الضاري: لن ندخل العملية السياسية إلا إذا انسحب الاحتلال

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الضاري: لن ندخل العملية السياسية إلا إذا انسحب الاحتلال
04-05-2005


أجرى الحوار- محمد الشريف

مقدمة

- قوى المقاومة ما زالت قويةً.. وموقفها أكثر توحدًا من ذي قبل

- لأي شخص أن يتولى المسئولية بشرط: أن يكون مؤمنًا، ومخلصًا وصادقًا للعمل

- نعترض على العملية السياسية برمتها لأنها تمت في ظل الاحتلال

رئيس جديد للعراق، وتشكيل مجلس للوزراء.. بدأت القوى المحلية في انتقاد هذا التحول الذي جاء بعد عامَين على سقوط النظام العراقي.. هناك من يؤيد هذا التغيير، والبعض الآخر يشكك في نجاح هذه الحكومة الجديدة.

(إخوان أون لاين) التقت مع الناطق الإعلامي لهيئة علماء المسلمين بالعراق- الدكتور مثنى حارث الضاري- لمعرفة آخر المستجدات وقراءة المشهد العراقي الراهن في ظل التطورات الأخيرة، فكان هذا الحوار:

  • كيف تقرأ مشهد اختيار جلال طالباني "الكردي" رئيسًا للعراق واختيار إبراهيم الجعفري "الشيعي" رئيسا للوزراء؟!
نحن ننظر إلى القضية بمنظور آخر، فنرى أن الوجوه الموجودة الآن في الحكم هي نفس الوجوه التي كانت موجودةً في المؤسسات السابقة في مجلس الحكومة والمؤتمر الوطني والحكومة المؤقتة، وبالتالي لا يكون هناك تغييرٌ كبيرٌ.
أما فيما يتعلق باختيار رئيس كردي ورئيس وزراء شيعي فهذا ليس بإشكال أو إحراج لنا؛ لأننا أعلنَّا منذ بداية الاحتلال أن أي شخص يتولى المسئولية في العراق- عربيًّا كان أو كرديًّا أو شيعيًّا أو سنيًّا- لا يضرُّ، بشرطين: أن يكون مؤمنًا بالله، ومخلصًا وصادقًا للعمل الوطني، وبالتالي فإن هذه التشكيلة لا تشكل لنا قضيةً الآن، ولكنَّ المشكلةَ الأساسيةَ هي أن العملية السياسية الجارية الآن لا تحظى بالشرعية والموضوعية اللازمة لنجاح الأهداف المعلَنة.
  • البعض يتخوَّف من وجود رئيس كردي خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى نشأة دولة كردية في المستقبل!!
نعتقد خلاف ذلك تمامًا، فوجود رئيس كردي للعراق يعزِّز من كون العراق بلدًا واحدًا، وبغض النظر عن موقفنا من الرئيس الحالي فنحن نعترض على العملية السياسية برمتها؛ حيث إنها تمت في ظل الاحتلال.. لكن نعتقد أن وجود رئيس كردي سيقلل المخاوف من تقسيم العراق، والدليل أن جلال طالباني أعلن بنفسه أنه من الصعب قيام دولة كردية، وهذا خطاب لم نسمعه إلا الآن بعد أن أصبح رئيسًا للعراق، وبالتالي يكون من الصعب جدًّا وجود رئيس كردي للعراق ويدعو في الوقت ذاته إلى الانفصال.. لكن الموضوع لا يجب أن ننظر إليه بهذه الطريقة، فيجب أن ننظر إلى أن هناك حكومةً تم تشكيلُها في ظل وجود احتلال أجنبي للعراق، وهذا ما نرفضه تمامًا.
  • هل يعني ذلك أنه لن يكون بينكم وبين الحكومة الجديدة أي تعاون؟
نحن لم نتعاون مع أي حكومة من الحكومات السابقة، ونعتبر المؤسسات التي نجمت عنها مؤسسات ساهمت في إضفاء الشرعية على الاحتلال، لكن في الوقت نفسه لن نصبح سببًا في تعطيل هذه الحكومة عن تحقيق ما تعلنه من أهداف، وإن كنا نشك تمامًا أنها ستحقق شيئًا؛ لأنها غير مستقلة أو مطلقة اليد في اتخاذ القرار أو تفعل ما تريد، بعيدةً عن إرادة الاحتلال، فإرادة الاحتلال هي التي تسيِّر هذه المؤسسات، وبالتالي لن يتاح لها أن تعمل من أجل خير وصالح العراق.
  • لكن هذه الحكومة جاءت عبر صناديق الانتخابات؟
الانتخابات التي تمت تفتقد للشرعية؛ لأنها تمت على أساس قانون مرفوض هو قانون إدارة الدولة العراقية الذي فتح السبيل لتقسيم العراق، فضلاً عن أنها انتخابات تمت في ظل الاحتلال وبعيدًا عن أي رقابة دولية؛ ولذلك فهي انتخابات مطعون في مصداقيتها ونزاهتها، فضلاً عن أنها حظِيَت بمقاطعة كبيرة من أبناء العراق، زادت نسبتهم عن 42%.
  • هل تتوقع أن يسيطر على الحكومة الطابع الكردي- الشيعي؟ وهل يؤدي هذا الوضع إلى تهميش وضع السنة؟!
التهميش حاصل للخيار الوطني برمته- سنيًّا كان أو غير سنيٍّ- فالخيار الوطني مغيَّبٌ منذ الاحتلال الأجنبي للعراق، وتساهم مؤسسات الحكومة في عملية التغييب، وبالتالي نحن لا ننظر إلى الموضوع على أنه تهميش للسنة؛ لأن التهميش حاصل للسنة والشيعة والعرب والتركمان والأكراد، ولو كان الأمر قضيةَ تهميش لدخلنا الحكومة ولما قبلنا التهميش، إلا أن القضية لدينا قضيةُ مبدأ وليست قضيةً طائفيةً.
  • وهل هناك محاولات للتنسيق بينكم وبين الشيعة والأكراد وغيرهم لصياغة مشروع مقاومة موحد..؟!
التنسيق حاصل بالفعل في إطار الجبهة الوطنية المناهضة للاحتلال، إضافةً إلى المؤتمر التأسيسي الوطني العراقي المناهِض للاحتلال، فلدينا تنسيق قوي بين التيارات المتعددة.
  • هل يعني هذا أن مَن قبلوا المشاركة في الحكومة ارتضوا بأن يقفوا في خندق معادٍ لكافة طوائف الشعب العراقي.. أم أنهم يعتبرون المشاركة نوعًا من إدارة الصراع؟!
خيارات مقاومة الاحتلال كثيرة، فهناك الخيار السلمي السياسي، وهناك المقاومة المسلَّحة، فضلاً عن كثير من الوسائل الأخرى التي تنتهجها القوى السياسية العراقية، والتي تعبر من خلالها عن مواقفها.. أما الجانب الآخر فنحن لا نتهم أحدًا، ولا ننتزع الصبغة الوطنية عن أحد، ولكن من خلال الوسائل التي اتُّبِعت في التفاوض نعتقد أن الهمَّ الأساسي لمن شاركوا في الحكم هو تحقيق مكاسب شخصية.

إرادة الاحتلال هي التي تسيِّر جميع المؤسسات الحكومية

  • التاريخ الاحتلالي يؤكد أن الاحتلال عادةً ما ينصِّب من يراه مناسبًا لخلق صراع مستمر بين أبناء الشعب الواحد.. هل تنطبق هذه القاعدة على العراق؟!
هذا هو الحاصل الآن، فكل المؤسسات التي تتشكَّل يجب أن يوافق عليها الاحتلال، بعضها يحصل على مساحة مناقشة وإجراء حوار.. لكن المحصلة أنه لا يتم الموافقة إلا على الأسماء التي يوافق عليها الاحتلال، وذلك إما لأن هذه الأسماء تخدم مصالح الإدارة الأمريكية أو على الأقل لا تشكل خطورةً على مصالحها، فتلاحظ أن نفس الأسماء الموجودة الآن هي نفس الأسماء التي استعان بها الاحتلال في المراحل الماضية مع اختلاف المواقع، وهو ما نعتبره ضربةً كبرى للخيار الوطني، في محاولة لسحب البساط من تحت المقاومة والقوى المناهضة للاحتلال، فهم يحاولون- من خلال هذه التشكيلة والتركيبة- أن يروِّجوا لفكرة أن العراق كله ممثلٌ في عملية الحكم، إلا أن هذه القوى الممثلة في الحكم لا تعبر بأي حال من الأحوال عن الشعب.
  • هل هذا الوضع سيؤدي إلى صدام بين قلة في الحكم وبين القاعدة الجماهيرية؟
في ظل الظروف الراهنة قد لا يكون هناك صدام؛ لأن كثيرًا من القوى السياسية منشغلٌ في صراعه مع الاحتلال، وبالتالي لا تريد هذه القوى أن تعطي الفرصةَ لفتح معارك جانبية.

الأسماء الموجودة الآن هي نفسها التي استعان بها الاحتلال في مراحله الأولى

  • لكن المؤشرات تشير إلى أن الاحتلال سوف يستخدم الحكومة في مواجهة أبناء الشعب العراقي.. فما رأيك؟
هذا ما يحدث اليوم بالفعل، فالاحتلال شكَّل الأجهزة الأمنية لتقوم بعمليات الاقتحام التي نراها الآن بدلاً من أن تقوم بها قواته، محاولين نقل المعركة لتصبح عراقيةً- عراقية، ويعتبرون القوات العراقية وسيلةَ حمايةٍ لهم؛ حتى يقال إن الأمريكان أرحم من العراقيين أنفسهم على الشعب العراقي.
  • هل حذرتم السلطة الحاكمة من مخطط الاصطدام بالشعب؟
نحن حذرناهم كثيرًا من خلال البيانات والفتاوى واللقاءات الصحفية، وبعثنا رسائل لهم عبر القوى السياسية المشارِكة في الحكم، ولكن يبدو أن الطرف الآخر يصم آذانه، ثم إن القضية أكبر من القوى الوطنية، فالساحة العراقية مفتوحة، اللاعب الأساسي فيها الاحتلال، وبالتالي مهما حاولت أن تقلل من هذه الآثار فلن تستطيع.
  • هل تتوقعون أن تشهد الحكومة الجديدة انسجامًا بين أطرافها على ضوء الصراعات التي رأيناها بين الشيعة والأكراد على بعض الوزارات وعلى رأسها وزارة النفط؟!
في رأيي.. إن المشاكل سوف تتسع مع بدء عمل الحكومة الجديدة، إضافةً إلى المشكلات الأخرى التي بدأت تظهر في الحكم، فبعض قيادات الشرطة في محافظات مختلفة يُعزَلون من قِبَل الحكومة ولا يمثلون لهذه الأوامر ويبقون في مناصبهم، وأعتقد أن هذا الأمر سوف يتكرر مع مسئولين سياسيين في بعض الوزارات.

الحكومة العراقية الجديدة في موقف صعب

  • وكيف ترى مستقبل هذه الحكومة؟
بغض النظر عن موقفنا من هذه الحكومة، فنحن نعتقد أنها في موقف لا تُحسَد عليه أبدًا، فهي حكومة انتقالية لمدة ثمانية أشهر، وأمامها ملفات مضطربة جدًّا، عليها أن تحسمها، كما أنها مكلفةٌ بصياغة الدستور والإشراف على الاستفتاء بعد أقل من 6 أشهر، وبالتالي متوقَّع أن يحدث كثيرٌ من المشكلات التي ستؤثر عليها.
  • وزير خارجية بريطانيا طالب بجدولة الانسحاب من العراق، بينما ألمح بوش إلى صعوبة الانسحاب.. على ضوء ذلك هل تتوقع انسحاب قوات الاحتلال من العراق؟
قوات الاحتلال تشعر بورطة كبرى من جرَّاء الخسائر اليومية التي تتكبدها، وأظن أن مطلب جدولة الانسحاب بدأ يترسخ الآن، كما أظن أن بوش والإدارة الأمريكية مقتنعون تمامًا بضرورة الانسحاب بعد الخسائر الكبرى التي يتكبدونها، فضلاً عن الوضع السياسي المضطرب.. إلا أنهم لا يعلنون عن ذلك، ويسعَون للخروج بصورة تحفَظ ماء الوجه وتوحي في الوقت ذاته بأنهم منتصرون.
  • هل تعتقد أنهم سيخلِّفون وراءهم "قرضاي" جديد؟!
قد يكون هناك "قرضايات" إلا أن الوضع في العراق غير مؤهل لقرضاي جديد، فالوضع لدينا يختلف كثيرًا عن الوضع في أفغانستان، فالقوى المناهضة للاحتلال لا تزال قويةً، وموقفها أكثر توحدًا من القوى الموجودة في أفغانستان، ورقعة مساحة المقاومة لدينا أكبر بكثير من مساحة المقاومة هناك، فضلاً عن أن بعض القوى المشارِكة في العملية السياسية تعد الوجود الأمريكي احتلالاً، إضافةً إلى أن المنطقة برمَّتها متأثرةٌ بالوضع في العراق أكثر من تأثُّرها به في أفغانستان.
  • احتلال العراق كلَّف الاحتلال كثيرًا وكبَّده خسائر أكبر.. هل بعد كل ذلك من السهل أن يترك الاحتلال العراق دون أن يعوضه عن خسائره؟
الفاتورة تُدفع يوميًا من المؤسسات النفطية العراقية، فضلاً عن أنهم استولوا على أموال العراق المجمدة في مختلف دول العالم، ونهبوا السيولة النقدية من المصارف- وعلى رأسها البنك المركزي- حتى بلغت نسبة ما استولوا عليه أكثر من 75 مليار دولار حتى الآن؛ إضافةً إلى ذلك فقد اقتنعوا- والأيام سوف تزيدهم اقتناعًا- أن تواجدهم كنفوذ أو كجماعات ضغط في العراق أقل كلفةً وخسارةً لهم من وجودهم المباشر بقوات مسلحة، إلا أن وجود قواتهم ضروري الآن- بالنسبة لهم- لإعطائهم السيطرة؛ ولذلك تلاحظ انتشارهم الآن بصورة أكثر من ذي قبل في شوارع العراق لإعطاء هذا الانطباع.
  • ألا يدفعكم يقينكم بانسحاب الاحتلال أن تشاركوا في الحكومة الراهنة حتى تكونوا مشاركين في حكم العراق مستقبلاً؟
أعلنا في تجمع القوى الوطنية أن الدخول في العملية السياسية غير ممكن إلا إذا أعلن الاحتلال عن جدولة الانسحاب.. حين ذاك سوف ندعو الجميع للدخول في العملية السياسية.

المصدر