الخطوط الفاصلة بين الشعوذة والعلاج بالقرآن

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الخطوط الفاصلة بين الشعوذة والعلاج بالقرآن
08-09-2005
شعوذة ودجل

تعتبر قضية ما يسمى "العلاج بالقرآن" من القضايا المثيرة للجدل، وأصبحت بابًا واسعًا لولوج الكثير من المشعوِذين والدجَّالين الذين يبحثون عن غطاء قانوني ورضاء شعبي، خاصةً بعد انتشار الوعي الديني الذي رسَّخ قناعة الرفض للشعوذة والدجل، واعتبارهما من الكبائر الموجبة للعذاب، وكان لدخول فئة المشعوذين في تلك الموجة إساءةٌ لسمعة العلاج بالقرآن، والذي تحمَّس له في بداية تنامي روح الحركات الإسلامية في المجتمع وبروح متحمسة لإكمال حاكمية القرآن، حتى في المجال الطبي والنفسي.

ولذا كان لنا هذا الحوار مع أحد الأطباء الذين يمارسون فكرة العلاج بالقرآن والمؤمنين بها؛ ليضع لنا الخط الفاصل بين الشعوذة والعلاج بالقرآن، فكان هذا الحوار مع الطبيب علاء الدين محرم أحد الممارسين للعلاج بالقرآن:

  • هل فعلاً هناك ما يسمى بالعلاج بالقرآن؟
نحن نسميه العلاج الإيماني، وأرفض تسميته العلاج بالقرآن؛ لأن العلاج الإيماني يتضمن أشياء أخرى بجانب القرآن، مثل الذكر والدعاء وليس فقط القرآن، وهذا النمط من العلاج الإيماني يعتمد على زيادة الإيمان لأي شخص يعاني من اكتئاب أو خوف أو حزن شديد، وإذا زادت هذه الأمور لديه نعالجه بهذه الطريقة.
  • ما الدليل الشرعي على ذلك؟
التأصيل الشرعي لهذه المسألة هو قول الله- عز وجل- على لسان أيوب: ﴿رَبِّ إِنِّيْ مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾ (ص:41) فنبي الله أيوب- عليه السلام- كان مصابًا بمرض جلدي، وقد تحدث العلماء عن هذه الآية وقالوا إن الشيطان لا يملك للإنسان ضررًا ولا نفعًا، ويمكن القول بأن أي ضرر يصيب الإنسان هو من الشيطان، بما فيها الأمراض الجسدية مثل الأنفلونزا، والدليل على ذلك أن أحاديث النبي كثيرة في وجوب تغطية الآنية وإغلاقها؛ لأن الشيطان لا يستطيع أن يكشف غطاءً، كما في الحديث الصحيح، فمعنى ذلك أن الأوبئة والأمراض التي تصيب الإنسان هي من الشيطان.
  • لكن ماذا سيستفيد الشيطان إذا مرض ابن آدم؟
بالتأكيد سوف يستفيد تعطيل المسلم الملتزم عن العبادة، وفي طريقتنا للعلاج الإيماني نحوِّل الألم إلى منفعة، ودليلنا في ذلك أن كل الأذكار التي تعلمناها هي لطرد الشيطان، مثل دعاء دخول المنزل، ودعاء دخول الحمام، ودعاء الخروج من المنزل، وحتى حديث الجماع.. الهدف منها هو الحماية من الشيطان.
  • كيف يواجه المريض الشيطان ويصل إلى الشفاء؟
إذا أصَّلنا المسألة، وأرجعنا المرض إلى الشيطان، فهدف العلاج الأساسي هو رفع إيمانيات الإنسان حتى يستطيع مواجهة الشيطان، والأصل أن الإنسان أقوى المخلوقات لكنه يضعف في أربعة مواضع، هي: الخوف الشديد، والحزن الشديد، والغضب، والغفلة، وفي كل هذه المواضع يضعف الإنسان ونخرج من هذه المواطن الأربعة بالدعاء المناسب، وفي الغرب يعتمدون على المهدئات، وينفقون مليارات على مضادات الاكتئاب، ولكن علاجنا هو الذكر والدعاء، وإستراتيجية العلاج تعتمد على تدريب مَن عندَه مشكلة على تجنب هذه الحالات التي يضعف فيها، ثم سرعة الخروج منها، ولا يتم ذلك إلا بأذكار الصباح والمساء، ومعرفة آفات هذه الحالات، والخروج يتم بأدعية وأذكار تناسب كل حالة على حدة، فالمعروف أنه إذا غضب الإنسان يستطيع الخروج عن غضبه بالذكر.
وقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- "أما إني أعلم كلمةً لو قالها ذهب عنه غضبه.. أن يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويتوضأ"، وعلاج الخوف أن يقول مَن يخاف حسبي الله ونعم الوكيل؛ لأن الله عز وجل قال: ﴿الَّذِيْنَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيْمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيْلُ* فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوْءٌ﴾ (البقرة: 173، 174)، وفي حالة الحزن يقول المسلم "اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي، فقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم- "من قال هذا إذا أصابه هم أو حزن أذهب الله همه وأبدله به فرحًا"، والغفلة عمومًا علاجها الذكر والاستغفار، وقد قال- صلى الله عليه وسلم-: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرجًا ومن كل ضيقٍ مخرجًا".
  • ولكن هل تنفع هذه الطريقة في علاج المس من الجن والشيطان؟
قضية المس والسحر فيها خلاف، فبعض العلماء يقول إنه لا يوجد "مس"، وهذا الفريق يمثله الدكتور عبد الصبور شاهين والشيخ الغزالي والشيخ عبد الله الخطيب وحتى علماء الأمة القدامى اختلفوا فيها، ومن وجهة نظري الشخصية فإنني أعتقد بوجد المس، وأنا أريد أن أخرج من هذا الخلاف، والعلاج بالقرآن من وجهة نظري هو أن يمارس المريض قراءة القرآن والذكر وليس أنا أو أحد غير المريض بالنيابة عنه، وهذا مفيدٌ في علاج الاكتئاب، وهذه الأنماط من العلاج ممتازة ولا تضيع وقتي ونتائجي 100%.
ولكن الوسائل الشعبية والتي تعتمد على أن يقرأ الآخرون القرآن والأذكار نيابةً عن المريض تكون نسبة نجاحها ضئيلةً، كما أنها مجهِدَةٌ للمعالج، ومضيِّعةٌ للأوقات، وكاشفةٌ للعورات، وتعتمد على قوة المعالج فقط، وتكون الحالة معرضةً للارتجاع.. أما طريقتي فإنها تعمل على زيادة البناء الإيجابي لشخصية المصاب واستغلال الحدث لكي يقبل على تزكية نفسه، والإقبال على الذكر والطاعات وترك المخالفات، ثم ضبط الحالة الإيمانية للبيت كله، والإنسان الذي ينمو إيمانُه بهذه الطريقة ليس من الممكن أن ترجع له الحالة التي كان يعاني منها ويعتمد على نفسه.
مسلمون يذكرون الله
  • هل مجرد الذكر فقط يصلح كعلاج للمس الشيطاني؟
توجد إستراتيجية أخرى للعلاج وهي خطٌّ موازٍ لخط زيادة الإيمان وهو الدعاء، وهو أن يدعوَ المريض لنفسه وأنا أدعو له؛ لقول الحق: ﴿أَمَّنْ يُجِيْبُ المُضطَّرَ إِذَا دَعَاهُ﴾ (النمل: 62)، وأنا أدعو له دعاءَ الأخ لأخيه بظهر الغيب وهو مقبول، كما يقول الرسول- صلى الله عليه وسلم- لكن الدعاء له شروط يوضحها قول الحق- جل وعلا- فالله يبتلي العبد حتى يتذلل في دعائه، وشرط قبول الدعاء هو الدعاء بالتذلل، ثم اليقين بأن الله سيُجيب، والاستمرار، وأن يكون هذا الدعاء يوميًّا حتى يتم الشفاء؛ لأن الله يحب الإلحـاح، وأحب أن يكون هذا الدعاء من خلال صلاة الحاجة، والله يقول: ﴿وَاسْتَعِيْنُوْا بِالصَبْرِ وَالصَّلاَةِ﴾ (البقرة: 45)؛ لذا أجعل المريض يصلي صلاة الحاجة يوميًّا حتى يتم الشفاء.
وكذلك قراءة القرآن تزيد من الإيمان وتُحصِّن المريض ضد الشيطان، واتباع الجنازة تزيد الإيمان، وكذلك كل الطاعات، لكنني ضد فكرة ما يقوله البعض عن شنطة العلاج بالقرآن من خلال شرائط الكاسيت.
  • ما العيب في إعطائه العديد من الشرائط ليسمعها؟
من حيث إنها علاج فهي علاج؛ لأن القرآن فيه شفاءٌ للناس، لكنَّ علاجَ هذه الأمور ليس بسماع القرآن، ولكن بالعمل وأنا لا أحبِّذ هذه الأشياء؛ لأنها أحيانًا تكون وسيلةً للتربح عند البعض، كما أنها تصرف المريض عن الفكرة الأساسية للعلاج وهي تعلُّق القلب بالله- عز وجل- وهذا هو الهدف الأساسي.
  • في رأيك ما هو سبب انتشار المشعوِذين من مدَّعي العلاج بالقرآن؟
سبب الانتشار هو أن الموضوع فيه اجتهادٌ كثيرٌ مع كثرة الجهل والبعد عن الدين وتسلط الشيطان المباشر على الناس.
  • هل يمكن تقنين هذه العملية وتحديد مواصفات لمن يعالج بها؟
لا.. لايمكن تقنين هذه العملية، ولكن يمكن مواجهتها من خلال نشر الفهم السليم؛ لأن أي مصاب يتعلق بقشة، وأهل المريض لا يدركون ذلك إلا بعد أن يفشل الساحر، وبعد أن يكون قد استنزفهم ماديًّا بما يكفي.
  • ما سر العَداء بين الأطباء النفسيين وبين العلاج بالقرآن، أو كما تقول العلاج بالإيمان؟
سر العداء هو دخول المشعوذين والدجالين والجهلاء هذا المجال، فعلى سبيل المثال المذيع في أحد البرامج ناقش هذا الأمر مع الرأي القائل بعدم وجود ما يسمى بالمس أو السحر، واستضاف معالجًا بالقرآن وطبيبًا نفسانيًّا، ولكنه جعل الحوار يسير في اتجاه الرأي الرافض للفكرة، وهذه المعالجة تزيد مِن هوَّة الخلاف بين العلاج الإيماني والطب النفسي مع أنه لا يوجد تناقض بينهما، فيمكن أن يتم العلاج بالعقاقير بجانب العلاج الإيماني؛ لأن سبب المشكلة هي أن الأطباء النفسيين مناهضون لفكرة العلاج الإيماني؛ لكونهم يرونه طريقًا لمنافستهم في حين أنهما يمكن أن يكونا متكاملين.
  • هل هناك حالات تم شفاؤها تحت رعايتك وفقًا لطريقتك؟
صديق شخصي جاء ومعه ابنه الصغير مصاب بالصرع، ويأتي له المرض كل يوم ثلاث مرات، كل مرة ساعتان ونصف، فقلت له هل ذهبت إلى الدكتور فقال نعم وهذه هي رسومات المخ، فقلت له الحمد لله الموضوع أصبح سهلاً، وطبقًا للمحورَين الذكر والدعاء فالطفل لن يستطيع أن يقول الأذكار والدعاء، فالنبي كان يرقي الحسن والحسين بالمعوِّذات فقلت له بأن يرقيَه بالمعوذات كل يوم مرتين بالصباح والمساء مع الدعاء مع صلاة الحاجة بتضرع وثقة ويقين، فسألته هل صليت صلاة الحاجة أن يشفي الله ابنك؟! فقال لا، فقلت له تظل عند الدكتور بالساعات وتدفع رسومات كثيرة للأطباء وتستنكف أن تصلي صلاة الحاجة لخمسة دقائق، وأكدت له أن ابنه لن يشفَى إلا بصلاة الحاجة، واتفقنا أن ينفذ البرنامج مع متابعة مني له تليفونيًّا حتى يشفى الولد، واتصل بي في اليوم الثاني وقال لي بالنص "ابني قد تحسن جدًّا يا دكتور ولم تعاوده النوبات إلا مرةً واحدةً ولمدة ساعة واحدة فقط، وكانت هذه النتيجة بعد ثلاثة أيام اتصل بي وقال جزاكم الله خيرًا ابني قد شُفي تمامًا.

المصدر