أمية جحا.. زوجة الشهيدين!
بقلم / حبيب أبو محفوظ
لا زلت أذكر قبل ستة أعوام حينما حازت فنانة الكاريكاتير الفلسطينية أمية جحا على المرتبة الأولى في مسابقة أفضل موقع عربي للكاريكاتير، حينها انحصرت المنافسة الشديدة- وفي اللحظات الأخيرة- بينها وبين رسام الكاريكاتير الأردني عماد حجاج.
في ذلك الوقت لم يمض على استشهاد زوجها القائد القسامي رامي سعد سوى وقت قصير، كان تعاطف الناس معها شديدًا ومن مختلف أرجاء العالم، كنت وقتها واحدًا من عشرات الأشخاص الذي واصلوا الليل مع النهار للدعاية لموقعها، جحا الرسامة العربية الوحيدة التي لها موقع إلكتروني على الشبكة العنكبوتية.
شاءت الأقدار أن يكون لهذه الفنانة الفلسطينية العديد من القصص والمواقف، ففي يوم عقد قران زوجها الشهيد القسامي رامي سعد، وفي نفس الليلة، وبدلاً من أن يسهر عند خطيبته كونها الليلة الأولى لخطبته ذهب ليكون مسئولاً عن عملية تفجير موقع نتساريم باستخدام عربة حصان، وقد تم اعتقاله ليلتها من قبل قوات الأمن الوقائي الفلسطيني، لتكون هذه العملية البطولية المهر الذي أهداه رامي سعد لزوجته في يوم زواجهما.
استشهد زوجها رامي سعد، وهو الذي أشار عليها بأن تضع "المفتاح" في جميع رسوماتها ليكون رمزًا للعودة إلى الوطن، وفي اليوم الثالث لاستشهاده كانت أمية قد رسمت اللوحة التي انتظرها الجميع، وقد مثلت هذه اللوحة صورة زوجها "رامي" في حدقة عينها، التي بكت دمًا، جاء على هيئة دمعة تنزل من العين، وترسم صورة للقلب.
للحصار الصهيوني العربي على قطاع غزة، حكايته أيضًا مع أمية، ولكن تميز الحصار هذه المرة أنه من الداخل والخارج معًا، ففي المرة الأولى علقت الفنانة أمية جحا مع زوجها الثاني القائد القسامي وائل عقيلان، خارج قطاع غزة، وبقيا لمدة تسعة أشهر ينتظران فتح معبر رفح ليدخلا القطاع، وبقيت الفنانة جحا بعيدةً عن ابنتها الوحيدة "نور" ذات الخمسة أعوام، وقد كتبت الفنانة أمية مقالاً محزنًا في ذلك الوقت حمل عنوان: "عندما يئدون حتى الحلم!".
في المرة الثانية، كان الحصار هو السيف الذي وضع حدًّا لحياة زوجها القائد القسامي وائل عقيلان، بعد صراعٍ طويلٍ مع المرض، وقد كتبت مقالاً في ذلك حمل عنوان: "عندما يبكي الرجال"، حينما قرأته عرفت يقينًا أن الفنانة الفلسطينية المعروفة، ستصبح عما قريب صاحبة لقب جديد وهو "زوجة الشهيدين"!.
لا فرق لدى الفنانة أمية جحا في أن تغمس ريشتها بالدماء لتعبر في صباحِ يوم جديد عن معاناة شعبها، من خلال رسوماتها، أو في أن تغمسها بترابِ الوطن الذي أحبته، المهم عندها أن ترسم للوطن بأبهى صوره، هكذا تعلمت زوجة الشهيدين كيف تخط بريشتها على لوحتها لترسم لجميع الناس، بالأحمر والأسود والأخضر والأبيض.. علم فلسطين
المصدر : نافذة مصر