(إخوان أون لاين) تحاور مسئول الملف الإنساني في دارفور
[15-08-2004]
محتويات
المقدمه

- الوضع الإنساني مستقر والبعض يضلل الرأي العام
- مساعدات الدول الإسلامية قليلة بسبب الخوف من أمريكا
- الكيان الصهيوني تدخل في دارفور وأشعل الأزمة
- على المستثمرين العرب استغلال الموارد الكثيرة لدارفور
- بعض المنظمات الإنسانية بدارفور مرتبطة بالكنيسة
حوار: حسام محمود
نشأ في دارفور وضعٌ إنسانيٌّ متردٍّ؛ نتيجةً لأعمال النهب والسلب التي قامت بها قبائل يُطلَق عليها "الجنجويد"، واستغلها البعض كقضية سياسية تحتِّم على المجمتع الدولي التدخل العسكري لحلها؛
لأن ذلك يمثِّل خطرًا على المجتمع الدولي، وأخذ هؤلاء يذرفون دموع التماسيح على مأساة دارفور، ومن ذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تريد التغطية على النزيف الذي أحدثته المقاومة العراقية لقواتها، وكذلك الكيان الصهيوني الذي يريد تقسيم السودان، والحصول على ثرواته.
وقد روَّج هؤلاء بأن هناك حربَ إبادة تقوم بها الحكومة السودانية، وأنها تساند القبائل العربية ضد الإفريقية، محاولةً بذلك دقَّ "إسفين" بين المسلمين الأفارقة والعرب، بالإضافة إلى ترويجها بأن الجانب الإنساني في السودان يدمر، وأن السودانيين يعيشون في أماكن تنتشر بها الأوبئة والأمراض؛ لأن الحكومة السودانية لا توفر لهم غطاءً أمنيًّا أو صحيًّا، وأن هناك الآلاف يموتون كل يوم..!! أردنا معرفة حقيقة ما يجري على أرض الواقع، فكان لنا هذا الحوار مع مسئول الملف الإنساني بالسودان الدكتور عبد الرحمن أحمد أبو دومة- وكيل وزراة الشئون الإنسانية بالسودان- فكان هذا الحوار.
نص الحوار
- في البداية نريد أن نتعرف على حقيقة الأوضاع في دارفور.
- الواقع الإنساني ليس بهذا السوء الذي يروِّج له البعض الذين يريدونه هكذا، فمثلاً معسكر المشتل كان يشغل تهديدًا واضحًا- سواء كان أمنيًًّا أو صحيًّا أو بيئيًّا- لمدينة الفاشر، فهو كان معسكرًا غير مخطط؛ لأنه بدأ عشوائيًّا، وكان موقعه في مجري مياه، فكان لا بد من نقله إلى مكان آخر، وبالفعل قامت الحكومة السودانية بنقل المواطنين إلى مكان آخر، وتم إقامة معسكر لهم كان أشبه بالتربة، ولكن معسكر المشتل بقيت به قلةٌ؛
- انتظارًا لقدوم وزير الخارجية الأمريكي كولن باول والأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان للحصول على بعض الدولارات، وقبل وصول عنان وباول إلى السودان في الزيارة- التي لم تُخطَر بها الحكومة السودانية إلا قبلها بساعات- تجمَّع ما يزيد على ثمانين ألف شخص جمعتهم بعض منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الطوعية حتى تظهر الصورة أمام "عنان" سيئة، إلا أن مشيئة الله أرادت غير ذلك، فهطلت الأمطار بغزارة شديدة؛
- مما اضطُّر هؤلاء إلى الانتقال بسرعة قبل أن يجرفهم السيل، وعندما حضر "عنان" لم يجد أحدًا في هذا المكان، وهذا يُظهر مدى أن المنظمات الدولية تقول ما يتنافى مع الحقيقة بغرض الإساءة إلى الحكومة السودانية.
استحالة التنصير
- ما أتوقع أن يجرؤ إنسان عاقل- في هذه الظروف التي تمر بها دارفور- على الإقدام على مثل هذه الخطوة؛ لأن أهل دارفور لم يقبلوا بذلك؛ لأنهم متدينون وشديدو التمسك بالإسلام، ومن يفعل سيكون هو الجاني على نفسه؛ لأن رد الفعل سيكون شديدًا من أهل دارفور، ولو حدث هذا سيكون من نعم الله علينا لأن من أرادوا الدعوة إلى التنصير سيجعلون الناس يتمسكون بالإسلام أكثر وسيدافعون عنه بكل ما يملكون.
الخوف من أمريكا
- ما السبب في عدم وجود اهتمام من دول الجوار بالسودان؟
- الدول الجوار قد استجابت وخافت من الاتهام الأمريكي الذي ربط بين الإرهاب والعمل الخيري الإسلامي، وهذا كان عاملاً كبيرًا في دفع الناس لعدم تقديم مساعدات للسوادنيين.
- المنظمات الدولية الإنسانية لها أجندتها وأهدافها من وراء المساعدات.. فكيف تتعامل الحكومة السودانية مع المساعدات الدولية؟
- إلى الآن ليس هناك شيء واضح غير البعد الإنساني، مع قناعتنا التامة بأنه ليس كل المنظمات التي دخلت السودان بريئةً، وألاحظ أن عددًا كبيرًا من المنظمات التي أقبلت إلينا مؤخرًا بها عددٌ كبيرٌ مرتبطٌ بالكنيسة بأي شكل من الأشكال، فهناك عدد كبير دخل بدعوى المساعدة الإنسانية وهو يهدف إلى غير ذلك ونحن الآن لا نميز لأن عندنا مشكلة إنسانية.
- أريد التعرف على دور الدول والمنظمات الدولية.
- مؤسسات الأمم المتحدة تعمل معها في شراكة حقيقية، لكن هناك الكثير مما يُنسَب للأمم المتحدة لا يتم لأن المعلومات لا توجد بها حقائق، ودائمًا تطرح بالبعد السلبي، وقد نشرت هذه المنظمات أن عدد الأطفال الذين يموتون في اليوم بلغ عشرة آلاف طفل، وراجعنا هذه المنظمة التي نشرت هذا الكلام واستدركوه وأصبح العدد ألف طفل في الشهر، وهذا رقم طبيعي، وهذا الذي حدث استطعنا أن نحتويه.
كاليفورنيا السودان

- ما دور الدول العربية ومنظمات الإغاثة الإسلامية؟
- المساعدات التي أتت من الدول العربية- وفي مقدمتها مصر- كانت لها أهميةٌ كبيرةٌ جدًّا، فلا شكَّ أن دور نقابة الأطباء المصرية كان مهمًّا، فنحن محتاجون للدور البشري بين السودانيين؛ ولهذا أدعو كل الإخوة العرب أن يأتوا بأكبر عدد ممكن من البشر؛ لمشاركة أهل دارفور، فنحن في الاحتياج لدور الأزهر ولدور البعثة المصرية التعليمية، فليأت إخوتُنا العرب إلى السودان وننسى ما فات، ويتم استثمار الأموال العربية والإسلامية في دارفور ذات الموارد المختلفة والكثيرة التي نطلق عليها "كاليفورنيا السودان" فيكون هناك تكامل إغاثي تنموي.
- أيضًا هناك دور لمنظمات الهلال الأحمر الإماراتي وبعض المنظمات التطوعية الإمارتية؛ حيث قاموا بمجهودات تُحمد لهم، وقد لعبوا دورًا مهمًّا في بناء البنية التحتية في بناء كثير من القرى، أيضًا المساهمة الحقيقية في الدور الإعلامي، والمعلومات الحقيقية التي أذاعوها بعد ما شاهدوها على أرض الواقع، وهم يدعون إلى عقد مؤتمر خليجي لدعم السودان، وكذلك منظمات السعودية والكويت قدموا مساعدات كثيرة.
- وأعود وأكرر دعوة المستثمرين العرب والمسلمين إلى استثمار أموالهم بدارفور، فالحديد موجود على سطح الأرض بدرجة نقاء تصل إلى 80% منذ زمن محمد علي، أيضًا حفرة النحاس ما زالت موجودةً، ناهيك عن الذهب واليورانيوم والماس وبها 60% من الثروة الحيوانية الموجودة بالسودان.
- بدايةً نقدر المبادرة التي قام بها الرئيس مبارك، ودعوته لإقامة جسر جوي بين الخرطوم والقاهرة لمساعدة أهل دارفور.. أيضًا جاءتنا مساعدات من السعودية والجزائر، أما باقي الدول فجاءتنا مساعدات من المجتمع الأهلي فقط.
مشكلة معقدة

- المتمردون بدأوا بمراكز الشرطة فدمروا 68 مركزَ شرطة كانت نتيجتها استشهاد 400 شرطي و 22 ظابطًا، وفعلوا ذلك لأخذ الأسلحة منهم، واضطُّرت الشرطة للانسحاب، وجاء الشعور بأنه لا يوجد أمل؛
- لأن إمكانيات الشرطة ضعيفة، لكن الذي حدث هو أن الحكومة أعلنت أنها ستوفر كميات شرطة كبيرة، والتزمت وأرسلت 5000 شرطي، وسيزيد إلى الضغف، ومعهم قوةٌ كبيرة من الضباط، وقد تم تأمين ما يقرب من 82% من المواقع في دارفور، فولاية غرب دارفور عندما بدأت الأحداث كان الأمن لا يزيد عن40%، ووصل الآن إلى 50%، وتخلو المنطقة الآن من النزاعات، وقد قامت بها مبادرات من القبائل لحماية الأمن، وعاد الناس لموطنهم والوضع المتأزم الآن هو في جنوب دارفور لوجود اليورانيوم، والتدخل الخارجي الذي حدث سيكون لوجود اليورانيوم في هذه المنظقة.
- المشكلة قديمة، فلماذا لم تتخذ الحكومة من الخطوات ما يكفي لاحتواء الأزمة قبل أن تشتعل؟
- المسائل وصلت مرحلةً من التعقيد الغير متصورة، والجنجويد ليسوا من السودان وحدها كما يظن البعض، لكنهم من الكاميرون والنيجر وتشاد، وهي مجموعة نصب مسلَّح، والنهب هو جزء من تركيبتهم الحياتية، وقد دخلوا منطقة دارفور وامتهنوا هذه المهنة وهم أفراد من قبائل مختلفة، وهم يعتدون على الركب المسافر، وهذا قد أثار القبائل المعتدى عليها، وهذه القبائل بينها تحالفات ولهذا جنَّدوا ميليشيات للدفاع عن أنفسهم، وأصبح السلاح عندهم ثقافةً، وهذا ما أصعب الأمور على الحكومة وقدراتها وإمكانياتها المحدودة.
- ولقد قامت الحكومة بكل ما تستطيع لرأب الصدع، فهناك عشرات المؤتمرات لمبادرات حكومية، وقبل خمس سنوات تم جمع السلاح، ولكن السلاح يأتي عن طريق الدول الإفريقية المجاورة مثل تشاد، وهذه المشكلة هي مشكلة كل الحكومات المتعاقبة، فالسودان تقع في إشكالية كبيرة تحاول الحكومة حلها، فالسودان عند قياس معايير الغنى فإنها تكون السادسة على العالم من حيث الغنى، ولكنها مع ذلك تُصنَّف في ذيل قائمة الفقر لعدم استغلال مواردها، فهناك مخزون إستراتيجي وهو غير مسموح باستغلاله إلا بموافقة الكبار.
- صدر منها تقرير قبل أسبوع، وهي الآن موجودة في الميدان، وتقديرها هو تجميع لكل الاتهامات والالتقاء بكل المؤسسات الدولية، وأيضًا الالتقاء بكل القطاعات الموجودة داخل السودان، وقبل ذلك أرسلت الحكومة عددًا من وكلاء النيابة لمحاسبة بعض المتهمين الذين ثبت أنهم ليسوا كلهم عربًا، ومن أراد التأكد فليرجع إلى قرار المحاكمة.
الحركة الإسلامية
- ما عندي معرفة دقيقة بالأمر، والحركة الإسلامية هناك هي التي تتمتع بالقوة، وقد هزموا كل الأحزاب وحزب الأمة لم يعُد بالقوة المعروفة عنه منذ فترة وهو حزبٌ مشاركٌ في قيادة العمل الوطني، وقياداته يقولون نفس كلام الدولة.
- يكفي أن تعلم أن الكنيست الصهيوني قد طلب من الكونجرس الأمريكي سرعة التدخل في دارفور، فهناك تدخل فعليٌّ وراء ما يحدث.
- هذا الكلام غير صحيح بالمرة، وتضارب أقوالهم يُظهر الحقيقة، فمثلاً أعلنوا أن عدد الأطفال القتلى30 ألفًا في اليوم، ثم يعلنون أنهم 10 آلاف فقط، ثم يأتي تقرير الأمم المتحدة النهائي ليعلن أن نسبة وفيات الأطفال هي ألف طفل في الشهر وليست في اليوم.
- الحكومة الحالية بها 13 وزيرًا ومسئولاً من دارفور.
- الأفارقة والعرب في السودان هم العرب، فالعروبة هي اللسان، وهي ليست لونًا أو ممارسات، والعروبة بالنسبة للسودان هي ثقافة، فليس هناك صراع بين عرب وأفارقة، فالكل أضحى نسيجًا واحدًا، ولا تسيطيع أن تميز بين هذا وذاك، ولا بد أن نعلم أن التعايش السلمي بين المسلمين والأفارقة دفع الأفارقة إلى الدخول في دين الله أفواجًا، وقد ارتضى الناس أن يسمُّوا من يخرج وراء البقر أنه عربي (الرعاة)، والذي ارتضى العيش في المدينة أنه إفريقي، وكلٌّ أصبحت له خصوصياته، فكيف نميز الآن بين إسلام عربي وآخر إفريقي؟!
- إنها مقولة مقصود بها الفرقة، فالدين واحد، والرب واحد، وخلقنا الله شعوبًا وقبائل لنتعارف، والأكرم عند الله هو الأتقى.
المصدر
- حوار: (إخوان أون لاين) تحاور مسئول الملف الإنساني في دارفور موقع اخوان اون لاين