خبيرة عراقية: السطو الأمريكي وصل التعليم!!
[29-12-2004]
محتويات
مقدمه

سنقاوم فرض أي مناهج تستهدف هويتنا الإسلامية والعربية
نراهن على المقاومة الشعبية في صد الهجمة التغريبية لأبنائنا
المستقبل مليء بالمشكلات لكننا مصممون على النهوض بالتعليم العراقي
حوار: هاني المصري
التعليم العراقي ومؤسساته أصبحا مصابَين بشلل شبه كامل، كغيرهما من المؤسسات المدنية الخدمية في العراق؛ بسبب ما تعرضت له هذه المؤسسات من اعتداءات أمريكية وحشية، دمرت البنية الأساسية له، وأزهقت أرواح الآلاف، بل وأثرت بشكل خطير على مستقبل تنشئة الأجيال المقبلة.
والأمر هكذا فقد دار هذا الحوار- الذي لم تنقصه الصراحة- مع الدكتورة وصال محمد جابر الدوري- الخبيرة التعليمية بوزارة التعليم العراقي ورئيسة الوفد العراقي- التي التقاها موقع "إخوان أون لاين" في مؤتمر الملتقى العربي الثالث للتعريف بالقانون الدولي الإنساني، الذي اختتم أعماله بالقاهرة مؤخرًا.. فماذا قالت أيضًا؟!
نص الحوار
- نبدأ من الواقع التعليمي للمؤسسات التعليمية بالعراق..!!
- لا ينكر أحد أن الاضطراب يسود كل أرجاء العراق، ولكن هناك مناطق ما زالت العملية التعليمية مستمرةً بها، وذلك باستثناء مناطق الأحداث الساخنة، مثل الفلوجة والرمادي وسامراء، فهذه المناطق العملية التعليمية معطلة بها بصورة كاملة..!!
المناهج.. والتدخل
- وهل طرأت على المناهج العراقية تغيرات في ظل الاحتلال الأمريكي؟!
- لم يطرأ على المناهج العراقية أي تغير حتى الآن، سوى حذف مادة التربية الوطنية التي كانت تُدرَّس في عهد صدام وتُمجِّد النظام السابق.. أما العلوم الطبيعية والعلمية فهي ما زالت مستمرةً ولم يطرأ عليها أي تغيير.
- ولكن أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن تغير المناهج العراقية..!!
- لم يتدخل الأمريكيون حتى الآن في المناهج العراقية؛ لأنهم ما زالوا في المرحلة العسكرية، وهم متفرغون للجوانب العسكرية فقط.
- هل معنى ذلك أن لديكم قناعات بأن الأمريكيين لن يمسوا المناهج العراقية؟!
- بالطبع لا.. فنحن على علم بأن الأمريكيين سيحاولون السطو على التعليم العراقي بعد استقرار الأمور لهم؛ حتى يغيروا هوية الأجيال المقبلة، وإذا كانوا سطوا على الأراضي العراقية.. فما بالكم بالتعليم الذي يعد العصا السحرية في المجتمعات؟!
نقاوم ونرفض
- هل معنى ذلك أنكم ستستسلمون للمخططات الأمريكية؟
- نحن- كتربويين عراقيين- سنقاوم أي مناهج تستهدف هويتنا الإسلامية أو العربية، ولكن ليس ذلك بالكافي؛ ولذلك نحن نعَول على المقاومة الشعبية التي ستقف كصخرة كئود في وجه السطو الأمريكي على التعليم العراقي، فشعبنا شعب ذكي لن يترك الفرصة لهؤلاء الدخلاء أن يدمروا الأجيال القادمة، ولعل ما حدث في قضية العلم العراقي خير دليل على مدى قوة تأثير المقاومة الشعبية في تغير أي واقع لا يتماشى مع هويتنا وثوابتنا التي تنبعث من ثوابت الأمة.
- يتضح من كلامكم أنكم لا تعولون على الحكومة في صد أي هجمة أمريكية على التعليم..!!
- لا تورطني في إجابات تجعلني أدفع ثمنها وظيفتي أو حتى حياتي!!
- تحاول الولايات المتحدة الأمريكية فرض إصلاح تعليمي ضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير على الدول العربية.. فما موقفكم من ذلك؟!
- أنا- كتربوية عربية- أرفض بكل شدة أي مشروع إصلاحي يُفرض علينا من أي قوة خارجية، وليس معنى ذلك أننا نرفض اللحاق بالثورة المعلوماتية التي يعيشها الغرب، ولكن نأخذ منها ما يتماشى مع قيمنا الدينية والعربية، كما أنني أرفض التغريب الذي يستهدف مسخ عقولنا، ونحن في العراق سنقف- تربويين وشعبين- حائط صد ضد المخططات التغريبية.صوت المدافع يعلو!!
- وما موقفكم- كتربويين- من الاحتلال الأمريكي ومجاهدته؟!
- نحن- كتربويين بل ومثقفين عامة- ما زلنا صامتين؛ لأن صوت المدافع يعلو على أي صوت، وبالطبع كلنا نرفض الاحتلال، ولكن لا نملك من أمرنا شيئًا.. فنحن في انتظار هدوء الأوضاع، فدور المثقفين يبدأ مع صمت المدافع.
- ولكن ألا يعد ذلك تخاذلاً منكم؟!
- ليس ذلك تخاذلاً، بل كما قلت لك إننا نرفض بشدة بقاء الاحتلال على أراضينا، ولكن كلنا نشعر بعدم الأمان، فأنا لا أستطيع أن أسير في الشارع، كما لا أستطيع أن أذهب لعملي آمنةً، فالموت يحاصرنا في كل مكان.. فكيف يتسنى لنا أن نعلن عن مواقفنا في ظل هذه الظروف.
- بعيدًا عن تخصصاتكم التعليمية.. ما تقويمكم للمقاومة العراقية؟!
- المقاومة العراقية هي مقاومة شرعية ووطنية تحاول استرداد أراضي الوطن من الاحتلال الأمريكي الذي سطا على أراضينا، والكل يعلم أن الأمريكيين كان في استطاعتهم القبض على صدام دون تعريض شعب العراق لويلات الحرب، ولكن الأمريكيين يستهدفون خيرات العراق وبتروله، ولا بد أن يعلم العالم أن المقاومة العراقية الشريفة تستهدف الأمريكيين فقط، ولكن ما يحدث من خطف وذبح للرهائن بطريقة بشعة لا تمت للإسلام بصلة؛ فإن المقاومة العراقية الشريفة بريئة من هذه البشاعات، والذين يفعلون ذلك جاءوا مع الاحتلال لتشويه صورة المقاومة.
جريمة حرب في الفلوجة
- ما حدث بالفلوجة من جانب الأمريكيين لا يعد إلا جريمةَ حرب بكل المقاييس، وإن كان لديهم أدنى حسابات عقلية ما كانوا أقدموا على اجتياح الفلوجة؛ فالكل يعلم أن أهالي الفلوجة يتمتعون بالبدواة العربية الأصيلة والجراءة والشجاعة، كما أن الفلوجة من أكثر المدن العراقية تدينًا، ومن الأمور التي أشعلت نيران الثورة في هذه المدينة الباسلة ما قامت به قوات الاحتلال من مداهمة المساجد والعبث بها ومداهمة المنازل والاعتداء على حرمات النساء والأطفال، ولعل ما لحق بالقوات الأمريكية- من خسائر بشرية ومادية- لخير دليل على صمود أهالي المدينة الباسلة، وإن استهداف الأمريكيين للعراق لا يدل إلا على أن لديهم أهدافًا أكبر من الإطاحة بصدام، ولعل العالم تأكد من ذلك، ولكنه يقف موقف المتفرج.
مشاريع شهادة
- هل لو استمر الاحتلال ستستمرون على مواقفكم الحالية؟!
- لا بالطبع، نحن في انتظار الانتخابات المقبلة، وإن لم تنفِّذ أمريكا وعودَها بالرحيل عن بلادنا سنتحول جميعًا لمشاريع شهادة، فلن يرضى الشعب العراقي باستمرارية الاحتلال على أراضي الوطن.
- كيف تستقبلون انتفاضة الغضب التي تجتاح الجامعات والشارع المصري للتضامن مع قضيتكم؟!
- كل عراقي يعلم أن الشعب المصري دائمًا وأبدًا يبذل كل ما يملك للتضامن مع قضايا أمتنا العربية والإسلامية، وما يحدث منه ليس بجديد عليه، فالتاريخ يشهد للمصريين بتضحيات كبيرة؛ من أجل التضامن مع إخوانهم من الشعوب العربية، ونحن على يقين أننا إذا طلبنا من الشعوب العربية مساعدتنا من أجل طرد الأمريكيين فسيكون الشعب المصري أول من سيستجيب لنا، وكلنا تملأنا السعادة عندما تتناقل الفضائيات أخبار هذه التظاهرات، التي تؤكد للعالم أن الأمة ما زالت حيةً وعلى استعداد لبذل الغالي والنفيس.
المناهج العراقية
- قدمتِ إلى مصر من أجل حضور المؤتمر الخاص بالقانون الدولي الإنساني.. فهل تجدين جدوى من دمج مفاهيم هذا القانون بالمناهج العراقية الآن..؟!
- نحن نسعى لدمج هذه المفاهيم بمناهج مدارس الموهوبين فقط، وهي المدارس الوحيدة بالعراق التي يدرس بها أصحاب القدرات الخاصة والمتميزين في الجوانب العلمية والعقلية.
- هل معنى ذلك أن لديكم قناعات بأن الطلاب سيكون لديهم قبول لمفاهيم هذا القانون في ظل الاعتداءات الأمريكية على وطنهم؟!
- بالطبع لا؛ لأن الطلاب العراقيين يشعرون بأن العالم أصبح غابةً، تحكمه قوانين القوة، ولذلك لا يصلح تعميم تدريس مفاهيم هذا القانون على كل الطلاب على الأقل في الوقت الحالي؛ لأن ذلك سيكون له آثار نفسية خطيرة على هؤلاء الطلاب، فعندما يدرسون المفاهيم الأخلاقية للحروب ثم يقارنونها بالواقع الذي يعيشونه على أرض أوطانهم سيجدون أن هذه القوانين ما هي إلا حبرٌ على ورق، ولا واقع لها في عالمنا، وسيملكهم شعور بالذل والمهانة.
دور الحركات الطلابية

- ما دور الحركات الطلابية في مقاومة المحتل الأمريكي؟
- أولاً لا بد أن تعلم أن الحركة الطلابية شهدت على مدار حكم صدام كبتًا للحريات بصورة كاملة وكان لا يُسمح لها بأي عمل يخالف توجهات النظام، وبالطبع كان ذلك له أسوأ الأثر في انتشار السلبية بين هؤلاء الطلاب، ولكن ظهرت لديهم قدرات المواجهة مع استمرار الاحتلال بالأراضي العراقية.
- لقد قمت بالعمل مع مؤسسات إغاثية متعددة، ومنها الصليب الأحمر.. فما تقييمك لدور هذه المؤسسات في ظل الحرب الأمريكية على العراق؟!
- إن مرحلة الاحتلال جعلتنا نتعرف على هذه المؤسسات الإغاثية، وخاصة الصليب الأحمر عن قرب، ولا بد أن نعترف أن هذه المؤسسة لعبت دورًا كبيرًا في مساعدة الشعب العراقي، وخاصةً في المناطق التي شهدت أحداثًا ساخنةً بين قوات الاحتلال والمقاومة، وإن كانت أنشطتهم تعرقل في بعض الأوقات؛ بسبب تعنت قوات الاحتلال، إلا أنهم قاموا بدور فعال في الجوانب الإنسانية، كما أنهم وفَّروا لكثير من الأسر المشردة إقامات مؤقتة حمتهم من التشتت الأسري.
المستقبل
- أخيرًا: كيف ترون مستقبل التعليم بالعراق؟
- بالطبع سيكون المستقبل مليئًا بالمشكلات، ولكن لا بد أن يعلم الجميع أننا- كتربويين عراقيين- مصممون على النهوض بالتعليم العراقي مهما يكلفنا ذلك، ولا بد أن أشير إلى أن وزير التعليم العراقي الدكتور سامي المظفر رجلٌ وطنيٌّ، يبذل كل ما يملك من أجل النهوض بالتعليم العراقي ويرسم إستراتيجيةً تعليميةً وطنيةً تضمن مستقبلاً علميًّا مشرقًا للعراق ولأولادنا.
المصدر
- حوار: خبيرة عراقية: السطو الأمريكي وصل التعليم!! موقع اخوان اون لاين