ادفع دولاراً تُنقذ مقدسيّاً
بقلم: الدكتور محمد شندب

هذا الشعار أطلقه فضيلة الشيخ المجاهد الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله، أثناء المؤتمر السابع الذي عقدته مؤسسة القدس الدولية بقاعة الأونيسكو في بيروت.
وقبل الحديث عن واجبات الأمة نحو القدس وفلسطين والمقاومة، لا بدّ من توجيه تحية عطرة عبر مجلة «الأمان» الى العلامة الشيخ يوسف القرضاوي واخوانه في مؤسسة القدس الدولية.
وأنا أسأل المولى القدير أن يطيل بعمر الشيخ القرضاوي ورفاقه الأخيار لأننا بأمسّ الحاجة الى أمثال هؤلاء الرجال الذين يحملون هم الأمة بصدق واخلاص.
هذا الشعار الذي أطلقه العلامة القرضاوي يأتي بعد أكثر من ستين سنة على قيام الدولة الصهيونية على أرض فلسطين السليبة، ليذكر الأمة العربية والإسلامية بوجوب التعاون على الحد الأدنى من أجل مواجهة التحديات الصهيونية وأخطارها التي باتت تزداد وتتفاقم وتتشعب كلما ركنت الأمة الى جانب الهوان والخنوع والاستسلام.
ومنذ قيام دولة إسرائيل عام 1948 رفع زعماء الصهيونية شعاراً لجمع التبرعات من أتباعهم وأنصارهم في دول الغرب بطريقة منظمة ودائمة ومستمرة.
هذا الشعار يختزل العقيدة الصهيونية ويعبر عن استراتيجية «إسرائيل» الحاضرة والمستقبلية وهو: «ادفع دولاراً تقتل عربياً».
وهكذا تمكنت الحركة الصهيونية في العالم العربي من أن تتغلغل في أعماق المجتمعات الأوروبية والأمريكية من خلال هذه الجمعيات والمنظمات المسيحية المتصهينة، وأن تسخّر على وجه الخصوص معظم مقدرات الولايات المتحدة الأمريكية الاقتصادية والسياسية والإعلامية والثقافية من أجل تحقيق أحلام «إسرائيل» المستقبلية.
إن الشعار الذي أطلقه الشيخ يوسف القرضاوي في زمن التراجع العربي والتآمر الدولي على قضية الأمة المركزية يشكل خطورة من أجل كسر الحصار المفروض على شعب الشموخ والتحدي في غزة والقدس وكل فلسطين.
وهذا الشعار حتى يتحول الى واقع في العمل والممارسة الفعلية يستدعي دور الحركات والتيارات الإسلامية والقومية والوطنية الجادة في مقارعة الاحتلال الصهيوني الغاشم.
إن أمتنا العربية والإسلامية على امتداد العالم تملك طاقات هائلة في مختلف نواحي الحياة، ولكن المأساة الكبرى هي أن معظم هذه الطاقات معطلة بفعل السياسات المتخلفة التي تقوم على القهر والاستبداد وخنق الحريات ومنع الرأي الآخر .
وهنا يصبح دور المنظمات الإسلامية والقومية بالغ الأهمية من أجل تحريك هذه الطاقات وتوجيهها نحو الهدف الصحيح.
إن المشروع الصهيوني لا يمكن مقارعته إلا من خلال مشروع إسلامي شامل والجريمة الكبرى التي ارتكبتها أنظمة الحاكم في البلدان العربية هي إعلانها الحرب على الحريات الإسلامية فصبّت عليها جام غضبها من قتل وتشريد وتهجير وزج بالسجون وبالمقابل مدت يد الذل والاستكانة لأبناء الخنازير والقردة الذين احتلوا الأرض ودنسوا العرض.
نعم إن النجاح الذي حققته الصهيونية في أرض الإسراء والمعراج كان بسبب غياب الحركات الإسلامية عن ممارسة دورها المطلوب في ساحة الصراع المفروض على الأمة.
ففي 5 حزيران سنة 1967م اجتاح الجيش الإسرائيلي صحراء سينا وغزة واحتل مرتفعات الجولان والضفة الغربية دفعة واحدة.
وعندما دخل اليهود الى المسجد الأقصى كان يؤمه للصلاة مجموعة صغيرة من الكهول الذين أكل الدهر عليهم وشرب!
واليوم، بعد أن انطلقت الحركة الإسلامية في فلسطين وما حولها، كم عدد الشباب الذين يحافظون على صلاة الفجر في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين رغم كل العوائق الصهيونية؟!
نعم إن الحركات الإسلامية الجادة على امتداد العالم مطلوب منها أن تتحرك وتأخذ زمام المبادرة وتنفخ روح الحياة والقوة في أمة كانت في يوم من الأيام تقود الدنيا لما فيه خير البشرية وسعادتها.
إن التحدي الأكبر الذي يواجه الأمة اليوم هو كيفية صياغة جيل النصر والتمكين.
لقد أنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمة جديدة بهذا الدين.
هذه الأمة الربانية أخرجت البشرية من ظلمها وظلامها الى نور الإيمان وعدالة الإسلام.
واليوم الحركة الإسلامية قادرة بعون الله وتوفيقه على صياغة جيل جديد ينبثق من كتاب الله تعالى وينطلق من هدي محمد صلى الله عليه وسلم ويسير على درب خالد وأبي عبيدة وصلاح الدين.
ويوم تنحاز الأمة الى مشروع المقاومة والجهاد كما انحازت الى المقاومة في لبنان وغزة، فعندئذ ستشرق بعون الله تعالى علينا شمس العزة والنصر والتمكين.
قال تعالى: {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، ولله عاقبة الأمور} سورة الحج.
المصدر
- مقال:ادفع دولاراً تُنقذ مقدسيّاًموقع: الجماعة الإسلامية فى لبنان