خطوة "العناني" وخارطة الثورة!.. بقلم : حسن القباني

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
خطوة "العناني" وخارطة الثورة!.. بقلم : حسن القباني

بتاريخ : الجمعة 11 يوليو 2014

طالعنا باهتمام كبير مقال الدكتور خليل العناني الأخير ، "متي يأخذ الإخوان خطوة للخلف ؟" ، وهو مقال من المهم قرأته بمكان ، إذ يكشف عن الصورة الذهنية المشكلة عن الجماعة في عقلية المتابعين .

ويتطالب تواصلا خاصا مع الاكاديمين من أمثاله ، بطريقة لا تكشف أوراق الثوار في المعركة ولا تفقد الجماعة ما تسعي للحفاظ عليه في هذه المرحلة وما حققت من نقاط متقدمة ورؤيتها العامة.

ولنا معه وقفات عدة تحتفظ بمحبة الكاتب وتعلي محبة البحث عن الحقيقة ويبقي للإخوان تعليقهم عبر وسائلهم المعتادة .

اختصر الكاتب الحراك في مقدمة مقاله اختصارا مخلا بما تم من انجازات ثورية علي الارض ، شارك فيه جميع الثوار رفاقهم في الإخوان المسلمين ، في الداخل والخارج ، وهنا نقترح عليه قراءة دراسة المفكر القبطي الدكتور رفيق حبيب "هزائم الانقلاب انتصار للثوار" ومقالنا "ماذا حققت الثورة ضد الانقلاب؟" .

وخلط الكاتب بين حتمية التضحيات كمعادلة دينية وتاريخية ومنطقية للانتصار علي الباطل وبين لصق بكائيات الشيعة في كربلاء وبكائيات الصهاينة عند ما يسمي حائط المبكى بالإخوان بما يخالف الواقع المصري والفهم الاسلامي المعتدل ، كما اتهم الإخوان بتحويل التظاهر الي هدفا بحد ذاته واستمراء التنكيل والقتل، وكأن التضحية بمزاج الإخوان والمصريين.

إن التظاهر جزء مهم في الثورات ، والحراك له أشكال عدة من المقاومة السلمية المبدعة ، تمت ولازالت تتم ، ود.العناني بذاته رفض التخلي عنه في مقاله ولكنه نسي او تناسي اشكال العصيان المدني التي تمت في الشوراع والسجون والجامعات ، والمقاطعة القوية التي تمت بانجازات واضحة للمصريين جميعا ، وهناك 450 وسيلة لتجارب اللاعنف كتاب مفتوح أمام الثوار لازالوا يجتهدون في تجميعها معا ، وللتاريخ كلام كثير وفي الوقت لازال متسع لتحقيق تصعيد ثوري حاسم.

لقد عاب الكاتب علي الإخوان كذلك اعتماد سياسة "النفَس الطويل" و"الصمود الأسطوري" الذي أصبح غاية بحد ذاته بحسب قوله ، وكأنه يقول بمبدأ المعاكسة للإخوان : اجعلوها صفرية ، واحسموها بأي وسيلة في ساعات قليلة ، متجاهلا ان اعداء الثورة دبروا أمرهم منذ 11 فبراير 2011 علي جولات عدة وبصبر خبيث حتي يصلوا لانقلاب كامل في الثالث من يوليو 2013 ، فضلا عن أن تاريخ الثوارات مخالف ومناهض لمنطقه ، وفي انقلاب تشيلي الشرح والتفسير !.

المدهش أن د.العناني سقط في خطأ رصد بشع ، عندما قال : "لا يُعقل أن تستمر الجماعة فى تقديم التضحيات قرباناً للتنظيم وقياداته، وأن تتزايد دعوات الاستشهاد والموت على أنصال السياسة" ، متناسيا ان القيادات اول من دفعت من دمها ودم اولادها الثمن ، ولازالوا مع الجميع على عهد الشهيد يواصلون التحدي والمقاومة ، ومتجاهلا بل ومتناقضا مع الواقع التاريخي والنضالي للثورات التي تأخذ وقتا للنضج والتطوير للانجاز والحسم .

الكاتب نعت الإخوان في خضم حماسته بأوصاف قاسية غير مبررة أو مستندة لواقع ، سابحا في خيال كربلائي محض ، فهي رغم انها مبدعة في الصمود ، تعاني بحسب قوله "فقراً وضعفاً في الخيال، وجموداً في التفكير، وتعمل بحسب زعمه علي " تأصيل وتجذير الفكر التآمري وسيطرة العقل الدوغمائي على الجماعة، صفاً وقيادات".

ان التطوير داخل الجماعة في مصر كما هو مرصود داخليا يتم منذ اللحظة الاولي للانقلاب ، وتبوأ الشباب والمبدعين مسئوليات عدة ، وانتشرت مفاهيم النقد الذاتي في مستويات مهمة بالتوزاي مع المشاركة القوية في الحراك الثوري وتطويره ، وما يحتاج لسنة لا يمكن ان ينتهي في يوم ، وما تراكم يحتاج لوقت ، ولكن المحصلة وجود قناعات مبشرة وتطوير متتابع وخلق ايقونات مبدعة ستسفر عن نقلة حتمية للجماعة تقضي على سلبيات مضت وقراءات خاطئة ومسارات لم تتم وتجديد للدماء لم يكتمل.

الكاتب طرح في مقاله كذلك الرئيس محمد مرسي كأزمة وعقدة وقضية خاصة وليس كمفتاح للحل والخلاص وقضية وطن ، مخالفا بذلك الواقع والبعد الاكاديمي للمسألة والذي افاض فيه اكاديميين كالدكتور سيف عبد الفتاح والدكتور عصام عبد الشافي علي سبيل المثال ، ومناهضا للبعد الدستوري والقانوني للوضع الفعلي للسلطة الانقلابية الذي لا يوفر فيها عدم عودة مرسي ولو لساعات ناجزات اي تصحيح قانوني للجريمة التي تمت ويمكنه في ذلك مطالعة اراء الفقهاء كالدكتور محمد محسوب وقضاة من أجل مصر وجبهة استقلال القضاء أو غيرهم .

إن الإخوان ، عندما يدافعون عن الشرعية الدستورية وفي القلب منها الرئيس محمد مرسي ، مع باقي الثوار ، لا يدافعون عن قضية تنظيمة خاصة ، وانما يدافعون عن الديمقراطية في اوجها وتدوال السلطة في صميمه وحق الشعب في سلطته ، وبالتالي فتكرار جدلية مرسي والإخوان غير الدقيقة واللعب بها هو ضرب من المناكفات السياسية لا المعالجات الرصينة .

إن الاستخفاف والامتهان والاحتقار الذي يكال للإخوان المسلمين من قبل بعض القوي التي كانت موجودة في معسكر سهرة 30 يونيو ، لن يجلب أي تعاون معهم من جميع القوي الثورية وليس الإخوان فقط ، لغياب ميثاق شرف سياسي واضح معهم أو رؤية واضحة لديهم لطريقة كسر الانقلاب ، وليس العكس هو ما يحدث كما تخيل الكاتب .

وبالتالي فالثورة ماضية من أجل لاسترداد ثورة 25 يناير والمسار الديمقراطي الذي توقف عند الرئيس محمد مرسي في 2 يوليو 2013 وانقاذ مصر ، وليس من أجل شخص أو سلطة أو فصيل.

المقال تطرق كذلك الي استحضار الإخوان لفقه وأدبيات المحنة والابتلاء التي تحث على الصمود، في وقت المحن ، وهو أمر ليس عيبا ، بل هو فقه انساني عالمي قبل أن يكون سلوكا اسلاميا معتادا في هذه الأوقات .

ولكن الزعم بسيطرة ما اسمه الكاتب "استلهام المفاهيم الكربلائية للجماعة " أمر محض خيال ، ويكشف عن اعجاب الكاتب بالمناخ الكربائلي فحسب قد يكون ندرة المعلومات سببا فيه ، بسبب الظروف غير الطبيعية التي تعيشها مصر بعد الانقلاب العسكري، ولكن لا يسوغ لكاتب بحجمه أن يسبح في بحره دون قارب .

ولم يوفق الكاتب في تقدير موقف الجماعة من مسألة البقاء واسقاط الانقلاب ، فهو يكرر ذات المفهوم الذي كنا نسمعه منه في زمن المخلوع ، مفهوم التنظيم كعقبة العقبات وكأزمة الأزمات ، ولا يري ولو ضوءا بسيطا في نهاية الطريق تجعل التنظيم القوي للثوار سببا في تعجيل اسقاط الانقلاب ، فلا تعارض بين انهاء الباطل وتقوية صفوف أصحاب الحق ، فالاثنان متوزايان لا متعارضان.

إن السؤال الذي يطرح نفسه : ما هي الخطة الناجزة التي يستطيع العناني او غيره من المحبين للثورة والوطن والحق ، ان يطرحوها علي الثوار وفي القلب منهم الإخوان للحسم والانجاز؟

وهل هناك في العالم نخبة تفكر في سلق ثورة بهذا الشكل دون حتي قراءة بسيطة في مسار الثوارات ؟!

والا يكفينا خطأ الفرح بانهاء مقدمة ثورة 25 يناير في 18 يوما فقط؟!

المقال ظهر فيه صراع واضحا ، برأينا ، بين العاطفة والعقل لدي كاتبه ، ما بين الاعتراف بحق المصريين وفي القلب منهم الإخوان المسلمين في الثورة .

وما بين التأثر النفسي من توابع هذه الثورة وتضحياتها ، ما بين الرغبة في انهاء الوضع الظالم وبين الحرص علي عدم دفع فواتير ذلك التصحيح ، مابين قراءة عاطفية لموقع محمد مرسي في الحراك وبين قراءة دستورية واكاديمية لحتمية وجوده ولو كمفتاح لحل سريع وفوري لكسر الانقلاب.


  • منسق حركة صحفيون من أجل الإصلاح

المصدر