انتصفوا .. لأنفسكم من أنفسكم قبل أن تتظلموا من إسرائيل!

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
انتصفوا .. لأنفسكم من أنفسكم قبل أن تتظلموا من إسرائيل!

بقلم أ. عمر التلمساني

مركز الدراسات التاريخية ويكيبيديا الإخوان المسلمين

أسباب النصر

﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (النحل: 118)، صدق الله العظيم.

هل ظلمتنا إسرائيل أم نحن الذين ظلمنا أنفسنا وشعوبنا وأوطاننا وعقيدتنا؟ ألم يكن اليهود شراذم مبعثرة في أرجاء الأرض لا دولة لها فعادت دولة من ثلاثة ملايين نسمة تقريبًا تتجنى وتستبد وتتحكم وتتآمر في دول إسلامية تحيط بها لا يقل تعدادها عن المائة مليون نسمة، ولكنهم غثاء كغثاء السيل، كرهوا الموت في سبيل العزة فقذف الله في قلوبهم الوهن، حتى تداعى الصهاينة عليهم، كما تتداعى الأكلة على قصعتها؟

ضعوا أنفسكم موضع إسرائيل، ثم احكموا عليها من هذا الموقع، ضعافًا فقووا أنفسهم، مبعثرين فوحدوا كلمتهم على بعد ما بينهم من آفاق، ثم صمموا وصح منهم العزم فأقاموا دولة في أرض مسلمة على الرغم من ألف مليون مسلم، ماذا في هذا الذي فعلوا؟ أليس مهارة؟ وإرادة؟ وتصميمًا انتهى بهم إلى تنفيذ ما حققوا به آمالهم وأخرجوا إلى عالم اليقظة أحلامهم؟

ألم تشتمونهم، والموقف بيننا وبينهم أكبر من الشتم، وأنكى من السباب؟ ألم تقولوا يوم أن كان فيكم بقية من رمق أنها إسرائيل المزعومة؟ وأنكم ستلقون بهم إلى البحر؟ وأنهم لا يأخذون "غلوة" لأن في أيديكم أقوى قوة ضاربة في الشرق؟ ألم تقولوا أنكم ستصلون العصر في تل أبيب؟ وسيغني مغنوكم من فوق مسارحها؟ ما لها إسرائيل؟

وحدت كلمتها، وجمعت أمرها، ولمت شعثها فقامت دولة، وماذا كنتم أنتم؟ كنتم خلافة تجمع أمركم فتصدرون عن صوت واحد ورأي واحد، ثم ضحك الصليب والمطرقة والمنجل على ذقونكم، وسخروا من أحوالكم ويا ليتكم اكتفيتم بهذا، بل إنكم في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تدجج نفسها بالسلاح والتدريب والمران أقبلتم أنتم على اللهو والمجون والمظاهر الكذابة، والسفه المردي.

ثم انقلبتم يضرب بعضكم وجوه بعض، فحل عليكم غضب الله، ثم أصبحتم سخرية العالم، يومًا تتشاتمون، ويومًا تتعانقون، وحينًا تتبادلون التهم والخيانات، ويومًا يشيد بعضكم بشجاعة وإخلاص ووفاء بعض، مشتوم اليوم ممدوح الغد، وملعون اليوم حبيب الغد ومتهم اليوم بريء الغد؟

إلى هذا الدرك نزلتم، وإلى هذا المستوى صعدت إسرائيل؟ فهل هي المخطئة وأنتم أهل الحجا والصواب؟ ماذا جرى هل خدرتكم قوى المادة فرحتم صرعى في سبات المخدرين أم فجأتكم قوتها، فابتسمتم في حيرة التائهين؟لقد وصلتم إلى مرحلة من القطيعة والخلاف حتى الخطأ لم تستطيعوا الاتفاق عليه؟ إن استحال توحيدكم في الصواب.

إذا اتخذ أحدكم خطوة يراها تقرب من حل الأزمة نسبتم إليه الخيانة، ورميتموه بالجهل ثم لا تمضي الأسابيع حتى تسلكوا نفس السبيل الذي أنكرتموه عليه بالأمس صحيحًا كان ذلك السبيل أو غير صحيح صدقوني أنكم بتصرفاتكم هذه قد كفيتم إسرائيل كل الشرور وأصبحتم أنتم علة الإسلام والمسلمين لا إسرائيل، بعد أن ارتميتم في أحضان دول الكفر والإلحاد أو الصليب والتبشير.

طريق النجاة!

تعالوا نلم شتات الأنباء التي طالعتنا بها الصحف في الأسابيع الأخيرة، لتروا أنه لا نجاة لكم إلا بالاعتصام بدينكم والتعلق بتوجيهاته وأحكامه، إنكم أغنى الأمم مالا وبشرًا، فإن اتحدتم علوتم على هامة الدهر، وإن بقيتم على ما أنتم عليه فستذهب حكوماتكم في الذاهبين؛

ولا يبقى منكم إلا عبرة الدهر التي تقرؤونها عن عاد وثمود وأصحاب الأيكة وقوم لوط، إن وجه العجب فيكم أنكم تعرفون الذي أكتبه تمام المعرفة بل وأكثر مما أعرف، فماذا دهاكم؟ ومن بسوء تدبيره وخبيث قصده رماكم؟

أفيقوا يرحمكم الله فعروشكم ونظم حكمكم باقية إن اصطلحتم مع الله، أما المسلمون الذين يؤمنون بربهم، ويتقون في صدق موعده، فلن ييأسوا من لحظة يرضى الله فيها عنهم فيكشف الغمة، ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ (يوسف: 110).

تفعل بنا موسكو ما تفعل، وإلى اليوم ثم تطلع علينا الصحف المصرية بكاتب يقول بعد عودته من موسكو، إن موسكو تحرص على تحسين علاقاتها مع القاهرة، وأن الاتحاد السوفييتي أعد أسبوعًا لتأييد فلسطين؟ أستحلفكم بماذا أستحلفكم هل هذا كلام يكتب لأناس يظن أن برؤوسهم عقولا؟

وأن في عقولهم تفكيرًا سليمًا؟ وإذا كان ما فعلته بالأمس وتفعله اليوم موسكو معنا، هو تحسينًا للعلاقات، فكيف وأين يكون تسويء العلاقات بل تحطيمها؟ وماذا يتصور هذا الكاتب أن الرأي العام المصري يظن به، أم أنه بهذا الذي يكتب يستهين بهذا الرأي العام الذي احتضنه وليدًا ونشأه كاتبًا.

وتزف إلينا الصحف المصرية أيضًا بشرى اجتماع أساتذة الجامعات الإسرائيلية يطالبون بيجين بتغيير سياسته المتشددة ويعلنون حركتهم لتأييد السلام!! أي سلام؟ سلام التهامهم لفلسطين، أم سلام مذبحة دير ياسين؟؟ أم سلام تضامنهم مع بيجين إذا جد الجد، وذر قرن الخطر؟ لماذا نحاول أن نثبط همم الشعوب الإسلامية بمثل هذه المسكنات التي لا تزيد الداء إلا استفحالا، ولا تزيد التراخي إلا تراخيًا.

وفي نفس الصحف نقرأ أن وكالة الأنباء التونسية أكدت أن إسرائيل أصبحت معزولة سياسيًا نتيجة تشبثها بالأراضي العربية التي احتلتها سنة 1967 صحيح، هل حقًا أصبحت إسرائيل معزولة سياسيًا في فرنسا أو غيرها حتى في بعض البلاد الإسلامية؟

لماذا هذا الإلحاح في تصوير الوضع بلون وردي يحملنا على التحليق في أحلام لا وجود لها في الدعاية الإٍسرائيلية الماكرة؟ يجب أن يشحن العالم الإسلامي دعائيًا بكل أنواع النقمة على هذه الدولة التي اغتصبت فلسطين وشتت شمل المسلمين.

وتقرأ في صحف مصر أيضًا أن بيجين يواصل سياسة التعنت وأن كارتر متفائل بإمكانية السلام، فكر في الخبرين ثم اخرج بالنتيجة التي يرتاح إليها كل عقل سليم، إنني أكره التشاؤم حتى في أشد أوقات الاستبداد عنفًا وقسوة، ولكنني لا أتفاءل بكلمة تصدر من ظالم، أو معين على ظلم، إني أتفاءل هنا إذا التزمت أوامر ربي، ولا أقف عند حد التفاؤل ولكني أذهب إلى أبعد آفاق اليقين.

ثم اقرأ هذا الخبر الخبيث الماكر في أخبار الخميس 27 أبريل سنة 1978 (مسئول أمريكي يشيد بموقف سوريا وتوطيد علاقتها بأمريكا) سوريا المرتمية بكيانها في أحضان الاتحاد السوفييتي وتتجه حيث يوجهها، سوريا هذه.

اعلموا يا من تظنون القطيعة بين سوريا وأمريكا، اعلموا أن سوريا هذه عدوتكم موطدة علاقاتها تمامًا مع أمريكا، هل وراء نشر هذا الخبر إلا الحيرة والبلبلة؟ وإشاعة الاضطراب في أفهامنا، إلى الحد الذي تلغى فيه عقولنا، وتحطم جهودنا، لنعيش في دوامات الدعاية الماكرة والأخبار المحطمة.

حقائق مرة!

ثم تصدمنا الحقائق المرة التي لا نريد أن نتفهمها، ونعمل في ظلها، ونعيش في أحداثها، حين تقول الصحف أن إسرائيل تبني مستوطنة في شمال سيناء وأخرى في الجولان وأنها تفتح مستوطنة جديدة في الضفة الغربية لنهر الأردن، هل تفعل إسرائيل ذلك عابثة؟ هل تنفق أموالها اليوم في إقامة المستوطنات لتتركها في الغد لمصر أو سوريا أو الأردن؟؟

هل هذه هي سياسة الدولة التي تريد إعادة الحق لأصحابه؟ هل إسرائيل بهذا التحدي والعناد تنوي التخلي عن الأراضي التي احتلتها سنة 1967 لماذا نتعلق بموقف لهذا الحاكم أو ذلك؟ أو هو الواقع الأليم الذي تصر إسرائيل على المضي فيه؟؟ إني لا أحب المغامرات، ولا أقول لحكام المسلمين ألقوا بشعوبكم في أتون حروب لا يعلم مغبتها إلا الله.

ولكني أقول وأكرر ولا أكل ولا أمل، من القول والتكرار، أن دعوا الأمور كما هي ولا تعطوا إسرائيل اعترافًا بجعل وجودها في فلسطين مشروعًا، لا تعقدوا صلحًا ولا معاهدة تعطيها ذرة من تراب أرض فلسطين ثم اعكفوا متضامنين على تقوية شعوبكم وإعدادها لليوم الفاصل وعودوا وشعوبكم إلى الله فإن استحال التضامن من الجميع، فليكن مع البعض؛

وثقوا أن إسرائيل لا طاقة لها بكم، ولو أعانتها أمريكا وروسيا فليس في حكم المنطق والواقع والمقدر والمفهوم، أن يحكم ثلاثة ملايين يهودي مائة مليون مسلم، إن حياتهم ستصبح جحيمًا إذا صح العزم على مقاطعتهم، والحيلولة بينهم وبين أن يلتقطوا أنفاسهم، إن دوام الحال من المحال ﴿وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ ) (آل عمران: 140)

ولن يبقى القوي على قوته أبد الدهر ولكن الحق هو الحق وسيظل الحق حقًا حتى يهيئ له الله من الرجال المؤمنين من يحقه ويظهره وينصره، ويجعله سيد العلاقات، ﴿كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (المجادلة: 21).

المصدر

للمزيد عن الأستاذ عمر التلمساني

روابط داخلية

كتب متعلقة

مقالات وملفات متعلقة

رسائل الأستاذ عمر التلمساني

.

مؤلفات الأستاذ عمر التلمساني

متعلقات أخرى

وصلات فيديو