الموقف القانوني للرئيس المصري المنتخب
بتاريخ : الخميس 07 نوفمبر 2013
إن التضليل السياسي أفسد التكييف القانوني للوضع في مصر، ويمتد ذلك على المركز القانوني للرئيس المختطف محمد مرسى، فقادة الانقلاب العسكري يريدون وضع الرئيس في أي مركز قانوني خلاف وضعه الصحيح قانونا والذى يتمثل في كونه مختطفا، لعدة أسباب منها لكون وضعه ووجوده الحالي يقف حائلا قانونيا كبيرا لإجراء أي انتخابات رئاسية،
كما أن في محاكمته رسالة للخارج بأن ما حدث تحركات قانونية وليست مصادرة للقانون، ورسالة للداخل أن الرجل متهم وحكم عليه لذلك يستوجب عزله عن منصبه، وبالتالي فإن مكان الرئاسة يكون شاغرا فيجب أن يشغله أحد بانتخابات رئاسية.
ويتوهمون أن هذا يعطيهم دفعة قوية للقفز على منصب الرئاسة في مصر، والذى ظل حكرا للعسكر طيلة أكثر من ستين عاما، وفى اعتقاد قادة الانقلاب يجب أن يظل كذلك للابد، لذلك أيام المجلس العسكري تم تشويه المنصب بالدفع بأشخاص مدنيين محل سخرية واستهزاء للترشح للرئاسة مصر وتم التركيز عليهم إعلاميا،
حتى يترسخ ف أذهان الشعب المصري أن العسكر هم الأحق والأجدر بهذا المنصب لأنهم ليسوا محل سخرية أو استهزاء من قبل الشعب المصري، وفيها أيضا تحذير لأى شخص مدنى يفكر في الترشح لرئاسة مصر بالتالي ينحصر الأمر في العسكر.
ولكن لماذا التركيز على استحواذ العسكر على السلطة والحكم في مصر؟ لسببين الأول الحفاظ على المكاسب الاقتصادية والسياسية للعسكر في مصر وحماية إمبراطوريتهم الاقتصادية وحماية فسادهم الاقتصادي والسياسي،
ثانيا لارتباط العسكر بمصالح الخارج وخاصة الولايات المجرمة الأمريكية والغرب ويهود في فلسطين المحتلة وحتى تظل مصر داخل دائرة هيمنة ونفوذ الغرب حماية للمصالح الغربية ولليهود في فلسطين المحتلة ولضمان عدم تقدم وتنمية معقل الإسلام عنوانه في العالم بما لا يهدد تقدم الغرب والحضارة الغربية.
ومن المستقر عليه والثابت في كافة دساتير العالم، أن السيادة والسلطة للشعب يمارسها بالطريقة التي يختارها، يفوضها لمن يشاء دون معقب أو اعتراض، وبعد أن دخل الشعب المصري خمس انتخابات ومرتين استفتاء أكد الشعب المصري خلالهما اختياره للتيار السياسي الإسلامي، الذى يمثل الإخوان الكتلة الكبيرة المتماسكة فيه، سواء في الانتخابات الرئاسية على مرتين،
حيث تبين بجلاء أن الشعب المصري أختار مرشح التيار الإسلامي الدكتور محمد مرسى، ورفض من عداه، ورفض حكم العسكر، والانتخابات البرلمانية اختار الشعب المصري التيار الإسلامي سواء في مجلس الشعب أو الشورى،
حيث فاز التيار الإسلامي بأكثر من 70 % من عدد المقاعد في المجلسين، ولم يكتف الشعب المصري، بذلك بل اختار الاتجاه الإسلامي في الاستفتاء على الإعلان الدستوري، لأن التيار السياسي الإسلامي أيد الإعلان الدستوري،
وأيضا وافق الشعب المصري على دستور عام 2012 بأعلى نسبة تصويت على دستور في العالم بلغت 63.8 % وأعتقد أن هذه النسبة تعلن عن مدى قوة التيار السياسي الإسلامي في مصر.
الدكتور محمد مرسى هو الرئيس المنتخب الشرعي، بعد فوزه في انتخابات الرئاسة دون النظر إلى نسبة النجاح، فقد فازا الرئيسان الأمريكي والفرنسي بذات النسبة تقريبا، ولم يطعن أيا من أفراد الشعبين الفرنسي أو الأمريكي في شرعية أيا منهما، بل بالعكس، توافقت وتكاملت كافة أجهزة الدولتين للعمل مع الرئيس المنتخب، دون النظر لنسبة نجاحه في الانتخابات، لكن العسكر في مصر لم يرتضوا بذلك فتآمروا على الرئيس المنتخب مع كافة الأجهزة السيادية هذا داخليا.
وتضامن معه كافة وسائل الإعلام المصري، والقضاء المصري بكافة أنواعه ودرجاته، أ
ما خارجيا فقد تآمروا مع الولايات المتحدة واليهود ضده، وقد كشف ذلك الرئيس أوباما بكلمته أمام الجمعية العامة، وأيدت ذلك أيضا جلسة الكونغرس الأمريكي التي أذيعت على الهواء مباشرة، وقد أكد ذلك بعض كبار السياسيين الأمريكان، فضلا عن عدم اعتراف غالبية دول العالم بما حدث في مصر، ولم يعترف به سوى خمس دول فقط هي الداعمة للانقلاب العسكري في مصر.
وهذا يؤكد أن ما حدث في مصر في 30 يونيو هو انقلاب عسكري غير شرعي، كما أنه خارج إطار الشرعية القانونية الدولية.
إذن ما حدث في 30 يونيو من هذا العام وما تلاه في 3/7/2013م، كان انقلابا عسكريا بامتياز صنع في الولايات المتحدة وتم تجميعه في بإسرائيل ونفذ في مصر، وقد أكدت ذلك الدكتورة منى مكرم عبيد ذلك، في حديثها بالولايات المتحدة، حيث ذكرت ان الجيش طلب التفويض من مجموعة على رأسها الوزير حسب الله الكفراوي بكتابة تفويض للجيش بالتدخل في الحياة السياسية،
وأضافت أن الجيش طلب ذلك على وجه السرعة قبل الساعة الثالثة عصرا، وقد وقع عليها خمسين شخصية منهم الأستاذة تهاني الجبالي والدكتور جابر نصر رئيس جامعة القاهرة حاليا، والحديث موجود على الرابط التالي(http://www.youtube.com/watch?v=_ZP0Ud598k0) مما يدل ويؤكد على أن الجيش هو الذى طلب التفويض وليس الشعب المصري هو خرج لتفويض الجيش.
ننتهى من ذلك إلى أن ما حدث انقلاب عسكري يشكل عدة جرائم، وليست جريمة واحدة ارتكبها قادة الانقلاب، وردت في الكتاب الثاني الباب الأول بعنوان الجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من جهة الخارج المواد من (77 حتى 85) والباب الثاني بعنوان الجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من جهة الداخل المواد من (86 إلى 102) من قانون العقوبات المصري، منهم جريمة قلب نظام الحكم، وجريمة تعطيل الدستور، فضلا عن جريمة قتل المتظاهرين السلميين، في مذبحة الحرس الجمهوري، والمنصة،
ورابعة العدوية، والنهضة، ورمسيس، ويوميا في شوارع مصر، وهذه الأفعال تعد أيضا جرائم دولية طبقا للمواد من الخامسة للثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فهي وجرائم إبادة جماعية (مادة 6) جرائم ضد الإنسانية (مادة 7) وجرائم حرب (مادة 8) وجريمة تعطيل مؤسسات الدولة وجريمة خطف رئيس جمهورية منتخب، ومنعه من مزاولة عمله، وهى جريمة التعدي على موظف عام أثناء تأدية عمله.
ترتيبا على ما سلف فإن ما حدث بمصر في 30 يونيو و 3 يوليو يعد انقلابا عسكريا غير شرعي وقادة الانقلاب يعتبرون قانونا مغتصبي سلطة، من الرئيس الشرعي المنتخب الدكتور محمد مرسى، مما يوصم كافة قراراتهم وتصرفاتهم بعدم الشرعية، ومخالفة للقانون الدستوري والقانون الجنائي المصري، والقانون الجنائي الدولي،
والبطلان المطلق نصيبها، لأن الفعل أو التصرف الذى يخالف المبادئ العامة و القواعد الآمرة في أي قانون، تكون باطلة بطلانا مطلقا أي منعدمة، أي عمل مادى لا يرتب عليه القانون أي أثر قانوني، ولا يصححه رضا الأطراف لذلك فإن كل ما صدر عن قادة وحكومة الانقلاب من تصرفات، باطلة بطلانا مطلقا أي منعدمة ومنها بالطبع كافة التعينات.
ومن هذه التعينات المنعدمة تعيين النائب العام المستشار هشام بركات، الذى أحال الدكتور محمد مرسى الرئيس المنتخب الشرعي ومعه أربعة عشر أخرين لمحكمة الجنايات بتهمة التحريض على العنف ( يقصدون المظاهرات أمام الاتحادية) والقتل في محيط قصر الاتحادية، والتخابر مع حماس، لذلك فكل ما يصدر عن هذا النائب العام منعدم قانونا، ولا أي أثر قانوني له، لأنه معين من قبل مغتصب السلطة، ومنها قراره بإحالة الدكتور محمد مرسى وأخرين للجنايات،
ويؤكد ذلك انتقال أعضاء النيابة العامة للتحقيق مع الدكتور محمد مرسى ورفاقه لمكان خطفهم وهم معصوبي العينين، مما يعدم التحقيقات التي أجريت بمعرفته، لأن قرارهم الصادر بالإحالة صدر تحت ضغط وإكراه وأصاب النيابة العامة بعيدة الحيدة والاستقلال عن السلطة التنفيذية.
كما أن قرار أن النيابة العامة لم تقم بإجراء أي تحقيقات في أحداث الاتحادية، حتى تبين من هو المتهم الفاعل الأصلي فيها من عدمه، كما أن المتظاهرين في محيط قصر الاتحادية كانوا جميعا من الإخوان، وقتل منهم كثير، وتلك مخالفة لأبجديات قانون الإجراءات الجنائية المصري وقانون العقوبات، فضلا عن أن المتظاهرين في محيط قصر الاتحادية كانوا يستخدمون حق من حقوقهم، وهو حق التظاهر السلمى.
وهذا الحق كفلته وفرضت حمايته، كافة مواثيق وإعلانات واتفاقيات حقوق الإنسان الإقليمية والعالمية، ومصدقة عليها مصر وتلتزم بها، عملا بالقاعدة الدستورية المستقرة والثابتة، التي وردت بالمادة (151) من الدستور المصري الملغى لعام 1971، والمادة (145) من دستور مصر لعام 2012م، وأكدتها كافة دساتير العالم، وتلك قاعدة عامة وآمرة في القانون الدستوري، لا يجوز مخالفتها أو الاتفاق على مخالفتها.
ترتيبا على ذلك فإن المظاهرات أمام قصر الاتحادية عمل مباح وليس محرم أو مجرم، وعملا بالقاعدة الثابتة في قانون العقوبات المصري( أنه لا مقاومة لفعل مباح) وتطبيقا للباب التاسع من قانون العقوبات الذى نص على أساب الإباحة وموانع العقاب في المادة (60) منه التي نصت ( لا تسرى أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة) والحق في التظاهر مقرر أيضا فى الشريعة الإسلامية لذلك ليس ثمة جريمة.
وطبقا للمادة ( 40/أ) من قانون العقوبات التي نصت على أن (يعد شريكا في الجريمة : أولا: كل من حرض على ارتكاب الفعل المكون للجريمة إذا كان هذا الفعل قد وقع بناء على هذا التحريض) وتطبيقا لهذه المادة يجب أن يشكل الفعل المحرض عليه جريمة من الجرائم والتظاهر أمام قصر الاتحادية حق يحميه القانون الدولي للحقوق الإنسان وليس جريمة يعاقب عليها القانون، فضلا عن عدم معرفة الفاعل الأصلي في جريمة القتل والعنف هنا.
أما جريمة التخابر مع حماس، الاتصال بالخارج وتمثيل الدولة من اختصاصات رئيس الجمهورية، وتلك قاعدة دستورية معروفة وثابتة ومستقرة في كافة الدساتير، وقد نص عليها دستور عام 2012م في المادة (145) فنصت على ( يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية) فضلا عن أن هذا العمل يعد من أعمال السيادة التي لا تخضع للقضاء وتخرج عن ولايته، لذلك لا محل لمحاكمة الرئيس عليها، لاتصالها بالأمن القومي المصري.
وعاد الدساتير النص فيها على طريقة محاكمة رئيس الجمهورية، وقد نص على ذلك في دستور عام 2012م في المادة (152) التي نصت على ( يكون اتهام رئيس الجمهورية بارتكاب جناية أو بالخيانة العظمى، بناء على طلب موقع من ثلث أعضاء مجلس النواب على الأقل، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، وبمجرد صدور هذا القرار يوقف رئيس الجمهورية عن عمله؛ ويعتبر ذلك مانعا مؤقتا يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته حتى صدور الحكم.
ويحاكم رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة يرأسها رئيس المحكمة الدستورية العليا وعضوية أقدم نواب رئيس محكمة النقض ومجلس الدولة وأقدم رئيسين بمحاكم الاستئناف، ويتولى الادعاء أمامها النائب العام.
وينظم القانون إجراءات التحقيق والمحاكمة ويحدد العقوبة؛ وإذا حكم بإدانة رئيس الجمهورية أعفى من منصبه مع عدم الإخلال بالعقوبات الأخرى) .
الاتهامات الموجه للرئيس التحريض على قتل المتظاهرين جناية، والتخابر مع حماس تعتبر جريمة خيانة عظمى، لذلك تنطبق هذه المادة عليه، مما يجعل محاكمته أمام محكمة أخرى، باطل ولا يجوز قانونا ويكون حكمها – إن أصدرته – منعدما لصدوره من محكمة غير مختصة قانونا، ولا يقدح في ذلك كون الدستور معطل، لأن هذا الإجراء منعدم قانونا أيضا.
فضلا عما سبق، فإن هناك خصومة منعقدة بين رئيس المحكمة المعين لمحاكمة رئيس الجمهورية، وهو المستشار نبيل صليب، وهذا ثابت في مقال لسيادته نشر بجريدة الأهرام القاهرية بعنوان لم يحرك ساكنا" ويهدد بإغلاق المحاكم رداً علي محاصرة الدستورية المقالة في صحيفة الأهرام اليومية بتاريخ 1 يناير 2013، مما يطعن في حيادية المحكمة، بالإضافة إلى الخلافات التي كانت بين رئيس الجمهورية المختطف والمحكمة الدستورية العليا، ومعظم الهيئات القضائية خاصة بعد محاولة عرض قانون السلطة القضائية على مجلس الشعب المنحل بحكم منعدم، وما مؤتمرات نوادي الهيئات القضائية عنا ببعيد أشهرها مؤتمرات المستشار أحمد الزند ورفاقه خير دليل.
يترتب على كل ما سبق، أن محاكمة الرئيس الشرعي المنتخب من قبل القضاء المصري، خارج إطار القانون والشرعية، لمخالفتها المبادئ العامة والقواعد الآمرة، مما يجعلها باطلة بطلانا مطلقا، أى منعدمة قانونا، ولا يترتب عليها أى آثار قانونية.
خبير قانوني
الى الأعلى
المصدر: الجزيرة مباشر مصر
المصدر
- مقال:الموقف القانوني للرئيس المصري المنتخب موقع: إخوان الدقهلية