البهنساوي ... مفكر واسع الأفق ومؤرخ بارع
المستشار سالم البهنساوي فقيه ومفكر وقانوني بارز فقدته الأمة الإسلامية قبل أيام عن عمر يناهز 76 عاما بعد حياة حافلة بالعطاء وتصحيح المفاهيم الخاطئة ورد الشبهات عن الإسلام وتفنيد أفكار التكفير والدعوة إلى التقارب بين جميع أبناء الأمة.
كان يرحمه الله واحدا من أعلام الدعوة وأبرز رجالاتها في العصر الحديث إذا جلست إليه وجدته موسوعيا في القانون ، مؤرخا بارعا ، مفكرا واسع الأفق ، ملما بتطورات الأحداث الراهنة.
انتقل الفقيد إلى رحمة الله تعالى بعد أداء صلاة الفجر في يوم جمعة بجمهورية أذربيجان إحدى دول الاتحاد السوفيتي سابقا حيث كان يشارك ضمن وفد وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في مؤتمر حول الوسطية في الإسلام .
ألقى إمام المسجد المجاور لمنزله كلمة بعد تشييعه قال فيها أعرف هذا العالم الجليل قبل 7 سنوات وخلال هذه المدة أشهد أنه لم يترك معنا صلاة فجر قط ، كما ألقى آخرون كلمات أشادوا خلالها بتاريخه وجهوده الطيبة في حقل الدعوة وذكروا العديد من مناقبه ومآثره .
وكان الفقيد أحد ضيوف منصة العديد من المؤتمرات التي تدعو إلى الوسطية والتعايش مع الآخر على قاعدة المساواة في بلدان العالم المختلفة خدمة للإسلام وتوضيح صورته الحقيقية ومبادئه وقيمه السامية .
والفقيد من مواليد محافظة الشرقية في جمهورية مصر العربية ، وخريج كلية الحقوق جامعة فؤاد الأول ( القاهرة حاليا) في عام 1948 ، ومن الرعيل الأول ل جماعة الإخوان المسلمين ومن منظريها في مجال الفكر والقانون ، وشارك بعد حضوره إلى دولة الكويت في صياغة بعض القوانين كقانون شؤون القصر حيث عمل مديرا لإدارة شؤون القصر ، كما عمل مستشارا للجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ومستشارا لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية .
لقد كان المستشار سالم من المناصرين للمرأة المسلمة والمدافعين عنها فكتب في شأنها عددا من المؤلفات منها : قوانين الأسرة بين عجز النساء وضعف العلماء ، ومكانة المرأة بين الإسلام والقوانين العالمية فضلا عن العديد من الأبحاث والمقالات ، كما رد على شبهات العلمانيين إزاء الفكر الإسلامي ، فكتب تهافت العلمانية في الصحافة العربية ، وشبهات حول الفكر الإسلامي المعاصر، و الإسلام لا العلمانية ، والشريعة المفترى عليها ، والسنة المفترى عليها ، ومن خلال خبرته القانونية ألف عددا من الكتب التي تبين إنصاف الشريعة الإسلامية لحقوق الإنسان فيما أكد عجز القوانين الوضعية وقصورها وتحيزها وعدم إنصافها من خلال مؤلفاته القيمة كمال الشريعة وعجز القانون الوضعي ،
والتطرف والإرهاب في المنظور الإسلامي والدولي ، والخلافة والخلفاء الراشدون بين الشوري والديموقراطية ، كما جعل الفقيد من قلمه حربا على التكفير وأتباعه فألف مرجعا مهما في هذا الشأن ( الحكم وقضية تكفير المسلم )، كما أعاد قراءة كتب الشهيد سيد قطب يرحمه الله من خلال عدد من المؤلفات القيمة وهي أضواء على معالم في الطريق ، و سيد قطب بين العاطفة والموضوعية ، وفكر سيد قطب في ميزان الشرع ، وللفقيد مؤلفات عديدة أخرى منها الوجيز في العبادات ، والإسلام والتأمينات الاجتماعية ، والقوانين وعمال التراحيل ، و الغزو الفكري للتاريخ والسيرة ، و الحقائق الغائبة بين السنة والشيعة ، وحرية الرأى ، وقواعد التعامل مع غير المسلمين ، والسلام الصهيوني والعجز العربي .
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وان يسكنه فسيح جناته وان يتقبل جهاده وعطاءه وأن يلهم آله وذويه ومحبيه وتلامذته الصبر والسلوان . إنا لله وإنا إليه راجعون