الحقوق الانسانية للفلسطينين هل من سبل لمواجهة التهجير والتوطين ؟

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الحقوق الانسانية للفلسطينين هل من سبل لمواجهة التهجير والتوطين ؟

2009-12-19

بقلم : يوسف احمد /عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

مما لا شك فيه أن اللاجئون الفلسطينيون في لبنان ينفردون بواقعهم وظروفهم عن بقية اللاجئين الفلسطينيين المنتشرين في عدد من الدول العربية المضيفة، وهم يعيشون حالة خاصة واستثنائية على كافة الصعد السياسية والامنية والاجتماعية والانسانية.

وعلى الرغم من توصل الاطراف اللبنانية المختلفة الى اتفاق الطائف الذي طوى ملف الحرب، الا ان هذه الاطراف لم تخط ازاء الوجود الفلسطيني في لبنان الخطوات اللازمة لتصفية ارث الماضي واغلاق ملفاته نهائياً . لاسباب محلية وتقليمية باتت معروفة، حيث يمكن القول ان جميع الملفات الموروثة من زمن الحرب قد فتحت باستثناء الملف الفلسطيني الذي ما زال يرزح تحت ضغط اوضاع اجتماعية واقتصادية سيئة وتحت عبىء الضغوط اللبنانية المتواصلة.

وخلال السنوات الماضية وعلى صعيد جميع الحكومات المتعاقبة في لبنان، فقد كان القاسم المشترك فيما بينها بالنسبة للوجود الفلسطيني في لبنان والحقوق الانسانية والاجتماعية لهم، هو استمرار التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين وفق القوانين المجحفة بحجة محاربة التوطين !! وتحت هذه الحجة والذريعة تم ممارسة كل انواع القهر والتمييز بحق الفلسطينيين في لبنان، بدءا بقوانين العمل والتملك وصولا الى فرض التأشيرة ومنع ادخال مواد البناء الى عدد من المخيمات وغيرها من الممارسات والضغوطات التي فاقمت من معاناة الفلسطينيين في لبنان.

ولكن الامر العجيب الغريب، يكمن بالمواقف المعلنة لغالبية القوى السياسية في لبنان التي تؤكد دعمها للقضية الفلسطينية وحرصها على تحسين حياة اللاجئين في المخيمات، وهذا الموقف قد تم التعبير عنه خلال الجولة التي قام بها عدد من الوزراء الذين يمثلون قوى وتيارات سياسية مختلفة على عدد من المخيمات عام 2008، الذين لمسوا حجم المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون، لدرجة أن بعضهم لم يحتمل تحمل الصورة والمأساة امامه، ووصف ممارسات الدولة اللبنانية تجاه الفلسطينيين بالعنصرية، وعلى أثر هذه الجولة قدمت وعود بنقل الصورة الى الحكومة بهدف تقديم الحلول ، لكن شيئاً من هذه الحلول لم يتحقق حتى اللحظة.

وبالتالي يأتي السؤال، اذا كانت جميع هذه القوى في لبنان تلمس حقيقة الظروف المزرية التي يرزح تحت وطأتها آلاف االلاجئين في المخيمات، فلماذا التأخير والمماطلعة في معالجة هذا الواقع؟.

السؤال اليوم برسم الحكومة اللبنانية الجديدة التي انتظر الفلسطينيون تشكيلها كما كان ينتظرها الشعب اللبناني، لانه وبكل اسف فقد كان ملف الحقوق الانسانية ومحاربة التوطين هو احد العناوين الرئيسية التي استخدمت في بازار التجاذبات الداخلية اللبنانية وزواريب السياسات المحلية التي سبقت تشكيل الحكومة الحالية، رغم ادراك جميع القوى السياسية في لبنان، بأن اسباب الصراع الداخلي اللبناني كان ذات طبيعة محلية واقليمية ودولية ولا علاقة للفلسطينيين بها، ولعل الفلسطينيين كانوا الاحرص على الوقوف على الحياد في السنوات الاخيرة ورفضوا الدخول كطرف في هذا الصراع، رغم سعي البعض للزج بهم بشكل استخدامي في آتون الصراع المحلي.

وعلى هذا نقول، لقد آن الأوان لطرح قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في سياقها السياسي السليم ، بهدف التوصل الى حلول مشتركة تخدم بالنهاية مصلحة الطرفين الفلسطيني واللبناني، ومن خلال الربط بين رفض التوطين وبين دعم حق العودة كموقفين متلازمين لا امكانية للفصل بينهما ابداً.

وبالتالي من الطبيعي القول ان التصدي للتوطين يشكل مصلحة فلسطينيةلبنانية مشتركة، حيث ان التوطين والتهجير خطر يتهدد الفلسطينيين قبل غيرهم، في هويتهم وكيانهم وحقهم بالعودة. وحل هذه القضية لا يكون الا حلا شاملا لكل تجمعات اللاجئين ، فتجزئة حل قضية اللاجئين تعني تلاعبا بالحقوق..ومن شروط التوطين موافقة الطرفين: الاول هو البلد المضيف صاحب السيادة على ارضه وصاحب الحق في منح جنسيته وحق المواطنة لمن يشاء. وهذا ما يرفضه لبنان. والثاني هو اللاجىء الذي سيقبل بالجنسية البديلة،والاقامة الدائمة خارج وطنه والتخلي عن حق العودة اليه. وهذا ما يرفضه اللاجىء الفلسطيني.

وهنا يمكن القول انه ما دام الطرفان، لبنان، واللاجئون الفلسطينيون يرفضان التوطين، ويتمسكان بحق العودة الى الديار والممتلكات، فانه خطر التوطين بفقد الكثير من تأثير ويتحول الى مشاريع وسيناريوهات يمكن التصدي لها اذا ما توافرت الارادة والرؤية المشتركة. وهذا ما يفرض ضرورة نقل العلاقة بين الطرفين الفلسطيني واللبناني الى مستوى آخر، واعادة ارسائها على اسس جديدة، والخطوة الاولى يفترض ان تأتي من الطرف صاحب السيادة على الارض، اي الدولة اللبنانية، بحيث تعترف بخصوصية الوجود الفلسطيني في لبنان، والتعاطي مع اللاجئين باعتبارهم كتلة سياسية فاعلة ومؤثرة في القرار الوطني الفلسطيني، وعلى الاخص فيما يتعلق بقضية اللاجئين.

لذلك هناك ضرورة وحاجة للاسراع في اعادة استئناف الحوار الفلسطيني اللبناني الذي ينبغي ان يتناول مجمل القضايا المشتركة، للوصول الى صيغة مستقرة للعلاقة بين الطرفين من خلال معالجة كافة القضايا السياسية والامنية والاجتماعية والاقتصادية بشكل شامل.وهنا من الضرورة التنبيه من محاولة البعض الدفع باتجاه تجزئة ملف الحقوق الانسانية، بحيث يتم معالجة بعضها ويترك البعض الآخر، وهذا الامر من شأنه ان يبقي العلاقة الفلسطينية اللبنانية دون استقرار ولا يخدم بأي حال من الاحوال الجهود الرامية لبناء العلاقة السليمة والصحيحة بين الطرفين.

وبالتالي لا بد من التأكيد بان محاولة تجزئة الحقوق لا يمكن ان تدرأ مخاطر التوطين، بل ستساهم في تفاقم ازمة البطالة وانتشار الامراض والاضطرابات الاجتماعية، كما اثبت الواقع الفعلي ان مثل هذه السياسات انتجت تهجيراً قسرياً لعشرات الاف اللاجئين من لبنان.

من هنا اهمية التعاطي بمسؤولية وموضوعية مع اوضاع الشعب الفلسطيني في لبنان، وعدم زج اللاجئين في أتون التجاذبات الداخلية او الاساءة للفلسطينيين وتحميلهم مسؤولية مشاريع هم الاكثر تضرراً منها، والمطلوب هو حوار جدي ومسؤول للوصول الى رؤية مشتركة تحمي حق العودة وتوفر مقومات الصمود الاجتماعي لللاجئين بعيداً عن بعض الدعوات والاصوات التمييزية التي لا تخدم العلاقة الاخوية والمشتركة بين الشعبين.. خاصة وان الفلسطينيين دائماً ما يؤكدون التزامهم بموجبات السيادة اللبنانية واحكام القانون ويطمحون الى بناء افضل العلاقات مع جميع مكونات المجتمع اللبناني.

لذلك نقول: ان المعالجة الحقيقية والسليمة للعلاقات الفلسطينية اللبنانية تكمن في معالجة الملف الفلسطيني بجميع جوانبه وتنظيم العلاقات الفلسطينية اللبنانية قانونيا وسياسيا واقتصاديا وامنيا...، من خلال الحوار الرسمي بين الطرفين القائم على الصراحة والجدية، وصولاً لخطة مشتركة واقرار الحقوق الانسانية وفي مقدمتها حق العمل والتملك والاسراع في اعمار مخيم نهر البارد ... بما يعزز موقف اللاجئين الرافض لجميع مشاريع التهجير والتوطين والمتمسك بحق العودة وفقاً للقرار الدولي 194.

المصدر

المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات