الجني الذي كشف القصة
27 مارس 2009
بقلم: عماد الدين حسين
فى صباح الثلاثاء الماضى سجلت «الشروق» سبقا صحفيا عالميا حينما نشرت وكشفت للمرة الأولى عن الغارة الأمريكية الإسرائيلية ضد شرق السودان مستهدفة ما قالت إنه شاحنة سيارات تحمل أسلحة كانت فى طريقها إلى غزة.
بمجرد النشر تعامل غالبية المهتمين مع القصة باستخفاف.. الغالبية لم تصدق.. والبعض استهزأ أو اندهش، وقلة ساورتهم الشكوك. وأفراد يعدون على الأصابع صدقوا قصتنا وتعاملوا معها باحترام.
صباح الأربعاء واصلنا تعميق قصتنا ونشر المزيد من التفاصيل، وواصل الآخرون الاستخفاف وتبادل النكات عبر أجهزة المحمول.
صباح الخميس عدنا لتأكيد القصة من مصادر فى السودان وأخرى فى الخارج، لكننا فوجئنا بأن بعض الصحف المصرية، تحاول تكذيبنا، مع استمرار البعض الآخر فى الاستهزاء بالأمر.
مساء الخميس كانت أشهر الفضائيات العالمية مثل «سى. بى. إس» الأمريكية والجزيرة القطرية ووكالات أنباء عملاقة مثل رويترز والفرنسية والاسوشيتدبرس تتعامل مع قصة «الشروق» كخبر رئيسى أول وتنسب الفضل لأهله.. وتجادل: هل القصف كان أمريكيا أم إسرائيليا أم مشتركا، فى حين انشغلت بعض صحفنا المحلية بالبحث عن كل ما يمكنه نفى وتكذيب قصة «الشروق».
فى التاسعة مساء الخميس كان هناك حوالى 1845 موقعا ما بين صحفية وفضائية وموقع ومدونة فى العالم قد نقلت القصة منسوبة لـ«الشروق» طبقا لموقع البحث الشهير جوجل.
صباح الجمعة كان الأمر مثيرا للدهشة فى الصحف المصرية، الغالبية نشرت القصة منسوبة لـ«سى. بى. إس. الأمريكية أو لوكالات الأنباء. صحف أخرى تجاهلت الأمر تماما وكأن القصف لم يحدث أو يموت فيه 800 شخص.
هذه الصحف تعاملت مع الأمر وكأن عفريتا أو جنيا نقل تفاصيل هذه القصة إلى الوكالات والفضائيات الكبرى، وكأنه لا توجد صحيفة اسمها «الشروق» هى التى انفردت بالأمر.
من حقنا أن نفخر بهذا السبق المهنى، لكن المرء يحزن كثيرا وهو يرى قيما مهنية يفترض أنها بديهية يجرى انتهاكها.. هل الأمر مجرد غيرة مهنية عادية أم أنه هوان مهنى لا يتصور أن صحيفة وليدة تستطيع تسجيل مثل هذا السبق العالمى.
لا نلوم الصغار على ما فعلوه لكن يشعر المرء بالحيرة وهو يرى الكبار يفعلون ذلك.
لم نطلب من أحد أن يهنئنا لكن المرء يشعر بألم من ظلم ذوى القربى. وسلم لى على المهنية.
المصدر
- مقال :الجني الذي كشف القصة ، الشروق
