إسرائيل الرابحة طالما بقي الانقسام

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
إسرائيل الرابحة طالما بقي الانقسام
علم فلسطين.jpg


بقلم : طلال عوكل

بحلول الساعة السادسة والنصف صباح يوم التاسع عشر من الشهر الجاري، تكون قد انتهت التهدئة التي استمرت ستة أشهر، بين الفصائل في قطاع غزة وإسرائيل، لتبدأ مرحلة أخرى، من التصعيد الذي أعاد ويعيد الأوضاع إلى المربع الأول.

التجربة التي توسطت فيها مصر، قامت على أساس مبدأ الأمن مقابل الغذاء، بمعنى توقف الفصائل عن إطلاق الصواريخ محلية الصنع على البلدات الإسرائيلية القريبة من حدود القطاع، مقابل أن تفتح إسرائيل المعابر التجارية مع القطاع المحاصر.

في الواقع ومنذ الأيام الأولى، تذرعت إسرائيل بإطلاق بعض الصواريخ المتفرقة لإبقاء المعابر مغلقة، وكان عليها أن تبادر لفتحها في اليوم العاشر لسريان اتفاق التهدئة، ومنذ ذلك الوقت، قامت إسرائيل بتشديد الحصار، أي أنها حصلت على ما تريد ورفضت أن تدفع ما عليها من استحقاقات.

لا بل إن إسرائيل تعمدت تشديد إجراءاتها لخنق أهالي القطاع، الذي بات يعاني حقيقة، من نفاد الدقيق، والغاز، والوقود الصناعي المخصص لتشغيل محطة الكهرباء، فضلاً عن الكثير من المواد والحاجيات الأساسية.

في سابق السنوات كانت الدنيا تقوم ولا تقعد إذا أقدمت إسرائيل على منع وصول المساعدات التي تصل إلى قطاع غزة عبر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين لمؤسسات دولية أخرى، غير أن إسرائيل أوقفت تماماً تدفق تلك المساعدات منذ أكثر من أسبوعين، حيث أعلنت الوكالة نفاد مخزونها وبالتالي وقف عملياتها في القطاع.

هذا حصل خلال الأيام الأخيرة من اتفاق التهدئة، وكان جزءاً أساسياً من ممارسة إسرائيلية استمرت منذ اليوم الأول للتهدئة، غير أن الفصائل واصلت الالتزام بوقف إطلاق الصواريخ.

وإذا كانت حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، تمكنت من فرض التهدئة على فصائل أخرى كالجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية، والتي تحفظت على شروط الاتفاق، فإن الحركة كانت تحتاج الهدوء، لتعميق سيطرتها على القطاع، ومحاولة كسر الحصار، فضلاً عن تقديم نموذج في مدى القدرة على الالتزام وإلزام الآخرين.

غير أن الفصائل الأخرى كان لها تقييم آخر، حيث اعتبرت حركة الجهاد الإسلامي وكذا الشعبية والديمقراطية أن إسرائيل حققت فائدة كبيرة من فترة التهدئة فيما لم يحقق الفلسطينيون شيئاً، وكان يمكن تحقيق بعض الرضا لو تم استثمار التهدئة من أجل الحوار وإنهاء حالة الانقسام.

مع كل الأسف بدد الفلسطينيون فرصة مهمة لإعادة ترتيب أوضاعهم الداخلية، غير أن ما وقع فعلياً خلال فترة التهدئة هو أن حياة سكان قطاع غزة باتت من سيئ إلى أسوأ، فيما تعمق الانقسام، وفشلت المبادرة المصرية لبدء الحوار، وعززت إسرائيل من إجراءاتها على الأرض، لتعميق الانقسام الفلسطيني وتحويله إلى حالة انفصال تام ل قطاع غزة ، الذي عليه أن يعتمد كلياً على مصر في كل ما يحتاجه وذلك حسب مصادر إسرائيلية رسمية.

انتهت التهدئة بعد ستة أشهر ولم تنته رغبة أطرافها، حماس وإسرائيل في معاودة البحث عن وساطة ومعادلة جديدة لتهدئة جديدة، ولكن ليس قبل مرحلة من التعميق، قد تستمر لبضعة أسابيع تحتاج أحزاب الائتلاف الحاكم لتحسين فرصها الانتخابية في ظل مزايدات اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يحقق تقدماً على حساب أحزاب الائتلاف الحكومي.

ويبدو أن إسرائيل، من واقع حاجتها لتصعيد محسوب ومحدود، ولتحقيق أهداف معينة، قد بدأت التحضير لارتكاب عدوان على قطاع غزة، بذريعة استمرار بعض الفصائل في إطلاق الصواريخ، حتى وإن كانت رداً على اعتداءات إسرائيلية.

خلال جملتها الإعلامية والسياسية تحضيراً لعدوانها على قطاع غزة ، أولت وزيرة الخارجية الإسرائيلية وزعيمة حزب كاديما تسيبي ليفني بتصريحات متطرفة، أشارت فيها إلى أنها في حال فوزها في الانتخابات، ستتبع استراتيجية القضاء على سيطرة حركة حماس على قطاع غزة.

تصريح ليفني جاء بعد تصريح مشابه لزعيم المعارضة الإسرائيلية رئيس الليكودبنيامين نتنياهو، الذي أشار بدوره إلى ضرورة القضاء على سيطرة حماس على غزة، انطلاقاً مما تمثله من مخاطر استراتيجية على إسرائيل، وبسبب ارتباطاتها الإقليمية مع إيران.

هذه التصريحات أحدثت حالة من القلق لدى الجماهير الفلسطينية، وكذا بعض الأوساط السياسية الإقليمية والدولية، التي تريد هدوءاً بغض النظر عن الثمن والنتائج، غير أن الوقائع والمؤشرات اليومية تؤكد أن إسرائيل ليست بصدد عملية اجتياح كامل ل قطاع غزة ، فمثل هذه العملية تتناقض وهدفها، في البقاء وتعميق حالة الانقسام الفلسطيني.

إن إسرائيل تسعى وراء عدوان، تستخدم فيه الطيران المروحي والحربي، والمدافع الصاروخية، ووسائل تكنولوجية أخرى لتدمير بعض المؤسسات والمواقع واغتيال بعض القيادات والكوادر، وربما تقدم إسرائيل على بعض التوغلات التي قد توقع إصابات كثيرة بين المدنيين الفلسطينيين.

وفي هذا السياق يمكن تفسير الرسالة التي وزعتها الخارجية الإسرائيلية في الأمم المتحدة يوم الثلاثاء الماضي الثالث والعشرين من الشهر الجاري، تبلغ فيها الأعضاء إلى أنها ستقوم بالرد على الصواريخ التي تطلقها الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وهو أمر لم يقع من قبل، وعلى اعتبار أنها تتعامل مع «كيان معادي»، وفق قرارها في سبتمبر الماضي.

ينبغي التركيز على الأهداف الإسرائيلية من وراء كل ذلك، تهدئة كان أم تصعيداً، فإسرائيل تعمل على فصل قطاع غزة نهائياً لكي يعتمد على مصر ، وفي المقابل تعمل على إنهاء مسؤولياتها القانونية والسياسية والإنسانية والأخلاقية كدولة احتلال عن قطاع غزة ، وهو أمر يخالف القانون الدولي، ويقطع الطريق أمام أي عملية سياسية تستهدف إقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة منذ عام 1967 .

المصدر