تراجع السلام
بقلم:د. مصطفى محمد الفار
المسؤولية العربية
ما المسؤولية العربية المطلوبة إزاء الاستهتار الإسرائيلي بعملية السلام،واستمرار التصعيد والتحديات والمواقف الرافضة للمبادرات الدولية؟وهل آن الأوان للخروج من دوامة العجز العربي الذي تستغله إسرائيل في توجيه ضرباتها وممارساتها الاستيطانية وتصعيداتها لعمليات القتل والحصار والاعتقالات والتحديات؟
وهل آن الأوان لوقفة موحدة لاجتماع عربي طارئ على مستوى عال يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته التي تعهد بها في مؤتمري أنابوليس وباريس؟
لقد بات من الواضح أن إسرائيل غير معنية بجهود السلام،ولا تأبه،أو تقيم وزناً للدعوات التي يطلقها قادة ومسؤولون دوليون من الاتحاد الأوروبي وروسيا وأطراف دولية أخرى من أجل تصحيح مسار العملية السلمية،وتكثيف الجهود من أجل إفساح المجال أمام مرحلة جديدة من الهدوء،تقضي إلى الاستقرار والسلام المنشود،بعيداً عن الدماء والدموع والمعاناة وبدلاً من الإصرار على لغة القوة والتعنت،وتكريس التصعيد المتواصل من خلال الحملات العسكرية والاغتيالات والحصار والاعتقالات والهجمة التهويدية التي لا حدود لها.
خطط جديدة
ففي كل يوم تطالعنا الأنباء،والتسريبات الإخبارية بخطط جديدة حول بناء آلاف المباني الاستيطانية في هذا الحي أو ذاك،دون أي اكتراث للانتقادات العربية أو الدولية.
كما أن القدس حاضنة المقدسات الإسلامية والمسيحية تتعرض لهجمة تهويد شرسة لا حد لها من كل الأنحاء،وفي كل الاتجاهات،سواء فوق الأرض،أم تحتها،كما تتعرض معالم المدينة المقدسة إلى التغيير الجغرافي المستمر،بالأنفاق والحفريات.
بل إن رئيس الوزراء الإسرائيلي "إيهود أولمرت" بلغ به التحدي لكل النداءات الدولية بوقف الاستيطان:لأن يعلن أنه ستكون هناك أماكن تجري فيها عمليات بناء،أو إضافة إلى بناء: لأن هذه الأماكن ستظل في يد إسرائيل في أي اتفاق ممكن:لأن القدس ستظل عاصمة الدولة الإسرائيلية إلى الأبد:و لأن إسرائيل لن تتخلى بأي شكل من الأشكال عن أي بقعة من القدس.
كما أن الأنباء التي انتشرت مؤخراً حول بدء إقامة حي استيطاني جديد في مستوطنة "أفرات" في الضفة الغربية،قد تزامنت مع تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي أعرب فيها عن تحفظه من فكرة عقد مؤتمر سلام دولي في موسكو،كما تزامنت مع زيارة نائب الرئيس الأميركي "ديك تشيني" للمنطقة،وسط أنباء عن قيام الجيش الإسرائيلي بمناورة كبرى،لم يسبق لها مثيل يتدرب خلالها الجيش الإسرائيلي لإعادة احتلال قطاعغزة،وفيما تتواصل ممارسات إسرائيل من حملات عسكرية، واعتقالات وحصارات،وعزل،وتجويع في مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية.
جاء الوقت لتوحيد الصف
بعد كل هذه التحديات،والإصرار على مزيد من الممارسات،والاستخفافات هذه،أما آن للفلسطينيين أن يوجهوا جهودهم نحو توحيد الصف،وتغليب مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني على الخلافات الداخلية، والصراعات الجانبية؟
ألم يحن الوقت كي يقف العرب موقفاً موحداً وجاداً وواضحاً إزاء هذا التصعيد الإسرائيلي والاستخفاف بالمبادرة العربية،والجهود التي تبذل من أجل عملية السلام:فيقفوا وقفة موحدة في اجتماع عربي طارئ،يضع النقاط على الحروف،بدلاً من الاستمرار في دفن الرؤوس في الرمال،والغرق في دوامات العجز والجمود،وتلقي الضربات المتتالية؟
لقد آن الأوان أن نعي مسؤولياتنا،ونحن في اجواء القمة العربية في دمشق،بأن نعلن مطالبنا وأهدافنا متضامنين: ففي تضامننا ستتكسر كل السهام،وتتحطم كل المؤامرات.
المصدر
- مقال:تراجع السلام موقع : المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات