الاحتلال والانقسام وتداعياتهما

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الاحتلال والانقسام وتداعياتهما

2010-07-27

بقلم : وسام فتحي*

أزمات متوالية تصيب شعبنا الفلسطيني وقطاع غزة على وجه الخصوص، فلا تكاد محنة تلوح بالأفق إلا أن تليها محنة أخرى، يشعر بها المواطن الغزي وكأنها مفتعلة يصطنعها الساسة وصناع القرار بهذا الشطر الصغير المزدحم سكاناً، بفعل الانقسام السياسي بين شطري الوطن "الضفة الفلسطينية وقطاع غزة" الذي يستغله الاحتلال الإسرائيلي لتحقيق مآربه.

فمنذ الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي جرت في 25/1/2010 وما أفرزته من نتائج لا تهمنا بقدر ما تهمنا المحن والمصائب التي تلي بعضها البعض.

فبداية المطاف حصار إسرائيلي خانق على السلطة الفلسطينية أعقبه قطع رواتب موظفي السلطة بشكل نهائي ثم جزئي ليعود أدراجه في النهاية، ومن ثم يليه عقاب جماعي أعقب عملية أسر الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" والتي على أثرها عمدت الحكومة الإسرائيلية السابقة لتشديد حصارها المفروض أصلاً على قطاع غزة، بينما أغارت طائرات الاحتلال الإسرائيلي على وحدات النقل بمحطة توزيع الكهرباء بغزة. وبإطار ذلك خلقت "إسرائيل" أزمة جديدة ألا وهي انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة. ثم اتخذت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قراراً بمنع إدخال المحروقات بكافة أشكالها والمواد الأساسية للقطاع مما أحدث شللاً تاماً بكافة مناحي الحياة اليومية مما نأى بالمواطنين الغزيين لاختلاق بدائل جديدة لاستمرار حياتهم بشكل اعتيادي.

وبعد الحسم العسكري الذي أقدمت عليه حركة حماس في قطاع غزة بـ 14 حزيران / يونيو 2007 والانقلاب على مؤسسات السلطة بالقوة المسلحة، اتجهت حكومة الاحتلال إلى تعميق الشرخ والانقسام بين شطري الوطن بالقيام بإجراءات أحادية الجانب وفصل الضفة الفلسطينية عن قطاع غزة واستحالة التنقل بين شطري الوطن إلا لحالات معينة، ومنع البضائع والصحف المحلية التي تصدر بالضفة من الوصول إلى قطاع غزة.

لم تكتف غزة بتلك الأزمة بل تجاوزت ذلك بآفة جديدة "أنفلونزا الخنازير" فلم تكن هذه المرة بفعل الاحتلال والانقسام، بل كان وبائاً وخطراً يلاحق الجميع في افتقار قطاع غزة من الأدوية ومضادات وباء الأنفلونزا مما أدى إلى موت عدد من المواطنين .

وما ان انتهينا من هذا المرض الخطير، إلى أن عاودت أزمة كهرباء القطاع أدراجها من جديد، وهذا يبرر اصطناع الأزمات وأنها سياسية بامتياز.

فالانقسام السياسي ينمو ويترعرع أكثر فأكثر، وعلى ما يبدو أن الساسة الفلسطينيين لا يهمهم راحة المواطن سواء بغزة أو الضفة بقدر ما يهمهم كيفية الحفاظ على نفوذهم وسلطتهم واستمرارها لفترات أطول. أي ما يعني الإطالة من عمر الانقسام ويبدو أنه لا يهمهم ما يفعله الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الفلسطينية بما فيها القدس المحتلة وفي قطاع غزة من جرائم وممارسات جمة تستهدف الشعب والأرض والمقدسات.

في قطاع غزة يتحدث القائمون على إدارته عن حصار خانق ومناشدات ومطالبات يومية من العالم اجمع برفعه نهائياً والتي بدا بارزاً في سفن كسر الحصار والتي كان آخرها سفينة "الأمل" الليبية وما سبقها من سفن أسطول الحرية وما تعرضت له من مجزرة بشعة والتي أدت إلى اعتراء الأزمة بين "إسرائيل" وتركيا. وفي نفس الوقت تفرض حكومة غزة ضرائب كثيرة على المواطن الغزي بدءاً من ضريبة السجائر والأرجيلة وضريبة الممتلكات والمنازل وضرائب وسائل النقل، والتنقل خارج القطاع،...... ، وما تلاها من انتقادات من قبل الفصائل الفلسطينية كافة وخاصة قوى اليسار. وخوفي أن تفرض ضرائب على الهواء. ولا يختلف الحال في الجزء الآخر من الوطن "الضفة الفلسطينية" وفرض الحكومة الفلسطينية ضرائب ترهق المواطن وتضعف الاقتصاد الفلسطيني الذي أرهقه الاحتلال بإجراءاته والاستيطان والجدار العازل.

فالمواطن الفلسطيني يعيش الأمرّين من جراء الاحتلال الإسرائيلي وحكومتي الضفة والقطاع، ولا يكاد يتحمل أعباء المرحلة التي تضعف وتنهش من عزيمته وإصراره على القيام بدوره المنوط به بالمقاومة بكافة أشكالها المشروعة حتى نيل كافة حقوقه الوطنية وإقامة دولته الفلسطينية بعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران 1967 مع عودة اللاجئين إلى ديارهم التي شردوا منها. فالمقاومة المسلحة ممنوعة في الأراضي الفلسطينية كافة، وكأن شعبنا الفلسطيني قد نال استقلاله وحريته.

صيف حار مناخه، وقطاع غزة المحاصر لم يتبق له متنفس سوى بحره، ولكن ضاق الأمر بساحله المليء بالاستراحات والكافتيريات على طوله من شماله إلى أقصى جنوبه والتي لا تلبي احتياجات آلاف العائلات الغزية الفقيرة والمهمشة لتكاليفها الباهظة، وأن الجزء المسموح به للاستجمام والجلوس فيه غير مؤهل للاستجمام على شاطئه جراء النفايات وتدفق مياه الصرف الصحي بماء البحر. فالجواب عند أصحاب القرار جاهزاً في بلدية غزة ان السبب الرئيس يعود للانقطاع المتواصل للكهرباء لساعات طويلة وهذا يؤدي إلى توقف مضخات مياه الصرف الصحي.

في الأيام القليلة الماضية كانت كهرباء المنازل لا تأتي إلا بضع سويعات طوال اليوم، والتي خلقت حالة من الاستياء والاضطراب لدى المواطن، في الوقت الذي كانت تدخل فيه "إسرائيل" المحروقات والسولار الصناعي اللازم لتشغيل محطة الكهرباء بشكل شبه نظامي. والذي تبين للمواطن فيما بعد أنها أزمة مفتعلة بين حكومتي غزة والضفة الفلسطينية، وبدأت الاتهامات المتبادلة على الإعلام المحلي والعربي والدولي، إلى أن وجدت حلولاً بالعودة إلى اتفاق نيسان/ أبريل 2010 والذي أبرم بمشاركة القوى والفصائل الفلسطينية وشبكة المنظمات الأهلية، على أن تحول شركة كهرباء غزة مبلغ 4 مليون شيكل أي ما يزيد عن مليون دولار ثمن جبايات إلى وزارة المالية برام الله، وأن تدفع حكومة د.سلام فياض 36 مليون شيكل، إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتدخل السولار الصناعي إلى محطة كهرباء القطاع، ليتم حل 60 % من الأزمة. وكل أزمة على ما يبدو ضحيتها هو المواطن على حد السواء في الضفة وغزة.

المطلوب فلسطينياً الإسراع بإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه ومشاريعه الاستيطانية والتهويدية وإجراءاته التعسفية وتماديه دون رادع عربي ودولي.

  • صحفي فلسطيني- قطاع غزة.

المصدر

المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات