الحرب علي غزة وحريقة دار عم شعبان ..
كفر الشيخ اون لاين | خاص
أذكر من حوالي أربعين عاما وكان عمري وقتها أحد عشر عاما ... فزع أهالي القرية علي الصافرات واستغاثة بعض النساء ...وصوت بعض الشباب : حريقة .. حريقة ياله ... حريقة .... وتجمع أهالي القرية حول ألسنة الدخان والنيران المنبعثة من دار عم شعبان .. وقسموا أنفسهم تلقائيا .. مجموعة من الشباب نزلوا الي ترعة المياه يملئون الحلل والبلاليص وما يقدمه لهن النسوة ... ومجموعة تقوم بنقل هذه الأواني الي دار عم شعبان ...
ومجموعة أحضروا السلالم الخشبية ، وقفوا عليها يرفعون الأواني المملوؤة الي المجموعة المتمركزة أعلي دار عم شعبان يحاصرون النيران بكمية المياه البسيطة التي تصل اليهم .. حيث كانت الترعة شبه جافة كعادة بلدنا ...
بينما مجموعة أخري بنوع من المغامرة دخلوا الي دار عم شعبان يحاولون اخراج المواشي والطيور ومعاش أهل الدار وما يستطيعون من الفراش قبل أن تصل اليه النيران ..
وكانت هذه هي المرة الأولي التي أشارك فيها في رفع المياه والصعود لأعلي الدار .. حيث كان يقتصر دوري في مثل هذه المواقف مثل كل الصبيان علي حفظ جلاليب وصداري أهل البلد حتي يفرغوا من اطفاء الحريق ... وكان الجميع يشعر بالسعادة عندما نجحوا في محاصرة الحريق حيث اكتفي بحرق سقف حظيرة المواشي والطيور وجزء من سقف الدار ولم تنتقل النيران الي الدورالمجاورة ... علي الرغم من تكسر كثير من البلاليص .. وتطبيق كثير من الحلل ، وفقدان بعضها .. وكذلك بعض الاصابات البسيطة ..
وكانت أخلاق أهل القرية تقتضي ألا يتخلف أحد ، من رجال أو شباب أو صبيان أو حتي النساء ، أو يبخل بما عنده من أواني أو سلالم ، وهو يتوقع فقدانها أو كسرها أو تطبيقها علي قلة حالهم ...
ولم ينصرف كبار القرية حتي اطمأنوا الي نجاة المواشي والطيور ومعاش أهل الدار ... حيث جرت أخلاقهم في مثل هذه الكوارث علي تدبير معاش ، أو ثمن الماشية إذا أصابتها النيران لاقدر الله ..
كانت أخلاقهم فيها الرجولة والمروءة والجرأة والشهامة والنجدة وإغاثة الملهوف والتكافل ... وهي من صميم الأخلاق الإسلامية التي تربينا عليها مع كل أهل الريف الأوفياء ..
لم أتحسر في ذلك اليوم علي اصابتي ، أو اصابة بيجامتي الكستور الجديدة بمياه الحريق السوداء ...
لكنني أتحسر اليوم علي ضياع هذه الأخلاق من كثير ممن يدعون الرجولة ... ممن يرون صواريخ العدو وقذائفه تحرق إخوانهم في الدين في غزة ..
لاتبقي طفلا ولا شيخا ولا امرأة .. ثم يغطوا خستهم ويقولون في جهل وتبجح : مالنا ومال غزة .. خليهم يخلصوا علي حماس ..
سيبدل الله هؤلاء العملاء بقوم يحبهم ويحبونه ، علي أيدي أهل فلسطين ان شاء الله ( وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم )
صدق الله العظيم .. وكذب كل العملاء والمنافقون ..
المصدر
- مقال:الحرب علي غزة وحريقة دار عم شعبان ..موقع:كفر الشيخ أون لاين