إغلاق المدارس الإسلامية في مصر.. تحريض أمني وأمريكي

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
إغلاق المدارس الإسلامية في مصر.. تحريض أمني وأمريكي


بقلم : د. جمال نصار


ما جرى لـ «مدرسة الجزيرة» الإسلامية نموذج فج!.

إغلاق-المدارس-الإسلامية-في-مصر..-تحريض-أمني-وأمريكي.jpg

في بداية العام الدراسي الجاري 2008/2009م في مصر وبالتحديد يوم 17 سبتمبر الماضي، فوجئت إدارة مدرسة «الجزيرة» الإسلامية بمدينة الإسكندرية شمال القاهرة بقوات غفيرة من أمن الدولة، وأعداد هائلة من عساكر الأمن المركزي على رأسها 5 لواءات شرطة يحاصرون المدرسة والتلاميذ الصغار، ويطردون ألف طالب وطالبة من المدرسة بحجة صدور قرار من محافظ الإسكندرية رقم 534 لسنة 2008م يقضي بإغلاق المدرسة!!


ومع أن قصة المدرسة تعود لعام 2005م حينما هدمت قوات الأمن مبانيها وأصدر القضاء المصري أحكاماً بإلغاء قرارات المحافظ بإغلاق المدرسة واستمرت الحملات الأمنية عليها، فقد تعاملت قوات الأمن هذه المرة مع طلاب وأولياء أمور المدرسة والمدرسين بطريقة لا تختلف كثيراً عما تفعله قوات الاحتلال مع الفلسطينيين، ما أثار احتجاجات أولياء الأمور تطورت إلى مشاحنات واشتباكات مع قوات الأمن، حتى أن ضابطاً في القوة ظل يضرب ولي أمر طالبتين صغيرتين وهو يحمل واحدة على كتفه والثانية تصرخ في يده، فأصيب بشلل رباعي؛ فيما اعتُقل عددٌ من أولياء الأمور والمدرسين وسجنوا 15 يوماً!!


فقد أصيب المواطن حمادة عبد اللطيف أحد ضحايا الهجوم على المدرسة بشلل رباعى نتيجة انقطاع الحبل الشوكى، إضافة إلى بعض الكسور والكدمات في أجزاء متفرقة من جسده، وذلك بسبب الاعتداء عليه من قبل قوات الشرطة، كما تم اعتقال مدير المدرسة و12 من أولياء أمور الطلبة من المنازل فجر اليوم الثاني؛ بدعوى مقاومتهم لقوات الأمن، ومحاولة فتح المدرسة بالقوة.


المدارس الإسلامية ضحية الأمن

وقصة هذه المدرسة ــ مثل عشرات المدارس الأخرى ــ تمثل جانباً من الحملة المتواصلة من النظام المصري عبر أجهزته الأمنية ضد جماعة «الإخوان المسلمين»، حيث تعتقد أجهزة الأمن أن هذه المدارس أذرع لجماعة الإخوان، فيما تحرِّض السفارة الأمريكية بالقاهرة على غلق هذه المدارس بحجة أنها ــ على غرار مدارس «طالبان» في باكستان ــ تُخرِّج إرهابيين!!


وقد اتهم صاحب مدرسة «الجزيرة الخاصة» طلعت فهمي ــ الذي اعتقلته قوات الأمن ــ جهات أمريكية بالوقوف بالفعل وراء قرار الحكومة إغلاق المدرسة ذات الطابع الإسلامي؛ بزعم أنها مدرسة دينية على غرار المدارس الدينية الباكستانية، وذلك بناء على تقرير صادر من المركز الثقافي الأمريكي بالإسكندرية، في الوقت الذي وافقت فيه محافظة الإسكندرية على إقامة العشرات من المدارس الأجنبية داخل المحافظة، حسب قوله.


قصة المدارس الإسلامية في مصر


تمثل الجمعيات الخيرية الإسلامية في مصر حالة خاصة من حالات المجتمع المدني، فهي أكثر فاعلية وحضوراً في الشارع المصري، ومع أن المجتمع المدني في مصر يبدو أكثر ضجيجاً وتوجد أكثر من 30 ألف جمعية أهلية وثلاثة ملايين متطوع يعملون بها، فهو بلا طائل؛ إذ لا يزيد عدد الجمعيات الفاعلة منها على بضع مئات، كما لا يزيد عدد النشطاء الفاعلين على عدة آلاف.


لذا كانت الجمعيات الأهلية ذات الصبغة الإسلامية تمثل تطوراً نوعياً متميزاً داخل هذا الفضاء الشاسع.. ومع ذلك تتعرض هذه الجمعيات بين آن وآخر لإجراءات أمنية وبيروقراطية تصل إلى حد حل مجالس إداراتها المنتخبة، والسيطرة عليها، وتجميد أنشطتها دون اعتبار لأحكام القضاء النهائية الصادرة لصالحها.


ومن أبرز أنشطة الجمعيات الخيرية الإسلامية في مصر «المدارس الإسلامية»، التي نالت النصيب الوافر من الرصد والهجوم والتهديد بالإغلاق، ومنها:


مدارس الجيل المسلم التابعة للجمعية التربوية الإسلامية بمحافظة الغربية ــ مدارس الدعوة الإسلامية التابعة لجمعية الدعوة الإسلامية بمحافظةبني سويف ــ مدارس التربية الإسلامية التابعة لجمعية التربية الإسلامية بمحافظة المنوفية ــ مدارس حراء بأسيوط ــ مدرسة الجزيرة الخاصة بالإسكندرية ــ مدارس الرضوان بالقاهرة ــ مدارس المدينة المنورة بالإسكندرية ــ مدارس طيبة الخاصة بدمنهور بمحافظة البحيرة.


أزمة المدارس الإسلامية

جيل المستقبل

ومن أبرز هذه المدارس التي تعرضت لضربات الأمن والإغلاق مدارس «الجيل المسلم» التي يقول الشيخ السيد عبد المقصود عسكر ــ عضو مجلس الشعب ــ ورئيس آخر مجلس إدارة منتخب للجمعية التربوية الإسلامية بمحافظة الغربية: «إنه صدر قرار بحلها في فبراير 2002م، رغم أن مشروع الجمعية التربوية الإسلامية بالغربية هو مشروع تربوي يعمل على تربية النشء، وتوجيهه وفق هوية الأمة وعقيدتها».


ويقول الشيخ «عسكر»: «إن نجاح تجربة هذه المدارس شجَّع على انتشارها في أوائل الثمانينيات من القرن العشرين، وتوالى إنشاء المدارس في «طنطا»، و«المحلة الكبرى»، و«السنطة»، و«كفر الزيات» حتى استوعبت 7 آلاف طالب وطالبة بمراحل التعليم الأساسي والثانوي، ونجح المشروع وبزغت أنوار مدارس الجيل المسلم، وتسابق الناس لإلحاق أبنائهم في هذه المدارس رغم كل محاولات الإعاقة لإتمام نجاح هذا المشروع العظيم».


حيث استخدم الخصوم جميع وسائلهم غير الشرعية، من تشويه وكذب وتحريض وتخويف وشائعات.. وكان آخر المؤامرات صدور قرار محافظ الغربية السابق بحل مجلس إدارة الجمعية، بناءً على المذكرة المقدمة من الشؤون الاجتماعية بحجة وجود مخالفات مالية لا وجود لها في الواقع، وتم تعيين مجلس حكومي مؤقت بنفس القرار، وحكمت المحكمة بوقف قرار المحافظ وامتنع المحافظ عن التنفيذ!


ولما ماطل المحافظ في التنفيذ قمنا برفع جنحة مباشرة ضده وضد وكيل وزارة التضامن الاجتماعي أمام جنح ثان طنطا وحددت لها الجلسة بتاريخ 21/8/2002م، لكن في يوم 18/8/2002م وافق المحافظ على تنفيذ الحكم وتسلمنا الجمعية في يوم 20/8/2002م بمعرفة لجنة من الشؤون الاجتماعية.. وفوجئنا في يوم 25/8/2008م بقرار جديد من المحافظ يسحب منا الجمعية ويسلمها مرة ثانية للمجلس الحكومي المؤقت المعين دون أي مبرر، ولنعود لنفس الدائرة وندور في حلقة مفرغة!! ومن يومها والجمعية يديرها غير أصحابها والمدارس تتردى أحوالها والقضاء الإداري ينصفنا والتنفيذيون يتعنتون معنا ويضربون بأحكام القضاء عُرْضَ الحائط رغم أن هذه المدارس حققت العديد من جوائز التفوق لطلابها ولها إنجازات عديدة.


والأمر نفسه تكرر مع (مدارس التربية الإسلامية) التي تأسست عام 1980م بعد قرار محافظ المنوفية رقم 174 لسنة 2002م بحل مجلس إدارة الجمعية، وتعيين مجلس إدارة مؤقت بدد أموال الجمعية، وعين بالمدارس غير ذوي الكفاءة التعليمية، وفصل جميع العاملين السابقين المشهود لهم بالكفاءة.


ويقول رجب محمد أبو زيد ــ عضو مجلس الشعب ــ ورئيس آخر مجلس إدارة شرعي لجمعية التربية الإسلامية: «لجأنا للقضاء والطعن على قرارات المحافظ، فحكمت المحكمة الإدارية العليا في 14/5/2005م بتمكيننا من إدارة الجمعية ووقف قرار المحافظ وجميع القرارات اللاحقة له وتأكيد بطلانها، ولكن جهات الأمن عرقلت التنفيذ وما زال الوضع على ما هو عليه من حل مجلس الإدارة المنتخب وتعطيل أحكام القضاء».


وتكررت نفس الأزمة مع «مدرسة الجزيرة» بالإسكندرية ــ التي شهدت الأزمة الأخيرة ــ والتي تضم مراحل تعليمية مختلفة بدءاً من الروضة حتى المرحلة الثانوية، والتي تتعرض منذ عام 2005م وحتى الآن لأوامر الهدم والإزالة والإغلاق والحصار في إصرار غريب من قبل الجهات الإدارية، ودون وجه حق أو مبرر قانوني.


ويروي طلعت فهمي رئيس مجلس إدارة المدرسة أنه سبق لقوات أمن الدولة أن تعدَّت على مقر المدرسة القديم الذي يقع على مساحة 6 آلاف متر في الكيلو 25 قبلي طريق الإسكندرية ــ مطروح عام 2005م بحجة مخالفة البناء وقاموا بهدم مقر ومباني المدرسة الأمر الذي جعل أصحابها يستأجرون (فيلَّتين اثنتين) في منطقة أبو يوسف لاستكمال العام الدراسي.


وأضاف قائلاً: «واستمراراً لأوامر الإغلاق أصدر حي العامرية قراراً في شهر سبتمبر 2007م (أي في بداية العام الدراسي الماضي) يقضي بإزالة المكان البديل الذي تم إقامة المدرسة عليه، وقامت إدارة المدرسة بالطعن عليه، وحصلت على حكم القضاء الإداري بوقف تنفيذ الإزالة، ولكن قوات الأمن عادت لتطرد الطلبة وأولياء الأمور وتعتدي عليهم وتعتقلهم في سبتمبر الماضي؛ رغم صدور أحكام قضائية بوقف تنفيذ قرار المحافظ وإلزام أجهزة الأمن بفك الحصار عن المدرسة ومعاودة العمل بها».

إسلامية «لا».. أجنبية «نعم»!

وتعليقاً على هذا الإصرار الحكومي في تحجيم التعليم الإسلامي وأنشطة الجمعيات الخيرية الإسلامية والمدارس الخاصة التابعة لها؛ دون اعتبار لأحكام القضاء يلفت أ. محمد فليفل ــ وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية الأسبق ــ إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية (التضامن الاجتماعي حالياً) قد تخلَّت عن دورها في حماية العمل الأهلي، وتدعيم مؤسسات المجتمع المدني، بل كان لها دور فعَّال في التحايل على القانون، وإهدار أحكام القضاء خلال تلك الهجمة الشرسة.


والحقيقة أن المدارس الإسلامية قد مورِس ضدَّها ضغوط كثيرة من وزارة التربية والتعليم، ومن وزارة الشؤون الاجتماعية، وكذلك من الجهات الأمنية، وكان يتم وضع عراقيل أمام مجالس إداراتها، ويبدو أن هناك خطة حكومية (تظهر وتختفي) لمحاربة هذه المدارس، وفتح الطريق أمام مدارس اللغات والمدارس الأمريكية والفرنسية، التي يصل عددها إلى أكثر من 220 مدرسة على مستوى الجمهورية، وهى مدارس ذات صبغة أمريكية، في العادات والتقاليد والمواد الأجنبية التي تدرسها، مع تهميش اللغة العربية، والتربية الإسلامية، والتربية الوطنية!

ويوضح «علي لبن» الخبير التربوي بالجمعية التربوية الإسلامية وعضو لجنة التعليم بمجلس الشعب الهدف من التوسع في إنشاء المدارس الإسلامية خلال العقود الثلاثة الماضية، والذي تبنته معظم الجمعيات الخيرية الإسلامية والمدارس الخاصة ذات التوجه الإسلامي بأنه: «تربية جيل طاهر، سلاحُه الإيمان، وطريقُه القرآن، وهديُه سنة خير الأنام، يأخذ من العلوم الحديثة أرقاها، ومن سيرة السلف الصالح أخلدها وأبقاها».


ويُرجِع الهجمة على المدارس الإسلامية إلى عقدة الخوف من الإسلام، حيث يقول: «ترى واشنطن أن العالم الإسلامي هو مصدر الإرهاب الذي يهدد مصالحها وأمنها وأن مواجهته يجب أن تكون شاملة بدءاً من تجفيف منابع المسلمين الثقافية والمالية، من خلال اتباع وفرض مناهج معينة في التعليم، بحيث يسود نظام تعليمي في بلاد المسلمين يُفْصل فيه الدين عن العلم والحياة.


والمهمة الأولى التي ينبغي القيام بها لعلاج معضلة التعليم في العالم الإسلامي تكمن في مواجهة ومحاربة المدارس الإسلامية التي تستهدف تصحيح العقيدة في النفوس. أما تجفيف منابع المسلمين المالية فيأتي عن طريق تقييد التبرعات والزكوات والتحويلات المالية ومحاربة المشاريع الاقتصادية الإسلامية وإيجاد صدام دائم بين الإسلاميين وحكوماتهم. ولعل ذلك يفسر تلك الهجمة الشرسة على المؤسسات والجمعيات التربوية الإسلامية، وما يتبعها من مدارس غرست في نفوس أبنائها قيم الشرف، والفضيلة، والكرامة، والشهامة، والشجاعة، والتضحية، والنزاهة، والصدق، والاستقامة في المعاملة، والتواضع، والوقوف إلى جانب الحق، والصبر عند الشدائد، وتحمل المسؤولية، والاعتماد على النفس».


ويقول: «إن هذه الهجمة تمثلت في صورة قرارات سياسية بحل مجالس إدارات الجمعيات التربوية الإسلامية، وتعيين مجالس إدارات، مهمتها تنفيذ الخطط الموضوعة لتصفية هذه الجمعيات والقائمين عليها والمدارس التابعة لها، وتنشئة أجيال من المسلمين فارغة الفؤاد، بليدة الإحساس، ترضي الغرب وتغضب الرب عز وجل!>