سقوط جميع الأقنعة عن بوش

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
سقوط جميع الأقنعة عن بوش
الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش.jpg


بقلم : عبد العال الباقوري

العاشق، كما يقولون، تفضحه عيونه، فالعين عاكسة لما في أعماق الإنسان.

وعلى النقيض من ذلك، نقيض العشق والعيون، إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش تفضحها أكاذيبها، أكاذيبها في عدوانها وغزوها واحتلالها للعراق.

هنا، توجد ترسانة من الأكاذيب والافتراءات ربما لم تعرفها أية عملية عدوانية في العصر الحديث، ربما باستثناء الأكذوبة العدوانية الصهيونية الكبرى عن أرض الميعاد، والأرض بلا شعب.

والغريب أن الجانبين ـ أي الصهاينة ورجال إدارة بوش ـ لا يحملون أية درجة من الخجل، حينما تنفضح أكاذيبهم التي لا تعدو أن تكون أسرارً مفضوحة. ومع مضي ما يزيد على أربع سنوات على غزو العراق واحتلاله فإن أكاذيب إدارة بوش لا تزال تتساقط كأوراق الخريف، بحيث أصبحت الحقائق عادية والأهداف مكشوفة.

وكأن أيلول (سبتمبر) الحالي وبحق شهر العراق حدثاً وحديثاً.. كأن الجميع في داخل العراق وفي خارجه، في داخل الإدارة الأميركية وفي خارجها، من داخل الولايات المتحدة ككل ومن خارجها، كأن الجميع يترقبون «تقرير الموسم» ـ أي تقرير الجنرال بترايوس والسفير كروكر ـ وقد أجاد الإعلام الأميركي ـ كعادته ـ اللعبة، وقدم فصولاً مشوقة من داخل لجان الكونغرس لتقرير الموسم.

ولكن هذا «العرض» أو «الشو» الإعلامي لم يستطع أن يحجب الحقائق التي تجري على أرض العراق، والتي تصنعها القوة التي تجاهلها بترايوس وكروكر أي المقاومة، الحقيقة الكبرى فوق أرض العراق، والتي صنعت ولا تزال كل ما يجري على أرض الرافدين، وحولها، في الإقليم العربي وفي الإقليم الذي يسمونه الشرق الأوسط.

أما حديث «القائد الكبير» و«الدبلوماسي الكبير» فلم يكن أكثر من هامش عابر.

ولكن هذا الهامش أعاد إلى الذاكرة فصلاً مماثلاً جرى أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي في الرابع من شباط (فبراير) 2004، أي بعد حوالي عام من غزو العراق واحتلاله.

وهو عام تساقط فيه كثير من الأكاذيب التي تحدث بها بوش ورجاله وادعوا أنها كانت دوافعهم لما سموه «تحرير العراق» (وما هو بتحرير بل استرقاق واستعباد، ولن يطول).

في ذلك اليوم، أي الرابع من شباط (فبراير) 2004 ، وقف دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأميركي عندئذ يتحدث عن فرضيات تفسر من وجهة نظره عدم العثور على أسلحة دمار شامل في العراق ، طوال عام كامل وتلاعب الرجل بالكلمات والوقائع بشكل مفضوح وأورد افتراضاته على النحو التالي:

  • ربما لم تكن (أسلحة الدمار الشامل) موجودة مع بداية الحرب
  • كان العراق يملك هذه الأسلحة ولكنها نقلت كلياً أو جزئياً إلى دولة أخرى أو أكثر
  • الأسلحة كانت موجودة ولكنها فككت وأخفيت في أنحاء متفرقة من العراق.
  • الأسلحة دمرت في فترة ما قبل الحرب.
  • العراق امتلك كميات محددة من العناصر الكيميائية والبيولوجية «ولديه قدرات كبيرة للبناء السريع، ربما نعثر عليها».
  • امتلاك هذه الأسلحة لغز من جانب العراقيين. إما أن صدام حسين خدع الجميع وجعلهم يعتقدون أنه يمتلكها أو أن شبه خدعه وجعله يعتقد أن لديه إمكانات ليست موجودة في الأصل.

(نقلاً عن «إمبراطورية المحافظين الجدد» للأستاذ وليد شميط).

[هل هناك استخفاف أو تلاعب بالعقول أكثر من هذا؟].

خاصة وأن الكلام على لسان وزير دفاع أقوى دولة في العالم وأمام لجنة من أهم اللجان البرلمانية في العالم.

ولكن هذا لم يمنع السيد دونالد رامسفيلد من أن يسجل على نفسه وعلى إدارته مثل هذه التقولات، التي دفعت السناتور إدوارد كنيدي إلى أن ينبهه إلى أن تصريحاته قبل الحرب كانت عكس هذا، إذ كان رامسفيلد يقول: «نحن نعرف أين هي» أي مواقع أسلحة الدمار الشامل العراقية، ولم يتلعثم رامسفيلد كثيراً ولا طويلاً، بل قال إنه كان يقصد مواقع الأسلحة المشتبهة فيها.

وليته وقف عن هذا الحد بل سعى إلى طلاء أكذوبته بقوله: «أنا متأكد أني من وقت إلى آخر أقول شيئاً عندما أسترجعه أتمنى لو لم أقله»!!

أدع جانباً أية مقارنة بين كلام رامسفيلد هذا وتقريري بترايوس وكروكر، وانتقل لما هو أهم، مما افتضح واتضح بالتزامن مع تقريري الأخيرين، ومما يقدم اعترافاً من الطراز الثقيل حول أكذوبة أسلحة الدمار الشامل، التي يمكن أن نسميها ونحن مطمئنون «الأكذوبة الكبرى» أكذوبة الأكاذيب.

فقبل 3 أيام فقط من مشهد قبول صاحبي التقريرين أمام لجان الكونغرس خرج ضابطان كبيران عملا سابقاً في «الاستخبارات المركزية الأميركية» بحقيقة من الوزن الثقيل جداً، وقال إن الرئيس جورج بوش «علم بما لا يدع مجالاً للشك بعدم وجود أسلحة دمار شامل في العراق»، قبل بدء العدوان في العشرين من آذار ( مارس ) 2003 .

ولكن بوش كما قال الضابطان الكبيران ـ رفض تلك المعلومات الموثقة «التي اختفت بعد ذلك، من جميع التقارير الرسمية، لم تعرض على الكونغرس، أو كبار قادة الجيش الأميركي أو الحكومة البريطانية».

قد لا يكون في هذا الاعتراف جديد بالنسبة للمحللين السياسيين العرب، أو بعضهم على الأقل.

ولكن هذا قيل من الجانب العربي تخميناً، واعتماداً على سوابق السياسة الأميركية في الوطن العربي وخطواتها منذ الحرب العالمية الثانية.

والجديد هنا، هو الاعتراف من جانب مصدر أميركي.

وهو اعتراف له قيمة كبرى في كشف وفضح النيات العدوانية الأميركية تجاه العراق ، ومن إدانة جميع الأطراف ـ خاصة العربية ـ التي تقلبت وصدقت ادعاءات بوش حول أسلحة الدمار الكاذب، لا الشامل.

وهذا الاعتراف سيعيد فتح ملفات كثيرة حول غزو العراق واحتلاله، منها مثلاً ملفات أجهزة الاستخبارات الأميركية، خاصة وأن فيها أصداء من هذا الاعتراف الأخير.

مما يذكر هنا أن جورج تينيت مدير وكالة الاستخبارات الأميركية قال في خطاب ألقاه في جامعة أميركية في شباط ( فبراير ) 2004 إن محللي جهازه «لم يقولوا قط إن العراق يمثل خطراً حتمياً وشيكاً» (أرجو أن تذكر أكذوبة أقرب وهي التي وردت على لسان توني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق من أن صدام حسين تكفيه 45 دقيقة لتحريك ما عنده من أسلحة دمار شامل!!).

ومن المعروف أن «تينيت» الذي استقال من منصبه في حزيران ( يونيو ) 2004 ، قد أصدر مذكراته، وتمت ترجمتها إلى العربية بعنوان «في قلب العاصفة» وفيها يضيف أبعاد أخرى تفضح أكذوبة بوش الكبرى، إذ قرر «لقد أخطأنا في كثير من تحليلاتنا المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل».

وأضاف «تينت» اعترافاً بالخطأ: «ربما كان يجدر بي الضرب على الطاولة بمزيد من القوة. لكن دعوني أكن واضحاً: أنا لست من الأشخاص الذين يقولون الآن، بعد إدراك متأخر عالي الدقة «لو أنهم أصغوا إلي لما كنا وقعنا في هذه الورطة» فأنا لم أعارض القرار الذي اتخذه الرئيس بغزو العراق، فمثل هذه القرارات يقع على عاتق صناع السياسة، وليس على المسؤولين في أجهزة الاستخبارات» ألا نتذكر هنا كتاب «ثمن الولاء» الذي أصدره «بول أونيل» وزير الخزانة الذي استقال من إدارة بوش، والذي ذكر أن الرئيس الأميركي رأس من 10 كانون الثاني (يناير) 2001 اجتماعاً لمجلس الأمن القومي وفيه أعلن أنه وضع جانباً كل ما يتعلق بعملية «السلام» بين العرب وإسرائيل.

وأنه سيركز على العراق وضرورة غزوه عسكرياً كان هذا قبل 9 أشهر من واقعة 11 أيلول ( سبتمبر ).

ويقول «وليد شميط» في كتابه الذي سلفت الإشارة إليه، إن كتاب «بول أونيل» كشف عن وجود خطة أميركية ـ قبل الغزو الفعلي ـ لتحديد مصير العراق بعد صدام حسين ، وخطة لتحديد مصير البترول العراقي بعد أن تضع أميركا يدها على العراق .

إنه البترول، إذن. سر الأسرار، ودافع الدوافع لغزو العراق واحتلاله.

أليس هذا ما أكده «ألان جرينسبان» رئيس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي) الأميركي السابق.

لقد أصدر مذكراته بعد أيام من تقرير بترايوس وكروكر.

وفي هذه المذكرات أشار إلى أن الإطاحة بصدام حسين كان هدفها: «تأمين إمدادات البترول العالمية» هذه حفنة استشهادات ووقائع لا تكشف فقط سياسات مضت، بل تحدد خطوات أميركية في وطننا من المحاضر والمستقبل... هل يمكن أن نرى هذا: نلمسه ونحسبه؟

لقد تساقطت جميع الأقنعة، وهي في الأصل مكشوفة، واليوم هل يمكن لصانع الأكاذيب الصغرى والكبرى أن يحقق خطوة حقيقية وصحيحة على «درب السلام» في المنطقة؟!.

المصدر