رائد صلاح: سأدخل الأقصى رغم أنف الصهاينة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
رائد صلاح: سأدخل الأقصى رغم أنف الصهاينة
06-08-2005


حوار- محمد هاني

- استثمرت فترة الاعتقال في قراءة القرآن وحفظه

- الحركة الإسلامية ستضاعف جهودها لحماية الأقصى

- الانسحاب الصهيوني من غزة سيحوِّل القطاع إلى سجنٍ كبير

- [[التاريخ يؤكد انقسام المجتمع الصهيوني من الداخل أبد الدهر]]

بعد اعتقالٍ دام أكثر من عامين في سجون الاحتلال الصهيوني عاد الشيخ رائد صلاح- رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة عام 48- بإصرارٍ وعزيمةٍ أكبر لكشف كل ما يُحاك ضد المسجد الأقصى المبارك.

وفي حواره مع (إخوان أون لاين) أكد الشيخ أنه سوف يدخل المسجد الأقصى إذا وجد أنَّ هناك ضرورةً شرعيةً مُلحَّةً لدخوله دون إذن من الصهاينة الذين قرروا منعه من الذهاب إليه، وأوضح أنَّ الانسحاب الصهيوني الأحادي الجانب من غزة سيحوِّل القطاع إلى سجن كبير، وسيكثف الاحتلال في الضفة الغربية، وإلى تفاصيل الحوار :

  • سنتان وشهران منذ اعتقالك ليلة 13/5/2003م كيف تلخص هذه الفترة؟
لا أبالغ إذا قلت إنها كانت خَلوةً مباركةً مع الله تعالى، اجتهدتُ خلالها أن أستثمر ساعات النهار والليل بالعبادة والدعاء والاستغفار وقراءة القرآن وحفظ بعض سورِه، وقراءة عشرات الكتب والمجلدات التي تتناول قضايا التفسير القرآني والتاريخ والفكر والفقه والأدب وعلوم اللغة العربية.
واجتهدت خلال هذه الساعات أن أسجل بعض الخواطر والذكريات التي سأنشرها لاحقًا، واجتهدت أن أكتب عشرات القصائد الشعرية التي واجهتُ من خلالها الظلمَ الأمريكي في جوانتنامو والعراق والاستبداد الصهيوني في :الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك وتواصل هذا الاستبداد في النقب والجليل والمثلث والمدن الساحلية (عكا وحيفا ويافا واللد والرملة)؛ ولذلك كانت آخر قصيدة لي بعنوان (رسالة مفتوحة إلى..) تناولت من خلالها جعجعات ليبرمان، وسأجتهد أن أنشر هذه القصائد لاحقًا.
وخلال كل هذا التواصل من العبادة والقراءة والكتابة اجتهدتُ أن أحافظَ على متابعة كل المستجدات على صعيدنا المحلي وعلى الصعيد الفلسطيني والعربي والإسلامي والعالمي عبر الصحف اليومية والأسبوعية وعبر بعض القنوات التلفزيونية، ولم أنسَ أن آخذ قسطًا من أداء بعض التمارين الرياضية ولعبة كرة السلة، فإنَّ لبدنك عليك حقًّا، باختصار اجتهدت أن أصنع من السجن نعمةً يَفهم بواسطتها كل ظالم أنَّ السجن هو آخر ما يُخيفنا.
  • رغم اعتراضك واعتراض المحامين على طلب النيابة منعَك من دخول القدس والأقصى لمدة أربعة أشهر بعد الإفراج إلا أنَّ قاضي لجنة الثلث- التابعة لمصلحة السجون الصهيونية- أقرَّ طلب النيابة في المنع.. فما رأيك في ذلك؟
بدايةً أؤكد أنَّ هذا أمر احترازي ظالم وقبيح ويجسِّد الاضطهاد الديني والقهر السياسي، وواضح جدًّا أنَّ هذا الأمر الاحترازي يحمل رسالةً لنا مفادُها أنَّ المؤسسة تريد أن تقول لنا إنكم لن تتمكنوا من دخول المسجد الأقصى المبارك إلا بإذنٍ منا؛ ولذلك نرى من الضروري أن نقول إنَّ المسجد الأقصى المبارك هو حقٌّ إسلاميٌّ عربيٌّ فلسطينيٌّ خالص، ولا يوجد للمجتمع الصهيوني أي حق ولو في ذرة تراب من المسجد الأقصى، وأرى من الواجب أن أقول إنني إذا وجدت أنَّ هناك ضرورةً شرعيةً ملحَّةً لدخول المسجد الأقصى فسأدخله دون إذن أحد، ولو كان غدًا أو بعد أسبوع أو بعد شهر، وهذا الأمر الاحترازي- إضافةً لكل ذلك- بات يؤكد لكل إنسان عاقل أنَّ الأقصى في خطر وأنَّ الخطر يزداد عليه يومًا بعد يوم.
هذه التهديدات من جهاز المخابرات الصهيوني تكشف بشكلٍ أوضح عن صيغة العلاقة التي لا تزال تُصِر عليها المؤسسة الصهيونية مع الحركة الإسلامية ومع وسطنا العربي بشكلٍ عام، فهي علاقةٌ قامت على التهديد في السنوات الماضية ضد مجتمعنا العربي الفلسطيني عامةً وضد الحركة الإسلامية خاصةً، ولا تزال المؤسسة الصهيونية تصر على هذه العلاقة.. لذلك أرسلت رسائل تهديد كثيرة قبيل خروجي من السجن بأيام عندما عُقدت لجنة الثلث بخصوصي.
مباشرةً في نفس الليلة صدر بيان عن الأجهزة الأمنية أن الحركة الإسلامية لم تتعلم الدرس، وما زالت على علاقات مع شخصيات خارجة عن القانون الصهيوني.. هذا تهديد مكشوف.. أيضًا في نفس اليوم فَرضت عليَّ لجنة الثلث ذلك الأمر القبيح وهو منعي من الدخول إلى القدس الشريف والمسجد الأقصى لمدة أربعة أشهر إلا إذا حصلت على موافقة من قائد منطقة القدس.. هذا تهديد واضح.. ثم جاء التحقيق مع الدكتور سليمان إغبارية، وكانت رسالة تهديد مفادها أن الحركة الإسلامية إذا أصرت على قولها (الأقصى في خطر) فهي أمام متاعب شديدة، ثم جاء التحقيق مع الشيخ كمال خطيب قبل عدة أيام، عادوا إلى نفس الرسالة التي قالوها للدكتور سليمان، فهي في الحقيقة سلسلة تهديدات ولكن كما قلناها: إن ظنوا أنهم سيهددوننا في السجون فإن آخر ما نخاف منه هو السجون.
واضح جدًّا أنها ليست تصريحاتٍ مزاجيةً فرديةً عن أحد رجال المخابرات، هذه إستراتيجية قامت منذ نكبة :فلسطين، وما زالوا يصرون عليها.. الهدف منها عملية حشر جماهيرنا العربية عامةً- بما في ذلك أبناء
الحركة الإسلامية- في دائرة خوف متواصل؛ حتى يُقتل من تفكيرهم وبرامج حياتهم شيءٌ اسمه المصلحة العامة.
  • في السنتين الأخيرتين تكررت التحذيرات الصادرة عن المؤسسات الأمنية المختلفة- وخاصةً جهاز المخابرات- من إمكانية قيام جهات يهودية متطرفة بالاعتداء على المسجد الأقصى، إما عبر صاروخ أو طائرة دون طيار أو غير ذلك.. كيف تنظر إلى ذلك؟
هذا سؤال مهم جدًّا؛ ولذلك يجب ألا تنطلي علينا أي خدعة من المؤسسة الصهيونية؛ إذ إن مصدر الخطر الأساسي الذي يتهدد المسجد الأقصى هي المؤسسة الصهيونية، فهي التي تصر على مواصلة احتلال
المسجد الأقصى، وهي التي تصر على فرض سيطرتها عليه بقوة السلاح، وهي التي تتحكَّم في كل أبوابه فتمنع من تشاء منَّا وتأذن لمن تشاء دخول المسجد الأقصى، وهي التي باتت تصدر أوامر طوارئ لمنع مَن تشاء منا دخول :المسجد الأقصى لأشهر وسنوات، وهي التي لا تزال تطالب بتقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود، كما فرضت تقسيمها الاحتلالي على المسجد الإبراهيمي في الخليل، وهي التي فرضت سطوتَها على حائط البراق، وهي التي رعت وموَّلت كل مشاريع الحفريات تحت حرم المسجد الأقصى!!
باختصار هي صاحبة ملف الاعتداءات الذي كان ولا زال متواصلاً على المسجد الأقصى، ولو كانت جادةً بتحذيراتها لبادرت إلى اعتقال أو تحديد تحرك هذه الجهات اليهودية المتطرفة!!
وإن المراقب الراشد يدرك بشكلٍ مكشوفٍ أنها باتت تستغل إطلاق هذه التحذيرات لمضاعفة قواتها في المسجد الأقصى وتركيب أكبر عدد من آلات التصوير على أبواب المسجد الأقصى ، وبسط نفوذها الاحتلالي بلا حدود.
  • ما أجندة عملك الإسلامي بعد خروجك من السجن؟
كانت الحركة الإسلامية قبل دخولنا السجن وستبقى بعد الخروج من السجن، ولكن بمضاعفة جهودها، بزيادة عدد مؤسساتها بإصرارٍ أكثرَ على مواقفها؛ خدمةً لجماهيرنا العربية الفلسطينية في الداخل، وخدمةً لشعبنا الفلسطيني لقضية القدس والمسجد الأقصى ولقضية المقدسات عامةً، والتواصل مع الأمة الإسلامية والعالم العربي والحاضر الإنساني حتى نجهر بالحق؛ حتى نكشف عن وجه الباطل، لا نخاف في الله لومة لائم.. هذه ستبقى سياسةَ عملنا بإذن الله.
  • كيف تنظرون إلى خطة الانسحاب من قطاع غزة وشمال الضفة، وما تأثيرها على مستقبل القدس والمسجد الأقصى؟
الانسحاب الأحادي الجانب من غزة هو ليس شيئًا مستقلاًّ، بل هو جزءٌ من شبكة أحداث ترابطت مع بعض، بمعنى أن المؤسسة الصهيونية أعلنت عن استعدادها للانسحاب الأحادي الجانب من غزة ولكنها في نفس الوقت أرسلت رسالةً عبر قنواتها المباشرة وعبر القناة الأمريكية أنًَّ الاتجاه الإسلامي في قطاع غزة وفي الضفة الغربية اتجاه إرهابي، وسيجعل مصداقية الانتخابات الفلسطينية على كفِّ عفريت، وهو مرفوض بهذا المعنى، فهذا تزامن مع موضوع الانسحاب، وكأنَّ هناك إيحاءً بفصل طرف كبير من الشعب الفلسطيني عن كل المجتمع الفلسطيني، وهذا تدخل قبيح وإلغاءٌ لشرعية قطاع كبير من المجتمع الفلسطيني.
في نفس الوقت المؤسسة الصهيونية باتت تعلن وتنفذ أنها ستكثف الاحتلال في الضفة الغربية ، وستمارس بشكلٍ مكثفٍ سياسة صهينة القدس، وستواصل بناء جدار فصل عنصري، يقطع المجتمع الفلسطيني إلى إرب وشظايا، وإلى قواطع جغرافية محطمة وموزعة، وفي نفس الوقت كما نعلم باتت المؤسسة الصهيونية تهدد بأنها صاحبة السيادة على المسجد الأقصى وبأنها.. وبأنها، كل ذلك يدعوني أن أقول إنَّ الانسحاب من قطاع غزة على ضوء كل ما قلت له نتيجةٌ واحدةٌ.. أنه سيحوِل قطاع غزة إلى سجن كبير ليس إلاَّ.
  • هل تتوقع في ظل معارضة المغتصبين الصهاينة لخطة الانسحاب أن يؤدي ذلك إلى حدوث مواجهات داخلية في المجتمع الصهيوني؟
الذي يقرأ تاريخ بني إسرائيل في الماضي منذ عهود قديمة يجد أنَّ مرحلةَ تصادمٍ ما بين مصالح دنيوية وما بين قناعات دينية- كانت تحدث في الماضي- أدَّت إلى حروب أهلية في حركة التاريخ الماضي لبني إسرائيل، وأدَّت إلى انقسامات، وأدت إلى حروب طاحنة، وأدت إلى ما أدت إليه لمَن يقرأ التاريخ سيعرف ذلك بتفصيلاته؛ لذلك لا أستبعد أنَّ التوترات الموجودة في المجتمع الصهيوني قد تؤول إلى اقتتال داخلي وحرب أهلية ما بين أنصار التمسك بالمصلحة "الدينية" وبين أنصار التمسك بالمصلحة السياسية.
  • البعض أكد أنكم تنوون كتابة مذكراتكم عن السجن بعد 26 شهرًا من الاعتقال، فهل سنرى تلك المذكرات؟
بإذن الله.. وأسأل الله أن يُتاح لي الأمر خلال خمسة أشهر إن شاء الله، لن يكون أكثر، سيظهر الكتاب، وحقيقةً ما زلت مترددًا في كتابته بأسلوب ذكريات عاطفية كما كانت أم أضيف بُعدًا تحليليًّا على تلك الذكريات.. هناك دراسة مع بعض الإخوة، وخاصةً مع مركز الدراسات المعاصرة ومؤسسة صوت الحق والحرية، ولكننا سنحسم الأمر قريبًا.

المصدر