أحمد حسن الشرقاوي يكتب: اقتحام النقابة.. ومخاض الحرية بمصر
(7 مايو 2016)
اقتحام نقابة الصحافيين المصريين يعني الدخول بدون استئذان، خصوصاً أن القانون يصون حرمة المقار النقابية، وفي المادتين 70 و71 من قانون إنشاء نقابة الصحافيين ضوابط لابد من مراعاتها عند دخول تلك المقار بما فيها المقار الفرعية لنقابة الصحافيين بالمحافظات من بينها إبلاغ النقيب وضرورة حضوره أو من يمثله مع القوة الأمنية التي تقوم بدخول المقار النقابية.
وأظن أن سلطات الأمن المصرية تعرف هذا القانون جيداً بدليل أن النقابة على مدار تاريخها ومنذ صدور قانون تأسيسها في 31 مارس من العام 1941 لم يجرؤ الأمن علي القيام بتلك الخطوة مع تغير وتبدل الحكام من الملك فاروق إلى جمال عبد الناصر مروراً بأنور السادات ثم حسني مبارك، لم يجرؤ على تلك الخطوة سوى قوات أمن همجية بربرية متوحشة تابعة لسلطة انقلابية لا تعبأ بأي شيء وبكل شيء في أرض الكنانة.
إذن هناك رسالة من الأمن بتجاهل القانون واقتحام النقابة مفادها أن أحدا ليس بمنأى عن بطش القوة الغاشمة للعسكر ولقوات الأمن بما في ذلك الصحافيين الذين يلجؤون لدار نقابيتهم لضمان تطبيق القانون فقط وليس للهروب من سلطة العدالة.. إذا كانت هناك ثمة عدالة أو قضاء نزيه في مصر المنقلبة؟!
وقد فهم الصحافيون المصريون الرسالة حتى أولئك الذين لم يكونوا في حالة خلاف مع نظام الحكم العسكري الانقلابي بل كانوا من مؤيديه.. لقد امتدت نار الانقلاب لتطول أطراف ثياب مؤيديه بين الصحافيين من أقاربهم وغيرهم ثم امتد إلى أبواب نقابتهم، ولم يَعُد في قوس الصبر منزع، خصوصاً أن هؤلاء المؤيدين يرون يومياً وحشية أفراد الشرطة والعسكر من أفراد وضباط، وصفحات الصحف وشاشات التلفاز تمتلئ يومياً بأخبار قتل المواطنين علي يد من ينتسبون للشرطة أو الأجهزة الأمنية الأخرى.
الغضبة العارمة التي تفجرت في الاجتماع الطارئ للجمعية العمومية للصحافيين بعد ظهر الأربعاء والتي تجلت في مجموعة قرارات على رأسها التمسك بإقالة وزير الداخلية تمثل في تقديري قمة جبل الغضب الصحافي العائم فوق سحب التضليل والتشويه التي مارسها ويمارسها نظام السيسي على الشعب بأكمله .
يجب أن نقر أن الصحافيين ليسوا مجموعة المطبلاتية للنظام، الجسم الصحافي أكبر بكثير من هؤلاء، وهناك عدد كبير من الصحافيين كان منتشياً بانتصار وهمي زائف على خصومه السياسيين والأيديولوجيين من التيار الإسلامي والإخوان المسلمين، وظن أنه ساهم في "ثورة" أطاحت بـ"فاشية دينية" لكنه أفاق على الحقيقة المرة وهي أنه ساهم في تأسيس"فاشية عسكرية بشعة"!!
وتقديري أن الموقف الصحيح لمناهضي الانقلاب العسكري هو مساندة غضبة الصحافيين الذين توحدت غالبيتهم ضد الفاشية العسكرية والممارسات الأمنية ضد الجميع، وحدة الهدف تجمعنا، ولا مكان لمن يشق الصف أثناء المواجهة بالنبش في المواقف السابقة للصحافيين أو لمجلس النقابة أو للزميل يحيى قلاش نقيب الصحافيين المصريين.
لذلك، وبحكم عضويتي في نقابة الصحافيين المصريين لمدة تربو على العشرين عاما فإنني أقول: إننا جميعاً على قلب رجل واحد ضد الظلم، وكلنا الآن خلف مجلس النقابة، .. كلنا يحيى قلاش باعتباره النقيب الحالي للصحافيين، ولا يجب أن نسمح بالمساس به بأي شكل من الأشكال علي يد بلطجية النظام وجنرالاته الأمنيين؛ لأن هذا السيناريو بات وشيكاً بعد مواقفه التاريخية للحفاظ على كرامة الصحافيين المصريين ونقابتهم. ولنرددها جميعا في كل مكان: عاشت وحدة الصحافيين المصريين، وعاش نضال الشعب المصري من أجل الحرية والكرامة.
المصدر
- مقال: أحمد حسن الشرقاوي يكتب: اقتحام النقابة.. ومخاض الحرية بمصر موقع كلمتي