الحاج حامد الزقم .. قصة 60 عاما مع الإخوان
مقدمة
* زوجتي قامت برعاية الأسرة 12 عامًا أثناء اعتقالي
* أبنائي الخمسة أكملوا الطريق في مدرسة الإخوان
حوار- أحمد عبد الهادي:
"لا الله إلا الله محمد رسول الله, عليها نحيا, وفي سبيلها نجاهد وعليها نلقى الله, في سبيل الله قمنا نبتغي رفع اللواء.. لا لدنيا قد عملنا نحن للدين الفداء.. فليعد للدين مجده, أو تراق منا الدماء".
بهذه الكلمات التي تحوَّلت إلى منهج وأسلوب حياة بدأ الحاج حامد بدر السيد الزقم- مواليد قرية بهوت التابعة لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية عام 1925- يروي حديث ذكرياته لـ(إخوان أون لاين).
* ما قصة تعرفك على دعوة الإخوان، ومتى كان ذلك؟
- تعرفتُ على الإخوان سنة 1949 وكنت أعمل تاجرًا كما أنا الآن، ولعل الأخ صلاح الشربيني المدرس في المعهد الديني بالمنصورة هو مَن أخذ بيدي إلى الطريق؛ حيث كان يأخذني معه إلى درس الثلاثاء في شعبة الإخوان المسلمين في السكة القديمة بالمنصورة، وكان كل أفراد الإخوان في الدقهلية يحضرون هذا الدرس بانتظام، وهناك تعرفتُ على عددٍ كبيرٍ جدًّا من الإخوان.
* مَن أبرز المحاضرين في ذلك الدرس؟
- الأستاذ صلاح الشربيني والأستاذ محمد العدوي والشيخ محمود أبو رية، وغيرهم كثير ممن أضاءوا لنا طريق الهداية والدعوة، وعلمونا كيف تكون التضحية في سبيل الله، فضلاً عن النظام القوي والشديد في التربية وعدم ترك الفرصة لنا كشبابٍ وقتها للكسل أو الإهمال.
* ما أهم أنشطتكم في تلك الفترة؟
- كان يجب على جميع الأخوة في القرية صلاة الفجر في مسجدٍ واحدٍ لمدة أسبوعٍ كامل نجلس بعدها نقرأ الأذكار ثم نتحرك في طابورٍ رياضي، بالإضافةِ إلى نظام الكتائب والإفطارات والرحلات وخلافه.
رحلات السير
* هل من ذكريات لديك أثناء تلك الفترة؟
- كنا نقوم برحلات سير على الأقدام ليلاً لمسافات طويلة، وكان ينظم حركتنا فيها الأخ محمد عبد المطلب حامد الذي كان من أعيان المركز وشقيقه منصور أيضًا كان من الإخوان وكان والدهما يضحك معنا ويقول لنا دائمًا: "أنتم خسّرتوا الأولاد وكل البيت أصبح إخوان"، لكنه في حقيقة الأمر كان سعيدًا بهم لما كان يراه من أخلاق الإخوان في كل المعاملات.
محنة 54
* ماذا تتذكر من محنة 54، وكيف عايشتها؟
- في البداية حاصرت قوات الأمن قريتنا وهجموا على بيوت الإخوان وقبضوا على كلِّ مَن فيها، وتم ترحيلنا مباشرةً إلى السجن الحربي، واستقبلونا فيه بالضرب والكرابيج المستوردة من السودان.
* أسرتك.. والدك ووالدتك وزوجتك وأبناؤك، ماذا فعلوا وقتها؟
- ولله الحمد، الأسرة كلها كانت تحب الإخوان، وجميع أبنائي الخمسة أكملوا طريق الدعوة مع الإخوان، وعلى الرغم من الظروف الشديدة وقتها إلا أن الله رزقني بزوجةٍ صالحةٍ استطاعت التغلب عليها وتربية الأولاد ورعايتهم طوال فترة غيابي.
* كم كانت تلك الفترة في المعتقل؟
- 12 سنة، سنتان قبل المحاكمة ثم حكموا عليّ بـ25 سنة قضيتُ منها 10 سنواتٍ فقط.
100 كرباج
* ماذا عن ذكرياتك خلال فترة الاعتقال؟
- كان الضرب والتعذيب متواصلاً ليل نهار وطعامنا الوحيد كان الفول، وعندما ينادي علينا العسكري لتناول الطعام كان لا بد أن يسبَّ الدين ويشتمنا بألفاظٍ نابية.
وفي التحقيقات أو بمعنى أصح في مكاتب التعذيب كان يقول الضابط: "أنت من الإخوان؟, اضربه 100 كرباج, كان معاك مين؟, أضربه 100 كرباج", والذي يضرب هنا ليس فردًا أو اثنين بل أربعة على أقل تقدير وكل واحد يريد إظهار إخلاصه وتفانيه في العمل أمام الضابط، والأخ معلق بحديدةٍ بين كرسيين ليكون الضرب على جميع أجزاء الجسم.
وأتذكر أنه عندما كنت أصرخ من شدة التعذيب وأقول "يا رب" كان يرد عليَّ مَن يعذبني قائلاً: "لو جه ربنا هنا ها نعذبه معاك ونربطه في الكرسي جنبك"، حسبنا الله ونعم الوكيل.
الكلاب أفضل منا!!
* موقف لا تنساه في المعتقل؟
- كان الأخ ماهر الجندي ضخم الجثة يذهب لإحضار الطعام للزنزانة، ويقلب الإناء الفارغ رأسًا على عقب فلا تنزل منه نقطة عسل واحدة فيقول متهكمًا: بالله عليكم كيف أحمل طعام 7 أنفار؟, وكان العسكري يتلذذ بمنظره وهو ينزع اللحم تمامًا من العظم، ليعطي اللحم للكلاب ويرمي لنا العظم ليستوحش علينا الكلاب.
* سمعنا عن إصابتك أثناء اعتقالك بالسجن الحربي؟
- إحدى قدمي تعفَّنت من شدة الضرب وتورمت، وكادت تُبتر لولا أن أحد العساكر كان له خبرة في مجال التمريض أجرى لي عملية تمريض لإنقاذها، وما زالت آثارها واضحةً حتى الآن، واستحلفني العسكري بالله ألا أُخبر أحدًا بذلك حتى لا يعذبوه.
* مَن تذكر من الإخوان الذين رافقوك في السجن؟
- أذكر منهم عبد العزيز الرفاعي "زوج شقيقتي"، وعبد المجيب المرسي، والحاج طلعت الشناوي، والحاج محمد العدوي، والحاج فؤاد الهجرسي، وكثير غيرهم.
* ماذا فعلت بعد خروجك من السجن؟
- خرجتُ وقد وجدت البيتَ مهلهلاً والأسرة تعبت كثيرًا، فسافرت للعمل في اليمن لمدة 12 سنة في تحفيظ القرآن الكريم والتجويد، عدتُ بعدها واستمرَّ عملي مع الإخوان.
* كيف تقضي وقتك حاليًّا في رمضان؟
- أختم القرآن كل 5 أيام تقريبًا، وأصلي التراويح والقيام في المسجد وبعض الزيارات للأهل والأحباب والجيران، وأنام مبكرًا حتى أستيقظ قبل الفجر بوقتٍ كافٍ لصلاة التهجد.