أحمد منصور يكتب: سر الهروب الروسي من سوريا
فاجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العالم بقراره الذي اتخذه مساء الأثنين الماضي بانسحاب قواته من سوريا بعد أشهر قليلة من تدخلها الذي وصف في البداية بأنه لأجل غير مسمي، وقد أخبرني مصدر قريب من الوفد السوري المفاوض في جنيف أن الوفد الروسي في جنيف أصيب بارتباك شديد من القرار الذي يبدو أن بوتين فاجأ به حتى المقربين منه.
والغريب في الأمر أن القوات الروسية بدأت انسحابها من سورية بعد ساعات من القرار الذي أصدره بوتين مما يعني أن هناك دوافع قهرية أجبرت بوتين على اتخاذ قراره والبدء في تنفيذه بهذا الشكل السريع فعمليات الانسحاب للجيوش من أي موقع للتدخل عادة ما تستغرق وقتا بعد الإعلان يمتد أحيانا لأشهر وربما لسنوات أما أن يتخذ القرار في المساء ويبدأ تطبيقه في الصباح فلابد أن الأمر جلل.
وقد صدرت عشرات المقالات والتحليلات في الصحافة الدولية تمتلأ بالتكهنات وتحاول التعرف على الأسباب التي دفعت بوتين لهذا القرار لكن أغلبها دار في إطار شعور بوتين أن التعويل على نظام الأسد ليس في محله لاسيما وأن حجم الدمار الذي سببته الطائرات والطلعات الروسية في المناطق الواقعة للمعارضة السورية كان كبيرا للغاية لكنه لم يؤد إلى تغيرات كبيرة على الأرض بسبب ضعف النظام وجبن قواته والقوات الإيرانية والمليشيات الشيعية المصاحبة له عن مواجهة فصائل المقاومة المسلحة التي كانت تخوض معارك طاحنة علي الأرض ضد النظام.
الأمر الثاني هو إدراك بوتين أنه يمكن أن يتفاوض حتى مع الثوار على مصالح بلاده في سوريا بدلا من التفاوض مع نظام لا يملك مقومات البقاء. كذلك تحدثت بعض المصادر عن أن بوتين أراد أن يؤدب الأسد الذي بدأ يتمرد ويخرج عن سيطرة بوتين بعدما قام بوتين بتعويمه وتعويم نظامه.
علاوة على ذلك فإن بوتين يواجه مشاكل كبيرة في القرم وأوكرانيا علاوة على تصاعد مشاكله مع تركيا والتراجع الاقتصادي الكبير الذي يعانيه في الداخل. ونشرت الصحف الروسية أن الإسلاميين في آسيا الوسطي يعدون لتوجيه ضربات لبوتين داخل روسيا تفقده توازنه.
لهذه الأسباب وغيرها قرر بوتين أن ينسحب من سوريا حتى يواجه باقي مشاكله ويقايض الأوروبيين والأميركان على بعض المكاسب التي تخفف الضغوط الاقتصادية والسياسية والعسكرية عليه، ولا يستبعد بعض المراقبين أن تكون بعض الصفقات التي قامت بها بعض الدول الخليجية مع روسيا لعبت دورا في جعل بوتن يطالب بالمزيد من الصفقات للتغلب على مشاكله الاقتصادية في مقابل تخليه عن الأسد وابتعاده قليلا عن إيران التي تزعج دول الخليج هذه العوامل وغيرها ربما تكون أسبابا منطقية لقرار بوتن لكن لا يزال هناك سر أكبر من كل هذا ربما تكشفه الايام المقبلة.
المصدر
- مقال: أحمد منصور يكتب: سر الهروب الروسي من سوريا موقع كلمتي