د. حبيب: الحوار مع الأحزاب فرصة لتبادل الآراء والأفكار

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
د. حبيب: الحوار مع الأحزاب فرصة لتبادل الآراء والأفكار

[01-09-2004]

مقدمة

الدكتور محمد حبيب

- التحديات التي تواجهنا تستلزم تضافر كافة الجهود

- سعينا مع الأحزاب وسنمد أيديَنا للأحزاب الباقية

حوار: محمد الشريف

ما إن أعلن الإخوان عن رغبتهم في تحريك مياه الحياة السياسية الراكدة؛ بالإعلان عن حوار مع الأحزاب لإيجاد أجندة إصلاحية مشتركة إلا وخرجت الأقلام والكتابات، بعضها مؤيد والآخر معارض لجهود الإخوان، إلا أنه يبقى الأمر أن الإخوان استطاعوا أن يؤكدوا أنهم فصيلٌ أكثر تأثيرًا في الحياة السياسية، ويمتلك رغبةً ورؤيةً جادَّةً للإصلاح.

ووسط هذه الأجواء أثير الكثير من التساؤلات، وفُجِّرت العديد من القضايا حول أسباب هذا الحوار.. ولماذا أُعلن عنه في هذا الوقت بالذات؟ وماذا يهدف الإخوان من وراء هذا الحوار؟! تقابلنا مع الدكتور محمد السيد حبيب- النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين- ليجيب لنا عن هذه التساؤلات وغيرها من القضايا التي أثير حولها كثير من اللَّغط.. فإلى تفاصيل الحوار:


نص الحوار

  • في البداية نريد أن نتعرف على رؤية الإخوان تجاه الحوار مع الأطراف السياسية الأخرى؟
الحوار والتواصل مع الأطراف السياسية المختلفة يعتبر من ثوابت الإخوان، وهم يفعلون ذلك من منطلق التعاون على البر والتقوى، وما يعود بالخير على البلاد والعباد، وعمومًا هناك اتفاق عام حول مسألة الحريات العامة، وإيقاف العمل بقانون الطوارئ، وإلغاء القوانين الاستثنائية الموسومة بأنها سيئة السمعة، وإجراء انتخابات حرة نزيهة تشرف عليها لجنةٌ قضائيةٌ مستقلةٌ إشرافًا كاملاً تبدأ بتنقية جداول الناخبين وتنتهي بالفرز وإعلان النتائج بحيث تعبر بحق وصدق عن إرادة الشعب.


فائدة الحوار

د. نعمان،أ.عاكف (في لقاء سابق)
  • في تقديرك هل تَعتبر أن الحوار مع الأحزاب يمكن أن ينتج عنه فائدة؟
لقاءات الإخوان مع الوفد والناصري والتجمع مفيدةٌ لكل الأطراف وللعمل السياسي ككل؛ فهي أولاً: فرصة لتبادل الآراء والأفكار حول قضية الإصلاح وخاصةً الإصلاح السياسي في مصر، ويهمني في هذا الصدد أن أؤكد على أن هناك قواسم مشتركة بين الجميع من أحزاب وقوى سياسية ووطنية، ويمكن أن تكون هذه القواسم منطلقًا لعمل سياسي حقيقي في مصر إذا صدق العزم.
والأهم من ذلك الاتفاق على آليات وأولويات الإصلاح، وهل نبدأ بكل عناصره دفعةً واحدةً؟ أم بعنصر عنصر على التوالي؟ وهل نبدأ بحزمة محددة ثم نتبعها بحزمة أخرى؟ وما هي هذه الحزمة؟ لقد طرحنا أفكارنا على قيادات الأحزاب سالفة الذكر، وتركنا لهم فرصة التفكير والدراسة مع أحزابهم، وسوف تكون هناك لقاءات أخرى إن شاء الله.
وثانيًا: هي فرصة مهمة أيضًا للإجابة على بعض الاستفسارات والتساؤلات المثارة من قِبَل هذه الأحزاب حول رؤية الإخوان عن الديمقراطية، والتعددية السياسية، والمرأة، والأقباط، وتطبيق الشريعة، إلخ إلخ.. نعم لقد طرحنا رؤيتنا عن هذه القضايا من قبل، لكن يبدو أن الأمرَ يحتاج إلى مزيدٍ من الإيضاح.. أما ما يخص موقف كل حزب فلا شك أن لكل موقفه، ولكل رؤاه وتصوراته، لقد كان موقف كل من الوفد والناصري إيجابيًّا إلى أقصى درجة، أما التجمع فالأمر يحتاج معه إلى لقاءات أخرى.
  • هل تم الاتفاق على أجنة محددة، خاصةً وأن هناك من يشكك في حصاد هذه اللقاءات؟
قيادات الأحزاب الثلاثة متفقةٌ معنا على ضرورة التنسيق في قضية الإصلاح السياسي، وخاصةً مسألة الحريات العامة؛ حيث إن الركود والجمود السياسي الذي تعانيه مصر خلقَ وضعًا مأزومًا، وألقى بظلاله السيئة على قضايا التخلف العلمي والتقني والحضاري بوجه عام، وعلى دور مصر الحيوي والحضاري والإستراتيجي بالنسبة لقضايا العروبة والإسلام بوجه خاص، غير أن الوفد والناصري متفقان على الآلية، ولا يزال التجمع يفكر ويحتاج إلى بعض الوقت.. عمومًا نحن طرحنا فكرة تكوين لجنة تحضيرية تضم ممثلاً عن كل من الإخوان والوفد والناصري والتجمع لمشروع مبدئي حول أولويات الإصلاح وآلياته، وذلك عبر لجنة تتكون من خمسين عضوًا، أطلقنا عليها لجنة الخمسين للإصلاح الوطني، تضم ممثلين عن الإخوان والوفد والناصري والتجمع والعمل والأحرار والشيوعيين والمستقلين، والفكرة ما زالت- بشكل عام- قيدَ البحث من قِبَل الأحزاب الثلاثة الوفد والناصري والتجمع.


وقت الحوار

  • لماذا الحوار في الوقت الراهن؟ وهل هناك رابط بين هذا الحوار وبين مبادرة الإصلاح التي طرحها الإخوان؟!
التحديات التي تواجهها مصر والأمة العربية والإسلامية تستلزم تضافر كافة الجهود وتكاتف كل القوى.. فنحن أمام هجمة صهيوأمريكية شرسة تهدف إلى السيطرة على بلادنا، ونهب ثرواتنا، والتدخل في شئوننا، وفرض الوصاية علينا، والعودة بنا إلى عهود الانتداب من جديد، هناك مشروع الشرق الأوسط الأوسع الذي يستهدف تركيع الأمة وسلخها من خصوصيتها الثقافية، وطمس ميراثها الحضاري.. هناك هجمة تستهدف تفكيك المنطقة وإعادة رسم خريطتها من جديد.
ومن هنا كان لا بد أن يتواصل الحوار مع كافة القوى السياسية والوطنية لمحاولة الوقوف أمام هذه الهجمات، ولا شكَّ أن مبادرة الإصلاح التي تقدم بها الإخوان في 3/3/2004م تمثِّل مشروعًا حضاريًّا لنهضة مصر وتقدمها؛ إذ نحن نعتقد أن مصر هي القاطرة التي يمكن أن تشدَّ من خلفها العالمَ العربيَّ والإسلامي، وبنهضتها سوف ينهض العالم العربي والإسلامي، وتتعلق مبادرة الإخوان بالإصلاح الشامل، والإصلاح السياسي جزءٌ مهمٌّ منه، بل هو المدخل الرئيسي لكافة أنواع الإصلاح، ويأتي الحوار ليؤكد حرصَنا على ضرورة تحقيق ما جاء في المبادرة.
  • بعد الإعلان عن زيارة الإخوان لحزب الوفد اعتبرت بعضُ الأقلام أن هذا التحرك خطوةٌ للتنسيق في الانتخابات البرلمانية القادمة 2005م.. فما رأيكم؟
الحوار يستهدف إيجاد تنسيق وتعاون أو تحالفات من أي نوع بخصوص الانتخابات القادمة.. نحن نستهدف من الحوار عدةَ أمور: إحداها إجراء انتخابات حرة نزيهة تتسق وكرامة وسمعة مصر.. انتخابات تليق بهذا الشعب الطيب.. انتخابات تكون بدايةً لنهضة مصر وتقدمها ورقيِّها، فلسنا أقلَّ من البلاد التي تركب الأفيال.
  • ما تقييمكم للحوار في ظل سعي الوفد لطرح نفسه كبديل سياسي، أو العداء المستمر من جانب حزب التجمع؟!
الحوار مطلوب لإحداث التقارب في وجهات النظر تجاه علاج حالة الاحتقان الموجودة والأوضاع المأزومة في البلد، وفي ظل الحزبية والسياسية من حق أي حزب أن يطرح نفسه وبرامجه على الشعب، ونحن لا نُنكر على حزب الوفد سعيَه للوصول للحكم، والكلمة الحاسمة في هذا الشأن للشعب، فهو صاحب الحق في الاختيار.
وأما ما يتعلق بالعَداء المستمر من جانب حزب التجمع، فنحن لا نحظر عليه أن يقول فينا رأيَه، سواء في ممارستنا ومواقفنا، أو في رؤيتنا تجاه القضايا العامة.. هو حرٌّ في أن يقول ما يريد، وليس لدينا حساسية أو حرج في أن نسمع، ومن جانبنا نحن على استعداد أن نناقشَهم ونحاورهم في أية قضية مطروحة.
إن الإخوان المسلمين يمثِّلون فصيلاً سياسيًّا شعبيًّا، امتداده وعمقه في الشارع المصري كلِّه، ولا يوجد لديهم ما يخشَون منه، ففكرتُهم سليمةٌ، ومنهجهم طاهر، ومقصدهم نبيل.
  • رغم تفاؤل البعض بنجاح هذه الحوارات إلا أن هناك من يشكك في مصير هذه الجهود.. فماذا عن احتمالات نجاحها؟!
نحن نبذل أقصى ما بوسعنا من طاقة وجهد، ونحاول أن نعيد إلى الشعب ثقتَه في العمل السياسي، ونمد أيديَنا لكل القوى السياسية والوطنية، آملين أن نجمع الناس على كلمة سواء.. نحن نجمع ولا نفرق، نبني ولا نهدم، نتقدم ولا نحجم، نثبُت ولا نتردد، نحن لدينا أملٌ كبيرٌ، والحمد لله أن اليأس لا يعرف طريقًا إلى قلوبنا.
  • سعي الإخوان للحوار سيطر على الساحة السياسية.. هل اختزلت جهود الإخوان الإصلاحية في هذا التحرك فقط؟
الحوار مع الأحزاب والقوى السياسية والوطنية يمثل جزءًا من جهودنا بالنسبة للإصلاح السياسي، لكننا نقوم بأعمال أخرى غير الحوار، فنحن لدينا 15 نائبًا في البرلمان، وهؤلاء يؤدون دورهم على أفضل ما يكون، سواء داخل البرلمان أو خارجه، ويقومون بطرح رؤانا وأفكارنا تجاه القضايا المختلفة.. سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا.. ونحن نشارك أيضًا برموز كثيرة في إيقاظ الحس والوعي السياسي العام لدى الجماهير، عبر المؤتمرات والندوات والتصريحات والبيانات والنشرات.. إلخ إلخ.. نحن أيضًا نقوم بعمل دراسات وبحوث في القضايا المختلفة.
  • هل يقبل الإخوان أن يقوموا بهذا الدور؟ أي تستخدمهم الأحزاب في تحقيق مصالحها ومكاسبها!!
كل الأطراف مستفيدة لا شكَّ، حتى الحزب الوطني- إن هو فتح الباب للحوار المثمر والبنَّاء- "ويثاب المرء رغم أنفه"، وأية خطوة على الطريق الصحيح سوف تكون في مصلحة مصر التي تهمُّنا جميعًا؛ حتى تستطيع أن تتبوأ مكانتها وتقوم بدورها المنشود على مستوى العالم العربي والإسلامي.
  • هل تعتقد أن حوار الإخوان مع الأحزاب خطوةٌ تُحرك حالةَ الركود والجمود السياسي في مصر.. رغم أن هناك من يؤمن أن التغيير والإصلاح ورقةٌ لا يمكن أن يحرِّكَها غير النظام القائم؟
نعم.. إنَّ توحد الأحزاب والقوى السياسية والوطنية والحركة المستمرة الفاعلة سوف يعطي الأمل للشعب في الحياة الحزبية والسياسية عمومًا، وهو وحده- أي الشعب- الذي يملك ورقة الضغط الحقيقة على النظام القائم.
إن أي نظام في الدنيا لا يمكن أن يمنح لشعبه الحرية التي يحتاجها ما لم يتحرك هذا الشعب لتحقيق مطالبه.
  • بعد تأجيل أحزاب المعارضة التوقيعَ على وثيقة الإصلاح فيما بينها.. هل تتوقعون انضمام الإخوان إلى هذه الوثيقة؟
أي خطوة على الطريق الصحيح نحن معها ولن نتخلَّف عنها.. نحن ندعو إلى آليةٍ واضحةٍ ومحددةٍ لتحقيق الإصلاح، ونأمل أن تضع الأحزاب والقوى السياسية والوطنية ذلك في اعتبارها.

المصدر