الصومال -1 بقلم موقع الإخوان
البحر الأحمر في التاريخ والجغرافيا:
مثّل البحر الأحمر منذ القِدمَ حلقة وصل بين الحضارات التي قامت بمحاذاة سواحله من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب؛ فمن حضارات اليمن القديمة وأرض الشام إلى حضارات حوض النيل وبلاد القرن الأفريقي.
وهو يمثّل اليوم جسر عبور بين أوروبا وشمال أفريقيا المطلتين على البحر الأبيض المتوسط، وبين جنوب وجنوب غرب آسيا، وشرق أفريقيا المطلة على المحيط الهندي؛ حيث تنتقل سفن البضائع التجارية، وناقلات النفط والغاز، وسفن النقل والسياحة والصيد، بل وحتى السفن والقطع الحربية الغازية؛ فقد وجدت في البحر الأحمر أقصر طريق.
وقد أخذ البحر الأحمر أهميته في العصر الحديث عقب افتتاح قناة السويس (عام 1869م)، ولا نبالغ إذا قلنا: إنه من أنشط البحار العالمية في مجال الحركة والملاحة البحرية، إلى الحد الذي أصبحت معه قناة السويس مصدر دخل قومي مهم لدولة مصر، التي تتحكم منفردة بهذا الممر البحري الحيوي.
وقد جاءت أهمية البحر الأحمر للمنطقة العربية من كونه معبراً مهماً للملاحة الدولية.
وقد تنافست الدول الاستعمارية في سبيل التحكم بمنافذه، والاستيلاء على أهم المدن المطلة عليه، كما وضعته إسرائيل(1)، في أجندتها الاستراتيجية منذ قيامها، لكنها بدأت في توسيع نفوذها عليه بعد حرب أكتوبر 1973م.
ولعل أهم نقطتين استراتيجيتين فيه هما: قناة السويس، ومضيق باب المندب؛ لأنهما تتحكمان في دخول السفن إليه وخروجها منه، وهما لذلك بوابتاه الأمنيتان.
ويأخذ البحر الأحمر أهميته في الأمن القومي العربي في ظل تهديدات التوسع الإسرائيلي، والاحتلال الأمريكي القادم إلى المنطقة، والتنافس الأوروبي في إيجاد موطن نفوذ عليه. وإذا كان الأمن القومي العربي قد تعرض للتهديدات؛ نظراً لأسباب كثيرة: منها الثروات الطبيعية التي تتمتع بها الأراضي العربية، والموقع الجغرافي الذي بموجبه تسيطر المنطقة العربية على جسور بحرية وبرية مهمة تربط قارات العالم، بل وتُشكّل معابر إستراتيجية مهمة فيما بينها، فإنه اليوم يواجه أشد هذه التهديدات على دوله المحيطة بالبحر الأحمر؛ ليفقد قدرته على التحكم بخطوط التجارة بعد أن فقد مصادر الثروة في العراق.
لقد أصبح الوجود العسكري الأجنبي في البحر الأحمر ضمن الإستراتيجيات الكبرى للقوى الدولية، وبالذات منها الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وإسرائيل.
البحر الأحمر، والأمن القومي(1) العربي:
إن الأمن القومي العربي يجسد وحدة واحدة، ولا يمكن بحال التحدث عنه كأجزاء منفصلة، أو مترابطة؛ ذلك أن تاريخ المنطقة ومنظومتها الثقافية، والاجتماعية وهويتها الحضارية ومصالحها ومصيرها غير منفك بعضه عن بعض، وبدون مبالغة مثّلت هذه المنطقة واقعاً ملموساً لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم - : «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» .
والأمن القومي العربي يمثل الأمن القومي لقلب العالم الإسلامي، باعتبار موقعه المكاني والتاريخي والحضاري. وإذا كان الأمن القومي لدولة ما أو مجموعة دول يشمل الميادين السياسية والاقتصادية، والأمنية والاجتماعية، والثقافية والتقنية، ويرتبط بحركة وتغيرات المحيط الخارجي له؛ فمن باب أولى أن يرتبط بحركة وتغيير أعضائه الذين يشكّلون جسده.
لقد كان الوطن العربي بِرُمّته بأرضه ومنافذه، وثرواته محط أطماع، وصراع بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية سابقاً، وقد أعطت له ظروف الحرب الباردة مجالاً للمناورة والموازنة في العلاقات والتهديدات، لكنه اليوم عاجز ـ كما يبدو ـ عن الاستقلال بإرادته والتحكم بمصيره؛ نظراً لغياب مفهوم الوحدة الحقيقية على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ووجود دوافع الفرقة والشقاق التي ولدتها الصراعات السياسية والولاءات الفكرية.
لقد عمل الغرب على ربط الدول العربية بشبكة استثمارات اقتصادية ـ يدور معظمها حول النفط ـ ليوجد غطاء مناسباً لوجوده في المنطقة؛ وفي الوقت ذاته عمل على إيجاد موطن قدم له في دول غير عربية، مثل: أريتريا، وإثيوبيا؛ لتأمين وجود قواته مقابل المنافذ البحرية للبحر الأحمر. وفي خطوة أبعد من ذلك جعل من وجود قواته ضرورة عربية قبل أن تكون ضرورة أمريكية.
ويتفق الباحثون على أن أهم أهداف القوى الاستعمارية في البحر الأحمر اليوم هي:
- تأمين استمرار تدفق النفط، والغاز من الدول المنتجة في الخليج العربي.
- تأمين طرق الملاحة العالمية بالمنطقة لصالح الغرب.
- تحقيق النفوذ الاقتصادي في المنطقة، واستغلال الموارد الخام، والثروات الطبيعية، والوصول إلى الأسواق العالمية بيسر وسهولة.
- تكريس الوجود الأمني والعسكري، وتسهيل حركته في سبيل تحقيق الرؤى السياسية والخطط الاقتصادية.
ومن ثم عززت الإدارة الأمريكية إبّان حرب الخليج الأولى من وجود أساطيلها البحرية على منافذ البحر الأحمر، وبالأخص منفذه الجنوبي؛ وقد سعت مراراً في الضغط على اليمن للحصول على تسهيلات، وقواعد بحرية في جزرها المتحكمة بباب المندب أو قبالة عدن أو في جزيرة سقطرة.
وهي أيضاً في مقابل سعيها الحثيث لإقناع دولة كاليمن للحصول على تسهيلات أو قواعد عسكرية، تدفع بالنزاعات الإقليمية التي تهدد قدرة حكومة كاليمن على التأثير والسيطرة على منافذها المطلة على باب المندب وخليج عدن، وما منازعة إريتريا لجزر حنيش إلا جزء من هذا السيناريو الذي يراد من ورائه تدويل هذه النزاعات، وفرض وجود القوى الدولية ـ والتي غالباً ما تكون في مثل هذه الظروف أمريكية وأوروبية.
هذه النزاعات بالطبع أثرت على تعاطي الحكومة اليمنية تجاه تقديم تسهيلات للأساطيل الحربية للقوات الأمريكية المرابطة في المحيط الهندي أو العابرة، كما وقع في حرب واشنطن على أفغانستان وعلى العراق، خاصة وأن دول القرن الأفريقي المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن مغيّبة تماماً عن التأثير، بل لا وجود لها كما هو الحال مع الصومال.
وفي حين تمهّد الولايات المتحدة لبناء قواعد إستراتيجية في المنطقة العربية بالبحر الأحمر، أبدت واشنطن اهتماماً مكثفاً في الآونة الأخيرة بالقرن الأفريقي؛ باعتبار تأثيره الأمني على المنطقة، وأمن الملاحة فيها؛ لذا جاءت تحركات الإدارة الأمريكية مع المجتمع الدولي ـ الذي تحركه من ورائها ـ لإنجاح المصالحة الصومالية، وإعادة الأمن والاستقرار، وإقامة دولة مركزية.
الصومال الموقع الجغرافي والسكان:
الصومال دولة عربية إسلامية تقع في الشرق الإفريقي في المنطقة المعروفة بـ"إفريقيا الشرقية"، يحدها من الشرق خليج عدن والمحيط الهندي، ومن الغرب إثيوبيا ومن الغرب الشمالي جيبوتي، ومن الغرب الجنوبي كينيا. وقد أغرى هذا الموقع المتميز الغرب الأوروبي فقد احتل البريطانيون جزءا من أراضيها وأنشأوا في الجزء الشمالي منها محمية عرفت باسم الصومال البريطاني. كما احتلها الإيطاليون وأنشأوا على ساحلها الشرقي محمية عرفت باسم الصومال الإيطالي. وفي عام 1941م احتل البريطانيون الصومال الإيطالي إلا أن الإيطاليين استعادوا سيطرتهم مرة أخرى على محميتهم عام 1950م.
مساحتها 637.000 كيلو متر مربع، وتعدادها السكاني يقارب العشرة ملايين نسمة، تبلغ نسبة الأمية بينهم حوالي 63 % .
ولكي يتضح لنا معدل النمو السكاني بالصومال نعرض لبعض الإحصاءات: ففي تعداد فبراير لعام 1975م كان عدد السكان 3.253.024 نسمة، بينما بلغ في تعداد عام 1987م 7.114.431 نسمة. وقُدِّر عدد سكان الصومال سنة 1991م بنحو 7.734.000 نسمة، أما في عام 1996م، فقد تقلص عدد السكان إلى 6.872.000 نسمة، وتقلص أكثر عام 1998م فأصبح 6.842.000 نسمة. وقدِّرت الكثافة السكانية بنحو 107 شخصًا لكل كم². وتصل نسبة سكان الريف إلى 62.8% وسكان المدن إلى 37.2% .
أما عن الديانة، فإن غالب شعب الصومال من المسلمين السنة، مع وجود أقلية تكاد لا تذكر من المسيحيين، ويتبع غالبية السكان المذهب الشافعي، ومن المعروف تاريخياً أن أول هجرة إسلامية اتجهت إلى الساحل الشرقي لإفريقيا كانت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم حينما خرج جعفر بن أبي طالب وغيره من الصحابة من مكة إلى الحبشة. وكان ذلك قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة بنحو ثماني سنوات. وتنتشر في الصومال عدة طرق صوفية منها القادرية والصالحية والإدريسية والدندرية والأحمدية.
ويتحدث الصوماليون اللغة الصومالية وهي من اللغات الكوشية التي تضم بضعاً وثلاثين لغة ولهجة وتنتشر في شرقي إفريقيا. وتقدر نسبة الكلمات العربية في اللغة الصومالية بأكثر من 30%. وكان الصوماليون يكتبون لغتهم بالحروف العربية بصفة عامة حتى سنة 1972م ، حينما أعلن محمد سياد بري رئيس مجلس الثورة في 21 أكتوبر سنة 1972م، كتابة اللغة الصومالية بالحروف اللاتينية بضغط من بعض الجهات الأجنبية المعادية للغة العربية. وفي سنة 1974م انضمت الصومال إلى جامعة الدول العربية، واتخذت من اللغة العربية اللغة الرسمية للبلاد .
الخريطة السياسية للصومال
جمهورية الصومال تُعرف بالقرن الإفريقي، وهو أقصى امتداد لإفريقيا صوب الشرق. وتمتد أراضيها بين خطَّيْ عرض 12° شمالاً 3َ9 1° جنوباً، وبين خطَّيْ طول 41° و51° شرقاً. وتطلُّ على خليج عدن من جهة الشمال بساحل يزيد طوله على 1.000 كم، وعلى المحيط الهندي بساحل يزيد طوله على 2.100 كم. ويزيد طول الحدود البرية للصومال على 2.380 كم منها 61 كم مع جيبوتي في شمال غربي الصومال، 1.645 كم مع أثيوبيا في الغرب والشمال الغربي، و682 كم مع كينيا في الجنوب الغربي، وأقصى امتداد للصومال من الشمال إلى الجنوب 1.529 كم، وأقصى امتداد من الشرق إلى الغرب 1.175 كم .
تبلغ مساحة الصومال نحو 637.000 كم² على أن الصوماليين ينتشرون في مساحة لا تقل عن مليون كم² فيما يُطلق عليه الصوماليون الصومال الكبير . حيث تقع بعض أجزاء الصومال الكبير في غربي أثيوبيا وشمالي كينيا.
ويتميز سطح الصومال بأنه هضبي المظهر، بصفة عامة، مع وجود بعض السهول الساحلية وسهول نهري جوبا وشبيلي. ولا توجد منطقة جبلية بمعنى الكلمة إلا في الإقليم الشمالي الذي كان يُعرف فيما مضى بالصومال البريطاني، حيث تمتد المرتفعات بصفة عامة من الشرق إلى الغرب بمحاذاة خليج عدن حتى رأس غردافوي. وأعلى قمم الصومال سورود عد التي يصل ارتفاعها إلى 2.408 م، وتقع بالقرب من مدينة عيرغابو. وعموماً فإن النطاق الجبلي يمتد في الصومال شمالي درجة عرض 10° شمالاً. ويفصل النطاق الجبلي عن الساحل سهل غوبان (أي الأرض المحروقة) بسبب جفافه وارتفاع درجة حرارته معظم فصول السنة. ويتفاوت اتساع سهل غوبان الساحلي بين 3 كم إلى 60 كم. وأهم ما يميز سطح جنوبي الصومال وجود نهرين دائمين هما نهر جوبا وشبيلي، اللذان ينبعان من هضبة أثيوبيا في الغرب. ويصب نهر جوبا في المحيط الهندي بالقرب من كسْمايو، لكن نهر شبيلي لا يصل إلى المحيط بسبب وجود كثبان رملية تحول دون وصوله، ولذا ينتهي في بعض المستنقعات أو في منطقة رملية بالقرب من جِلِب على بعد 300 كم من المحيط جنوب غربي مقديشيو.
حصلت الصومال على استقلالها عام1960م، وانضمت للأمم المتحدة في العام ذاته، وجاء انضمامها للجامعة العربية متأخراً (1974م).
الأوضاع الاقتصادية:
الصومال بلد غني بالثروات الطبيعية غير المستغلة مثل الحديد واليورانيوم والقصدير والملح، ومؤخرا تم اكتشاف الغاز الطبيعي والنفط بكميات كبيرة تسمح بتصديره إلى جانب النحاس والموز ..
وتعتمد الصومال اعتماداً كبيراً على الثروة الحيوانية حيث تُغطِّي المراعي الطبيعية نحو 50% من مساحة البلاد. وتصل نسبة الرعاة إلى 60% من مجموع السكان. وللدلالة على أهمية الرعي يكفي أن نشير إلى أن اسم الصومال اشتق من فعل سومال أي اذهب واحِلب.
وتعتبر تربية المواشي حرفة غالبية السكان، ويقول الخبراء أنه إذا تم تطوير هذا القطاع فمن الممكن أن تصبح الصومال من الدول الرئيسة في تصدير اللحوم ومشتقات الألبان .
هذا إلى جانب أن شواطئ الصومال غنية بالثروة السمكية وتُمارس حرفة صيد الأسماك وخصوصًا في السواحل الشمالية. وتقدر نسبة العاملين بصيد الأسماك بنحو 1% من الأيدي العاملة، وأهم الأسماك على السواحل الصومالية التونا، والسردين، والروبيان. وتمثل الأسماك 4% من قيمة الصادرات. وبسبب الجفاف الذي تتعرض له البلاد يتحول بعض الرعاة إلى حرفة صيد الأسماك.
كما أن أغلب أراضي جنوب الصومال أراض زراعية وتُقدر نسبة الأراضي الصالحة للزراعة بنحو 12% من المساحة الكلية (نحو 8 ملايين هكتار). وهناك نوعان من الزراعة: زراعة تعتمد على مياه الأمطار، مثل زراعة الحبوب(الذرة، الذرة الرفيعة، واللوبيا). وكثيراً ما تتعرض الزراعة المطرية لموجات الجفاف كما حدث في النصف الثاني من عام 1983م. والنوع الثاني من الزراعة هو الزراعة التي تعتمد على مياه نهري شبيلي وجوبا (نحو 70.000 هكتار)، وغالباً ما يُسمى هذا النمط من الزراعة بالزراعة التجارية. وأهم حاصلاتها الموز والباباي وقصب السكر والقطن والجريب فروت والفول السوداني. ويأتي الموز في مقدمة صادرات الصومال الزراعية حيث صُدِّر منه سنة 1987م 80 ألف طن.
كذلك توجد بعض الصناعات الخفيفة مثل صناعة السكر في جوهر ومريري التي يصل إنتاجها إلى نحو 50 ألف طن وصناعة تعليب اللحوم في مقديشو وكسْمايو، وصناعة الإسمنت في بربرة (أنشئ المصنع عام 1985م) وتكرير النفط، وصناعة حلج القطن وغزله ونسجه في بلعد، وصناعة الزيوت وتعليب الأسماك في لاس قوري، ودبغ الجلود والصناعات الجلدية والحُصُر.
وبالنسبة للتعدين فقد أثبتت الدراسات وجود اليورانيوم والقصدير والمرو وخام الحديد، ولا يُستغل تجارياً إلا القصدير.
وتُعد الصومال إحدى الدول القليلة في العالم التي تنتج البخور والمُرِّ واللُّبان في الشمال الشرقي.
ولا ننسى وسط هذا سيطرتها على بوغاز باب المندب وطريق التجارة المارة منه فضلا عن ناقلات البترول وكون هذا الموقع المتحكم فيه له نفوذ استراتيجي مميز .
العُمْلة هي الشلن الصومالي، وقد قُدِرت قيمته في ديسمبر 1991م بنحو 270 شلناً صومالياً للدولار الأمريكي. وكان سعر الدولار سنة 1985م 39.5 شلن تقريباً، ثم أصبح سنة 1986م 72 شلنًا. وفي مطلع عام 1999م بلغ 2.620 شلنًا.
الناتج الوطني الإجمالي بلغ هذا الناتج سنة 1989م 1.7 مليار دولار، وبلغ نصيب الفرد من الناتج القومي 221 دولاراً. بينما بلغ 706 مليون دولار عام 1996م، وانخفض نصيب الفرد إلى 110 دولارات.
وبلغت قيمة الصادرات عام 1995م 145.000.000 دولار أمريكي، وأهم الصادرات: الموز، والجلود، والماشية، والبخور، واللُّبان. وبلغت قيمة الواردات في عام 1995م 193.000.000 دولار أمريكي. وأهم الواردات: المواد الغذائية والمشروبات والسجاير والمنسوجات والنفط ومشتقاته (31% تقريباً من قيمة الواردات)، ومواد البناء والأجهزة والآلات ووسائل النقل.
وأهم الدول التي تستورد منها الصومال هي كينيا 28%، وجيبوتي 21%، والمملكة العربية السعودية 6%، والبرازيل 6%. وأهم الدول التي تُصَدِّر إليها الصومال سلعها هي المملكة العربية السعودية التي تستورد نحو 55% من صادرات الصومال، واليمن 19% وإيطاليا 11% ودولة الإمارات العربية المتحدة 9% .
يتسم مناخ الصومال بأنه مداري حار جاف وشبه جاف، والتغُّير في درجات الحرارة بين فصول السنة قليل. ففي الأراضي المنخفضة يتراوح المعدل الحراري ما بين 30° و40°م في شمالي الصومال، وما بين 18° و40°م في جنوبي الصومال. والمعدل السنوي العام للأمطار يصل إلى 28سم. ونادراً ما تزيد كمية الأمطار على50سم، في السنة. ويمكن تمييز أربعة فصول مناخية سنوياً بالصومال، اثنان منهما ممطران هما الربيع وهو فصل المطر المهم، ويستمر من شهر مارس إلى مايو وأحياناً يونيو، وفصل الخريف وهو أقل مطراً من الربيع ويستمر من سبتمبر إلى نوفمبر، وتُقدَّر نسبة أمطاره بنحو 30% من كمية المطر السنوية. وعلى الرغم من أن الصومال تتعرض لهبوب الرياح الموسمية الشمالية الشرقية في فصل الشتاء، والموسمية الجنوبية الغربية في الصيف، إلا أن هذه الرياح تهب بموازة الساحل ولهذا يكون تأثيرها قليلاً وأمطارها قليلة كذلك.
الدين والتدين في الصومال:
الصوماليون مسلمون سُنة 100%، وغالبيتهم يلتزمون المذهب الشافعي، وهم مجتمع قبلي محافظ ومتدين. والإسلام في الصومال قديم جداً، ولا يزال حاضراً في المجتمع الصومالي من خلال التعليم التقليدي، والذي يقام في المساجد والزوايا ومدارس تحفيظ القرآن الكريم، أو ما يعرف بالكتاتيب؛ وهنـا يدرس القـرآن الكــريم للأطـفال، ولا تطال الحروب ـ كما هي العادة ـ هذه الأماكن ومرتاديها؛ فلا يجوز قتل مدرس القرآن كعُرف قبلي.
وعلى عكس ما هو الحال في عدد من البلدان العربية فإن العودة إلى ممارسة الشعائر الإسلامية، وتعلم مبادئها أصبحت ظاهرة لدى الفئات الشبابية من الطبقات الميسورة والمتوسطة، وهذه الظاهرة تنامت في العقد الأخير؛ حيث إن الموظفين وصغار التجار من الشباب مهتمون بتعلم العلوم الإسلامية، ويرتادون المساجد أكثر من غيرهم. وعلى رغم الظروف الصعبة إلا أن الصوماليين حريصون على أداء فريضة الحج سنوياً.
وتنتشر في الصومال المحاكم الشرعية التي أصبح يرجع إليها الناس في فضّ النزاعات، وتحقيق العدل وإقامة الحدود، وإجراء عقود الزواج والطلاق، وغير ذلك. كما يشارك الصوماليون المسلمين في أنحاء العالم مشاعرهم وآلامهم؛ فقد شهدت العاصمة مقديشو عدداً من المظاهرات الشعبية لأيام متتالية، وفي كبريات المدن الصومالية الأخرى ضد الحرب الأمريكية على العراق، وصام الناس في بعض المدن سبعة أيام، وقرؤوا صحيح البخاري: كتقليد صومالي لنصرة العراقيين إبّان الحرب، كما شهدت المساجد أدعية وخطباً بهذه المناسبة.
وهناك جهود حثيثة لتنصير اللاجئين الصوماليين في دول مختلفة تحت غطاء المساعدات الإنسانية. بل هناك العديد من المنظمات العاملة في الصومال من أجل تنصير المسلمين. وقد حاول بعض منهم تمرير محاولة إثبات وجود طائفة نصرانية في مؤتمر المصالحة؛ فقد تقدمت منظمة مسيحية تطلق على نفسها اسم «المجتمع المسيحي» بطلب تمثيل المسيحيين الصوماليين بالمؤتمر المنعقد في مدينة الدوريت الكينية في فبراير 2003م؛ لكن اللجنة المنظمة رفضت الطلب. وجاء في طلب رئيس منظمة «المجتمع المسيحي الصومالي» أحمد عبد أحمد رغبته في الاعتراف بهم كأقلية لها حقوقها السياسية والاجتماعية في البلاد، وبأنهم مواطنون كغيرهم من الأكثرية المسلمة في الصومال؛ وأن أتباع المنظمة التي تأسست عام1960م يقدرون بـ 13 ألفاً يقيمون داخل الصومال وخارجها.
وقد نفت رابطة العلماء في الصومال(1) ـ في بيان لها صدر بتاريخ 17/2/2003م ـ وجود أقلية نصرانية في المجتمع الصومالي، واصفة هؤلاء بأنهم «مرتدون يجب تطبيق أحكام الشريعة عليهم» . وأضاف بيان العلماء بأن ما حدث عبارة عن استفزاز لمشاعر المسلمين في الصومال الذين يدينون بالإسلام، وطالب الأطراف الصومالية المشاركة في مؤتمر المصالحة بعدم السماح «للمرتدين» بالمشاركة في المؤتمر، وإنزال عقوبة الإعدام بهم إذا عادوا إلى البلاد، أو وجـدوا فيها كما تنـص الـشريعة الإسـلاميـة.
لمحة تاريخية:
خضعت الصومال للإمبراطورية الحبشية خلال الفترة من القرن الثاني وحتى السابع الميلاديين. كان مطلع القرن الثاني عشر الميلادي بداية صبغ هذه البقعة من شرق إفريقيا بالطابع العربي نتيجة قدوم التجار العرب إليها عبر خليج عدن حيث استوطنها العرب منذ ذلك الحين وأصبحت عاصمتها مجاديشو أو مقديشو مركزا تجاريا هاما على الساحل الشرقي لإفريقيا .
وعند ظهور الإسلام اتجهت أول هجرة إسلامية إلى ساحل إفريقيا الشرقي. ومن أشهرها تلك التي حدثت في القرن الثاني الهجري، واستقر المهاجرون على ساحل المحيط الهندي، وأسسوا بعض المستوطنات. ومن أشهر البعثات التي جاءت تدعو إلى الإسلام في الصومال تلك التي وفدت من حضرموت في أوائل القرن الخامس عشر الميلادي، وتألف من أكثر من أربعين داعية نزلوا في بربرة على ساحل خليج عدن. ومن هناك انتشروا في البلاد ليدعوا إلى الإسلام.
الأطماع الأوروبية في الصومال
تُعَدُّ البرتغال أولى الدول الأوروبية التي وصلت إلى ساحل الصومال سنة 1515م بناء على استنجاد الأحباش بهم حينما طلبوا المدد من البرتغاليين بسبب انتصار المسلمين عليهم. وتمكَّن البرتغاليون من تدمير مدينتي بربرة وزيلع، واستولوا على بعض الموانئ.
وحاولت مصر بعد عدة قرون أن يكون لها دور في الإشراف على الملاحة في البحر الأحمر، ومنع السيطرة الأوروبية عليها، والقضاء على تجارة الرقيق، فاستطاعت الحصول على مصوع وسواكن سنة 1865م. ووصل الجيش المصري إلى بربرة وهرر سنة 1875م، وإلى براوة وكسْمايو التي أُطلق عليها بور إسماعيل، إلا أن وصول المصريين إلى هذه الجهات أزعج البريطانيين، فتدخلت الحكومة البريطانية وتم انسحاب المصريين.
بدأت بريطانيا تتطلع إلى ساحل إفريقيا الشرقي منذ أن احتلت عدن سنة 1839م. وعندما خرج المصريون من زيلع وبربرة استولى البريطانيون عليهما سنة 1883م.
أما بالنسبة لإيطاليا فقد اتجهت إلى الصومال، واشترت ميناء عصب سنة 1869م. وبدأت في سلسلة من معاهدات الحماية، نظير مبالغ من المال، مع شيوخ الساحل الصومالي وسلاطينه. وتم تأجير كسمايو سنة 1889م، ومقديشو سنة 1892م. وأعلنت إيطاليا حمايتها على الصومال الجنوبي عام 1896م.
ولم تقف فرنسا موقف المتفرج بالنسبة للصومال، فأسرعت إلى شراء ميناء أوبوك الواقع في جيبوتي سنة 1862م. وعندما نُفَّذ مشروع قناة السويس رأت فرنسا ضرورة وجود ميناء للوقود لها في هذا الطريق البحري، وتمكنت في سنة 21 سبتمبر 1884م من عقد اتفاق مع سلطان تاجورة، أعطى به هذا الأخير بلاده لفرنسا. ولئن كان هناك تنافس استعماري بين فرنسا وبريطانيا كانت ضحيته إفريقيا، إلا أنهما في سنة 1888م قد تلاقتا على أن تكون جيبوتي لفرنسا وزيلع لبريطانيا.
وقاوم الصوماليون قوات الاحتلال من بريطانيين وإيطاليين وأثيوبيين. وقاد الزعيم محمد عبدالله حسن الصومالي المقاومة الوطنية ابتداءً من عام 1899م حين أعلن الجهاد ضد المستعمرين. واستمر يقاتل حتى تُوفِّي سنة 1920م، بعد أن جاهد أكثر من عشرين سنة، وحقق بعض الانتصارات.
وحينما قامت الحرب العالمية الثانية، استطاعت إيطاليا أن تحتل الصومال البريطاني عام 1940م، إلا أن بريطانيا استطاعت أن تُلْحِق هزيمة كبيرة بإيطاليا عام 1941م. وتمكنت من احتلال الصومال الإيطالي. ولكن الإيطاليين استعادوا سيطرتهم مرة أخرى على محميتهم عام 1950م. وفي عام 1948م، استطاعت أثيوبيا أن تُعيد سيطرتها على الأوجادين.
وفي عام 1950م وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على إنشاء الوصاية على الصومال. وقبل أن تخرج بريطانيا من الصومال وضعت بذور المشكلات المتعلقة بالحدود بين الصومال وأثيوبيا في الغرب، وبين الصومال وكينيا في الجنوب، فبريطانيا هي التي سلَّمت الأُوجادين للحبشة، وهي التي سلَّمت إقليم إنفدي لكينيا.
في 15 أكتوبر 1969، تم اغتيال الرئيس الصومالي شارماركي، بعدها بستة أيام قام القائد الأعلى للجيش محمد سياد بري بانقلاب عسكري تولى من خلاله الحكم، في عام 1977 خاض سياد بري بالصومال حرباً ضد إثيوبيا من أجل استعادة إقليم أوجادين، واستطاعت القوات الصومالية في عامي 1977م و 1978م السيطرة على معظم إقليم أوجادين، إلا أن القوات الصومالية أُجبرت على الانسحاب نتيجة لظروف دولية، ومساندة بعض القوى الكبرى لأثيوبيا، وقد تجاهلت الحكومة الصومالية بقيادة بري التنمية الداخلية خاصة في الإقليم الشمالي، وذلك ما كان له أكبر الأثر في التعجيل بانتفاضة الشمال العسكرية، ثم الانتفاضة العسكرية في الوسط والجنوب.
وفي عام 1988م تم توقيع اتفاقية سلام بين أثيوبيا والصومال، وفي نفس السنة بدأت عناصر الثوار عملها للإطاحة بالحكومة الصومالية واتَّحدت فصائل المعارضة الصومالية ونجحت في الإطاحة بالحكومة الصومالية سنة 1991م. أدى انقسام رفقاء السلام من فصائل المعارضة إلى اندلاع حرب أهلية مأساوية راح ضحيتها كثير من الصوماليين وأشاعت الخراب والدمار في البلاد.
وفي أكتوبر 2000م، اتفقت الفصائل الصومالية، في مدينة عرتة بجيبوتي، على اختيار عبده قاسم صلاة حسن رئيساً للبلاد، كما تم تعيين علي خليف جيلط رئيساً للوزراء.
وفي مساء الأحد 10-10-2004م انتخب رئيس أقليم بونت لاند عبدالله يوسف أحمد رئيسا للصومال في الانتخابات التي أجراها النواب الصوماليون في نيروبي..
العلم الصومالي:
وعلم الصومال الحديث تتوسطه نجمة خماسية، يقول أهل الصومال أنها تعبر عن أقاليم الصومال الخمسة، منها ثلاثة أقاليم لا تخضع للحكم الصومالي بالفعل، فأراضي الصومال التي يرغب الصوماليون في العيش عليها، ويطلق عليها الصومال الكبير تتكون من خمس أقاليم ..
أول هذه الأقاليم، هو إقليم "العفر والعيسى" ويطلق عليه "أرض العفر والعيسى الفرنسية" وهو الآن يشكل دولة "جيبوتي" .
والإقليم الثاني هو الصومال الغربي؛ أو إقليم أوجادين، أو إقليم أوجادينيا؛ ضمه الاحتلال البريطاني إلى إثيوبيا عام 1954 وما زال تحت سيطرتها إلى الآن . ثالث الأقاليم غير الخاضعة للعلم الصومالي هو إقليم جن
وب غربي الصومال، وهو إقليم الحدود الشمالية الكينية؛ ضمته كينيا إلى كامل أراضيها عام 1963 . رابع أضلاع النجمة يعد أول الأقاليم الصومالية حتى الآن وهو أرض الصومال البريطاني؛ أو صومالي لاند؛ يقع في الشمال الغربي للبلاد وحصل على استقلاله من البريطانيين في 26 يونيو 1960.
بعدها بستة أيام حصل على الاستقلال خامس الأقاليم، إقليم صومالي لاند، وتحديدا أرض الصومال الايطالي؛ صوماليا.. ويقع هذا الإقليم جنوب ووسط الصومال الحالي وصولا إلى شماله الشرقي.
نظام الحكم:
حينما استقل الصومال الإيطالي والصومال البريطاني تم اتحادهما في الأول من يوليو عام 1960م، وكَوَّنا جمهورية الصومال. وتم انتخاب آدم عبدالله عثمان رئيساً للجمهورية الجديدة. وتم تأسيس جمهورية الصومال الديمقراطية المبنية على التعددية الحزبية. وكانت الانتخابات البرلمانية للجمعية الوطنية والتي تألفت من 123 مقعدا تُعْقد كل أربع سنوات. وبلغ عدد الأحزاب المتنافسة 86 حزباً. وظل هذا الأمر سائداً حتى أكتوبر 1969م حينما اختير محمد سياد (زياد) بري رئيساً للمجلس الأعلى لقيادة الثورة بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالنظام السابق. ثم اختير فيما بعد رئيساً للجمهورية، فأوقف العمل بالدستور، وألغى الأحزاب السياسية، وغير اسم الدولة إلى جمهورية الصومال الديمقراطية، وأصبحت كل السلطات الحكومية في يده ويد مجلس الثورة . وبالنسبة للقضاء، فحتى أكتوبر 1969م كانت المحكمة العليا هي أعلى سلطة قضائية في البلاد. وكانت تمارس سلطاتها القضائية في الأمور المدنية والإدارية وفرض العقوبات في إطار الحقوق الدستورية، وكانت هناك محاكم للأقاليم والمقاطعات، إلا أن إعلان الصومال دولة اشتراكية صاحبه إصدار عدد من القوانين مثل قانون الحفاظ على أمن الدولة في 10/9/1970م، وقانون أمن المجتمع في 1/11/1970م.
كانت الصومال مقسمة إلى ثماني مناطق حتى 1973م. وكانت هذه المناطق مقسمة إلى 47 إقليماً. وضمت هذه الأقاليم 83 بلدية وبلدية فرعية. وكان من حق البلديات فرض الضرائب وتخطيط المدن والقيام بالخدمات العامة. وفي عام 1973م زاد عدد المناطق إلى 14 منطقة وأصبحت مقديشو محافظةً قائمة بذاتها. وكان مجلس الثورة هو الذي يختار المسؤولين عن إدارة هذه المناطق والأقاليم الفرعية.
هاجمت قوات محمد فارح عيديد قوة باكستانية تابعة لقوات الأمم المتحدة التي تدخلت لحفظ السلام بين الأطراف المتنازعة. ازداد الموقف تعقيدًا بعد أن شنت قوات الأمم المتحدة هجومًا على معقل عيديد في مقديشو. اضطرت قوات الأمم المتحدة إلى الانسحاب عام 1995م.
توفي عيديد في أغسطس 1996م متأثراً بجراحه عقب واحدة من معارك الحرب الأهلية، وخلفه ابنه حسين عيديد. وفي عام 1997م اتفق الفرقاء على عقد اجتماع في القاهرة يهدف إلى إقامة حكومة انتقالية في البلاد. تنصلت بعض الفصائل من اتفاق القاهرة الذي أبرم نهاية عام 1997م.
وفي نفس العام، 1997م، تسببت الأمطار الغزيرة في فيضانات في جنوب البلاد أدت إلى وفاة 1.300 شخص، وأجبرت 200.000 نسمة على هجر منازلهم.
المصدر
- مقال:الصومال -1 بقلم موقع الإخوانموقع:الإخوان المسلمون السودان