استعرض مصدر الرجـــال معـادن

'''[[ذكريات لا مذكرات....عمر التلمساني|فهرس الكتاب]]'''

وهنا أقول إنمصر كلها لم يكن فيها إلا رجلان تبينا حقيقة جمال عبد الناصر وما هو مكتوب على جبهته .. هذان ا لرجلان هما المرحوم فضيلة الاستاذ حسن الهضيبى المرشد الثانى للإخوان المسلمين والثانى السيد فؤاد سراج الدين رئيس حزب الوفد .

ولما كنا فى  السجن الحربى عام 1954 وكانوا يوقفوننا صفوفا لنردد مع أم كلثوم إغنية " يا جمال يا مثال الوطنية " ويوقفون الشهيد عبد القادر عودة موقف المايسترو من الفرقة الموسيقية جاء أحد ضباط السجن الى فضيلة المرشد الهضيبى وطلب منه أن يقف " زنهارا  وأن يضرب الأرض بقدمه بشدة . قال له الأستاذ الهضيبى رضوان الله  عليه : لا تخف سأضرب الأرض بقدمى لا لتخرج بطيخا ولكن لتخرج بترولا . وهكذا لم تفته الكلمة الساخرة بالظالمين وهم فى ذروة قوتهم . إنه لم يستجد ولم يسترحم ولم يقل للظالم ما شاء الله وشئت ! والرجال معادن . لقد كان فيض الايمان ونبع الثقة بالله فياضا فى قلوبهم فثبتهم الله وحفظ دعوته على أ يديهم .

لا بد وأنا أكتب هذه المذكرات أن أ عرض للدعوة ـ دعوة الله ـ التى أوجدتنى من عدم وجعلتنى أفهم طعم الحياة كيف لا وقد أوضحت لى الدعوة أن مهمة المسلم ليست مقصورة على أ ركان ا لاسلام فحسب ولكن علينا أن نفعل الخير بكل صوره ما استطعنا الى ذلك سبيلا حتى ولو فقدنا القوة المادية وأن نهجر الشر وأن نجاهد فى سبيل أ نقاذ الانسانية من كل شرورها وما يحل بها بالدعوة إن قبلوا فإن أبو ومنعوا فليس إلا الحربى بيننا وهم الظالمون ونحن المدافعون ولا مناص من حراسة الحق ولو بالقوة وهو الأمر المشروع فى القوانين الوضعيه والسماوية ولسنا نبدأ من فراغ فلا بد للداعية من نفس قوية تأبى الذلة والخنوع وتسعى الى معالى الأمور بإرادة قوية ووفاء ثابت وتضحية شاملة ومعرفة بالمبدأ وإيمان به وتقدير له واستماته فى سبيله ولم تتردد شعوب فى هاوية المهانة والاحتقار إلا عند فقدها لكل هذه المعانى الجليلة التى لا كيان لشعب بدونها ولئن كان هناك من لم يرقه شىء من هذا أو يستسغه فإننا نقرر صادقين بأنه ليس هناك من طريق آخر لنكون أمة قويه عزيزه إلا هذا الطريق الشاق الطويل الذى لا يقدر على اجتيازه واحتمال مشاقه إلا من أراد الله به خيرا فهداه الى هذا الطريق وأعانه على أجتيازه لا فىصبر فقط ولكن فى رضاء كامل .

قد  يتوهم البعض أننا قوم نظريون ولسنا عمليين على الاطلاق ولكن الناس أعداء ما جهلوا لن تجد حزبا أو هيئة أو جماعة أو جمعية فى مصر لها من الأمور العملية الواقعية ما للإخوان المسلمين وإنى أقدم من رسائل الامام الشهيد أمثلة لا استقصاء فأسأل عن منشآت الجماعة  فى  الاسماعيلية وفى شبراخيت وفى المحمودية وفى القاهرة وغيرها مؤسسات اقتصادية وتجارية ومصانع نسيج وشركات فى مختلف ضروب الصناعة والتجارة والزراعة ولولا المصادرات المستمرة من الحكومات لكان الاخوان يمتلكون أكبر الشركات والمصانع والمعامل فى منطقة الشرق الأوسط . ولو نظرت اليوم الى كثير من الشئون العملية كالبنوك وغيرها لوجدت وراءها العديد من الاخوان المسلمين حتى الصحافة والمطابع والنشر لنا فيها دور غير منكور .

هذا غير الدروس والشعب والرحلات والزيارات كل ذلك من صميم قروش الاخوان الذين يشرفهم أنهم لم يتلقوا مددا أو معونة من غير أخ مسلم اللهم إلا خمسمائة جنيه تبرعت بها شركة قنال السويس مساهمة فى إنشاء المسجد هناك هذا إلا أن الاشتراك المالى فى الجماعة على سبيل التطوع لا عن طريق الالزام . والاخوان عمليون بدعوتهم المسلمين الى الجهاد لأنه سنام الأمر وذروته فى هذا الدين ولو كلفنا حياتنا إذ ما قيمة حياة قوامها الجبن والحرص على الحياة ولو بمذلة وما قيمة الإمعة الذى يسير فى كل ركب وفى ركاب كل ظالم إنه الموت الحقيقى .

“ ليس من مات فاستراح بميت                 إنما الميت ميت ألأحياء “

إن الجهاد واسع الجنبات فمن الجهاد الحسرة على ما وصل اليه حال المسلمين ومن الجهاد الغيرة المؤرقة لتقبل هذا الضيم والسكوت عليه ومن الجهاد الاهتمام بشأن المسلمين وتفقدهم أحوالهم والتفكير فى الخلاص ومن الجهاد الانفاق من مالك ووقتك وصحتك فيما ينفع المسلمين ومن الجهاد أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر . ومن ا لجهاد أن تتنكر لمن يتنكر لدينك وتشمئز منه ومن الجهاد أن تكون فى صف البنيان المرصوص وأيضا كل شىء فيك وعندك لله ومن الجهاد أن تحب المجاهدين وتدعو لهم إن قعدت عن مناصرتهم والعمل معهم  ومن تمام فضل الله أن كل نوع من أنواع الجهاد يفضى الى النوع الآخر مما يسهل الأمر على كل مسلم أن يعد من بين المجاهدين ويجمعها كلها قوله تبارك وتعالى : { وجاهدوا فى الله حق جهاده } ولا حجة بعد ذلك لمسلم ألا يكون من بين صفوف المجاهدين . 


'''[[ذكريات لا مذكرات....عمر التلمساني|فهرس الكتاب]]'''
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]