اعتقالات الإخوان.. رسالة النظام الخطأ
- د. رشاد بيومي : النظام يضرب بأحكام القضاء عرض الحائط
- د. الكتاتني: الاعتقالات رسالة من النظام سبق أن رفضناها
- العناني: الدولة تستغل الصحف الخاصة في حربها ضد الجماعة
- سيف الدولة: السنة القادمة كبيسة على الإخوان وبدأت من الآن
- د. البنا: كل شيء في مصر متوقع خلال الفترة القادمة
في صباح نفس اليوم الذي أصدرت فيه محكمة جنايات شمال القاهرة قرارًا بالإفراج عن 13 من قيادات الإخوان المسلمين المعتقلين على خلفية اتهامات مفبركة؛ منها غسيل أموال محصلة من إحدى جرائم الإرهاب، بقصد إخفائها وتمويه مصدرها وطبيعتها، بعد التأكد من براءتهم من تلك الاتهامات
شنت أجهزة الأمن حملة اعتقالات غير مبررة على عدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين على رأسهم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أمين عام اتحاد الأطباء العرب وعضو مكتب الإرشاد ، والمستشار د. فتحي لاشين الخبير الاستشاري في المعاملات المالية الشرعية والمستشار السابق بوزارة العدل، ود. جمال عبد السلام مدير لجنة الإغاثة والطوارئ باتحاد الأطباء العرب ومرشح الإخوان في انتخابات 2005م على خلفية نفس القضية التي برأهم منها القضاء الجنائي، إضافة إلى عبد الرحمن الجمل ورضا فهمي.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: ما دلالات تلك الحملة غير المبررة، خاصةً في نفس اليوم الذي حصل فيه مجموعة الـ 13 على قرار بالإفراج عنهم؟ ولماذا هذا التوقيت بالذات؟ وما الهدف منها؟ وهل ستحقق هذه الحملات أهدافها؟
الخبراء والسياسيون أجمعوا على أن هذه الضربات المتوالية والمتقاربة تأتي في إطار خطة النظام لضرب استقرار الجماعة وزعزعة كياناتها الداخلية، والتأثير على مواقفها في العديد من القضايا السياسية الساخنة المطروحة على الساحة في الوقت الحالي، مؤكدين أن الحملة سوف تفشل في النيل من الإخوان، كما فشلت سابقاتها.
بدايةً يستنكر الدكتور رشاد البيومي عضو مكتب الإرشاد تلك الحملة الشعواء والمتكررة غير المبررة مؤكدًا أنه ليس لها أي أسباب واضحة، خاصةً مع حالة المستشار فتحي لاشين المتدهورة صحيًّا، مضيفًا أن النظام بهجمته اليوم على قيادات الجماعة يثبت للعالم بأسره أنه لا قيمة لديه لأحكام القضاء؛
فتزامنًا مع قرار محكمة جنايات شمال القاهرة الصادر صباح اليوم بالإفراج عن مجموعة الـ 13، تخرج تلك الحملة لتنال من قيادات الجماعة وأعضاء مكتب الإرشاد، وكأن النظام يعلنها صريحةً بأنه لا يعير لقرارات المحكمة أي اهتمام.
وعن تأثير تلك الاعتقالات على نشاط جماعة الإخوان المتنامي في الشارع المصري يقول البيومي: "إن الإخوان ثابتون على عهدهم، وطريقهم هو خط عمل لله، وبالتالي لن تثبطنا المعوقات، حتى وإن وصلت الاعتقالات للآلاف كما حدث في أوقات سابقة مرت بتاريخ الجماعة".
ويشير الدكتور محمد سعد الكتاتني عضو مكتب الإرشاد ورئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بمجلس الشعب إلى أن حملات الاعتقال التي تطال صفوف قيادات الإخوان المسلمين تمثل استبداد النظام الذي وصل لدرجة التلفيقات الغريبة.
وعلل تلك الاعتقالات بأنها جاءت على خلفية معارضة الإخوان للمشروع الصهيوني بالمنطقة، وذلك في الملف الإقليمي، ومحاربتهم لفساد النظام داخل مصر وفشله في تغيير الأوضاع في الشأن الداخلي من حيث الانتخابات وموضوع التوريث.
ويقول الكتاتني إن النظام يكمل الحلقة الثانية في مسلسل تلفيقاته من خلال اعتقال مجموعة أخرى من قيادات الجماعة فجر اليوم بعد اعتقال مجموعة الـ 13 على خلفية التهمة الجديدة بتكوين تنظيم دولي للإخوان المسلمين؛
ليضمهما في نفس الاتهام، رابطًا ذلك بأن مذكرة التحقيقات المتهم فيها مجموعة الـ13 قد أوردت اسم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح بتهمة المشاركة في التنظيم الدولي للجماعة، مضيفًا أن النظام يسير على الخطة الموضوعة بضم المجموعتين في اتهام واحد على الرغم من أن محكمة جنايات شمال القاهرة قد برَّأتهم اليوم.
ويؤكد الكتاتني أن اختلاف ضربات النظام للإخوان هذه الأيام عن سابقاتها حسب الظرف التاريخي الذي تمر به المنطقة خارجيًّا وتمر به مصر داخليًّا ... وشدد الكتاتني على أن سيناريوهات الفترة القادمة لن تتغير؛ فالإخوان لن يغيروا سياساتهم وكذلك النظام، فإذا كان النظام يوجه رسائل للإخوان بهدف إثنائهم عن مشروعهم الإصلاحي فهذا لن يجدي نفعًا، والنظام على علم تام بذلك، ورسائله لم تصب حتى ولو جزءًا من الهدف.
أما الدكتور عاطف البنا أستاذ القانون الدستوري بكلية حقوق جامعة القاهرة فقد استنكر ما يقوم به النظام تجاه الإخوان وحملاته المسعورة التي يصبها عليهم متسائلاً: "لا أفهم ماذا يحدث في مصر وماذا سيحل بها الفترة القادمة في ظل أوضاعنا المتردية؛ من حل مجلس الشعب، ونقل السلطة من عدمه، وتكميم أفواه الناشطين؟"...
وأكد البنا أن كل شيء وأي شيء مُتوقع من النظام المصري؛ فالاعتقالات التي طالت قيادات من الإخوان ذات أنشطة مدنية عظيمة وشخصيات وطنية مخلصة على أيدي أجهزة الأمن تحدث في ظل نظام اعتاد على ممارسات قمعية لا تحتاج مبررات، أو صلات بقضايا أو اعتقالات تسبقها، فالنظام المصري له حساباته الخاصة، لا يمكن طرح توقعات في الفترة القادمة.
ووجَّه البنا رسالة للجماعة الصابرة أن تحتسب عند الله ما يصيبها، فالوضع غريب؛ أفرادها يتم اعتقالهم دون أسباب، فلا يكمن بيدها غير هذا الاحتساب والاستمرار في عملها ومشروعها، مضيفًا أنه باعتقال شخصيات مثل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والدكتور جمال عبد السلام هو ضربٌ للعمل الإغاثي في مقتل، والذي هو مستمر منذ أحداث غزة الأخيرة، في محاولة لإجهاض أي عمل إنساني لأشقائنا في غزة.
ويرى خليل العناني الباحث في شئون الحركات الإسلامية أن حملة اليوم هي جزء من الإستراتيجية العامة للنظام في مواجهة الجماعة بوضعها تحت ضغط أمني مستمر في محاولةٍ للتشويش على فكر الجماعة وإرهاقها تنظيميًّا من خلال اختلاق مجموعة من القضايا والتهم التي تعد غير منطقية، ويضيف أن هذه السياسة تجلَّت بوضوحٍ في أكذوبة قضية "التنظيم الدولي" التي وصفها بالتهمة الساذجة؛
فالقضية سياسية بالدرجة الأولى وليست أمنية ... ويتوقع العناني مزيدًا من التصعيد في الفترة المقبلة؛ لأن النظام يعتبر العامين القادمين هما معركة وجود حقيقية له، وجماعة الإخوان بدعوتها للإصلاح تعد عقبةً رئيسيةً له يستخدم خلالها الأداة الأمنية لإخراج نفسه رابحًا في الموسم السياسي القادم.
ويطالب العناني جماعةَ الإخوان المسلمين بعدم الانصياع والاستسلام لتلك الضربات، وتجديد إستراتيجيتها في مواجهة الضغوط والأزمات، ويقترح العناني أن تكون الإستراتيجية الأمثل للجماعة في الفترة المقبلة أن تُعيد تمركز نفسها كحركةٍ سياسيةٍ تقوم بالتعاون والائتلاف مع كافة قوى المعارضة، ففي ذلك السبيل يجب أن تكون معركة النظام مع المعارضة بشكلٍ عام بلا تخصيص لجماعة الإخوان دون باقي قوى المعارضة...
وفي هذا الشأن يطالب العناني الصحف المصرية، وخاصةً غير الحكومية بعدم الانخراط في اللعبة التي يتبعها النظام لتشويه صورة الجماعة الذي اتخذ تلك الصحف كأداةٍ لتشويه صورة الجماعة والمعارضة، مشيرًا إلى أن بعضِ الصحف الخاصة وقعت في فخ الصراع بين الإخوان والنظام وفقدت حياديتها وموضوعيتها، فالنظام يتبع كافة الوسائل المشروعة وغيرها لخنق الجماعة ومحاصرتها.
ويوافقه في الرأي د. المفكر رفيق حبيب، موضحًا أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين حملة المداهمات الحادثة فجر اليوم لعددٍ من قيادات الجماعة وبين إصدار محكمة جنايات القاهرة قرارها بالإفراج عن مجموعة الـ13 الذين سبق اعتقالهم منذ أسابيع، فقوات الأمن تحاول اعتقال أكبر عددٍ من قيادات الجماعة؛ فكلما قارب خروج البعض تم اعتقال مجموعة أخرى في محاولةٍ لإجهاد الجماعة وتعطيل عملها.
ويرى حبيب أن تلك الخطوات الاستباقية الإجهادية هي تمهيدٌ من النظام لوأدِ المناخ السياسي للعامين القادمين اللذين سيشهدان زخمًا في الحياة السياسية بعقد الانتخابات البرلمانية والرئاسية في عامين متتاليين؛ وذلك عن طريق إلقاء القبضِ على أكبر عددٍ من قيادات الجماعة ومكتب الإرشاد، ويضيف أن عمليات الاعتقال المُوسَّعة ستصبح عمليةً دوريةً ومشهدًا متكررًا طيلة العامين القادمين....
ويصف حبيب التصرفات الأخيرة من النظام بأنها تعكس مدى فشله في اكتساب تأييد شعبي؛ لأنه إذا وجد تأييدًا شعبيًّا حقيقيًّا لم يكن ليخشى الإخوان أو غيرهم، ولترك صناديق الاقتراع هي الحكم الوحيد لرغبة الشعب، كما يستهجن حبيب تلك الحملة الإعلامية الشعواء المصاحبة لحملة الاعتقالات والمداهمات، فالنظام استخدم سلاح التشويه
بالإضافة إلى سلاح الاعتقالات بهدف توفير خسارة قوية للجماعة من مؤيديها على المدى الطويل بالتشويه المستمر، والذي امتدَّ من على صفحات الجرائد الحكومية ليمتدَّ إلى بعض الصحف الخاصة؛ نظرًاً لارتفاع شعبيةِ الأخيرة، وهو ما يمكن وصفه بـ"التعاقد الخفي" بين النظام وبعض الصحف الخاصة لما لها من مصداقيةٍ أكبر لدى المواطن الذي فَقَدَ الثقةَ في الصحف الحكومية.
وأكد محمد عصمت سيف الدولة الناشط والباحث السياسي أنه من كثرة اعتقالات قيادات جماعة الإخوان المسلمين أصبح الأمر واضحًا للعيان بأنه لا توجد أسباب ظاهرة، فمرة تكون حملة الاعتقالات لإرضاء أمريكا، ومرةً من أجل الانتخابات القادمة، وتارةً من أجل التوريث، وأخرى لضرب استقرار جماعة الإخوان
مشيرًا إلى أنه لا يمكن ربط هذا الاعتقال بسببٍ بعينه، فنوايا النظام مُبيتة للإخوان، موضحًا أنه إذا أراد النظام اعتقال أحد، خاصةً الإخوان ، فالاستبداد واحد، ولا يُقدِّم مبررًا لذلك... وتنبَّأ سيف الدولة أن السنة القادمة سنة كبيسة- بحسب وصفه- على جماعة الإخوان المسلمين
خاصةً أن انتخابات 2010م تُعد فارقةً في الحياة السياسية بمصر، وسيترتب عليها العديد من المواقف التي تمسُّ المجتمع المصري، وما يحدث هذه الأيام ما هو إلا بداية حملة إرهابية كبرى ضد الجماعة لتوصيل رسالة تهديدية لكل فرد ناشط؛
وذلك لضرب استقرار جماعة الإخوان المسلمين في مقتل، مشيرًا إلى أن ظن النظام يكمن في ذلك إلا أن أركان الجماعة ثابتة ولن تضطرب ... ويرى سيف الدولة أن الإستراتيجية المطلوبة لمقاومة ضربات النظام للإخوان هي الكفاح بالأدوات السلمية واستقطاب الرأي العام، والاستمرار في نشاطنا السياسي.
المصدر
- مقال: اعتقالات الإخوان.. رسالة النظام الخطأ موقع إخوان برس