قادرًا على حمل رأس متفجر يتراوح بين13:10 كجم، بعد أن كان لا يتجاوز 5 كجم في صاروخ (ناصر2)، بالإضافة إلى تطوير آلية القوة الدافعة، مع تعديل في أحجام ومقاسات الصاروخ، بما يزيد من المسافات التي يقطعها، مما يعني أن العديد من المغتصبات الصهيونية الكبيرة والصغيرة باتت في مرمى هذه الصواريخ.
- وتطلق قوات الاحتلال الصهيوني على جميع الصواريخ التي تستهدف مغتصباتها ومدنها صواريخ القسام ؛ لأن كتائب عز الدين القسام- الجناح العسكري لحركة (حماس)- كان لها الفضل الأول في تطوير جيلين من هذه الصواريخ التي يصل مداها إلى 12 كم، وهو ما حدا بالمسئولين العسكريين الصهاينة إلى إطلاق اسم "القسام" على كافة الصواريخ بما فيها صاروخ "ناصر-3"، الذي أُعلن عنه مؤخرًا.. هذا وقد شكلت صواريخ "القسام" على مدى الانتفاضة المصدر الأول لإزعاج قوات الاحتلال، جنبًا إلى جنب مع العمليات الاستشهادية؛ وذلك لعدة أسباب:
- - أنه لا يمكن رصده بالأقمار الصناعية، وبالتالي انعدام فرصة التحذير منه؛ حيث لا يستغرق تجميعه بضع دقائق.
- - انعدام فرصة التصدي لـ"قسام-3"؛ حيث لا يستغرق وصوله إلى المدن الصهيونية سوى عدة ثوان.
- - قدرة (قسام-2) على الوصول لعدة مدن صهيونية في حالة إطلاقه من الضفة الغربية.
ورغم بدائية الصواريخ- التي يصنعها أبطال الانتفاضة منزليًّا- فإن أثرها على العدو واضحٌ وجليٌّ؛ حيث تم تسجيل نسبة عالية من هروب المغتصبين اليهود من المغتصبات التي يتم إطلاق هذه الصواريخ عليها، وينتشر الذعر في المغتصبات المجاورة.
قالوا عن القسام
- وصاروخ مثل القسام تصفه الـ times البريطانية بأنه: الصاروخ البدائي الذي قد يغير الشرق الأوسط، وتصفه الـ CNN الأمريكية بأنه الورقة الشرسة في الشرق الأوسط، وتقول مراسلة الـ CNN إن الأمر "غير واضح".. كيف يمكن لهذه الصواريخ البدائية أن تؤثر في التوازن العسكري الإسرائيلي (الصهيوني) الفلسطيني، وتجعل هذه القوة العالية تقف عاجزةً بلا حيلة؟!
- ما الـ BBC فتقول بأنه نقلةٌ إستراتيجيةٌ تنخر في القوة العسكرية الإسرائيلية (الصهيونية) الفائقة.. أما بن أليعازر- وزير الدفاع الصهيوني السابق- فيقول: إنه مستوى جديد من التهديد، وحذرت مجلة "تايم" الأمريكية- منذ عامين ونصف- من خطورة صاروخ (قسام- 2)؛ حيث حذَّرت من قدرة صواريخ القسام على تغيير المنطقة.
- وحقَّق الجناح العسكري لحركة (حماس) سبقًا تلو الآخر منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر2000 م على صعيد تصنيع الأسلحة والمواد القتالية وتطويرها، رغم إغلاق قوات الاحتلال كل المنافذ المتاحة للتزود بالمواد الأساسية والذخائر اللازمة، وتسعى المقاومة الفلسطينية إلى تعويض النقص الذي تعانيه قدراتها التسلحية من خلال ابتكار وسائل بديلة مضمونة الفعالية.
- كما نجحت (حماس) في تصنيع بندقية صغيرة من طرازٍ شبيهٍ بالبندقية الصهيونية المسماة "عوزي"، واستخدمتها بنجاح، لدرجة أن تجار الأسلحة- الذين يزودون المقاومين الفلسطينيين بالأسلحة- أطلقوا عليها اسم (عوزي حماس)، ومن النقلات النوعية التي تحققت في هذا الاتجاه تطوير كواتم الصوت وقذائف "الأنيرجا"، كما ابتكر مهندسو المقاومة ، على الرغم من ضعف الوسائل والإمكانات، مستفيدين من الهواتف النقالة لتشكيل دائرة كهربائية تتيح تفجير الصاعق عن بُعد بمجرد طلب رقم هاتف العبوة، إلى جانب تغيير أشكال العبوات والتي أُطلق عليها (العبوات الذكية).
- وبينما كان امتلاك الهاون حلمًا للمقاومة الفلسطينية الناشطة في ظل الاحتلال الصهيوني فقد جاء تطوير صواريخ (القسام) و(البنا) و(البتار) على يد مهندسي كتائب عز الدين القسام قفزةً تجاوزت كل التوقعات، ولم يؤد اغتيال قادة ومهندسي حركة حماس كصلاح شحادة والرنتيسي وياسين وغيرهم إلى توقف الابتكار الفلسطيني المقاوم، فقد تمكن مهندسو "القسام" من تصنيع قنابل يدوية من البلاستيك والحديد، شدة انفجارها أقوى من قنابل (الملز) "وإف 1"، وتم تطوير قاذف لهذه القنابل، اعتمادًا على تقنية قاذف القنابل المسيلة للدموع، ويصل مدى القنبلة المقذوفة إلى نحو150 مترًا، وتعتبر صناعة الصواريخ- خصوصًا سلسة قسام (3،2،1)- من أكثر الصناعات العسكرية المحلية التي أثارت قلق الدولة العبرية.
"البنا" قاهر الميركافا
- وينظر الخبراء الصهاينة بقلق إلى تطور كفاءة المقاومة الفلسطينية، من خلال الصواريخ المضادة للدروع مثل "البنا1" "والبنا 2" التي استُخدمت في صد أعمال التوغل التي تقوم بها قوات الاحتلال، وفي بعض العمليات الفدائية حين استخدمها المقاومون بديلاً لقاذفات "آر بي جي" التي لا يوجد في القطاع سوى عدد محدود جدًّا منها، والتي أصبحت تشكِّّل العدو الأول لأسطورة الجيش الصهيوني الدبابة "ميركافا- 3".
- وإلى جانب ما سبق هناك صاروخ "البتار" الذي ينصب على الأرض، ولا يُحمل على الكتف كصاروخ "البنا".. رغم أنه مضاد للدروع، ويتم تشغيله بواسطة جهاز للتحكم عن بُعد لحظة اقتراب الهدف منه، وينطلق على هيئة صواريخ "أرض- أرض" على ارتفاع يوازي الآليات والقوافل العسكرية، ويتميز هذا الصاروخ بقدرته الفائقة على الدقة في إصابة الأهداف, خصوصًا في مغتصبات قطاع غزة المحصنة بالدروع الواقية، ويصل مداه إلى نحو 1كم؛ مما يساعد على ضرب الأهداف بسهولة ويوفر للاستشهاديين فرصةَ الانسحاب إلى قواعدهم بسلام، والصاروخ عبارة عن أنبوبة طولها متر تقريبًا، وقطرها 6 بوصات، بداخلها مقذوف صاروخي يشبه قذيفة "آر بي جي" لكنه أكثر قوةً في اختراق الهدف.
- ودفعت أعمال التطوير المفاجئة في تقنيات المقاومة هذه "روني دانيئيل"- المتحدث في القناة الثانية في التلفزيون "الصهيوني"- إلى القول "يبدو أننا خسرنا في صراع الأدمغة في مواجهة حماس"، ونقل "دانيئيل" عن لسان قائد كبير في المخابرات العامة "الصهيونية" قوله: "إن أخطر ما في عمليات التفجير التي تمت أنها تتم دون أن تكون هناك حاجة إلى استشهاديين".
- وينظر العسكريون الصهاينة إلى صواريخ المقاومة على أنها خطر أمني من الطراز الأول لعدة أسباب، منها:
- - تطور يهدد مستقبل التسلط الصهيوني في فلسطين؛ حيث تسببت في خلوِّ وحدات سكنية كبيرة من بعض المغتصبات الصهيونية.
- - أنها تشكل حرب استنزاف؛ حيث بقاء حالة الاستنفار الأمني والعسكري داخل الدولة الصهيونية.
- - أحدثت حالةً من الخلخلة داخل المجتمع الصهيوني؛ حيث انعدام الأمن والأمان.
- - تعد أحد أسباب زيادة الهجرة العكسية.
إن وصول الصناعات العسكرية الفلسطينية التي تطورها المقاومة بإمكانياتها المتواضعة إلى هذا المستوى- الذي أثار إعجاب ودهشة الجميع بمن فيهم الصهاينة أنفسهم- إنما يدل على وجود نقلة نوعية في الأسلحة التي تستخدمها المقاومة الفلسطينية ، سواء من ناحية القدرة التدميرية أو المدى المؤثر؛ فـ(قسام-3) أبعد مدًى، وسوف يتبعه (قسام-4 و 5)، وكذلك صواريخ (ناصر والسرايا والأقصى) وغيرها, وهذا التطوير جاء استجابةً للنقلة النوعية في الأسلحة التي تستخدمها الدولة الصهيونية ضد الانتفاضة، مثل استخدام طائرات (إف-16)، والأباتشي؛ حيث لم يُستخدما من قبل ضد مدنيين في أي مكان.
المصدر: إخوان أون لاين