حبيب: لا تناقض بين الشريعة والديمقراطية
أعد الحوار للنشر: محمد الشريف
- حريصون على تشكيل حزب سياسي والنظام لا يريد
- النظام يشوه صورة الإخوان لأننا الخصم الحقيقي له
-الإخوان تعرضوا طوال تاريخهم للاعتقال لإصرارهم على قيمهم ومبادئهم
أكد النائب الأولللمرشد العام للإخوان المسلمين- الدكتور محمد حبيب- أن الحريات العامة هي المدخل الأساسي للشريعة الإسلامية، وقال إن مجلس الشعب إذا تمَّ اختياره بصورةٍ ديمقراطية تعبِّر عن إرادة الشعب لن تتعارض تشريعاته وقوانينه مع الشريعة الإسلامية.
وقال حبيب- في حوارٍ مع صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية-: إن الإخوان حريصون على تشكيل حزب سياسي، إلا أن النظام المصرى لا يرغب في ذلك، مشيرًا إلى أن هذا النظام يتعمد تشويه صورة الإخوان المسلمين في الداخل والخارج؛ بالإدعاء بأن الإخوان المسلمين يزعمون الاعتدال والالتزام باللعبة الديمقراطية ثم ينقلبون عليها حالة وصولهم إلى الحكم.
وإلى تفاصيل الحوار:
- الإخوان جماعة "محظورة" ورغم ذلك لهم تمثيل فى البرلمان ووجود على الساحة؟!
- الإخوان كجماعةٍ نشأت عام 1928 ولها تاريخ طويل في الكفاح ضد الاستعمار والفساد والاستبداد، وقد اكتسبت شرعيةً تاريخية وسياسية واجتماعية، وأصبحت الآن أقوى فصيلٍ سياسي واجتماعي على الساحة المصرية، وهم يستهدفون تطبيق الشريعة الإسلامية، ويعتمدون في ذلك على الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ويرون أن الإصلاح لن يتمَّ إلا تدريجيًا عبر الوسائل الدستورية والقانونية وبالشكل السلمي والحضاري.
- ويعتبر الإخوان المسلمون الحريات العامةَ هي المدخل الطبيعي للشريعة الإسلامية، ويرون عدم وجودَ تناقضٍٍ بين تطبيق الشريعة الإسلامية والديمقراطية التي تعني بالنسبة لهم التداول السلمي للسلطة والتعددية السياسية، واعتبار الأمة والشعب مصدر السلطات، وهم يحملون برنامجًا يتضمن كافة المحاور الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها، وعلى الشعب أن يقبلهم أو يرفضهم على أساس هذا البرنامج.
- ما موقفكم من تشكيل حزب سياسي؟
- نحن كإخوان نعيش في مناخٍ سياسي رديءٍ، ونواجه نهجًا ديكتاتوريًا وقمعيًا، وبالرغم من ذلك نحن حريصون على أن نشكل حزبًا سياسيًا يعبر عن أفكارنا ورؤانا في كافة القضايا، لكن الحكومة والنظام المصري لا يريدون ذلك.
- كيف تختارون القيادات؟
- عن طريق الانتخاب؛ فنحن نمارس الديمقراطية داخلنا، وقواعدنا تختار ما يمكن تسميته بمجلس الشورى الذي يختار من بينه مكتب الإرشاد، الذي يعتبر الهيئة العليا التنفيذية للجماعة.
- لو وصلتم للحكم هل ستحكمون بنفس طريقتكم؟
- نحن حريصون على أن تُبنى الدولة على مؤسسات، وأن يكون هناك فصل حقيقي بين السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية، ومجلس الشعب الذي يتم انتخابه يجب أن يكون معبرًا تعبيرًا حرًا وحقيقيًا عن إرادة الشعب وهو- أي مجلس الشعب- الذي سيصدر القوانين التى تنبثق أساسًا من مبادئ الشريعة الإسلامية والتي تمثل المرجعية الأساسية لنا، فكما هناك مرجعية للنظام الليبرالي وأخرى للاشتراكي والرأسمالي فلنا أيضًا مرجعيتنا الإسلامية.
- من الذي يفصل إذا كان القانون سيتناقض مع الشريعة من عدمه؟
- مجلس الشعب المنتخب هو صاحب السلطة الحقيقية في التشريع، ويتصور أن يجمع بين المتخصصين والباحثين والقانونيين في كل شئون الحياة.. السياسية والاجتماعية والاقتصادية.. إلخ، كما أن هناك مؤسسات خاصة بالعلوم الشرعية يمكن أن يُستطلع رأيها في بعض القوانين المتصلة بالشريعة وذلك قبل الموافقة عليها من مجلس الشعب.
- هل للإخوان أنشطة خدمية؟
- هناك الجمعية الطبية الإسلامية، والجمعيات التربوية الإسلامية بالقاهرة وعواصم ومدن المحافظات المختلفة، إلا أنها تتبع من الناحية القانونية وزارة الشئون الاجتماعية.
- هل تدعمون هذه الأنشطة كما تفعل حركة المقاومة الإسلامية حماس؟
- نحن نعتمد على تبرعات الأهالي والمواطنين، فهذه الأنشطة منشآت خيرية.
- ماذا عن علاقة الإخوان بالنقابات؟
- الإخوان يرشحون أنفسهم كأفراد لمجالس إدارة النقابات، ويتم اختيارهم لهذه المجالس عبر الانتخابات الحرة والنزيهة من بين أهل المهنة، لكن نحن كمؤسسة لا علاقة لنا بهذه النقابات؛ حيث يديرها أهلها المشرفون عليها.
- ماذا عن موقفكم من انتخابات الرئاسة؟
- لم نحسم قرارنا بعد سواء بالمشاركة أو بالمقاطعة، فهناك رأي يفضل المقاطعة وآخر يغلِّب المشاركة، نحن نناقش ذلك على مستويات عدة داخل الجماعة، وعندما نتوصل لقرار سوف نعلنه.
- معروف أنك تفضل الحوار أكثر من الصدام!
- وهل صدر مني ما يفيد بأننى صدامي؟!
- بالعكس، أنا أقول معروف عنك انك غير صدامي.
- هذا صحيح
- هل الجميع دخل الجماعة بنفس الفكر؟
- أنا أعبِّر عن رأي الجماعة ولا أعبر عن رأيٍ خاص، ونحن عادةً ما نغلب الحوار، والقرآن الكريم نفسه دعا وسجل الكثير من الحوارات؛ فالنبي- صلى الله عليه وسلم- كان يدير حوارًا مع المخالفين له، ونؤمن بأن الحوار أقصر السبل للتعامل مع الآخرين.
- وماذا عن العلاقة بينكم وبين النظام؟
- النظام يملك قوة ويستخدم العنف والقمع في تعامله معنا، لكننا نستخدم الدعوة وأسلوب الإصلاح السلمي؛ لأننا نؤمن إيمانًا عميقًا بأن استخدام العنف لا يمكن أن يؤدي إلى ما نأمله، فضلاً عن أنه يعطي الشرعية للآخرين لأن يقوموا بهذا الفعل، فنحن نرفض الفوضى والثورة من جانب، كما نرفض القوة والعنف من جانب آخر كوسائل للتغيير.
- كم عدد نواب الإخوان داخل البرلمان؟
- كانوا 17، وأسقطت الحكومة تعسفًا عضوية اثنين منهم، هما: الدكتور محمد جمال حشمت، والأستاذ
- عزب مصطفى، فأصبحوا 15 عضوًا.
- لماذا لم تترشحوا للرئاسة دون لافتة الإخوان؟
- التعديل الذي حدث للمادة 76 من الدستور أغلق الباب أمامنا تمامًا، كما أغلقه أمام كل المستقلين، وبالتالي لم تكن هناك أدنى فرصة سوى لمرشحي الحزب الوطني والأحزاب، وبخاصة الرؤساء أو أعضاء الهيئة العليا، وعمومًا نحن حريصون على قيمنا ومبادئنا، ولا نستطيع أن نمارس السياسة أو أي نشاط بعيدًا عن المرجعية والهوية الخاصة بنا، فهي ضرورة للحفاظ على قيم الجماعة وتواصلها واستمرارها عبر الأجيال.
- أحد عناصر الحكومة المصرية قال لي إن الإخوان انتهازيون يتحدثون عن الاعتدال والوسطية وإذا وصلوا للحكم سيكونون عكس ذلك؟
- هم يشعرون أن الإخوان خصمهم الحقيقي، ولذلك هم حريصون على تشويه صورة الإخوان وتصدير هذه الفكرة للداخل والخارج، وما يثيرونه غير علمي وغير منطقي؛ لأنه يحكم على الغيب والنوايا، ثم إن الإخوان تعرضوا طوال تاريخهم للسجن والاعتقال نظرًا لإصرارهم على المحافظة على قيمهم ومبادئهم، وعندما مارسوا الديمقراطية عام 1995 تمَّ إحالتهم إلى المحاكم العسكرية.
- لو كان الإخوان انتهازيين كما يقولون لكانت علاقتهم بالحكومة أفضل من ذلك، غير أن الإخوان لهم أصول وقواعد لا يتنازلون عنها ولذلك يتعرضون للمحن بأشكالها المختلفة.
- كم عدد أعضاء الإخوان المسجونين؟
- تم اعتقال ثلاثة آلاف خلال شهرى مارس ومايو الماضيين؛ وذلك لمطالبتهم بالإصلاح السياسي، لكن أُفرج عن أعداد كبيرة منهم، ولازال هناك نحو 130 فردًا رهن الاعتقال.
- هناك بعض التعاون بينكم وبين حركة "كفاية" والناصريين رغم الاختلاف الفكرى بينكم، ماذا عن العلاقة بينكم وبين حركات المعارضة؟
- الأصل أننا نتعاون مع جميع الفصائل السياسية والحزبية والوطنية على أُسسٍ جامعةٍ، أهمها: السعي لإقامة نظام ديمقراطي حقيقي، إضافة إلى ضرورة تعديل الدستور وبخاصة المادتين 76 و77 ومعظم المواد المتعلقة بصلاحيات الرئيس، فضلاً عن الإصلاح السياسي الذي ننشده بدءًا بإنهاء حالة الطوارئ، وإطلاق الحريات العامة، ومرورًا بإلغاء كافة المحاكم والقوانين الاستثنائية، وانتهاءً بتمكين السادة القضاة من الإشراف الحقيقي والكامل على الانتخابات العامة، إن هناك قواسم مشتركة مع هذه الحركات، ونحن نسعى إلى أن يكون بيننا وبينهم التقاء على هذه الأسس، ولندع الخلافات الإيديولوجية جانبًا.
- في كثير من الأحيان يتم الإعلان عن مشاركة الإخوان في تظاهرة مع هذه الحركات ثم تنفون المشاركة!
- هناك حركات موجودة الآن على الساحة لم تجد ما يستوعب طموحاتها داخل الأحزاب، فبدأت تتحرك بعيدًا عنها مثل (كفاية، وشباب من أجل التغيير وحركة 9 مارس)..إلخ، وهؤلاء حريصون على استقلاليتهم وتفردهم، وهي حركات ناشئة تريد أن تحفر لنفسها مجرًى في الحياة السياسية، وحينما يطلبون مشاركتنا لهم يريدون أن يتم ذلك دون أن نشاركهم في صنع القرار والإعداد والتنظيم وتحمل المسئولية، بمعنى أنهم يأخذون القرار ونحن علينا التنفيذ، وهو أمر نرفضه.
- الشق الآخر من الصورة أننا لا نريد أن يكون دعمنا لهذه الحركات بأعداد كبيرة حتى لا يتم قمعها، ومن ثَم يجب أن تكون المشاركة بسيطة، نحن نريد أن ندعها تتحرك وتعمل وتنشط لأن هناك هواجس ومخاوف لدى السلطة تجاه الإخوان، وبالتالي ربما يعوق اتصال الإخوان بهم مسيرةَ هذه الحركات.
المصدر
- مقال:حبيب: لا تناقض بين الشريعة والديمقراطيةإخوان أون لاين