استعرض مصدر إدارة العلاقات المدنية العسكرية في مصر

'''<center><font color="blue"><font size=5>إدارة العلاقات المدنية العسكرية في [[مصر]]</font></font></center>'''


[[ملف:إدارة العلاقات المدنية العسكر.jpg|250بك|يسار]]
'''رجب عز الدين'''

'''( 7 [[مارس]]، [[2015]])'''

==تمهيد==

المؤسسة العسكرية في أي دولة هي إحدى مؤسساته التنفيذية التي تخضع لرأس السلطة التنفيذية باختلاف توصيفاته وفقا للنظم السياسية السائدة (رئيس “ملك “أمير “رئيس وزراء)، يمتلكها الشعب وينفق عليها من ضرائبه وتخضع لرئيس الجمهورية المنتخب الذي يخول إليه تعيين قادتها وعزلهم، وتراقب من الرئيس و البرلمان، وتقتصر وظيفتها على حماية الحدود والتسليح والأمن الخارجي ويحرم عليها ممارسة النشاط السياسي، وإن كانت ممارستها لبعض الأنشطة الاقتصادية مسألة مختلف فيها بشرط الشفافية والرقابة. وعلى هذا جرى وصف تدخلها في الشأن السياسي والسيطرة على الحكم بالانقلاب العسكري(military coup) أو انقلاب دولة بالفرنسية coup d’étatبما يعنى أن جزءً من الدولة انقلب عليها واستولى على الحكم، ومن ثم تظل في هذه الحالة المنقلبة إلى حين عودة المؤسسة العسكرية لثكناتها مرة أخرى.

ويبدو ملف العلاقات المدنية العسكرية أحد أهم ملفات [[الثورة]] ال[[مصر]]ية المهمشة التي لم يتم دراستها وتحليلها بعناية لأسباب كثيرة أهمها انشغال شركاء الميدان بالمعارك السياسية الجانبية التي ساهمت المؤسسة العسكرية في نصب شباكها واستدرجت الجميع للوقوع فيها واحدا تلو الآخر، مما أتاح لملف المؤسسة العسكرية الفرصة للتضخم شيئاً فشئياً على سهو متعمد من كل القوى السياسية، إلى أن انفجر في وجه الجميع ووصل إلى ذروة الانفجار في انقلاب عسكري مفاجئ في 3 [[يوليو]] [[2013]].

انفجرت نواة الملف ثم بدأت عملية انشطار النواة منذ ذلك التاريخ ولا زلنا نعايش آثار عملية الانفجار وانشطاراتها المتوالية على مدار العامين الماضيين تحديدا، بحيث أصبح تفسير المشهد ال[[مصر]]ي عصيا على الفهم من أي مدخل آخر بخلاف ملف المدني والعسكري، فقد صارت المؤسسة العسكرية اللاعب الرئيسي في المشهد على الأقل منذ الإنقلاب. لكن يبقى تفسير ما حدث مهمشا في تحليل ما يجرى؟ نعرف جميعا كيف حدث الإنقلاب، لكننا لم نهتم بالقدر الكافي بتفسير أسباب الانقلاب ذاته؟ لماذا قام الجيش بالانقلاب؟ ما الدوافع الحقيقية التي جعلته يتربص بالرئيس وينقلب عليه؟ هل هي دوافع سياسية أم فكرية أم اقتصادية أم خارجية وإقليمية؟

تبدو الإجابة على هذا السؤال صعبة إذا حاولنا الاختيار من بين هذه الدوافع، لأن الموضوع مركب إلى أبعد الحدود ويتداخل فيه السياسي مع الفكري مع الاقتصادي مع الخارجي. . ألخ ومن ثم فمحاولة التفسير من خلال دافع واحد لن تكون مفيدة وستعجز عن تفسير ظواهر أخرى مرتبطة بالحدث، كما تبدو الإجابة صعبة أيضا إذا حاولنا التفسير من لحظة وقوع الإنقلاب أو ما قبله بأسابيع أو شهور، لكنها ستكون سهلة إذا حاولنا تتبع سلوك المؤسسة العسكرية منذ [[ثورة يناير]] وحتى الآن، والذي يكشف عن نمط متكرر مفاده أن المؤسسة العسكرية ترفض (عمليا وليس نظريا) توصيفها كمؤسسة من مؤسسات الدولة تخضع لرأس السلطة التنفيذية وتحاول دائما الحفاظ على وضع مستقل بشكل أو بآخر، هذا الوضع أخذ شكل اللوبي أو منطقة نفوذ داخل الدولة (الفترة الانتقالية الأولى وحتى عهد مرسى) وتطور إلى وضع الدولة فوق الدولة أو مؤسسة تحكم دولة بعد الانقلاب.

'''نحاول فى هذه الورقة رصد مظاهر تنامي النزعة الاستقلالية للمؤسسة العسكرية منذ [[الثورة]] وحتى الإنقلاب. من خلال مجموعة المقولات التفسيرية وبعض الفرضيات والتساؤلات:'''

'''أولا: الفرضية العامة:'''

إصرار المؤسسة العسكرية على التمسك بوضعية الاستقلال المالي والاقتصادي والتشريعي والرقابي يؤثر بشكل كارثي على الوظيفة الأساسية للجيش ويجعل أي حاكم مدني ل[[مصر]] في عملية صراع تلقائية مع الجيش ان لم يكن مقرا لوضع الجيش كما يريده قادته.

'''ثانيا: المقولات التفسيرية:'''

• إسألو المقاولين: عبارة استشهد بها السيسى في إحدى خطاباته على أمانته ونزاهته في الحفاظ على المال العام. وهى عبارة تشكل مدخلا تفسيريا لفهم تغير وظائف الجيش خلال الثلاثين عاما الماضية.

• عندنا سابق خبرة ل 25 عام: عبارة وردت على لسان وزير الإنتاج الحربي الحالي أثناء التوقيع على عقد تنفيذ 5 محطات صرف صحي. استشهد الوزير بهذه العبارة للتدليل على جدارة الوزارة في القيام بهذا العمل(محطات الصرف الصحي ). . . وهذه العبارة يمكن أيضا استخدامها كمقولة تفسيرية لفهم وظائف الجيش خلال الثلاثين عاما الماضية.

• ده عرق الجيش وسنقاتل: عبارة وردت على لسان مساعد وزير الدفاع للشؤون المالية للرد على المطالبين بإخضاع مشروعات الجيش للرقابة المدنية. وهى عبارة يمكن استخدامها كمقولة تفسيرية لفهم وجهة نظر العسكريين في وضع المؤسسة العسكرية عموما، وهل هي مؤسسة داخل الدولة أم مستقلة عنها؟

• ماينفعش بعد السنين دى كلها: عبارة وردت في تسريب للسيسي يطالب فيها بتحصين وضع المؤسسة العسكرية لمدة 15 عام. ويمكن استخدامها كمدخل لفهم رفضهم الانصياع لأي سلطة تنفيذية

•حرب [[أكتوبر]] آخر الحروب: مقولة للسادات يمكن استخدامها في تفسير تغير وظائف الجيش بعد حرب [[أكتوبر]] ومعاهدة السلام. . . . يمكن استخدامها أيضا لفهم تغير وظائف الجيش ولماذا أنشأ جهاز مشروعات الخدمة الوطنية.

•99% من أوراق اللعبة في يد أمريكا: مقولة للسادات يمكن استخدامها في تفسير المعونة العسكرية الأمريكية وتغير العقيدة القتالية للجيش. ويمكن استخدامها لفهم التقارب ال[[مصر]]ي الامريكى على مدار الثلاثين عاما وصولا إلى حالة التبعية الكاملة

• ده غيره عشان يصلى معانا كان بيفكر سنة قبلها: عبارة قالها عبد الفتاح السيسى في حوار مع جريدة ال[[مصر]]ي اليوم تندرا منه على قرار الرئيس مرسى إقالة قيادات الجيش. وهذا العبارة يمكن استخدامها لقراءة الصورة الذهنية لقادة الجيش عموما للرئيس مرسى أو أي رئيس من خارج المؤسسة وهو ما يفسر كثيرا من مواقفهم.

•الاستقلال في المكان: مقولة استوحاها الباحث من إحدى التدريبات العسكرية “الجري في المكان”، لفهم نوعية الاستقلال الذي تريده المؤسسة العسكرية، استقلال في المكان.

•الاستقلال بالمكان: مقولة صاغها الباحث لتفسير سلوك الجيش منذ الإنقلاب والتوغل في المساحة السياسية والاقتصادية والأمنية والتشريعية.

==المحور الأول==

'''وضع المؤسسة العسكرية قبل [[الثورة]] (كيف تكونت وضعية الاستقلال)'''

قد يصدم القارئ من حقيقة تاريخية تم تهميشها لعقود أو تم سردها بشكل منفصل، وهى أن التاريخ السياسي ل[[مصر]] المعاصرة ما هو إلا انعكاس لتاريخ المؤسسة العسكرية وتحولاتها، بما يعنى أن وضع الجيش في كل مرحلة كان حاسما في رسم معالم الحياة السياسية فيها، وهو ما يعنى أيضا أن كل ما يجرى حاليا ما هو إلا امتداد لتاريخ ليس بالطويل لكننا لم نقرأه ولم نعى ما فيه من نتائج. فالدور السياسي للجيش كان ولا يزال حاضرا وبقوة منذ أن بدأ محمد على باشا إنشاء الجيش ال[[مصر]]ي والتمرد على الدولة العثمانية، مرورا بما عرف بثورة [[1952]]وسيطرة تنظيم [[الضباط الأحرار]] على الحكم وما تلاه من أحداث متعلقة بالانقلاب على محمد نجيب وسيطرة [[عبد الناصر]] وما تلاها من صراعات بين [[الضباط الأحرار]] وصلت إلى محاولة عبد الحكيم عامر الإنقلاب على [[عبد الناصر]]، وصولا إلى [[السادات]] ومحاولة الانقلاب عليه في 15 [[مايو]] 71 ثم اغتياله من داخل الجيش ثم تولى [[مبارك]] واستمراره في حكم البلاد لأكثر من ثلاثين عاما وصولا ل[[ثورة يناير]] [[2011]] وعودة الجيش للحكم مرة أخرى ثم التخلي عن الحكم لعام ثم عودته مرة أخرى بشكل أكثر دموية في انقلاب 3 [[يوليو]] [[2013]] [2].

لكن لا تزال العلاقة بين [[مبارك]] والجيش طوال ثلاثة عقود من حكمه موضع اشتباك يحتاج إلى دراسة وتحليل، فالجنرال العسكري الذي تسلم السلطة فجأة عقب اغتيال سلفه أنور [[السادات]] عام [[1981]] لم يخرج في هذا عن نسق انتقال السلطة في [[مصر]] منذ [[1952]] من عسكري إلى آخر. غير أن أهم ما يميز فترة [[مبارك]] هو تراجع الدور السياسي للمؤسسة العسكرية مقارنة بالفترات السابقة، فقد نجح [[مبارك]] في تحييد الجيش بأشكال مختلفة بدأت بإزاحة المشير أبو غزالة الذي كان يتمتع بشعبية داخل الجيش وخارجه، وهى خطوة شبيهة بما فعله [[السادات]] فور توليه فيما عرف بحركة تصفية مراكز القوى في أجهزة الدولة.

استبدل [[مبارك]] أبو غزالة صاحب الشخصية القوية بشخصية أخرى ضعيفة لم تكن معروفة في الجيش بالقدر الكافي (المشير طنطاوي). احتفظ [[مبارك]] بطنطاوي في منصبه لمدة تزبد على أكثر من 17 عام أطول فترة وزير دفاع في تاريخ الجيش ال[[مصر]]ي. في تلك الفترة وحتى قبل قيام [[الثورة]] لم يظهر للمؤسسة العسكرية أي موقف سياسي مما يحدث على الساحة بما فيها مسألة الإعداد لتوريث الحكم لنجله جمال [[مبارك]] [3]. وهو ما يطرح تساؤلات عديدة بخصوص وضع الجيش في فترة [[مبارك]]، ماذا كان يفعل الجيش؟ فحرب [[أكتوبر]] انتهت وتم عقد اتفاقية سلام مع إسرائيل، والجيش لا يعمل في مجال المنتجات الدفاعية ويعتمد على استيراد الأسلحة من الولايات المتحدة و[[مبارك]] كنزاً استراتيجياً لإسرائيل وليس هناك أي احتمال لقيام حرب جديدة أو لدخول [[مصر]] في صراع عسكري، فما هي وظيفية جيش قوامه يقرب من 400 ألف جندي في أقل التقديرات.

'''وضع الجيش فى عهد [[مبارك]]: (اسألوا المقاولين. . كمقولة تفسيرية)'''

“اسألوا المقاولين”: عبارة ساقها قائد الإنقلاب العسكري في خطاب افتتاحه لمشروع [[قناة السويس]] الجديدة، للاستشهاد على أمانته ونزاهته وحرصه الشديد على الحفاظ على المال العام وإعطاء كل ذي حق حقه. وهذه العبارة على غرابتها (فقائلها وزير دفاع سابق كان مديرا للمخابرات الحربية قبل منصبه)، إلا أن خروجها بشكل تلقائي يشير إلى شيء متكرر الحدوث (العمل مع المقاولين) بشكل جعلها من أقرب الأشياء التصاقا بالذاكرة التي تستدعيها بدورها تلقائيا في أوقات الحاجة للاستدعاء.

من هذا المنطلق فإن هذه العبارة فيها من الدلالة ما هو أخطر مما قيلت في سياقه، ومن ثم يمكن الاعتماد عليها كمقولة تفسيرية لما آلت إليه أحوال المؤسسة العسكرية منذ الثمانيات وحتى الآن، فهي تشير إلى ملف آن الأوان لفتحه (ملف اقتصاد الجيش)، ذلك الملف الذي بات يشبه مغارة على بابا من فرط توغل المؤسسة العسكرية على الدولة المدنية حتى باتت تعمل في مجالات بعيدة كل البعد عنها (الطب والإسكان والطرق والكباري والصناعات الغذائية والكمالية. . الخ) ويمكن أيضا أن نسأل المقاولين فيها. ولكن من أين نبدأ فالملف كبير وامتداداته واسعة وجذورها التاريخية ليست حديثة وإنما تمتد لأكثر من ثلاثين عاما؟

'''سنركز على ثلاث محاور كافية لتفسير وضع الجيش في عهد [[مبارك]] كالتالي:'''

• معاهدة السلام والتقارب مع أمريكا

• التأسيس للوظيفة الاقتصادية للجيش

• الوظيفة الجديد وتفشى الفساد

===أولا: البداية من نهاية السبعينيات===

البداية من نهاية السبعينيات، وهى فترة شهدت تحولاً كبيراً في أدوار الجيش ووظائفه وعقيدته القتالية وبالأخص بعد معاهدة السلام مع الكيان الصهيوني في عام [[1979]]، فظهر جيل جديد من قيادات الجيش(ينتمي له السيسى) يمكن تسميته بجيل كامب ديفيد، منطلقاته مقولتين شهيرتين للسادات الأولى “حرب [[أكتوبر]] هي آخر الحروب ” والثانية ” 99% من أوراق اللعبة في يد الولايات المتحدة الأمريكية”. ومن ثم فقد بدأ الجيش يبحث عن وظيفة أخرى غير الحرب انطلاقاً من المقولة الأولى، ثم زادت مساحات التقرب من الولايات المتحدة وفقا للمقولة الثانية حتى صارت [[مصر]] ثاني أكبر دولة تحصل على معونات من الولايات المتحدة ( 1.3 مليار دولار سنويا). ومن ثم لا يمكن فهم تغير وظائف الجيش بعيداً عن علاقته بالولايات المتحدة، كما لا يمكن فهم علاقة الأخيرة بالجيش بعيداً عن وظائفه الجديدة.

صاحب هذه الوظائف الجديدة اهتزازاً في مقولات العقيدة القتالية للجيش، بالأخص فيما يتعلق بالنظر لإسرائيل، فتراجعت مفردات “العدو” و”الكيان الصهيوني”، في الخطاب السياسي الرسمي، لصالح مفردات “دولة إسرائيل” “جيراننا على الحدود الشرقية”، وبات الهم الأول والأخير للقيادات السياسية والعسكرية في [[مصر]] في تعاملاتها مع الخارج يتمثل في الحفاظ على معاهدة السلام حتى لو كان ذلك على حساب فقدان السيادة الوطنية على جزء من أراضيها وعجزها عن فرض سيطرتها على [[سيناء]] بسبب الملحق الأمني في المعاهدة، وهذا ما يدفع الباحث للتساؤل، أليس من المفترض أن يضغط الجيش على الرئيس لتعديل الملحق الأمني على الأقل في المعاهدة؟ أليس هو المتضرر الأول وظيفيا من هذا الملحق الأمني؟ أليست هذه قضية تستحق أن يجتمع من أجلها قادة الجيش بل ويعلنوا اعتراضهم على رئيس الدولة إذا رفض طلبهم؟ لماذا لا نعمر [[سيناء]]؟ هل هذا بسبب المعاهدة؟ كيف لمساحة تعادل ضعف ما يعيش عليه 90 مليون [[مصر]]ي لا نستطيع تعميرها؟ اصطدمت التساؤلات بواقع مرير ملخصه أننا غير قادرين على إدخال ألف جندي إلى [[سيناء]] إلا بموافقة إسرائيل وتحت رعاية قوات حفظ سلام دولية فكيف نحلم بتعميرها ونقل الملايين إليها “؟

لماذا يسكت الجيش عن هذا؟ لماذا لم نسمع يوما عن تحرك من قيادات الجيش في هذا السياق؟ هنا بدأ ملف المعونة العسكرية الأمريكية في الظهور ليفسر التساؤلات البديهية التي يسألها كل [[مصر]]ي حر غيور على بلده وجيشه ويدرك جيداً معنى وجود عدو بجواره تدعمه أكبر الدول الاستعمارية في العالم. إذ كيف لمؤسسة عسكرية تحصل على معونة قدرها 1.3 مليار دولار سنويا من الدولة الراعية لإسرائيل، كيف لمؤسسة عسكرية تعتمد على الولايات المتحدة كمصدر للسلاح وقطع الغيار وبعثات التدريب للضباط ثم تحاول إغضابها بمثل هذه الأسئلة التافهة التي يسألها مجموعة من الشباب “الممول من الخارج “ممن يريدون هدم الجيش لصالح أجندات خارجية!. ولعل التساؤل عن توقيت وسياق فكرة المعونة يشير إلى دلالة بالغة الأهمية، فقد بدأت بعد معاهدة السلام، إذن المعاهدة مرتبطة بالمعونة، والمعونة مرتبطة بالمعاهدة، والمعاهدة تنص على ملحق أمنى معين بخصوص [[سيناء]]، وبالتالي إذا أردت تغييرها فستتغير المعونة تلقائيا. وبالتالي فأنت أمام حزمة من القضايا في غاية التشبيك لا يمكن فك الارتباط بينها لأن من وضعها وخطط لها وضعها مرتبطة هكذا.

إذن من المستفيد من هذه المعونة ولماذا تستمر حتى الآن؟ أليس موضوع المعونة العسكرية الأمريكية جدير باجتماع قيادات الجيش لمناقشة كيفية التخلص منها؟ أليس الاعتماد على السلاح الأمريكي موضوعاً يستحق ثورة داخل الجيش من قياداته الوطنية المخلصة التي باتت تحتكر مفردات الوطنية والاستقلال وتصف معارضيها بالخونة والعملاء والإرهابيين؟ أليست صناعة السلاح والاكتفاء الذاتي قضية وطنية مصيرية تستحق وقفة مصيرية للمؤسسة العسكرية تجاهها؟

الأمر الآخر، كيف لمؤسسة عسكرية أن تحصل على معونة عسكرية من أكبر دولة في العالم على مدار أكثر من ثلاثين عاما، ولا يعرف عنها شيء، متى تأتى؟ وفيما تصرف؟ ومتى تصرف؟ومن يصرفها؟وكيف تصرف؟، كيف لمؤسسة تمثل أحد مؤسسات الدولة (فوزارة الدفاع كغيرها من الوزارات تؤدى وظيفة في مجال معين ) أن يطلق لها العنان في تعاملاتها عموما والخارج على وجه خاص دون رقيب أو حسيب، تحت دعاوى الأمن القومي والحفاظ على السرية، أي سرية هذه في معونة تأخذها على عينك يا تاجر، أي سرية هذه في 1.3مليار دولار يتم التصديق عليهم في الكونجرس الامريكى سنويا ويناقش مدى جدواها كل عام، ويتجادل أعضاء الكونجرس من أحزاب مختلفة في النقاش حول استمرارها من عدمه وفى مقدارها وهل يتم تقليلها أو زياداتها وهل [[مصر]] ملتزمة بخط السياسة الأمريكية في المنطقة أم لا؟.

أي سرية هذه في دولة يقف وزير دفاعها أمام الكونجرس ليعلن لأعضائه المعترضين أو المزايدين أغراض المعونة العسكرية ل[[مصر]]، وأن الولايات المتحدة لا تقدمها مجانا “من أجل سواد عيوننا كما يقال”، وإنما تقدمها لأغراض محددة هي الحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل، ومنح بلاده خدمات استثنائية في مجال الملاحة الجوية والمائية وعبور السفن والطائرات الحربية، ثم الاستفادة من المناورات المشتركة مع الجيش ال[[مصر]]ي لمعرفة طبيعة المنطقة والتدريب على القتال فيها تحسبا لأي ظروف طارئة تدفعها للقتال في هذه المنطقة.

كيف تدعى السرية في معونة تحصل عليها بشكل علني سواء في الرقم أو الأغراض وتصدق عليها برلمانات البلدان التي تمنحك إياها، ويعلق أمر الاستمرار فيها على موقفك من السياسة الأمريكية في المنطقة وتقرير وزير الدفاع للكونجرس كل عام؟

===ثانيا: التأسيس لوظيفة اقتصادية جديدة للجيش===

• (حرب [[أكتوبر]] آخر الحروب، كمقولة تفسيرية)

• (اسألوا المقاولين، كمقولة تفسيرية)

• بداية قصة الاستقلال (الاستقلال مقابل الابتعاد عن السياسة)

لم يقتصر تأثير المعاهدة على تغيير العقيدة القتالية للجيش، بل امتد إلى تغيير وظائفه أيضا، فحرب [[أكتوبر]] هي آخر الحروب كما قال [[السادات]]، ومن ثم كان من الضروري البحث عن وظيفة أخرى للجيش تشغله عن الحرب والسياسة في نفس الوقت. فانصرف الجيش للمساحة الاقتصادية وبدأ [[السادات]] في إضفاء الصبغة الاقتصادية على وظيفة الجيش بشكل رسمي، فأنشأ جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بقرار رئاسي رقم 32 لسنة 1979، ونصت المادة الأولى لهذا القرار ” ينشأ بوزارة الدفاع جهاز يسمى ( جهاز مشروعات الخدمة الوطنية ) تكون له الشخصية الاعتبارية، ويتولى دراسة وتنفيذ الأعمال و المشروعات التي تطلبها الوزارات و الهيئات ووحدات الحكم المحلى وشركات القطاع العام تنفيذاً للعقود التي تبرم بينه وبين هذه الجهات “.

الملفت أن تاريخ إنشاء هذا الجهاز جاء بعد توقيع الاتفاقية بمدة وجيزة في نفس السنة تحديدا وهى مسألة في منتهى الأهمية للدلالة على التأثيرات السلبية للمعاهدة على وضع الجيش ووظائفه كما لو كان شرطا في المعاهدة تفريغ الجيش من مضمونه ووظائفه وهو أمر مستغرب جدا في حالة مثل حالة [[مصر]].

إذ كيف لدولة يجاورها عدو مثل إسرائيل تدعمه أكبر قوى استعمارية في العالم في ظروف تاريخية متأرجحة بين الهزيمة والانتصار (1967-1973) فضلا عن وجود جزء من أراضيها محتلا (طابا) ثم تقرر صرف جيشها للعمل المدني؟

توسعت أدوار الجيش الاقتصادية في عهد [[مبارك]] بداية من التسعينيات عن طريق جهاز مشروعات الخدمة الوطنية ومصانع الجيش الأخرى. توسع استثماره في كل شيء في البلاد تقريبا بدءاً من الزراعة إلي بناء الطرق والكباري والاستثمار العقاري والصناعات الإلكترونية مروراً بمصانع اللبن والدجاج ومزارع تربية العجول والأبقار ومزارع الخضروات والفاكهة ومصانع المعلبات والمزارع السمكية، ومُنحت مشروعات القوات المسلحة امتيازات فوق سلطات الحكومة القانونية والمحاسبية، حيث أنها معفاة من الضرائب ولا تخضع للوائح والقوانين التي يخضع لها الجميع في القطاعين العام والخام.

ولا يعرف الاقتصاديون حجم الأعمال الحقيقي للشركات التي تديرها المؤسسة العسكرية فضلا عن أرباحها التي لا تدرج في الموازنة العامة، علما بأن مؤسسات الجيش الاقتصادية الثلاث الرئيسية قد تحولت من الإنتاج العسكري إلى الإنتاج المدني بدرجات متفاوتة، فقد صرح وزير الإنتاج الحربي سيد مشعل سابقا بأن وزارة الإنتاج الحربي تنتج منتجات مدنية يصل حجمها إلى أكثر من 40 % من إجمالي الوزارة التي تمتلك 8 مصانع، بينما يصل حجم الإنتاج المدني للهيئة العربية للتصنيع (المنشأة أساسا للتصنيع الحربي وتضم 12 مصنعا) إلى حوالي 70% من إجمالي إنتاجها وفقا لتصريحات رئيسها الفريق حمدي وهيبة رئيس الهيئة سابقا.

كما صرح سيد مشعل وزير الدولة للإنتاج الحربي أثناء عرضه لميزانية عام [[2010]] والخاصة بنشاط عدد من المصانع الحربية بأن الوزارة قامت بتوريد 40 قطار و220 وحدة تنقية مياه و50 وحدة معالجة صرف صحي وقال مفتخراً أنه تم تطوير صناعة الثلاجات وأن صناعة التلفزيونات قد تراجعت بسبب المنافسة القوية في السوق المحلي.

أضف إلى ذلك جهاز مشروعات الخدمة الوطنية الذي أنشئ بعد اتفاقية السلام 1979، وسط عديد من التساؤلات الخاصة بجدواها، ويتخصص الجهاز الذي يضم 15 مشروعا في الصناعات والمنتجات المدنية، ولكن أرباحه وحجم أعمال يشوبها كثير من الغموض، وقد حكى لي أحد أصدقائنا من المحررين العسكريين أنه وزملائه يحاولون لقاء رئيس هذا الجهاز منذ خمس سنوات لكنه يرفض اللقاءات الصحفية.

تضخمت مصالح الجيش بشكل سريع وأصبح يمتلك إمبراطورية تجارية مؤثرة في اقتصاد البلاد يتراوح حجمها ما بين 15 إلى 40% من اقتصاد البلاد، فقد أصبح الجيش يمتلك المئات من الفنادق والمستشفيات ومصانع التعليب والنوادي والمخابز بالإضافة إلى عشرات الآلاف من العاملين فيما لا يقل عن 26 مصنعا تقوم بتصنيع السلع الإستهلاكية لل[[مصر]]يين مثل الثلاجات والتلفزيونات والحواسيب بالإضافة إلى تصنيع عربات القطار الجديدة للسكك الحديد وأيضا سيارات الإطفاء كما يعمل على توفير محطات حرق النفايات ومياه الصرف الصحي. علاوة على ذلك فقد منح [[مبارك]] الجيش ملكية معظم أراضى [[مصر]] من خلال مرسوم رئاسي في عام 1997 يتيح للجيش حق إدارة كافة الأراضي غير الزراعية التي لم تخضع لتطوير، وهي نسبة تبلغ حوالي 87 % من مساحة [[مصر]]، وعادة ما يضع الجيش على هذه المساحات لافتات مكتوبا عليها: “ممنوع التصوير. منطقة عسكرية”، دون ممارسة أي أنشطة عسكرية عليها، بل تظل خاوية تنتظر دورها لتتحول إلى فنادق، أو مساكن لضباط الجيش، أو تدشن عليها مراكز تجارية تتسم بالترف[4].

من خلال هذا المرسوم صار الجيش متحكما في قطاع العقارات في [[مصر]]، فإذا أراد مستثمر إنشاء مشروع عقاري أو إنشاء منتجعات سياحية علي طول البحر الأحمر مثلا فعليه تأجير مساحات الأراضي المطلوبة من وزير الدفاع، فالجيش يسيطر فعليا على كل أراضى [[مصر]] الصحراوية، كما تمتد سيطرة الجيش بأشكال مختلفة لبعض مصانع الأسمنت وشركات البناء والمصافي التي تخضع شكليا لبعض اللواءات المتقاعدين وكبار الضباط ولكن تمتد أذرع المؤسسة العسكرية داخل العديد من الوزارات المتداخلة مثل الاتصالات أو شركة [[مصر]] للطيران بالإضافة إلى أن رئيس مجلس إدارة [[قناة السويس]] والتي تبلغ أرباحها السنوية حوالي 5 مليارات دولار.

في نفس الوقت اعتمد [[مبارك]] على سياسة “بدل الولاء” لاستمالة كبار الضباط عبر وعدهم بتعيينهم بعد التقاعد في مناصب قيادية في الوزارات والهيئات الحكومية ابتداء من المحليات والمحافظين وشركات القطاع العام وقطاع الأعمال وغيرها من المؤسسات الحكومية، وهو ما أدى إلى تخلي المؤسسة العسكرية عن وظيفتها الأساسية لتتفرغ للحياة المدنية لدرجة أصبح معها وجودها أمراً اعتيادياً وطبيعياً، ليس في نظر الآخرين وحسب، بل أيضاً، وهذا الأهم، في نظر أفرادها أنفسهم[5].

فلم يعد غريبا عليهم تغيير وظيفتهم كما لم يعد غريبا عليهم عدم إنتاجهم للسلاح، ولم يعد غريبا علينا أن نسمع عن تعيين جنرالات الجيش في كل الهيئات الحكومية وصولا إلى بورصة الأوراق المالية (رأسها أحد الجنرالات لفترة بعد [[الثورة]])، بل وحتى شؤون المياه والصرف الصحي حيث يرأس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي “اللواء نصر عرفات”، بالإضافة إلى مجموعة من الجنرالات المتقاعدين لرئاسة أفرعها في المحافظات، أمثال اللواء عمرو الوحش، رئيس مجلس إدارة الشركة ب[[الجيزة]]، اللواء أركان حرب محمود زكي أسعد، رئيس مجلس إدارتها بالأقصر، اللواء حمدي عابدين في المنصب المماثل بالشرقية واللواء محمد بدري في المنصب نفسه في [[أسيوط]]، بل امتد توغلهم في المؤسسات المدنية إلى هيئات النقل والمواصلات وأندية كرة قدم، فهم يديرون شركات الأتوبيس والنقل البرى والبحري ومصلحة التليفونات ل[[قناة السويس]] ووزارة الإتصالات بالإضافة لهيئة [[قناة السويس]] وشركات البترول وحي العمرانيةونادي المقاصة الرياضي، وقد نشرت د. زينب أبو المجد أستاذة التاريخ الإقتصادي بالجامعة الأمريكية والناشطة السياسية اليسارية، مجموعة من المقالات التي تصف هذه الظاهرة وتنتقدها، ومنها “العسكر في مصلحة المياه والصرف الصحي “و”جمهورية الموز العسكرية”، و”شنب ستالين وعجلة العسكر”.

علاوة على ما سبق فقد كان للعسكريين سلطة حصرية على ميزانية الدفاع، والمعونة العسكرية الأميركية، والشركات المملوكة للمؤسسة العسكرية دون رقابة برلمانية أو رئاسية أو مجتمعية، وهو ما أدى إلى خلق حالة من الاستقلالية الاقتصادية والمالية والتشريعية للمؤسسة العسكرية، فلم يعد من الدقيق الحديث عنها باعتبارها مؤسسة من مؤسسات الدولة وإنما باعتبارها مؤسسة داخل الدولة رغم ما يبدو ظاهريا من حيث كونها مؤسسة تخضع للسلطة التنفيذية.

===ثالثاً: الوظيفة الجديدة وتفشى الفساد داخل الجيش===

صاحب تغيير الوظيفة والتوجه نحو الاقتصاد رفضاً لفكرة الرقابة المدنية على أنشطة الجيش سواءً كانت رقابة برلمانية أو رئاسية أو مجتمعية، أو حتى من أجهزة الدولة الرقابية، مثل الجهاز المركزي للمحاسبات، وقد ساهم هذه الوضع الاستثنائي للمؤسسة العسكرية في تفشى الفساد داخل المؤسسة بشكل أخذ في التضخم حتى وصل إلى مستوى حرج للغاية وفقا لتقرير منظمة الشفافية الدولية عام [[2013]] حول فساد الجيوش في العالم.

وجاء في التقرير الذي نشر في [[فبراير]] [[2013]] أن المؤسسات العسكرية في دول الربيع العربي تعاني من فساد مالي كبير على الرغم من مرور أكثر من عامين على تغيير الأنظمة السياسية القائمة فيها. وجاءت جيوش كل من [[الجزائر]] و[[مصر]] و[[ليبيا]] و[[سوريا]] و[[اليمن]] من بين أسوأ الجيوش على مستوى العالم في الشفافية ومكافحة الفساد. وحسب التقرير، فإن الأجهزة العسكرية في دول الربيع العربي تنفق الأموال بشكل سري، وتمنح العقود لمقربين ومحسوبين على بعض المسؤولين فيها، وتعرقل جهود التحول إلى الديمقراطية.

وقال التقرير إن 99% من موازنة الجيش ال[[مصر]]ي لا زالت سرية حتى الآن، ولا أحد يعلم أين يتم إنفاق الأموال التي يحصل عليها العسكر في [[مصر]]، فضلاً عن أن العديد من الدول الأخرى في منطقة الشرق الأوسط، ومن بينها [[اليمن]] و[[ليبيا]]، لا تعلن حتى الآن حتى عدد العاملين في جهازها العسكري، أو أعداد من يتلقون رواتب من الجيش[6].

وعزى التقرير انتشار الفساد بالمؤسسات العسكرية في الدول العربية إلى انعدام الرقابة والتدقيق من قبل الجهات الرقابية والتشريعية في موازنات الجيوش، ووجدت المنظمة أنه في كل دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط باستثناء [[الكويت]] لا توجد لجنة تشريعية تفحص ميزانية الدفاع وأنه حتى في حالة وجود هذه اللجنة فهي لا تتلقى معلومات تفصيلية.

وذكر التقرير أنه لا توجد أي دولة في المنطقة لديها رقابة برلمانية قوية أو حتى متوسطة على أجهزة المخابرات وأنه في أكثر من 60% منها لا تتاح ميزانية للدفاع على الإطلاق أو يكون من الصعب الحصول على بيان تفصيلي للإنفاق. ففي [[مصر]] لا يخضع الجيش للرقابة، وفى [[سوريا]] يخضع الجيش بشكل كامل للرئيس بشار الأسد وعائلته، دون أي مساءلة أو محاسبة حول طبيعة الإنفاق. أما في [[اليمن]] فيعاني الجهاز العسكري من المحسوبية التي تهيمن عليه بشكل كامل.

واعتمدت منهجية التقرير على طرح 77 سؤال عام حول المؤسسة العسكرية في كل دولة، وعادة ما تكون الأسئلة في صيغة استفهامية بأداة هل، ويقيم كل سواء بنقاط تبدأ بواحد وتنتهي بأربعة، ثم تجمع إلى أن ينتهي التحليل النهائي وتوضع الدولة على المؤشر بين سبع مستويات، الغريب في التقرير أن المنظمة اعتمدت في الإجابة على بعض هذه الأسئلة على مصادر من داخل الجيش ال[[مصر]]ي نفسه، ورد ذكرها في التقرير بصيغة”مصدر في الجيش تحفظ على ذكر اسمه”. ما يعنى أن الجيش لا يمانع في الحديث عن أمور تخصه مع منظمات أجنبية حتى لو كان موضوعا حساسا كالفساد، بينما يجرم الحديث عن هذا الأمر في الداخل مع مواطنيه المحليين وعادة ما يشنع بمن يكتب عن ذلك ويوزع عليهم تهم العمالة للخارج والخيانة للوطن ومحاولات هدم الدولة وإهانة الجيش وربما يمتد الأمر إلى محاكمات عسكرية.

الملفت في الأمر أن المصادر التي تحدثت مع المنظمة كانت صريحة للغاية لدرجة أن التقرير خرج في النهاية بوضع [[مصر]] في أسوأ مرتبة في الشفافية ومكافحة الفساد، حتى صنف الفساد في الجيش ال[[مصر]]ي بالحرج للغاية.

ورغم أن هذا التقرير قد صدر في عام [[2013]]، إلا أن مؤشرات تشريعية قد صدرت مبكرا تؤكد ما ذهب إليه التقرير، ففي 10 [[مايو]] [[2011]]، أصدر المشير طنطاوي بصفته رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، تعديلا على أحكام قانون القضاء العسكري بإضافة مادة جديدة تنص على اختصاصه الحصري بالفصل في جرائم الكسب غير المشروع المنسوبة لضباط الجيش، حتى لو بدأ التحقيق فيها بعد تقاعدهم.

ووفقاً لنص المادة رقم (8 مكرر أ) المضافة للقانون رقم 25 لسنة 1966، “يكون للنيابة العسكرية جميع الاختصاصات المخولة لهيئات الفحص والتحقيق المنصوص عليها في قانون الكسب غير المشروع”، كما “تختص النيابة العسكرية في جميع الأحوال دون غيرها، ابتداءً بالتحقيق والفحص، فإذا تبين لها أن الواقعة لا علاقة لها بالخدمة العسكرية، أحالتها إلى جهة الاختصاص.

ويبدو أن الخوف من المراقبة البرلمانية أو المحاسبية يشكل إحساسا عاما يجمع كل قيادات الجيش بدءا من طنطاوي وعنان وحتى السيسى والمجموعة الحالية، وظهر هذا في حوار السيسى (أيام تقلده وزير الدفاع)، مع بعض قيادات الجيش من الصف الأول والثاني، وأبدى في هذا الحوار تخوفه من الوضع الجديد الذي تدخل عليه البلاد بعد [[الثورة]] وبالأخص فيما يتعلق بالدستور الجديد والبرلمان الذي سيطلب مناقشة موازنة الجيش، وتأكدت هذه المخاوف في حواراته الانتخابية أثناء الترشح لمنصب الرئاسة، فعندما سئل عن الجيش والرقابة البرلمانية، أجاب بضرورة تفرد الجيش بوضع خاص وإبعاده عن الرقابة، ثم أخذ يمدح في المؤسسة العسكرية بكلمات عاطفية بعيدة كل البعد عن السؤال. بل عندما سئل عن حجم اقتصاد الجيش هون من الأمر وقدره بنسبة 2%.

الخلاصة أن هناك تحولات كبرى حدثت لوظيفة ووضعية الجيش في عهد [[مبارك]]، فصار من ناحية مرتبطا بالولايات المتحدة الأمريكية عن طريقة المعاهدة والمعونة العسكرية واستيراد السلاح ومن ناحية أخرى يحظى بوضع مستقل في الداخل مختلف عن أي مؤسسة تابعة للدولة، له ميزانية خاصة، يعمل في أنشطة اقتصادية خاصة، لا يخضع لأي نوع من الرقابة، يستشرى فيه الفساد، ويكافئ أعضائه بعد انتهاء الخدمة بتولي مناصب مدنية في مؤسسات حكومية، كل هذا مقابل الابتعاد عن المشهد السياسي.

الملاحظة الأخيرة أن تغير وظيفة الجيش ومحاولة الاستقلال بوضع داخلي خاص ارتبط بالتبعية للخارج فصار الاستقلال قرينا للتبعية، وهذه النقطة تحتاج إلى دراسة موسعة (علاقة الجيش بالولايات المتحدة ما بعد 1973 وتأثيراتها على وضع الجيش).

==المحور الثاني==

'''وضع الجيش فى الفترة الانتقالية (الاستقلال فى المكان، كمقولة تفسيرية)'''

ربما نكون أسهبنا في الحديث عن وضع الجيش قبل [[الثورة]]، لكن ذلك سيكون مفيدا في فهم وتفسير عودة المؤسسة العسكرية للمشهد السياسي بعد [[الثورة]]، لماذا حرصت المؤسسة العسكرية على التدخل في الشأن السياسي منذ سقوط [[مبارك]] وحتى الآن؟ لماذا لم تتخذ نفس الموقف الذي اتخذه الجيش ال[[تونس]]ي من ثورة [[تونس]] وتسلم الحكم للمدنين وتبتعد عن الشأن السياسي؟.

لقد تعالت الأصوات بعد [[الثورة]] رافضة وضع المؤسسة العسكرية كمؤسسة مستقلة ماليا واقتصاديا لا تخضع للرقابة[7]. فبدأ الحديث عن اقتصاد الجيش، والرقابة المدنية والبرلمانية، ثم تطور الأمر للحديث عن عودة الجيش لثكناته والتفرغ لصناعة السلاح والابتعاد عن الاقتصاد والسياسة.

إزاء ذلك حاولت المؤسسة العسكرية التمسك بالوضع الاستقلالي الذي اكتسبته عبر عشرات السنين، وبدأت تتصرف كما لو كانت خصم سياسي يدافع عن تعظيم مكاسبه وعدم الاقتراب منها ويتوعد من يقترب منها بالقتال. من هذا المدخل يمكن قراءة سياسات المجلس العسكري خلال الفترة الانتقالية والتي تدور كلها حول تأمين هذه الوضعية الاستقلالية من مداخل اقتصادية وتشريعية :

'''1'''. محاولة الاستقلال التشريعي والقضائي: عن طريق إصداره مجموعة من التشريعات التي تزيد من عزل المؤسسة العسكرية عن المؤسسات المدنية وتجعل من العسير وجود أي نوع من الرقابة عليها، ونذكر في هذا الصدد واقعة في شهر [[مايو]] [[2011]]، عندما أصدر المشير محمد حسين طنطاوي، بصفته رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، تعديلا على أحكام قانون القضاء العسكري يقضى بإضافة مادة جديدة تنص على اختصاصه بالفصل في جرائم الكسب غير المشروع المنسوبة لضباط الجيش، حتى لو بدأ التحقيق فيها بعد تقاعدهم[8]. وهذا التعديل يشير إلى ارتباك المؤسسة العسكرية والخوف من الرقابة المدنية.

'''2'''. الهيمنة التشريعية على المدنيين: لم يقتصر المجلس العسكري على التمحور حول ذاته وعزل أعضائه عن المؤسسات المدنية والنص على عدم أحقيتها في مقضاتهم حتى لو بعد التقاعد، لكنه أراد أن يظل متحكما في المدنيين، وبدا هذا من خلال موقفه من مشروع قانون إلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين الذي قدمه أعضاء البرلمان، واتهم اللواء ممدوح شاهين البرلمان بالتوغل ضد السلطة القضائية العسكرية، ثم أخذ يماطل في مناقشاته داخل البرلمان لمدة تزيد على شهرين [9]، إلى أن تم إقراره بطريقة لا تخلو من الخداع.

وربما يرى البعض تناقضا بين محاولة الاحتفاظ بوضعية الاستقلال والإصرار على محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري على اعتبار أن من يحاول الاستقلال سيفكر في نفسه وسيتمحور حول ذاته فقط ولن يهتم بالمؤسسات الأخرى. وهذا التصور ينقصه ادارك أن الجيش مؤسسة عامة ملك للشعب وليس مؤسسة خاصة، وبالتالي فليس من مصلحته مناقشة وضعية الاستقلال أمام الرأي العام حتى لا تتحجج مؤسسات الدولة الأخرى بوضع مثل وضعه أو يطالبه المجتمع بإعلان موارده المالية والاقتصادية أو يتطور الأمر إلى تظاهرات مناهضة. . الخ، وهو ما يعنى إن وضعية الاستقلال تحتاج في المقابل إلى حالة من التكتم عليها وليس فضحها، وبالتالي فهناك حاجة دائمة لردع من يعترض عليها أو يحاول مناقشتها بحجة الأمن القومي أو مناقشة أمور خاصة بالجيش أو خيانة الوطن وغيرها من التهم المعلبة. وهو ما يعنى المؤسسة العسكرية لن تتخلى عن محاكمة المدنيين طالما ظل وضعها مستقل عن الدولة.

'''3'''. محاولة الاستقلال الاقتصادي (ده عرق الجيش وسنقاتل، كمقولة تفسيرية(

مع تزايد الأصوات التي تطالب بنزع مشروعات الجيش الإقتصادية المدنية بحيث تصبح الدولة هي الجهة التي تديرها، وكان لمقالات د. زينب أبو المجد، أستاذ الإقتصاد السياسي بالجامعة الأمريكية أثرا بالغا في لفت الانتباه العام إلى هذا الملف وخطورة السكوت عنه وضرورة فتحه. في هذه الأجواء عقد المجلس العسكري ندوة بعنوان “رؤية للإصلاح الإقتصادي” في [[مارس]] [[2012]]، حضرها مجموعة من المحررين الإقتصاديين والعسكريين فقط، ويبدو أنه لم يكن مؤتمرا للإصلاح وإنما كان مؤتمرا للتهديد والوعيد، ووصل الأمر بمساعد وزير الدفاع للشؤون المالية إلى حد التهديد بقتال كل من يقترب من ملف اقتصاد الجيش، قائلا “مشروعات الجيش عرقنا وسنقاتل كل من يقترب من مشروعاتنا الإقتصادية التي بذلنا فيها جهوداً كبيرة ولن نتركها للدولة لتخرب” .
كما اعتبر كل من يقترب من مشروعات الجيش يقترب من الأمن القومي مشيرا إلى أن القوات المسلحة لا تحصل إلا على 4. 2% من الإنفاق العام، وهى أقل من وزارة التربية والتعليم ولذلك قررنا الاكتفاء الذاتي من صناعات غذائية، وملابس للجنود، وغيرها من الاحتياجات.

وهذه المفردات (عرقنا-سنقاتل) تشير إلى مسألة غاية الأهمية تتعلق برؤية العسكريين أنفسهم لوضع المؤسسة العسكرية ومواردها وتأكيدهم على وضع الاستقلال الذي تحدثنا عنه سابقا، فهم يدافعون صراحة عن وجود اقتصاد خاص بالجيش ويتوعدون من يقترب منه بالقتال. المشكلة أن هذه المنطق الذي يقوم على وجود مشروعات تخص أي وزارة هو منطق تفكيكي للدولة وظالم للشعب، إذ بنفس هذا المنطق يمكن لوزارة الزراعة أن تقوم باستصلاح الأراضي وزراعتها أو بيعها وإنشاء شركات لتربية وتسمين الماشية والطيور، والاحتفاظ بالحصيلة لنفسها، ونفس الأمر بالنسبة لوزارة الكهرباء التي يمكن أن تنشئ شركات لإنتاج الأسلاك والمحولات والمصابيح وتحتفظ لنفسها بالعائد من تلك المشروعات، وهكذا الأمر بالنسبة لباقي الوزارات، لتتمتع قيادات الوزارات وربما بعض العاملين فيها بمستويات دخول عالية تحققت من أصول الشعب من أموال وأراض وشركات ومن استخدام مجندي الشعب في العمل في مشروعات اقتصادية خاصة بالوزارة، كما في حالة شركات الجيش، وبما يخالف الهدف من تجنيدهم، بينما يظل الشعب في وضع أدنى من زاوية الدخل ومستوى المعيشة، وهو خلل وظيفي وظلم اجتماعي فادح.

إن القواعد الراسخة لاقتصاد الدولة، هو أن يكون موحداً وتابعاً للحكومة وليس إقطاعيات لكل وزارة، فوحدة القطاع العام للدولة وعودة العائد منه لوزارة المالية لتقوم هي بتوزيع المخصصات على كل الوزارات، حسب الرؤية الكلية للاقتصاد والاحتياجات المتنوعة، هو أمر بديهي في أي دولة حديثة، وما عدا ذلك من السماح بوجود قطاع عام «خصوصي» لبعض الوزارات فهو منطق تفكيك الدولة، وهو جزء من فساد عصر [[مبارك]].
أما القول بأن الاقتراب من اقتصاد الجيش هو اقتراب أو بمعنى آخر مساس بالأمن القومي، فإنه أمر غريب وخارج المنطق، إذ ما هي علاقة إنتاج المياه والخضر والفاكهة والمكرونة ومحطات توزيع الوقود وتأجير صالات الأفراح بالأمن القومي؟!

إن الحديث عن شركات التصنيع العسكري وبرامج إنتاج الأسلحة، هو وحده الذي يتعلق بالأمن القومي من زاوية نوع الأسلحة والبرامج، وليس من زاوية التصرفات المالية. أما الحديث عن أن المشروعات الاقتصادية للجيش تدفع الضرائب للدولة، فإنه مجاف للحقيقة تماما، لأن قانون الضرائب يعفى مشروعات جهاز الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع من الضرائب كلية. والغريب أن خطاب اللواء تضمن الشكوى من أن مخصصات الجيش أقل من وزارة التربية والتعليم، رغم أن هذا أمر بديهي في كل الدنيا، فالإنفاق العالمي على التعليم يبلغ في المتوسط 4. 5% من الناتج العالمي، ونحو 18% من إجمالي الإنفاق العام العالمي. أما الإنفاق العسكري فإنه يبلغ نحو 2. 6% من الناتج العالمي، ونحو 10% من إجمالي الإنفاق العام في العالم.

أما القول بأنه لن يتم ترك اقتصاد الجيش للدولة حتى لا يخرب، فإنه يعنى الاستسلام لمنطق انتشار الفساد وسوء الإدارة في الجزء المكشوف من اقتصاد الدولة وهو اقتصادها المدني، بدلا من تبنى خطة للإصلاح الشامل، وتطهير اقتصاد الدولة من القيادات الفاسدة وضعيفة الكفاءة من فلول النظام الفاسد. إن أي دستور يحترم قواعد وحدة القطاع العام للدولة ينبغي أن ينهى أي اقتصاد خاص بأي وزارة، وأن يضع القواعد لضمه فورا للقطاع العام، ونفس المنطق ينبغي أن يُطبق على الصناديق الخاصة حتى تكون هناك مالية عامة واحدة، فليس هناك أي منطق في أن تكون هناك دولة داخل الدولة من خلال اقتصاد وصناديق الوزارات والمؤسسات الذي هو علامة من علامات فساد عصر سابق.

بدا واضحا من خلال مقولة اللواء السابقة أن المجلس العسكري لن يفرط في وضعه الاستقلالي الذي اكتسبه خلال سنوات ما قبل [[الثورة]] وسيستميت في الدفاع عن ذلك الوضع حتى القتال، وقد حاول المجلس أن يبقى على هذا الوضع الإقتصادي دون المساس به أكثر من مرة خلال الفترة الانتقالية أشهرها محاولة تمرير ما عرف بوثيقة السلمي أو وثيقة المبادئ فوق الدستورية . حيث حاول الجيش أن يستغل قلق القوى التي تسمى بالمدنية من الإسلاميين من الهيمنة على الدستور، فشجع فكرة وضع مبادئ فوق دستورية تلتزم بها الجمعية التي ستتشكل فيما بعد لصياغة الدستور. فوضع عدة مواد في الوثيقة تقنن وضعية الاستقلال للمؤسسة العسكرية في الدستور القادم وعدم فتح ملف الموازنة أو المشروعات الإقتصادية للمؤسسة وهو ما رفضه الإسلاميون في مليونية رفض وثيقة السلمي فاضطر السلمي لسحبها .

==المحور الثالث==

العلاقات المدنية العسكرية فى عهد مرسى (قضايا واشكاليات)

لم تيأس المؤسسة العسكرية من فشل محاولاتها في الفترة الانتقالية لتقنين وضعها الاستقلالي، فحاولت مرة أخرى أثناء الجولة الثانية للانتخابات بين الرئيس مرسى والفريق شفيق فأقدمت على خطوتين في منتهى الأهمية، الأولى في 13 /6/[[2012]] أي قبل انطلاق جولة الإعادة بثلاثة أيام وقامت بمنح الضبطية القضائية لضباط الجيش في القبض على المدنيين في أي وقت وذلك من خلال وزير العدل (اختراق القضاء كان مبكرا) على اعتبار أن من سلطاته منح الضبطية القضائية في حالات الضرورة.

وهو ما تم تبريره ساعتها باعتبارات متعلقة بضرورة تقنين وضع قوات الجيش الموجودة في الشوارع بعد انتهاء حالة الطوارئ وهو أمر غير مقنع بالمرة لأن تسليم السلطة لرئيس سيكون بعد أيام وهو ما يصرف تفسير القرار إلى أمر ما متعلق ب[[الانتخابات]] وربما رغبة في تزويرها للفريق شفيق رجل الدولة العميقة بامتياز.

وهذا التفسير يؤيده قيام المجلس العسكري بإصدار إعلان دستوري مكمل (مكبل) عقب انتهاء التصويت في الجولة الثانية أي بعد قرار الضبطية بأيام، ثم أعقب الإعلان الدستوري تأخر إعلان نتيجة [[الانتخابات]] لمدة عشرة أيام، ويبدو أن العشرة أيام كانت، من وجهة نظر البعض، للتفاوض مع [[الإخوان]] حول وضعية الجيش، ولا تزال كواليس هذه الأيام غير معروفة حتى الآن.

'''وضعية الاستقلال فى الاعلان الدستوري المكمل'''

يبدو أن المجلس العسكري قد أدرك أنه لا مفر من عودة وثيقة السلمي ولكن بشكل أكثر جرأة للإبقاء على وضعية الاستقلال المالي والاقتصادي فضلا عن تحصين قيادات الجيش من المسائلة الجنائية عما تم ارتكابه في الفترة الانتقالية، فجاء الإعلان الدستوري المكمل في وقت حرج للغاية ونص على الاستقلال التشريعي صراحة بأن جعل المجلس العسكري صاحب الحق في التشريعات الخاصة بالجيش وليس الرئيس، وانتقلت إليه السلطة التشريعية لحين انتخاب برلمان جديد، وجاء في المادة 53 مكرر: يختص المجلس العسكري بتقرير كل ما يتعلق بشئون القوات المسلحة ويكون لرئيسه، لحين إقرار الدستور الجديد، جميع السلطات المقررة في القوانين واللوائح للقائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع.
كما احتفظ المجلس العسكري بحق إقرار الموازنة العامة للدولة، وفقا لما جاء في المادة 56 مكرر: يباشر المجلس العسكري الاختصاصات المنصوص عليها في البند 1 من المادة 56 من الإعلان الدستوري “المتعلقة بالتشريع وإقرار الموازنة” لحين انتخاب مجلس شعب جديد ومباشرته اختصاصاته. ثم احتفظ لنفسه بحق الإعتراض على الدستور القادم، بل و التحكم في كتابة الدستور ، وفقا لما جاء في المادة 60 مكرر 1: إذا رأى رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو رئيس الوزراء أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية أو خمس عدد أعضاء الجمعية التأسيسية، أن مشروع الدستور يتضمن نصا أو أكثر يتعارض مع مبادئ [[الثورة]] وأهدافها، أو تعارض مع مبادئ الدساتير ال[[مصر]]ية السابقة، فلأي منهم أن يطلب من الجمعية التأسيسية إعادة النظر في هذه النصوص خلال 15 يوما، وفي حالة إصرار الجمعية على رأيها تبت المحكمة الدستورية العليا في الخلاف، وتصدر قرارا ملزما للكافة خلال 7 أيام من تاريخ القرار، كما أعطى الإعلان الدستوري الحق للمجلس العسكري في عمل تشكيل جديد للجمعية التأسيسية إذا قام عائق يحول دون أدائها لأعمالها .

'''ملفات العلاقات المدنية العسكرية في عهد الرئيس [[مرسي]]'''

بدا من خلال الإجراءات السابقة التي اتخذها المجلس العسكري قبيل تنصيب الرئيس مرسى، أن ملف العلاقات المدنية العسكرية سيكون صراعياً وصدامياً، فالبداية ضبطية قضائية وإعلان دستوري مكمل (مكبل) يجعل الرئيس منزوع الصلاحيات، وتأخير لنتيجة [[الانتخابات]] لمدة تقترب من عشرة أيام بشكل دراماتيكي. ويلاحظ الباحث، من خلال تحليل عدد من القضايا، أن فترة الرئيس مرسى شهدت محاولات لتحريك ملف العلاقات المدنية العسكرية بشكل مختلف كثيرا عن وضعه خلال العهود السابقة وهو ما يمكن أن يساعد في الإجابة على بعض الأسئلة الحالية، لماذا قام الجيش بالانقلاب.؟ وهل شكل مرسى خطرا على وضعية استقلال المؤسسة العسكرية؟

'''سنحاول رصد هذه التحولات من خلال الملفات التالية:'''

===أولا: ملف إقالة القادة وإلغاء الإعلان الدستوري===

استلم الرئيس مرسى السلطة مكبلا بإعلان عسكري يجعل منه رئيساً شكلياً منزوع الصلاحيات لكنه استطاع بعد شهرين أن يلغيه ويقيل قيادات الجيش في 12 [[أغسطس]] [[2012]] عقب حادثة قتل 16 جندي في هجوم عسكري في رفح يوم 6 [[أغسطس]] (صرح رئيس المخابرات وقتها بإرساله تقرير لقيادات الجيش قبل الحادث يحذر من وقع أعمال إرهابية وتمت إقالته هو ورئيس الشرطة العسكرية على إثر الحادث بأيام).

أقال مرسى قيادات الجيش من مناصبها لكنه في نفس الوقت لم يحيلهم للمحاكمة لا في هذه الجريمة ولا في الجرائم السابقة التي ارتكبت في الفترة الانتقالية بل قام بمنح بعضهم قلادة النيل وتعيينهم مستشارين له (طنطاوي وعنان)، وعين البعض الآخر في وظائف أخرى مثل (مهاب مميش رئيس هيئة [[قناة السويس]]) ثم اختار وزير دفاع منهم (عبد الفتاح السيسى الذي كان يرأس مدير المخابرات الحربية وأصغر عضو في المجلس العسكري).

ولا ندرى ما الذي حدث أيضا في كواليس الإقالة والتعيين، هل قام بها مرسى منفردا أم تمت بالتشاور معهم؟ لكن يبدو أن هذه الخطوة لم تروق لقادة الجيش وهو ما عبر عنه السيسى بعد الانقلاب في حوار تم تسريبه مع صحيفة ال[[مصر]]ي اليوم تندر فيه من جرأة الرئيس مرسى في إقالة قادة الجيش قائلاً: “ده غيره ([[مبارك]]) كان يجلس يفكر طوال العام هل يصلي معنا (الجيش) العيد أم لا يصلي معنا. هو مقولة مهمة للدلالة على رؤية الجيش لنفسه وعلاقته بالرئيس.

===ثانيا: الموقف السياسي من الجيش===

رغم الخطوة الجريئة التي أقدم عليها الرئيس مرسى بعد شهر ونصف من توليه الرئاسة (إقالة قيادات الجيش وإلغاء الإعلان الدستوري)، إلا أن طريقة إخراجه للمشهد (قلادة نيل، تعيين في مناصب أخرى، اختيار وزير دفاع منهم)، ومواقف عديدة لقادة [[الإخوان المسلمين]] تشير إلى محاولتهم احتواء الجيش وليس الصدام معه، تجنبا لردود أفعال سلبية قد تؤدي إلى وأد المسار الديمقراطي. من ذلك تصريحات مختلفة لقيادات [[الإخوان المسلمين]] في مدح الجيش ال[[مصر]]ي وذم من يستخدم شعار (يسقط حكم العسكر).

ولا ننسى أيضا الأزمة التي أثارتها جريدة الجمهورية حينما نشرت على صفحتها الرئيسية مانشت مفاده التحقيق مع طنطاوي وعنان، وهو ما تم نفيه من الحكومة، وهو ما أثار امتعاض قيادات الجيش، وعلى إثر ذلك تمت إقالة جمال عبد الرحيم، رئيس تحرير الجريدة من قبل مجلس الشورى ثم عاد بحكم قضائي بعد فترة وجيزة.

===ثالثا: الوضع المالي والاقتصادي والتشريعي للجيش===

لم يشهد ملف الوضع المالي والاقتصادي للجيش تطورات جذرية في عهد الرئيس مرسى لكنه في نفس الوقت شهد تطورات جزئية. فعلى المستوى التشريعي استجابت الجمعية التأسيسية لمطالب ممثلي الجيش بضرورة إبعاد أنشطة الجيش عن الرقابة البرلمانية واستعيض عن ذلك بالنص على إنشاء مجلس للدفاع الوطني يتولى مناقشة الموازنة، ويضم الرئيس وسبعة من المدنين وسبعة من العسكريين (و بالتالي يرجح الرئيس الكفة المدنية)، و تكون ميزانية الجيش رقما واحدا معلنا في موازنة الدولة. كما سمح للقضاء العسكري باستمراره في محاكمة المدنين وإن كان نص المادة قد تم تضييقه بشكل كبير فيما يمكن اعتباره اعتداءاً مباشراً على القوات المسلحة، و أعطى للقانون (أي البرلمان) أن يحدد هذه الحالات، لكنه لم يلغ المحاكمات أمام القضاء العسكري بشكل كامل.

وعلى المستوى الاقتصادي أسندت حكومة قنديل خطتها الأولية لتنمية [[سيناء]] والتي تقدر بمخصصاتها المالية بنحو 4.4 مليار جنيه للجيش وشركاته لضمان سرعة الانجاز في خلال 6-9 أشهر. وعلى المستوى المالي استجابت وزارة المالية في عهد مرسى بزيادة مخصصات الجيش في موازنة [[2013]] إلى 30.9 مليار جنيه بدلا من 27 مليار جنيه في عام [[2012]]. كما وافق مجلس الشورى على زيادة معاشات العسكريين بمقدار 20%.

===رابعا: ملف التسليح===

لا ندرى هل تم فتح ملف التسليح علنيا مع قادة الجيش أم لا في فترة الرئيس مرسى، لكن هناك مؤشرات عدة تشير إلى وجود توجه جديد لدى الرئيس في قضية التسليح تنطلق من تأكيده على قضية الاستقلال الذاتي في مصادر الغذاء والسلاح والدواء. يؤكد هذا التوجه الجديد زيارته للهند وباكستان والتي اصطحب فيها وزير الدفاع بالإضافة لعدد من رجال الأعمال، وكان واضحا أن الحديث سيجرى في أمور عسكرية خاصة بالتسليح إضافة إلى التعاون الاقتصادي، كما يؤكد هذا الطرح زيارة الرئيس مرسى إلى [[تركيا]] واتفاقه على توريد عشر طائرات بدون طيار بشروط مالية ميسرة (أعلنت [[تركيا]] عنها فيما بعد عن وقفها بعد الإنقلاب).

كما يؤكد ذلك أيضا قصة الغواصات الألمانية التي تعاقد عليها مرسى واعترضت عليها إسرائيل بشدة حتى كادت تُحدث أزمة دبلوماسية بين البلدين، وهو ما اضطر مسئولون ألمان كبار من بينهم وزير الدفاع إلى التعبير عن امتعاضهم من تدخل إسرائيل في الشؤون الداخلية لألمانيا. وتُثار تخمينات أيضا في هذا السياق، فيما يتعلق بزيارة مرسى ل[[إيران]] خاصة وأنها تمتلك قدرات تكنولوجية عسكرية متطورة وحالة العزلة الدولية التي تعانيها تسمح لأي أحد بالتفاوض معها في أمور خاصة بالتسليح في مقابل الدعم السياسي وفتح انفراجة دبلوماسية.

ولا تزال كواليس قضية التوجه الجديد في قضية التسليح في عهد مرسى، هل كانت توجها منفردا للرئيس أم توجها جماعيا متفق عليه مع قيادات الجيش، هل وافق الجيش أم ساير مرسى خجلا أم كان قلقا من تطور الاتجاه خاصة وأن الاستمرار في هذه السياسة سيُدخلها حتما في أزمة مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعم الجيش بنحو1.3مليار دولار سنويا، ويعتمد الأخير عليها في توريد السلاح وقطع الغيار وأحيانا الصيانة (راجع قصة الطائرات العشر الاباتشى ).

كما أن قصة الغواصات الألمانية لم تمر في سكون وإنما اعترضت عليها إسرائيل بشدة، وهذا النوع من الصفقات المزعجة التي قد تُحدث غضبا لإسرائيل أو أمريكا، لا يحبذها الجيش ولم يدخل في نظير لها منذ معاهدة السلام علما بأن قادة الجيش لم يسبق لهم الاعتراض في قضايا مثل التسليح والمعونة خلال عشرات السنين قبل [[الثورة]]. الأمر الذي يطرح تساؤلا حول جدية الجيش في قضية تنويع مصادر التسلح من الخارج والانفتاح على تكنولوجيا السلاح أم لا، هل خشي الجيش من تطور الأمر وفتح ملف التسليح الداخلي وعودة مصانع الإنتاج الحربي للعمل في مجال المنتجات الدفاعية ولكنه في نفس الوقت يخشى التصريح حتى لا يسبب لنفسه إحراجا أمام الرأي العام؟ من هذا المنطلق يبدو أن قصة الإنقلاب وأسبابه في غاية التعقيد والتركيب، يتداخل فيها الخارج بالداخل، ويتشابك فيها الاقتصادي مع السياسي مع الثقافي مع الفكري والأيديولوجي والنفسي.

===خامسا: ملف العلاقات مع إسرائيل===

شهد ملف العلاقات ال[[مصر]]ية الإسرائيلية تطورات ملحوظة في عهد الرئيس مرسى وكان لهذا تجليات مختلفة، بدأت على مستوى المفردات في الخطاب السياسي لمرسى (كانت مفردة الاحتلال أساسية في خطابه عن إسرائيل بينما غابت مفردات إسرائيل “دولة إسرائيل-الجوار الشرقي. . ألخ )، كما شهدت قضية المعابر تطورا كبيرا في عهد مرسى فصارت تفتح بمعدلات كبيرة لم تحدث منذ عشرات السنين، وصولا إلى أزمة العدوان على [[غزة]] في [[نوفمبر]] [[2012]] والتي اتخذ فيها الرئيس مرسى موقفا تاريخيا لم يحدث من قبل، فكان خطابه قويا ومنحازا للمقاومة ال[[فلسطين]]ية انحيازا صريحا ثم أرسل رئيس الوزراء هشام قنديل وعددا من الوزراء إلى القطاع لتخفيف الضغط من الهجمات فضلا عن المشاورات الدبلوماسية مع عدد كبير من الدول لوقف العدوان (40 دولة وفقا لتصريحات الرئيس [[مرسي]]).

ولا ندرى ما موقف الجيش من هذه الأزمة؟ في ظل موقفه العدائي من حركة [[حماس]]، و موقفه المتقارب مع إسرائيل (ظهر ذلك بوضوح بعد الانقلاب حيث تم تصنيف [[حماس]] منظمة إرهابية واتهم الرئيس مرسى بالتخابر معها، إضافة إلى موقف النظام الانقلابي من العدوان على [[غزة]] في [[2014]]). هل كان الجيش مستريحا لموقف مرسى أثناء العدوان على [[غزة]] [[2012]]؟ ما هي كواليس هذه الأزمة خاصة وأن خطاب الرئيس مرسى تجاه الأزمة لم يتضمن الإشارة إلى الجيش مطلقا رغم أن السياق كان يقتضى ذلك عندما قال (أوقفوا إراقة الدماء وإلا فغضبتنا لن تستطيعوا صدها، غضبة شعب وقيادة ولم يذكر الجيش )؟

وهنا يطرح الباحث تساؤلا: أليس من المفترض في مثل هذه الظروف عقد لقاء بين الرئيس وقادة الجيش لاتخاذ مجموعة من القرارات تجاه العدوان الإسرائيلي وما يتبع ذلك من عقد مؤتمرات صحفية تجمع الرئيس بالعسكريين. . ألخ)؟

===سادسا: ملف المحاكمات الجنائية لقادة الجيش===

يبدو ملف محاكمة العسكريين على جرائم المرحلة الانتقالية محطة مهمة في فهم موقف المؤسسة العسكرية من الرئيس مرسى وربما تفسير لماذا قاموا بالإنقلاب، ويمكن أن نأخذ أزمة تقرير تقصى الحقائق الذي تسرب لصحيفة الجارديان كمثال على ذلك .

وقد استطاعت صحيفة الجارديان أن تحصل على جزء من تقرير مطول للجنة تقصى الحقائق التي شكلها الرئيس محمد مرسى فور وصوله للحكم حول الأحداث منذ [[الثورة]] وحتى الفترة الانتقالية. وجاء في التقرير أن القوات المسلحة شاركت في حالات إخفاء قسري لمدنيين وحالات تعذيب وقتل في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك في المتحف ال[[مصر]]ي، خلال [[الثورة]] عام [[2011]]. وأشار التقرير أن أكثر من ألف شخص، بما في ذلك العديد من السجناء، سٌجلوا في عداد المفقودين خلال [[الثورة]]. كما أن العديد من حالات الوفيات، وجد على أجسادهم أثار التعذيب، ولا يزال مصير المئات مجهولا، تاركين وراءهم عائلات يائسة لإحبائهم الذين يأملون، في أحسن الأحوال، أن يكون أحبائهم يقضون عقوبة السجن، وهو ما لم تعترف به الحكومة.

ومن بين الحوادث التي تم اكتشافها في التقرير، والتي تركز على مصير أولئك الذين فقدوا أو اختفوا قسرا، وجد الباحثون أن أفراد القوات المسلحة اعتقلوا عددا غير معروف، ولكنه من المرجح أن يكون كبيرا، من المدنيين عند نقطة تفتيش على طريق سريع جنوبي [[القاهرة]] ولم يتم رؤية هؤلاء المعتقلين بعد ذلك؛ كما تم اعتقال وتعذيب المتظاهرين في المتحف ال[[مصر]]ي قبل نقلهم إلى السجون العسكرية، مما أسفر عن مقتل شخص واحد على الأقل، وكذلك تسليم11 جثة مجهولة الهوية للطب الشرعي. وكشف التقرير أيضا أن عددا من المواطنين قتلوا خلال احتجازهم من قبل القوات المسلحة وأنهم دفنوا في مقابر عامة للفقراء، باعتبارهم مجهولي الهوية”.

ويضيف التقرير أن السلطات لم تحقق في تلك الحوادث، رغم وجود أدلة على إصابات وتعذيب شديد. وأوصى التقرير بالتحقيق مع قادة القوات المسلحة حول إصدار أوامر وتعليمات لمرؤوسيهم الذين ارتكبوا أعمال التعذيب والاختفاء القسري.

وفور نشر الجادريان للتقرير طالبت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الرئيس [[مرسي]] بالإعلان فورًا عن تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها بنفسه للتحقيق في انتهاكات الشرطة والجيش بحق المتظاهرين في الفترة من [[يناير]] [[2011]] إلي [[يونيو]] [[2012]].

وتوالت ردود الأفعال الغاضبة على التقرير من داخل الجيش حتى وصل الأمر إلى طلب اللقاء بالرئيس مرسى، وبالفعل عقد اجتماع حضره كل أعضاء المجلس العسكري، وبعد اللقاء تحدث وزير الدفاع فى لقطات تلفزيونية بحضور الرئيس واقفا بين قيادات الجيش، وأخذ السيسى يدافع عن الجيش قائلاً “اقسم بالله، والله العظيم القوات المسلحة منذ 25 [[يناير]] حتى الآن لم تخن ولم تأمر بخيانة، لم تغدر ولم تأمر بغدر، لم تقتل ولم تأمر بقتل وأرجو من كل من يسمعني أن يكون حذرا قبل أن يسيء للقوات المسلحة وبلده، القوات المسلحة مؤسسة وطنية شريفة تتأثر بشدة بلى إساءة توجه إليها “.

الذي يدعو للملاحظة أن الرئيس مرسى لم يتكلم في هذه اللقطات التلفزيونية ووقف ثابتا في مكانه كالذي يؤدى التحية العسكرية في مشهد لا يليق برئيس جمهورية. الأكثر إثارة أن قرارا جمهوريا صدر بعد الاجتماع بترقية قادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة إلى رتبة فريق. وهم الفريق يونس ال[[مصر]]ي قائد القوات الجوية والفريق أسامة الجندي قائد القوات البحرية واللواء عبد المنعم التراس قائد قوات الدفاع الجوي.

بدا واضحا أن قرار الترقية يهدف إلى احتواء غضب قيادات الجيش، لكن تثور تساؤلات حول توقيت التسريب في 12 [[أبريل]] [[2013]]، قبل الانقلاب بشهرين، وهى الفترة التي شهدت دعوات متكررة لاستدعاء الجيش في المشهد السياسي من قبل قوى المعارضة المتمثلة في جبهة الإنقاذ، فهل كان مقصود المسرب (إذا اعتبرنا أنه من [[الإخوان]]) الضغط على الجيش للابتعاد عن المشهد وعدم الاستجابة لمطالب المعارضة، أم كان مقصود المُسرب (إذا كان من المخابرات أو خصوم [[الإخوان]]) زيادة غضب الجيش على [[الإخوان]] لاستمالته وإقناعه بضرورة التدخل.

===سابعا: لماذا قام الجيش بالانقلاب===

من خلال قراءة الملفات السابقة، يمكن الاستنتاج أن قيادات الجيش شعرت بأن تحولات كبيرة يمكن أن تحدث في ملفات كثيرة داخلية وخارجية إذا استمر [[الإخوان المسلمون]] في الحكم وسط تخوفات من فكرة التمكين المنتشرة في أدبيات [[الإخوان]] وهذا ما عبر عنه السيسى منفعلا (اتقالى احنا جايين نحكم 500 سنة).

لهذا تبدو فكرة اختزال دوافع الانقلاب في عامل واحد غير دقيقة وتتداخل فيه سياسية واقتصادية وخارجية ويتداخل معها أيضا أبعاد أخرى أيديولوجية ونفسية، فيبدو أن قيادات الجيش نفسها لم تكن مطمأنة نفسيا للرئيس مرسى و[[الإخوان المسلمين]]، وانعكس ذلك على رؤيتهم لما يقدمونه من تطمينات مختلفة سواء فيما يتعلق بالدور الاقتصادي للجيش أو حتى على أشخاصهم من الملاحقة الجنائية. كما تكررت في خطابات السيسى بعد الإنقلاب عدة إشارات متعلقة بالأبعاد الفكرية والإيديولوجية ل[[جماعة الإخوان المسلمين]] التي ساهمت في الإنقلاب عليهم، ومن ذلك إشارة السيسى لفكرة الخلافة الإسلامية والتنظيم الدولي [[للإخوان]]، وتمييزه بين إسلام الدولة وإسلام الفرد وإسلام [[الجماعة]]، وهى مفردات جديدة تشير إلى ان قائلها لديه تقييم [[للإخوان]] من مدخل أيديولوجي وليس سياسي أو اقتصادي أو ما يتعلق بالأداء وإدارة شؤون الناس.

يؤكد ذلك أيضا حديث وزير الخارجية (نبيل فهمى )، مع بعض القنوات الغربية، والتي أشار فيها صراحة إلى أن المشكلة مع الرئيس مرسى لم تكن أبدا في سواء الأداء وإنما في فكره المتعلق بالخلافة الإسلامية. ويبدو أيضا أن هذه المخاوف ألإيديولوجية من [[الإخوان المسلمين]] لم تكن قاصرة على الجيش، وإنما امتدت إلى دول إقليمية مجاورة وبالأخص دول الخليج، صاحبة الموقف الواضح من [[ثورة يناير]] وآخر من اعترف بها، وهذه الدول تخشى نجاح [[الإخوان المسلمين]] في السلطة، بما يشجع الحركات الإسلامية الأخرى في بلادهم على الصعود بما يهدد عروش الخليج، ومن ثم فقد تلاقت مخاوف الخارج مع مخاوف الداخل، وساعد على ذلك وعود الخليج بالوقوف بجوار من يخلصهم من [[الإخوان]] إلى مالا نهاية. ومن ثم فقد توافر للمخاوف الموارد الاقتصادية اللازمة لتنفيذها على الأرض.


==المحور الرابع==

وضع المؤسسة العسكرية بعد الإنقلاب (الاستقلال بالمكان كمقولة تفسيرية)

تضخم وضع المؤسسة العسكرية بعد الانقلاب بشكل كبير للغاية ليأخذ شكل مؤسسة تستولي على الحكم بقوة السلاح، كما صاحب ذلك توسع هائل في المساحة الاقتصادية فصارت المؤسسة العسكرية تسيطر على مشروعات بمليارات الدولارات في مجالات مختلفة. بحيث يمكن القول بأن المؤسسة العسكرية انتقلت من حالة الدفاع عن وضعية الاستقلال في المكان إلى حالة الاستيلاء على المكان كله أو ما يمكن تسميته ب( الاستقلال بالمكان ).

ويمكننا أن نرصد عدة مؤشرات تؤكد هذه الوضعية كالتالي:

1. وضع الجيش في دستور الإنقلاب.

2. تغير العقيدة القتالية بعد الانقلاب.

3. تغير الوظيفة الأمنية للجيش.

4. الجيش كشركة أمن خاصة.

5. التوغل في المساحة الاقتصادية (المظاهر-الدلالات).

6. التوسع فى منح امتيازات للعسكريين.

===أولا: وضع الجيش فى الدستور===

'''1. وزير الدفاع أقوى من الرئيس'''

بعد الإنقلاب أصبح اللعب على المكشوف (كما يقولون)، فصارت المؤسسة العسكرية تطالب بتقنين وضعية الاستقلال عن الدولة صراحة، وهو ما فشلت في تمريره في الفترة الانتقالية وعهد الرئيس مرسى (وثيقة السلمي “الإعلان الدستوري المكمل). وكان للمؤسسة العسكرية ما أرادت في التعديلات الدستورية التي أجريت على عينها من خلال لجنة قامت بتعينها من الظهير المدني للانقلاب، فتم تمرير بعض المواد التي تجهل المؤسسة العسكرية فوق الدولة نفسها، وبالأخص المادة 234 التي نزعت الحق المعروف لرئيس الجمهورية في اختيار وزير الدفاع وجعلته حقا أصيلا للمجلس العسكري للقوات المسلحة، وهو ما يناقض فكرة الدولة المدنية ويضر بالدولة والجيش معا للأسباب الآتية :

• هذه المادة لا يوجد لها مثيل في كل دساتير العالم حتى دول أفريقيا التي تموج بالانقلابات العسكرية كما لا يوجد لها شبيه حتى في أشد الدول تخلفا وديكتاتورية، حيث سيصبح الموقع الوظيفي والدستوري لوزير الدفاع المعين من قبل المؤسسة العسكرية أقوى وأكثر استقرارا من الرئيس المنتخب. وبالرغم أن وزير الدفاع هو جزء من السلطة التنفيذية التي يرأسها رئيس الجمهورية بنص المادة 139 إلا أن الأخير لا يمكنه تغيير وزير الدفاع مثل باقي الوزراء دون قبول المجلس الأعلى للقوات المسلحة مهما فعل الوزير.

• من المفترض في الدستور أن يحدث توازنا بين السلطات الثلاث المعروفة، التنفيذية والتشريعية والقضائية، لكن الواقع أن هذه المادة تخلق سلطة رابعة فوق هذه السلطات هي المؤسسة العسكرية.

• إن هذه المادة تخلق تنافسا سياسيا داخل المؤسسة العسكرية حول منصب الوزير، مما يهدد تماسك المؤسسة ويجعلها عرضة للتكتيكات والتكتلات المضادة بين أبناء القوات المسلحة.

'''2. التوسع في صلاحيات القضاء العسكرى'''

كما توسع الدستور في المادة 204 في صلاحيات القضاء العسكرى في محاكمة المدنيين وذلك عبر توسيع تعريف الجرائم العسكرية التي قد تصل لأي مواطن يتعامل مع أي شخص أو جهة أو مكان تابع للقوات المسلحة بما فيها بنزينة وطنية وفقا لتفسير رئيس هيئة القضاء العسكرى فيما بعد. استنادا إلى هذا الوضع قامت الحكومة ال[[مصر]]ية في 25 [[أكتوبر]] [[2014]] بعد مقتل جنود في [[سيناء]] بتعديل قانون القضاء العسكري لتضيف اختصاصات بينها محاكمة المدنيين في قضايا التي تهدد سلامة وأمن البلاد والتي تتعلق بالاعتداء على منشآت وأفراد القوات المسلحة والشرطة والمرافق والممتلكات العامة وإتلاف وقطع الطرق، فضلا عن إصدار قراراً بقانون في 28 [[أكتوبر]] [[2014]] بشأن تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، يقضى بمشاركة القوات المسلحة لجهاز الشرطة في حماية وتأمين المنشآت العامة والحيوية بالدولة لمدة عامين، على أن تحال الجرائم التي ترتكب ضد هذه المنشآت إلى القضاء العسكرى. ويسرى هذا القانون على محطات وشبكات وأبراج الكهرباء، خطوط الغاز، حقول البترول، خطوط السكك الحديدية، شبكات الطرق والكباري، وغيرها من المرافق والممتلكات العامة وما في حكمها ضد أي أعمال إرهابية (مما قد ينطبق على الوطن كله في واقع الأمر)، كما توسعت المؤسسة العسكرية في منح أفرادها حق قتل المتظاهرين دون الخوف من أي محاكمة، وذلك في تصريح (تسريب)شهير للسيسي “محدش هايتحاكم فى قتل حد والمتظاهرين كمان عارفين ده ”

'''3. إضفاء وضع ديكوري للمدنيين في مجلس الدفاع الوطني'''

المادة 203 : تجعل العسكريين أغلبية تتجاوز الأقلية المدنية المنتخبة في تحديد قرارات تمس الأمن القومي والتعامل معها ليس من منظور عسكري فقط بل سياسي أيضا، كما تجعل متابعة البرلمان والأجهزة الرقابية للموازنة العسكرية ضعيفة أو منعدمة تحت دعوى الحفاظ على الأمن القومي رغم أن كل الديمقراطيات تحافظ على الأمن القومي مع إخضاع كل المؤسسات بلا استثناء لرقابة الدولة وبرلمانها المنتخب وأجهزتها الرقابية.

إذا حاولنا قراءة المواد الدستورية السابقة بشكل مجمع سنكتشف بأن وضع الجيش تخطى وضعية المؤسسة المستقلة داخل الدولة إلى وضع الدولة داخل أو فوق الدولة بالفعل، وتتوفر له كل المقومات الخاصة بذلك الوضع، ميزانية غير معلنة وتدرج رقم واحد في الموازنة العامة و لا رقيب مدني حقيقي على تحديدها أو أوجه إنفاقها، اقتصاد موازى غير مراقب وغير معروف حجمه، اختصاص بتعيين وزيرها أو رئيسها، محاكم خاصة، ولاية قضائية على محاكمة المدنيين (القاطنين في الدولة الأخرى المجاورة مجازا) وبالتالي تتوفر للمؤسسة العسكرية كل مقومات الدولة مع أنها في الحقيقة وزارة من الوزارات وتخضع لسلطة رئيس الجمهورية الذي يتحمل مسؤولية تقصيرها أو فشل قاداتها. الغريب في الأمر أن هذا الدستور منح بعض المؤسسات الأخرى وضعا شبيها بالاستقلال مثل المؤسسة القضائية عندما أخرجها من رقابة الدولة بجعل ميزانيتها رقمًا وحيدًا، لتصبح مع الجيش جزرًا منعزلة فوق الدولة وفوق الدستور. 

لكن في المقابل جعل تعيين النائب العام من سلطات رئيس الجمهورية بينما كان في الدستور المعطل من خلال ترشيح مجلس القضاء الأعلى.

===ثانيا: تغير العقيدة القتالية للجيش===

كثيرا ما أكد قادة الجيش بعد [[الثورة]] على رفض الجيش لفكرة الانقلابات العسكرية وإزاحة الحكام بالقوة العسكرية، وهو ما صرح به اللواء ممدوح شاهين واللواء العصار في حوار تلفزيوني مع الإعلامي إبراهيم عيسى بعد [[الثورة]] بأسابيع، وجاء في تصريحات الجنرالات ردا على توصيف تنحى [[مبارك]] بالانقلاب حيث تولى المجلس العسكرى الحكم بعد [[الثورة]]، فكان ردهم أن عقيدة المؤسسة العسكرية راسخة في رفض الانقلاب على الرؤساء حتى لو فقدوا شرعيتهم مشيرا إلى أن ذلك كان في إمكانهم فعله ولكنهم لم يفعلوه بسبب عقيدتهم التي تربوا عليها والتي وصفوها بالحضارية كما أشاروا إلى أنهم لم يضغطوا على [[مبارك]] في التنحي. يضاف إلى ذلك التصريحات الكثيرة المنقولة عن السيسي إبان حكم الرئيس [[مرسي]]، العلنية منها و المسربة، برفض تدخل الجيش في السياسة أو الانحياز لطرف دون الأخر…الخ.

إذا قارنا ما فعله المجلس العسكرى مع [[مبارك]] وما فلعوه مع الرئيس [[مرسي]] سنجد اختلافات كبيرة تفيد بأن ثمة تغييرات جذرية حدثت للعقيدة القتالية بما يجعلها تحمى المتظاهرين المنادين بإسقاط مرسى ثم تطيح به بعد يومين فقط من التظاهر الحر الذي لم يتعرض لأي أذى، بينما تقف مع الرئيس [[مبارك]] لمدة 18 يوم من المظاهرات والإعتصامات التي قتل فيها المئات ثم تتظاهر بحماية المتظاهرين وتسمح بتمرير موقعة الجمل لعل الجموع تنفض، وأخيرا تعطى التحية للرئيس [[مبارك]] بعد التنحي بينما تخطف الرئيس مرسى في مكان غير معلوم لمدة تزيد على ال45 يوما . 

إذن كان هذا أول تغير فئ العقيدة القتالية وفقا لما صرح به الجنرالات سابقا، وإن كان الباحث يرى أن فكرة الانقلابات هي مكون رئيسي من عقيدة القوات المسلحة منذ نشأتها الحديثة، والأمثلة كثيرة على ذلك بدءا من انقلاب أو ثورة [[1952]] ومرورا بالانقلاب على محمد نجيب عام [[1954]] ثم محاولة عبد الحكيم عامر الانقلاب على [[عبد الناصر]] عام 1967 ثم مجيء [[السادات]] وتفاديه لمحاولة انقلاب [[مايو]] 1971 فيما عرف بثورة التصحيح للتخلص من مراكز القوى التي تكونت في عهد [[عبد الناصر]]، ومن أبرز الشخصيات التي تم إبعادها :

• نائب رئيس الجمهورية علي صبري.

• وزير الدفاع محمد فوزي.

• وزير الداخلية شعراوي جمعة.

• وزير الإعلام محمد فائق.

• رئيس البرلمان محمد لبيب شقير.

• سكرتير رئيس الجمهورية سامي شرف.

وقد استطاع [[السادات]] محاصرتهم وإلقاء القبض عليهم داخل مبنى الإذاعة والتلفزيون واستعان في ذلك بعدة أشخاص أهمهم الليثي ناصف قائد الحرس الجمهوري وقتها. ثم جاء اغتيال [[السادات]] من داخل الجيش (مجموعة الزمر)، ثم جاء [[مبارك]] وأطاح بمن له نفوذ داخل الجيش (المشير أبو غزالة)، بل ان اختيار طنطاوي كان اختياراً سياسياً بالأساس مبنى على اعتبارات متعلقة بتفادي الانقلابات العسكرية عن طريق التحكم في قيادتها والتأكد من ولائها، وتبع ذلك السماح للجيش بلعب أدوار اقتصادية واستمالة كبار الضباط مقابل الابتعاد عن السياسة، كل هذا يشير إلى أن فكرة الانقلاب على الرؤساء كانت حاضرة وبقوة في تاريخ هذه المؤسسة منذ عهد بعيد، وهو ما يعنى أن ما حدث في [[يناير]] وما حدث في 3 [[يوليو]] لما يكن جديدا وإنما امتداد لتاريخ طويل من الانقلابات داخل أو على الانقلابات لكن يبدو أننا لم نقرأ التاريخ جيدا وهذه هي المشكلة.

التغير الثاني الذي حدث في العقيدة القتالية للجيش مع الانقلاب، هو ما يسمى بالحرب على الإرهاب، وهى نفس الإستراتيجية الأمريكية المتبعة منذ أحداث الحادي عشر من [[سبتمبر]]، وبنفس الصيغة والتعريف وإن كان السيسى أكثر تطرفا في تعريف الإرهاب من الولايات المتحدة التي تعلن محاربتها للحركات الإسلامية الجهادية في المنطقة(القاعدة “داعش، طالبان)، بينما السيسى يعلن الحرب على من تعتبره الولايات المتحدة جماعة إسلامية معتدلة وهم [[الإخوان المسلمين]]، وعلى هذا صنف السيسى [[الإخوان]] ب[[الجماعة]] الإرهابية وركز حربه عليها في الداخل ويحاول “عن طريق الضغط الخليجي “أن يقنع الأمريكيين والأوربيين بتنصيفها كذلك وهو ما رفضته هذه الدول حتى الآن (أمريكا “بريطانيا “الاتحاد الأوروبي).

لكنها في نفس الوقت تترك له المجال لقمعها بشتى الطرق، فالولايات المتحدة كانت ولا تزال تعتمد إستراتيجية احتواء بعض الحركات الإسلامية وضرب الأخرى، فإذا أردا السيسى ضرب المعتدلة فليكن له ذلك ولكن بعيدا عنا ولنرى ما ستسفر عنه النتائج، فإذا استطاع أن يقضى عليهم يمكن للولايات المتحدة أن تفكر في تصنيفها كما يريد وإذا فشل يمكنها العودة إلى نفس السياسة، احتواء بعض الحركات وضرب الأخرى.

الغريب أن السيسى يشارك بالفعل مع الأمريكان والأوربيين في ضرب الحركات التي تصنفها الولايات المتحدة إرهابية مثل داعش والتحالف الدولي ضدها، وهو ما يعنى أنه يقوم بوظيفة مثالية ربما لن يستطيع أي حاكم آخر القيام بها (التحالف ضد داعش “حماية إسرائيل علانية- محاولة القضاء على حركة إسلامية معتدلة تريد أمريكا القضاء عليها بعيدا عنها).

وامتداداً لتغيير العقيدة القتالية نحو الحرب على الإرهاب، يشارك السيسى وبقوة في عملية تصفية الحركات الإسلامية في [[ليبيا]] بالتعاون مع بعض دول الخليج، وهو ما يعنى أن الجيش سيظل متورطا في مغامرات خارجية ربما تستمر لسنوات تحت شعار الحرب على الإرهاب.

الغريب أن دول الجوار الليبي ([[الجزائر]] “[[تونس]]) ترفض التدخل العسكرى في [[ليبيا]]، وتدعو لحل سياسي يدعمها في ذلك الولايات المتحدة والأمم المتحدة، بينما السيسى يصر على دخول المعركة منفردا بدعم خليجي وهو ما يشير إلى حالة من التهور السياسي التي ستدفع ثمنها [[مصر]] (جيشا وشعبا) على المدى الطويل فى ظل حالة من السيولة تعيشها [[ليبيا]] بدون نظام وبدون جيش نظامي وقبائل ومجموعات متصارعة مع حدود شبه مفتوحة تربطها ب[[مصر]] تصل إلى أكثر من 1200 كيلو متر مربع.

===ثالثا: تغير الوظيفة الأمنية للجيش===

مع تغير العقيدة القتالية للجيش نحو الحرب على الإرهاب (المحتمل)، وتعيين الإرهاب وتسميته تحديدا في [[جماعة الإخوان المسلمين]]، حدث تغير نوعى آخر في وظيفة الجيش الأمنية، فأصبح مشاركاً منذ الإنقلاب حتى الآن في الأمن الداخلي مع الشرطة مع التوسع في منح مجنديه الحق في مواجهة المتظاهرين دون الخوف من أية محاكمة، وذلك في تصريح (تسريب)شهير للسيسي “محدش هايتحاكم في قتل حد والمتظاهرين كمان عارفين ده”، قام بترجمته شكل قانوني فيما بعد عندما أصدر قرارا بقانون أصدره في 9 [[أكتوبر]] لتعديل الفقرة الثانية من المادة ٩٤ من قانون هيئة الشرطة، ليصبح القضاء العسكري دون غيره مختصا بنظر كافة الجرائم التي تقع من المجندين الملحقين بخدمة هيئة الشرطة، والمقصود بهم المجندون في القوات المسلحة الذين يقضون فترة خدمتهم في الشرطة (الأمن المركزي).

بما يعنى أن الإعارة للعمل في جهاز مدني لا تعنى الاحتكام لقوانين هذه الجهة التي تعمل فيها. وهو وضع مقلوب لا ندرى لماذا اتخذ في هذه التوقيت، لحماية الأمن المركزي أم لضمان عدم عصيانه أو تمرده خاصة وأن لهم سابقة في ذلك (انتفاضة الأمن المركزى25 [[فبراير]] عام [[1986]]).

شاركت قوات الجيش في عمليات قتل جماعية لم تحدث في تاريخ [[مصر]] الحديث أهمها مجزرة الحرس الجمهوري والمنصة ثم رابعة والنهضة، كما توسع الجيش في محاكمة مئات من المتظاهرين عسكريا عبر إحالتهم للقضاء العسكرى فور القبض عليهم أو بواسطة المحاكم المدنية. ظل الجيش على هذا الوضع مشاركا في عمليات الأمن الداخلي مع الشرطة بحكم الأمر الواقع بعد الانقلاب إلى أن أصدر عبدالفتاح السيسى في 28 [[أكتوبر]] [[2014]] قراراً بقانون بشأن تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، يقضى بمشاركة القوات المسلحة لجهاز الشرطة في حماية وتأمين المنشآت العامة والحيوية بالدولة لمدة عامين، على أن تحال الجرائم التي ترتكب ضد هذه المنشآت إلى القضاء العسكرى. ويسرى هذا القانون على محطات وشبكات وأبراج الكهرباء، خطوط الغاز، حقول البترول، خطوط السكك الحديدية، شبكات الطرق والكباري، وغيرها من المرافق والممتلكات العامة وما في حكمها ضد أي أعمال إرهابية.

بما يعنى أن هذه المنشآت أصبحت في حكم المنشآت العسكرية طوال فترة تأمينها. المهم في الموضوع أن هذا القرار صدر بعد اجتماع السيسى بأعضاء مجلس الدفاع الوطني في اجتماع خاص بمناقشة تداعيات حادثة كرم القواديس التي قتل فيها ما يزيد على العشرين جندي. وهو ما يشير إلى دلالات عكسية إذ المفروض أن يقوم الجيش بتكثيف قواته في [[سيناء]] بعد الحادثة فإذا به يفعل العكس ويقر توليها للأمن الداخلي لمدة عامين!

===رابعا: الجيش كشركة أمن خاصة===

حدث تطور نوعى في الوظيفة الأمنية الداخلية للجيش فصار يتعامل مع المؤسسات الحكومية التي يحميها بمنطق شركات الأمن الخاصة (المال مقابل الأمن)، وتشير بعض الوثائق التي نشرتها قناة الجزيرة مباشر [[مصر]] في 16 [[يوليو]][[2014]] (قبل إغلاقها) إلى تعاقد الشركة القابضة للكهرباء مع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابعة للجيش على قيام قوات الجيش بتقديم خدمات الحراسة مقابل مبالغ مادية تصل إلى 135 ألف جنيه شهريًا، نظرًا لما أسمته شركة الكهرباء ” موقف المشروع، وكونه هدفًا حيويًا استراتيجيا” فقد تم مخاطبة وزارة الدفاع لتأمين الموقع، مقابل مبلغ مادي.
ويطرح هذا التعاقد أسئلة من قبيل: هل أصبحت مهمة الجيش حماية المؤسسات المدنية نظير أجر؟ وهل كان من الأفضل تخصيص هذه المبالغ لتطوير المحطات؟ وما هو دور شرطة الكهرباء التي تتقاضى أموالاً من شركة الكهرباء وما هو وضعه الجديد بعد انتقال مهامه إلى الجيش؟ ولعلنا نستطيع تفسير هذا التوجه الجديد للجيش في التعامل مع الوظيفة الأمنية من مدخل البيزنس.

===خامسا: الجيش والتوغل في المساحة الاقتصادية (المظاهر “الدلالات)===

يلاحظ المتابع لملف اقتصاد الجيش أن مساحات توغله في اقتصاد البلاد تضخمت بشدة خلال العام الماضي وبالأخص منذ أن قام بالإنقلاب العسكرى على الرئيس محمد مرسى في 3 [[يوليو]] [[2013]]، وأصبح الحاكم الفعلي للبلاد وحتى تنصيب السيسى رئيسا في عملية انتخابات شكلية في [[يونيو]] [[2014]]. بدأ الجيش في استعادة سيطرته القديمة مجددا عن طريق اجتذب مشروعات اقتصادية ضخمة بالمليارات وساعده على ذلك الدعم الأجنبي الذي زاد منذ الإطاحة بمرسى وبالأخص من دول الخليج. فتوسع في السيطرة على معظم المشروعات الجارية في المساحة الاقتصادية بشكل علني وواسع للغاية في مجالات الإسكان والطرق والكباري والأراضي والكهرباء والاتصالات والصوامع والملاعب والموانئ إضافة إلى مشروع [[قناة السويس]] وانتهاء بمجال الطب(إعلان اكتشاف عالمي لعلاج الايدز ).

وصاحب تزايد نفوذ الجيش تعديلات في البنية التشريعية المنظمة للقرارات الاقتصادية الحكومية بحيث تسمح للجيش بالتوغل في المشروعات الاقتصادية بشكل قانوني وبدون منافسات، ومن هنا أصدر الرئيس المؤقت عدلي منصور في [[نوفمبر]] [[2013]] قرارا يسمح للحكومة بالتخلي عن المناقصات وإسناد المشروعات لأي شركة في الحالات العاجلة وهي خطوة عادت بالفائدة حتى الآن على شركات تابعة للجيش، إذ استطاعت الحكومة إسناد عدد من المشروعات الكبرى في مجال البنية التحتية لشركات تابعة للجيش بناء على هذا القانون.

فقد منحت وزارات الصحة والنقل والإسكان والشباب وزارة الدفاع ال[[مصر]]ية عقوداً عدة تزيد قيمتها عن مليار دولار لتنفيذ مشاريع بنية تحتية كبيرة. وتتراوح هذه المشاريع بين بناء الطرق السريعة الجديدة، وإسكان لذوي الدخل المنخفض، وترميم وتجديد بعض المستشفيات العامة ومراكز الشباب. وقد برر مجلس الوزراء ال[[مصر]]ي تفضيله القوات المسلحة على الشركات الخاصة لتنفيذ هذه المشاريع على أساس كفاءة الجيش وانضباطه في تنفيذ المشاريع بسرعة ومعايير عالية. ورغم أن تكليف الجيش بتنفيذ مشاريع البنية التحتية في [[مصر]] ليس بالأمر الجديد غير أن التوسع في هذا الدور وخاصة منذ الإطاحة بالرئيس السابق [[محمد مرسي]] في [[يوليو]] [[2013]] وتنصيب عبد الفتاح السيسي رئيساً للبلاد [[يونيو]] [[2014]]، إلى جانب العديد من التعديلات القانونية والتشريعية، تثير تساؤلات عديدة و أساسية حول دور المؤسسة العسكرية في الإقتصاد ال[[مصر]]ي، خصوصاً في مايتعلق بعدالة وشفافية ممارساته فضلا عن وظائف المؤسسات المدنية للدولة ومستقبلها في ظل توغل المؤسسة العسكرية.

وفي [[أبريل]] [[2014]]، وافقت الحكومة على القانون الذي يقيد حق الأطراف الأخرى في الطعن على العقود التجارية والعقارية الموقعة مع الدولة. وقد أصبح هذا الحق الآن محفوظاً للحكومة والمؤسسات المشاركة في الصفقة والشركاء التجاريين. وعلى الرغم من أن الحكومة بررت هذا القانون بوصفه وسيلة لتشجيع الاستثمار الأجنبي، فانه إجراء سيؤدى إلى تقليص الرقابة والمساءلة الشعبية للحكومة .

إضافة إلى ذلك، فإن العقود الثلاثة التي وقعها جهاز مشروعات الخدمة الوطنية لبناء طرق سريعة جديدة تغذي مخاوف إضافية بشأن المساءلة والشفافية. إذ تنص هذه الاتفاقيات التي تم توقيعها بين وزارتي النقل والدفاع على أن الشركة الوطنية لإنشاء وتطوير وإدارة الطرق – أحد شركات جهاز مشروعات الخدمة الوطنية – ستبني وتدير وتؤجر طريقين لمدة تسعة وتسعين عاماً، والطريق الثالث لمدة خمسين سنة. وفي المقابل، يدفع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للحكومة حوالي 843 ألف دولار سنوياً. وقد أبرمت هذه الصفقات بعد صدور القانون المعدل بشأن المناقصات، وهو ما يشير إلي أن الجيش يستفيد بالفعل من هذه التعديلات التشريعية، وسيكون بمنأى عن أي اعتراضات على هذه الإتفاقات.

وأیضا ثمة تساؤلات حول عدة عقود كبرى جديدة مع بعض دول الخليج وبالأخص [[الإمارات]]. إذ تعزز هذه الاتفاقيات، التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، الاتجاه نحو توغل الجيش ال[[مصر]]ي في المساحات الاقتصادية على المدى الطويل. ولا يخفى على أحد الدور الذي لعبته [[الإمارات]] ودول الخليج في الإطاحة بمرسى ودعم الجيش، ومن ثم فليس غريبا أن تدعم هذه الدول النظام الجديد بمليارات الدولارات. لكن من غیر المعتاد أن يأتي هذا الدعم عن طريق وزارة الدفاع ال[[مصر]]ية وليس عن طريق الوزارات الأخرى للدولة فمعظم العقود التي أبرمتها هذه الدول تمت مع الجيش وبعض كياناته مثل الهيئة الهندسية، رغم أنها مشروعات مدنية صرفة.

ففي النصف الأول من عام [[2014]]، وقع الجيش ال[[مصر]]ي عقداً لإقامة مشروعين إسكانيين مع شركات إماراتية، بمعزل عن المبالغ المالية الكبيرة التي تعهدت حكومة [[الإمارات]] بتقديمها لمساعدة [[مصر]]. وقد تم توقيع المشروع الأول في [[فبراير]] الماضي، عندما وقعت شركة إعمار [[مصر]]، وهي شركة تابعة لشركة إعمار العقارية في [[الإمارات]]، اتفاقاً مع وزارات الدفاع والإسكان والتنمية المحلية لبناء مشروع “إعمار سكوير”، كجزء من المشروع الإسكاني “أب تاون كايرو”. وتتضمن صفقة “إعمار سكوير”نقل معسكرات تابعة للجيش إلى أماكن جديدة وتطوير مستوى البنية التحتية في المنطقة.

وأعقب هذا الاتفاق توقيع عقد مشروع إسكاني آخر لذوي الدخل المنخفض بقيمة 40 مليار دولار، في [[مارس]] الماضي، مع شركة بناء إماراتية أخرى هي “أرابتك”. وتتضمن الصفقة بناء مليون شقة تغطي 160 مليون متر مربع (1. 722 مليون قدم مربع) في ثلاثة عشر موقعاً في [[مصر]]. ورغم أن وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية هي المنوطه بهذا المجال إلا أن العقد تم توقيعه مع الهيئة الهندسية بالجيش. الغريب في الأمر أن رئيس الوزراء الذي وقع في عهده العقد هو وزير إسكان سابق (ابراهيم محلب). إضافة إلى ذلك، وقعت الحكومة ال[[مصر]]ية ودولة [[الإمارات]] العربية المتحدة اتفاق منحة في [[أكتوبر]] [[2013]]، تمويل بموجبها دولة [[الإمارات]] عدة مشروعات تنموية في [[مصر]]، ويعهد الاتفاق إلى وزارة الدفاع على وجه التحديد الإشراف على بناء وتنفيذ عدد من هذه المشاريع الحيوية.وتبلغ قيمة المنحة عدة مليارات من الدولارات في شكل مساعدات اقتصادية وتنموية (المبلغ الإجمالي وقائمة المشاريع غير محددة في إعلان الاتفاق الذي تم نشره في طبعة الجريدة الرسمية). أضف إلى ذلك تولى الجيش مشروع [[قناة السويس]] الجديدة عبر إسناد مهمة الإشراف والتنفيذ للهيئة الهندسية للقوات المسلحة بالتحالف مع 33 شركة مدنية هو مشروع تقدر قيمته بمليارات الدولارات.

كما بدأت هيئات الجيش تنافس المؤسسات والهيئات الحكومية الأخرى في تنفيذ مشروعاتها الخاصة، فقد أعلنت وزارة الكهرباء تولى هيئة التسليح بالقوات المسلحة تنفيذ وتشغيل الخطة الإسعافية الثالثة لوزارة الكهرباء لعام [[2015]] والتي تقدر تكلفتها بنحو 16 مليار جنيه. وهو أمر غريب للغاية إذ كيف تسمح وزارة الكهرباء لمؤسسة أخرى بتنفيذ مشروعها وتوقيع عقود مع شركات أجنبية في هذا الشأن، كما لو كان دور الوزارة في مشروعاتها هو دور المتحدث الرسمي .

كما أعلنت شركة مطاحن [[مصر]] الوسطى عن فوز الهيئة العربية للتصنيع بمناقصة إنشاء صومعة بني مزار التابعة للشركة لتقدمها بأقل عرض مقدم في المزاد بقيمة 20 مليون جنيه، بما يعنى أن الهيئة العربية للتصنيع سارت لها قدرة تنافسية عالية في مجالات مختلفة منها صوامع القمح. وعلى غرار مطاحن [[مصر]] الوسطى أعلنت هيئة النقل العام عن قيام الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة بتنفيذ خطة تحديث أسطولها من الأتوبيسات في إطار توجه حكومي نحو توفير وسائل نقل عام بتعريفات منخفضة في ظل ارتفاع تعريفة النقل الجماعي والخاص على مستوى الجمهورية بعد خفض دعم الطاقة وهو ما خصصت له الحكومة اعتمادات إضافية تصل إلى ـ655 مليون جنيه.

وقالت هيئة النقل إن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة طرحت مناقصة نهاية شهر [[يونيو]] [[2014]] بغرض شراء 400 أتوبيس تعمل بالغاز الطبيعي بتكلفة تتخطى 400 مليون جنيه لتعزيز أسطول الهيئة، كما تعاقدت مع شركة غبور فى [[مايو]] [[2014]] بشأن توريد 300 أتوبيس جديد بتكلفة 300 مليون جنيه بتمويل من [[الإمارات]] إضافة إلى 300 أخرى من المنتظر توريدها عبر مناقصة عالمية. يشار إلى أن دولة [[الإمارات]] تعهدت بتمويل عمليات شراء 600 أتوبيس لصالح الهيئة في الربع الأخير من عام [[2013]].

الغريب في الأمر أن جهاز المخابرات العامة بدأ هو الآخر يمارس أدوارا اقتصادية ، فقد أعلنت وزارة الشباب والرياضة عن إسناد عملية إنشاء 625 ملعبًا جديدًا لكرة القدم بالنجيل الصناعي والأضواء الكاشفة والأسوار بتكلفة إجمالية حوالي 364 مليون جنيه، إلى جهتين هما وزارة الإنتاج الحربي وجهاز المخابرات العامة، وقال وزير الشباب خالد عبد العزيز أن الإسناد لهذه الجهات بسبب تميز أعمالها وسرعة أدائها. ولا ندرى ما علاقة جهاز مختص بجمع المعلومات الحساسة بإنشاء ملاعب.؟

===سادسا: التوسع في منح امتيازات للعسكريين===

بدأ السيسى خطابه للشعب بعد الانقلاب بمقولات ناعمة من قبيل “إن هذا الشعب لم يجد من يحنو عليه”، وسرعان ما تغيرت لهجة خطابه لتتحول إلى مقولات تقشفية صرفة (مفيش “معنديش “أنا مش مش عايز أديك. . . أنا مش قادر أديك-مفيش مطالب فئوية -مش هاتسجيب لأي مطلب”قطعوا الرغيف أربع أجزاء “روحوا الجامعة مشى-أنا ممكن أضحى بجيل وجيلين عشان [[مصر]]. . . ألخ ). وبناء عليه بدأ فى اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاقتصادية شديدة التقشف لم يجرؤ أحد من قبله على اتخاذها، أهمها الرفع الجزئي للدعم عن الطاقة والذي أدى إلى ارتفاع قياسي للأسعار. 

لم يكن من المتوقع أن ترتفع مرتبات أية جهة حكومية فى ظل هذه الخطاب التقشفي الصارم، ولكن يبدو أن خطاب السيسى لم يكن موجها للعسكريين على الإطلاق، السيسى يفرق جيدا بين شعب المؤسسات الأمنية الذي يستند عليه بشدة والشعب المدني الذي لا يستحق كثيرا من الخدمات التى تقدم إليه وفقا لرؤيته التى عبر عنها كثيرا (معرفش أو بلاش “تدفع تاخد متدفعش ماتخدش “لو طولت أخلى اللى بيتكلم واللى بيستقبل المكالمة يدفعوا هاعمل ده- الأنبوبة بتكلف الدولة 60 جنيه ليه تاخدها ب 5 جنيه ) فضلا عن خذلان هذا الشعب للسيسي فى أكثر من موقف (الاستفتاء و[[الانتخابات]] الرئاسية).

زادت مرتبات العسكريين أربع زيادات خلال العاميين الماضيين، في الوقت الذي يعاني فيه بعض العاملين بالدولة من ضعف مرتباتهم، وعلى رأسهم العمالة المؤقتة التي تطالب بتعيينها بصفة دائمة، حتى يمكنها الحصول على دخول تفي باحتياجاتها الأساسية. كما تم رفع معاشات العسكريين بنسبة 15% بدلا من 10%.

وتتحمل الموازنة العامة المرتبات العسكرية والاستثنائية والتي تصل إلى 12 مليار جنيه مع أنها أصلا ليست من التزامات الموازنة، فالأصل أن تدفعها الصناديق العسكرية، والمشكلة أن المعاشات العسكرية تمثل تقريبا نصف تحويلات الخزانة العامة لصناديق المعاشات لمساندتها، فالأصل أن تتحمل موازنة القوات المسلحة المرتبات العسكرية، أما في [[مصر]] فالباب الخامس بالموازنة يشمل موازنة القوات المسلحة الرسمية، إضافة إلى ذلك تتحمل الموازنة المرتبات العسكرية والتي تقدر بنحو ١٢ مليار جنبه في الباب الرابع للموازنة (باب الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية).

يذكر أن هذا الأمر قد تم فتحه للمرة الأولى في عهد الرئيس مرسى عبر مجلس الشورى الذي تم حله بعد الانقلاب، وكان النقاش يدور حول تحميل المرتبات والمعاشات للقوات المسلحة، لأنه ليس من المنطقي أن تتحمل الموازنة مرتبات عسكرية واستثنائية بالمليارات، في حين لا تستطيع رفع المرتبات العادية ومعاشات الضمان الاجتماعي للفئات الأخرى. المفارقة أنه في الوقت الذي تتم فيها زيادة المرتبات العسكرية فإن موازنة عام [[2014]]/[[2015]] قد خفضت ثمانية بنود للدعم بجانب تخفيض دعم الطاقة، منها دعم الخبز، ودعم تنمية الصعيد، ودعم القروض الميسرة، ودعم إسكان محدودي الدخل، ودعم المناطق الصناعية، ودعم تنشيط الصادرات، ودعم اشتراكات الطلبة، ودعم الأدوية وألبان الأطفال .

وفى امتياز آخر تم إعفاء بعض المنشئات العسكرية من الضرائب وفقا للتعديلات التي أجريت مؤخرا على قانون الضريبة العقارية والتي نصت على إعفاء “أندية وفنادق القوات المسلحة ودور الأسلحة والمجمعات والمراكز الطبية والمستشفيات والعيادات العسكرية والعقارات المبنية في نطاقها وغيرها من الوحدات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الدفاع بالاتفاق مع الوزير المختص، وفي جميع الأحوال لا تخضع أي من هذه الجهات لأعمال لجان الحصر والتقدير وفقًا لما تقتضيه اعتبارات شؤون الدفاع ومتطلبات الأمن القومي”

===سابعا: خدعة التبرعات العسكرية===

تبادر المؤسسة العسكرية من حين لآخر بالتبرع بمبالغ مالية ضخمة في مجالات عدة، ففي عهد المجلس العسكرى(3 [[ديسمبر]] [[2011]]) أعلن اللواء محمود نصر، مساعد وزير الدفاع للشؤون المالية عن إقراض المؤسسة العسكرية البنك المركزي مليار دولار من عائد مشروعاتها الإنتاجية لدعم الاحتياطي النقدي. وفى 5 [[يوليو]] [[2013]] أعلن عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع عن تبرع المؤسسة العسكرية ب 300 مليون جنيه لصندوق دعم [[مصر]] الذي أسسه عدد من رجال الأعمال بعد الإنقلاب بيومين ويرأسه فاروق العقدة.

وعقب الأحداث، التي شهدتها [[مصر]] منذ 3 [[يوليو]] قررت القوات المسلحة التبرع بربع مليون جنيه للمساعدة في إعادة إعمار الصيدليات الطبية التي أضيرت في تلك الفترة، وفقا لما أعلنه الدكتور أشرف مكاوي، عضو مجلس نقابة الصيادلة ب[[القاهرة]]، كما قررت ترميم كافة الكنائس والمساجد التي أضيرت على نفقتها الخاصة. وفى منتصف [[2014]] (27 [[يونيو]] ) أعلن وزير الدفاع صدقى صبحى عن تبرع القوات المسلحة بمبلغ مليار جنيه لصندوق “تحيا [[مصر]]” من أرصدة شركات جهاز مشروعات الخدمة الوطنية. وهو ما يعني أن إجمالي إسهامات الجيش في دعم الاقتصاد ال[[مصر]]ي من خلال ما تم استعراضه في السطور السابقة قد قارب على 9 مليار جنيه.

وتتعدد الأسئلة المرتبطة بهذه الملف الشائك، وبعض هذه الأسئلة فني تقنى وبعضه سياسي وبعضه اقتصادي بحت، فمن الأسئلة الفنية المالية : كيف تدخل أموال التبرعات من المؤسسة العسكرية إلى البنك المركزي؟ وأين كانت قبل أن تدخل إليه؟ هل يضع الجيش أرصدته في بنوك؟ هل يعلم البنك المركزي عنها شيئا أم أنها حسابات سرية؟ كيف تدخل المعونة العسكرية الأمريكية؟ هل تدخل عن طريق البنك المركزي أم ماذا؟ أليس البنك المركزي ملزم بأن يستفسر عن المليار دولار قبل أن يضيفه إلى حساباته مثلما يفعل مع كل البنوك درءا للشبهات المتعلقة بالأموال سواء شبهات غسيل الأموال أو غيرها؟ هل دخل المليار دولار في شكل قرض أم في شكل منحة، فما نشر أنه قرض، فما تفاصيله وهل هو قرض حسن أم قرض بفائدة، وإذا كان قرضا أليس ذلك معناه أنه سيرد في يوم من الأيام؟

وكل هذه الأسئلة وغيرها لا تجد لها ردا فضلا عن وجودها كأسئلة أصلا. فمن هو متخصص فيها لا يسألها فما بالك بغيره.

أما الأسئلة السياسية فكثيرة ومثيرة، فما معنى أن تتبرع مؤسسة من مؤسسات الدولة للدولة؟ ما دلالة ذلك؟ ما دلالة تبرع مؤسسة تحصل على مخصص من الموازنة العامة للدولة؟ أليس ذلك معناه أن هناك وفرة في أرصدة وأرباح المؤسسة العسكرية جعلها تستطيع ضخ هذه الأموال خلال السنوات الماضية، وما هي أنشطة الجيش الإنتاجية التي تدر عليه عملة أجنبية جعلته يقرض البنك المركزي مليار دولار؟ و هل هناك أموال أخرى يمكن التبرع بها الآن في ظل أزمة الاقتصاد ال[[مصر]]ي الطاحنة؟ و ما هي المبالغ المتاحة بشكل حر بعد استيفاء احتياجات القوات المسلحة أصلا؟ و من يأخذها إذا لم تستفد بها الدولة؟

أما الأسئلة الاقتصادية البحتة، فتكشف لنا كم كانت الخدعة، فالمؤسسة العسكرية لم تتبرع بشيء لوجه الله كما يقولون بل حصلت على أضعاف أضعافه في الموازنة العامة للدولة. ففي عهد الدكتور محمد مرسى زادت مخصصات الجيش بنحو 3.4 مليار جنيه إلى 30.9 مليار جنيه موازنة [[2013]]/[[2014]]، مقارنة بنحو 27.5 مليار جنيه في موازنة العام المالي الماضي [[2012]]/[[2013]] وقد رفعت هذه المخصصات بناء على طلب من وزارة الدفاع لتأمين احتياجاتها الرئيسية، وتأمين الحدود وتوفير احتياجات القطاع العسكري.

أما في موازنة [[2014]]/[[2015]]، فقد كشف البيان المالي للموازنة العامة الجديدة، عن زيادة مخصصات القوات المسلحة العام المالي المقبل، بنحو 28% مقارنة بالعام السابق له. وذكر البيان أن مخصصات القوات المسلحة ستصل إلى 48.9 مليار جنيه العام المقبل بزيادة قدرها 15 مليار جنيه عن العام السابق.

التفت الكثيرون إلى قصة تبرعات الجيش للدولة، ولم يلتفتوا إلى زيادة مخصصاته المالية خلال العام الحالي والقادم، ولكن بحساب أولى وبسيط يمكننا اكتشاف أن المؤسسة العسكرية حصلت على ضعف ما تبرعت به خلال أربع أعوام، في عامين فقط (18.4مليار جنيه) موزعة بين 3.4 مليار جنيه في عام [[2013]]، ونحو 15 مليار جنيه في موازنة [[2014]]. أضف إلى ذلك أن الموازنة القادمة ربما تزيد عن ذلك أو تثبت على هذا الرقم بما يجعل ما قامت بالتبرع به آني ولحظي بينما ما كسبته دائم ومستمر.

يظل التساؤل الأكثر غرابة إذا كانت مؤسستك قادرة على التبرع ب 9 مليار جنيه، أليس ذلك معناه وجود وفرة في أرصدة وأرباح هذه المؤسسة جعلها تستطيع ضخ هذه الأموال خلال السنوات الماضية، إذن لماذا تطلب زيادة في مخصصاتها المالية في الموازنة؟ من هنا يمكن فهم قصة التبرعات التي تعلن من حين لآخر بأرقام ضخمة، فهي لا تعدو كونها شو سياسي واعلامى من المؤسسة العسكرية بغرض كسب الدعم والتأييد ولا تختلف كثيرا عن الدعم العيني الذي تقدمه في بعض الأحياء الفقيرة فيما يعرف “بكرتونة القوات المسلحة”، وقد وزعت منها عشرات الآلاف قبل [[الانتخابات]] الرئاسية الماضية بشكل علني وصريح ولا زالت توزع حتى الآن من حين لآخر، أما من الناحية التكلفة الاقتصادية فيمكنك أن تخرج بنتيجة تقول إن من يتبرع يحصل على أضعاف تبرعاته كثمن لتبرعه.

ولا يختلف هذا أيضا عن المجمعات الاستهلاكية التي باتت تعرض لحوم القوات المسلحة ومنتجاتها الغذائية بأسعار منخفضة، ولا يدرى الناس أن هذه اللحوم قد جاءت مجانا من دول الخليج وغيرها، فقد أعلنت [[الإمارات]] عن منح [[مصر]] 100 ألف رأس من الماشية مجانا وهو ما تصل قيمته إلى 1.5 مليار جنيه، وبالتالي فهو وإن كان يبيعها لك بسعر منخفض إلا انه قد حصل عليها مجانا وبالتالي فلازال هو الكسبان أيضا، لكن الصورة النهائية التي ستصل لك مختلفة. كما لا يدرى الناس أن معظم المنتجات الغذائية الأخرى ذات السعر المنخفض التي تعرض عليهم، هي نتاج عمالة رخيصة من الجنود تعمل في مصانع الجيش أثناء الخدمة، وهذه المصانع بدورها معفية من الضرائب والجمارك ومتاح لها كافة التسهيلات الإنتاجية.

وليس هذا سلوك المؤسسة العسكرية وحدها “التبرع من أجل الشو الاعلامى “، وإنما سلوك مؤسسات أخرى كثيرة في [[مصر]]، منها جامعة [[القاهرة]]، التي أعلن رئيسها د. جابر نصار عن تبرعها بقيمة 20 مليون جنيه لصندوق تحيا [[مصر]]، رغم أن جامعة [[القاهرة]] مدينة ب نصف مليار جنيه، فضلا عن احتياج معهد الأورام التابع للجامعة إلى 300 مليون جنيه لتطويره، ناهيك عن تدهور الخدمات التعليمية وملحقاتها في الجامعة والحاجة لملايين أخرى لتطوير التعليم والبنية التحتية. . ألخ، الغريب في الأمر أن رئيس الجامعة حينما سئل عن هذا التناقض قال بلغة المعملين “اللى يعوزه بيتك يحرم على الجامع”.

==المحور الخامس: كيف يرى العسكريون أنفسهم==

(ماينفعش بعد السنين الطويلة دى حد يسيطر على المؤسسة: كمقولة تفسيرية)

([[مبارك]] عشان يصلى معانا العيد كان بيفكر سنة قبها: كمقولة تفسيرية)

(ده عرقنا وسنقاتل كل من يقترب منه: كمقولة تفسيرية)

اقترحت الدراسة مقولة “الاستقلال في المكان “كمدخل لقراءة العلاقات المدنية العسكرية في [[مصر]] ووضع الجيش بالتحديد، وساق الباحث في ذلك عشرات المؤشرات التحليلية منذ [[الثورة]] والفترة الانتقالية الأولى مرورا بفترة الرئيس [[مرسي]] وصولا للانقلاب وما بعده. المفارقة أن العسكريين أنفسهم يرون أنفسهم من نفس المقولة، ونعرض هنا لرؤية السيسى بعد الانقلاب ومساعد وزير الدفاع للشؤون المالية أثناء الفترة الانتقالية الأولى.
• رؤية السيسى (تسريبات ال[[مصر]]ي اليوم )

تنطلق رؤية السيسى للمؤسسة العسكرية من نفس المدخل، مؤسسة مستقلة عن الدولة ولها وضعها الخاص، وقد صرح بذلك في أكثر من مناسبة أهمها ما جاء في تسريب صوتي أذاعته قناة الجزيرة مباشر [[مصر]] في 1 [[نوفمبر]] [[2013]] مسربًا من حواره مع رئيس تحرير صحيفة ال[[مصر]]ي اليوم “ياسر رزق”. يطالب فيه صراحة بتحصين وضع المؤسسة العسكرية في الدستور مشيرا إلى توقعاته باستمرار الدور السياسي للجيش لمدة قد تصل إلى 15 عام. وقال السيسي( أنت النهاردة لما تيجي تقول تحصين المؤسسة العسكرية في الدستور القادم، فأنت تحصنها لأن المؤسسة العسكرية دي كان لها دور، مين يا ترى هيبقى مدرك إن الدور ده له امتداد لفترة زمنية لا تقل عن 5 إلى 10 سنوات على الأقل).

كما أكد السيسي في التسجيل أنه لا يتصور سيطرة مدني على المؤسسة العسكرية بعد هذه السنين الطويلة قائلا”ما ينفعش بعد السنين الطويلة دى وفى ظل حالة السيولة التي تعيشها الدولة ال[[مصر]]ية بعد [[الثورة]] أن يجى حد يسيطر على المؤسسة كده. . ده ممكن يهدها. . . وما يقصدش”
وعلق السيسى متهكما من جرأة مرسى فى قرار إقالة قادة الجيش “أتصور أن عدم تقديرهم لرد فعل المؤسسة وحجمها هو اللي خلاهم ياخدو القرار بتاع المجلس الأعلى اللى فات، هما لو كانوا مدركين لوزن وقدرة المؤسسة مكنوش خدوا القرار ده. . . ده غيره (يقصد [[مبارك]]) كان بياخد قرار يصلى معانا العيد ولا ميصليش يقعد يدرس فيه طول السنة ”

إذا ما أضفنا لهذه التصريحات مقولات العسكريين فى الفترة الانتقالية الأولى بالنسبة للوضع الاقتصادي والمالي للجيش (ده عرقنا وسنقاتل من يقترب منه)، نصبح أمام رؤية متكاملة للعسكريين على أنفسهم، وبالتالي نصبح أمام توصيف جديد للمؤسسة العسكرية كالتالي :

“مؤسسة تحظى بوضعية استقلال مالية، اقتصادية، تشريعية، جنائية، وتنفيذية، يصعب اخضاعها لرأس السلطة التنفيذية تسعى فى نفس الوقت للهيمنة على المدنيين”

==خلاصة==

( 21) تشير تجارب الانتقال الناجحة إلى أنه بمجرد انتقال السلطة إلى حكومة ديمقراطية منتخبة تبدأ مرحلة التحول الديمقراطي، التي يكون على الحكومات الديمقراطية المنتخبة أثناءها القيام بعدد من المهام للوصول إلى مرحلة ترسيخ دعائم الديمقراطية الوليدة. وتتضمن هذه المهام بشكل عام كل ما من شأنه دعم المؤسسات والثقافة والممارسات الديمقراطية، مثل:

• تعديل القوانين

• إنشاء هيئات جديدة

• دعم المجتمع المدني

• دعم التعليم المدني

• توعية الجماهير

• دعم الاقتصاد الوطني

• معالجة كافة المطالب الاجتماعية والاقتصادية المشروعة

• حسم العلاقات المدنية ” العسكرية في الدول التي شهدت دورًا محوريًا للجيش.

ومعالجة العلاقات المدنية ” العسكرية تتطلب وقتًا قد يمتد لسنوات، ففي إسبانيا استغرق الأمر نحو سبع سنوات، وفي حالات أخرى احتاجت البلاد لأكثر من عقد من الزمان كما في حالتي الأرجنتين والبرتغال.

حيث يؤثر دور الجيش في مرحلة الانتقال وعلاقته بالقوى السياسية في مرحلة ما قبل الانتقال على شكل العلاقات المدنية-العسكرية بعد الانتقال. كما أن التنازلات (الرسمية وغير الرسمية) التي تقدمها القوى السياسية للجيش قبل الانتقال تؤثر بالسلب على قدرتها على التفاوض بعد الانتقال.

وفي الحالة ال[[مصر]]ية استلم الجيش السلطة بعد الإطاحة بالنظام القديم وانفرد بتقرير مسار المرحلة الانتقالية ما أدى إلى إرتباك هذا المسار. وذلك على عكس الحالة ال[[تونس]]ية التي لم يرغب الجيش فيها بالقيام بأي دور في مرحلة ما بعد سقوط النظام.

في جميع الحالات تختلف المهام التي على القوى الديمقراطية القيام بها، ففي [[مصر]] تتمثل الأولوية في تسليم السلطة لرئيس مدني منتخب وظهور حكومة وحدة وطنية موسعة تقود مرحلة التحول الديمقراطي، أما في [[ليبيا]]، وربما [[سوريا]]، فجمع السلاح وتشكيل جيش وطني هي المهمة الأولى التي بدونها لا يمكن تصور استكمال بقية خطوات التحول.

'''وعادة ما تتأثر عملية معالجة العلاقات المدنية العسكرية بعدد من العوامل:'''

'''1ـ''' شرعية وقوة الحكومة المدنية المنتخبة وحجم الدعم الشعبي الذي تمتلكه: هل هي حكومة تتمتع بأغلبية بسيطة أم أنها تتمتع بأغلبية واسعة بالبرلمان؟ وهل تقوم الحكومة بالضغط على الجيش في القضايا المصيرية ذات العلاقة بالجيش أم لا؟ وما درجة التوافق والتحالف بين القوى المدنية حول مسألة إزاحة النفوذ العسكري؟ احتاج الأمر، في الأساس، إلى نوع من الشراكة السياسية بين القوى السياسية لمعالجة المسألة والتفاوض مع الجيش حول مستقبل العلاقات المدنية العسكرية. هذا بجانب الطريقة التي تمت بها عملية التفاوض مع الجيش: هل قدمت كل الطلبات مرة واحدة (في الأرجنتين قدم كل شيء مرة واحدة فكانت النتيجة التعثر لفترة طويلة)، أم تم الأمر بشكل تدريجي (كما في حالة اسبانيا والبرازيل)؟ وللعامل الخارجي أثره أيضا: هل هناك تهديد خطير للأمن القومي من الخارج؟ هل يرتبط الجيش بعلاقات قوية مع دولة أو دول قوية؟

'''2ـ''' إن الرغبة في تحقيق السيطرة المدنية لابد أن تقترن بوجود متخصصين وخبراء مدنيين في الشؤون العسكرية والأمنية. وتؤثر حالة الجيش من الداخل في معالجة المسألة: هل هو موحد أم منقسم؟ في بعض الحالات خضع الجيش لعملية تحول ديمقراطي من الداخل، أي غرس القيم الديمقراطية داخل المؤسسة ذاتها. هذا ما تم في اسبانيا على مدى فترة زمنية ممتدة وانتهى إلى حسم العلاقة نهائيا.

'''3ـ''' تتأثر المهمة بالسلب أيضا إذا لم يتم فتح قنوات للحوار والتفاوض بين المدنيين والعسكريين، وينتشر بالتبعية سوء فهم وعدم ثقة متبادلة. ولهذا ففي معظم الحالات الناجحة كان من الأهمية خلق آليات للتفاعل بين الطرفين ووسائل يتمكن من خلالها المدنيون من معرفة مطالب العسكريين وأبعاد القضايا الإستراتيجية من جهة، ووسائل يمكن للعسكريين من خلالها معرفة أبجديات النظام الديمقراطية ومتطلبات بناء دولة ديمقراطية حديثة ووضع الجيش داخلها وغير ذلك من الأمور ذات الصلة.

'''4ـ''' ضرورة بذل كل الجهود الممكنة لبناء جسور من الثقة بين المدنيين والعسكريين لتقوية الديمقراطية. وهنا ظهرت آليات مختلفة منها اشراك العسكريين في مناقشة التشريعات ذات الصلة بالشؤون الأمنية والإستراتيجية، ووضع نظام تدريب وتثقيف ديمقراطي داخل الجيش، والاعتماد على خريجي العلوم السياسية والاجتماعية والاقتصادية في تجنيد ضباط الاحتياط، ومعاملة العسكريين قضائيًا بنفس معاملة المدنيين، والاهتمام بنظام معاشات العسكريين، وغير ذلك.

'''5ـ''' في حالات أخرى، فشلت عملية حسم دور الجيش وبقى الجيش في السلطة بشكل مباشر أو غير مباشر (كما حدث في نيوغينيا، باكستان، بورما، اندونيسيا، [[تركيا]])، لأسباب مختلفة أهمها أن الجيش كان على درجة عالية من التنظيم والانسجام مقارنة بالأحزاب القائمة، ووجود درجة عالية من الإنقسام في النظام الحزبي ودرجة عالية من عدم الاستقرار في الحكومات. بجانب خوف الجيش من نقص الميزانية وتقليص حجمه، أو وجود طموحات شخصية لبعض القادة. وشهدت بعض الحالات قيام الجيش بفرض سيطرته على الحياة السياسية من خلال إنشاء أحزاب تابعة له، أو مد سيطرته على المؤسسات المدنية أو على القطاع الاقتصادي.

وفي إطار هذه الاعتبارات تختلف القضايا ذات الصلة بمعالجة العلاقات المدنية ” العسكري باختلاف الأوضاع الخاصة بكل دولة، ومنها:

• من له الكلمة النهائية في تحديد الأولويات والمصلحة القومية، ميزانية الجيش، ولاية المحاكم العسكرية على العسكريين، شفافية الحصول على المعلومات مع ترتيبات للحفاظ على أسرار الجيش لكن مع سيطرة الحكومة على المدى الزمني للسرية، وضع النشاطات الأخرى للمؤسسة العسكرية تحت سيطرة المدنيين، عدم تسييس القادة العسكريين، الرقابة المدنية عبر البرلمان على المؤسسة العسكرية، التوازن بين الأمن الداخلي والخارجي ووضع ضوابط لتدخل الجيش في التأمين الداخلي، قرار الحرب، تصديق البرلمان على تعيين كبار قادة الجيش، شؤون الترقية والتعيين والعلاقات الخارجية للجيش في شؤون التدريب والتسليح.

• المعالجة النهائية للعلاقات المدنية-العسكرية أيضا دمقرطة الجيش ذاته، أي نشر ثقافة الديمقراطية داخله وإعادة هيكلة المؤسسة والقيام بعملية إصلاح مؤسسي شاملة داخله.

• تحديد دور الجيش في حماية الدستور على وجه الخصوص، حيث تشير حالات الانتقال المختلفة إلى أنه كلما ارتفعت شرعية الحكومات المنتخبة كلما تضاءلت حاجتها وحاجة البلاد إلى استدعاء الجيوش للحفاظ على الشرعية. ومن هنا فتقوية المؤسسات والثقافة الديمقراطية كانت في غاية الأهمية، ولم يتم بشكل عام منح الجيش مكانة مميزة في دساتير الدول التي شهدت انتقالا ناجحا نحو الديمقراطية.

وأمام هذا التعدد وذلك التشابك تأتي أهمية التأكيد على أنه عادة لا تكون الجيوش غير مسيسة بنسبة 100 بالمائة، وإنما حتى في الدول الديمقراطية هناك مساحة سياسية للجيوش، ولذلك يكون التحدي المطلوب علاجه هو تحريك الجيش نحو استخدام القنوات العادية الشرعية للتأثير على عملية صنع القرار في الشؤون ذات الصلة بالجيش بدلا من القنوات غير الشرعية كالانقلابات العسكرية أو التأثير على السلطة المدنية المنتخبة.

وفي دراسة صادرة في [[مارس]] [[2015]]، انتهي أحد الباحثين فيما يتعلق بالعلاقات العسكرية ـ المدنية، وفي القلب منها العلاقات العسكرية الإسلامية، إلى عدد من الخلاصات، منها( ):

من حيث الحسابات العقلانية، فإن من المرجحِ أن الجيشَ ال[[مصر]]ي ككل سوف يستفيدَ على المدى الطويل من إقامةِ علاقةٍ مدنية-عسكرية متوازنة ضمن إطارٍ ديمقراطي، بغض النظرِ عن الحزبِ أو الائتلافِ السياسي الذي سيتولى السلطةَ في البداية وبشكلٍ مؤقت ومحدد.

حيث تتعدد الأسباب التي ترجح أن تكون القواتُ المسلحة في الدولِ الديمقراطية هي المتفوقة في القتال. وتشمل أسبابُ التفوق وجودَ المساءلة والشفافية والاعتبارات السياسية للقادةِ المنتخبين، فضلاً عن المزيدِ من الخيارات الحكيمة لتحديدِ زمنِ القتال وأفضل تنظيم للموارد، مع حشدِ دعمٍ جماهيري أوسع، بالإضافةِ إلى ذلك، فإن التعيين والترقية ورواتب صغار الضباط، الذين يشكلون الغالبية العظمى من الضباط، تكون جزءاً من نظامٍ أكثر شفافية، وبالتالي أقل فساداً وأكثر عدلاً. أما خيارُ عدم تبني الديمقراطية، والحفاظُ بدلاً من ذلك على حكمٍ استبدادي تحت سيطرةِ العسكر، فله عواقب سلبية على المؤسسة العسكرية، وستجره هذه العواقب لا محالة إلى مزيدٍ من المواجهاتِ مع واحدةٍ أو أكثر من شرائحِ المجتمعِ ال[[مصر]]ي. ويمكن لهذه المواجهات أن تظل’َ مستمرةً وتُشكل تهديداً حقيقياً للسلمِ الاجتماعي والأمنِ والاستقرار السياسي في البلاد.

إن عقدةَ التفوق لدى الجيش وتصورَه للمدنيين بشكل عام، والسياسيين المدنيين بشكلٍ خاص، على أنهم أقل شأناً، سوف تحتاج إلى معالجةٍ دقيقة وشاملة، تبدأ من السنةِ الأولى في الكليةِ الحربية ال[[مصر]]ية وأكاديمية الشرطة، وسيكون تغيير هذه المواقف والعقائد عملية طويلة الأجل، حيث أنها سوف تدخلُ في مواجهةِ ثقافةٍ مؤسساتيةٍ وعُقدةٍ نفسيةٍ بُنيت وترعرعت في المؤسساتِ العسكريةِ والأمنيةِ على مدى سبعةِ عقود. ويمكن إضفاءُ الشرعيةِ عىل مبدأ المساواة من خلال التشديدِ على مفهومِ المواطنةِ في هذه المؤسسات، مع استيعابٍ أساسي لحقوقِ الإنسان وأهميتها. كذلك، ولا بد من إدخال هذه المفاهيم في المناهجِ الدراسية للمدارسِ الابتدائية والثانوية.

ولكن بشكل عام، يجب أن يكونَ التحويل في هذا البُعد برعايةٍ من سلطةٍ عليا، سواءٌ من قبل قيادةٍ إصلاحية أو من فصيلٍ إصلاحي قوي في القيادة. فهذا النوعُ من القيادةِ ضروري أيضاً لتغيري إجراءات العمل القياسية واللوائح الداخلية المؤيدة القمع والسياسات الرسمية وغير الرسمية التي تنتهك حقوقَ الإنسان الأساسية بشكلٍ عام.

ونظراً لتكاليفِ القمعِ والعدوانيةِ الناجمةِ عن الوضعِ الراهن، فإن عملية “نضوجٍ قسري” قد تترتبُ على ذلك، ومن غيرِ المحتملِ أن تُحققَ [[مصر]] أي تقدمٍ سياسي من دون القيام بعمليةِ مصالحةٍ وطنية والتوصل إلى ترتيبٍ مؤسساتي لحل النزاعات بين الجهتين السياسيتين الرئيسيتين، أي قيادة العسكر والإسلاميين. ولن تُحل الأزماتُ السياسية الحالية والمستقبلية في [[مصر]] على نحوٍ كافٍ من دون إعادةِ ترتيب العلاقات “الإسلامية-العسكرية” بطريقة شاملةٍ ودقيقةٍ”.

==الهامش ==

(1 ) الأراء الواردة في هذه الدراسة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات، ولكن تعبر عن وجهة نظر كاتبها
هناك مقولة نقلت عن بعض أعضاء المجلس العسكري، أنهم لم يقوموا بانقلاب على [[مرسي]]، ولكن [[مرسي]] هو من قام بانقلاب على الجيش لأنه حاول أن يغير وضعا مستقرا منذ عهد محمد علي كان هناك حديث في الكواليس لبعض القادة العسكريين يشير للامتعاض من مشروع التوريث راجع تقرير الجارديان، الرابط راجع فى تفاصيل وأساليب استمالة [[مبارك]] للجيش وصولا إلى تضخم وضع الجيش، دراسة يزيد صايع “جمهورية الضباط”.

(2 ) رتب تقرير المنظمة درجة الفساد في هذا المجال إلى سبعة درجات لمقياس بالأبجدية الإنجليزية «A» وينتهي بحرف «F» تتدرج بين خطر منخفض للغاية ثم خطر منخفض ثم خطر معتدل ثم خطر مرتفع وبعدها خطر مرتفع قليلا ثم خطر مرتفع للغاية وصولا إلى أعلى درجات الخطر والذي سمي الخطر الشديد أو الحرج.وخلص التقرير إلى،أن مخاطر الفساد داخل الجيوش تتراوح بين “مرتفعة” و”حرجة” في كل حكومات شمال إفريقيا والشرق الأوسط، التي شملها التقييم وعددها 19 حكومة. وحصلت إسرائيل و[[الكويت]] و[[لبنان]] ودولة [[الإمارات]] العربية المتحدة على أعلى تقدير بين دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وإن لم يصل أي منها إلى الأحرف الثلاث الأولى في القياس، وكان مستوى مخاطر الفساد فيها “مرتفعا”، وفقا للمقياس العالمي.وجاء في ذيل القائمة، كل من [[الجزائر]] و[[مصر]] و[[ليبيا]] و[[سوريا]] و[[اليمن]]، وقيمت المنظمة مستوى الفساد في قواتها المسلحة بأنه “حرج” وهو المرادف لحرف «F» آخر الحروف في المقياس.

صرح الفريق حمدي وهيبة رئيس الهيئة العربية للتصنيع في إحدى اللقاءات الصحفية بأن الهيئة العربية للتصنيع التي يرأسها و تضم 12 مصنعا لا تخضع لرقابة أجهزة الدولة بما فيها الجهاز المركزي للمحاسبات ولا يوجد عليها رقيب سوى الرقابة الداخلية.

نصت المادة رقم (8 مكرر أ)، التي أضيفت إلى قانون القضاء العسكري، الصادر بالقانون رقم 25 لسنة [[1966]]، وتم نشرها في الجريدة الرسمية بتاريخ 10 [[مايو]] [[2011]] على أن القضاء العسكري “يختص دون غيره بالفصل فى الجرائم المنصوص عليها فى الأبواب (الأول والثاني والثالث والرابع) من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 62 لسنة 1975 فى شأن الكسب غير المشروع، التي تقع من ضباط القوات المسلحة الخاضعين لأحكام هذا القانون، ولو لم يبدأ التحقيق فيها إلا بعد تقاعدهم”. ووفقاً لنص المادة “يكون للنيابة العسكرية جميع الاختصاصات المخولة لهيئات الفحص والتحقيق المنصوص عليها فى قانون الكسب غير المشروع”، كما “تختص النيابة العسكرية فى جميع الأحوال دون غيرها، ابتداءً بالتحقيق والفحص، فإذا تبين لها أن الواقعة لا علاقة لها بالخدمة العسكرية، أحالتها إلى جهة الاختصاص

وبنص الاقتراح الذي تقدم به زعيم الأغلبية فى مجلس الشعب، حسين إبراهيم، على أن تحال القضايا المنظورة أمام المحاكم العسكرية وفقا للمادة 6 من القانون الصادر عام 1966 إلى محاكم الجنح والجنايات، واعتبار الأحكام الصادرة من المحاكم العسكرية طبقا للمادة نفسها كأن لم تكن حتى ولو كان قد تم التصديق عليها، متى كانت لم تنفذ أو لم يكتمل تنفيذها بعد، وتعاد محاكمة المحكوم عليهم أمام المحاكم المختصة،كما رفض مطالبة النواب بإتاحة الطعن على الأحكام التي أصدرها القضاء العسكري أمام محكمة النقض العادية..

•ومن العجيب فى الأمر أن اللواء عادل المرسى، رئيس القضاء العسكري، قدم مشروعًا للإلغاء أو تعديل المادة السادسة من قانون الأحكام العسكرية والتي كانت تعطي لرئيس الجمهورية فى حالات بعينها سلطة إحالة غير العسكريين للقضاء العسكري، وعندما عرض على اللجنة التشريعية رفض اللواء ممدوح شاهين مطالب بعض النواب بإلغاء المادة 48 من نفس قانون القضاء العسكري والتي تنص على أن السلطات القضائية العسكرية هى وحدها التى تقرر ما إذا كان الجرم داخلا فى اختصاصها أم لا،الأمر الذي يجعل مشروعه المقدم بإلغاء المادة السادسة بمثابة تغييرا لبعض الديكورات العسكري فقط ويجعلنا نتسائل إذا كانت المؤسسة العسكرية تسعى إلى عدم محاكمة أبنائها أمام المحاكم المدنية كما هو ظاهر فى تعديل قانون القضاء العسكري فيما يتعلق بجرائم الكسب غير المشروع ،فلماذا تصر على أحقيتها في محاكمة المدنيين وترفض أي تعديلات تخص هذا الشأن
راجع تفاصيل المؤتمر فى جريدة الشروق عدد28 [[مارس]] ، تغطية وائل جمال

وتنص المادة 9 بعد التعديلات، على أن: «الدولة وحدها هي التي تنشئ القوات المسلحة، وهى ملك للشعب، مهمتها حماية البلاد وسلامة أراضيها وأمنها والحفاظ على وحدتها، ولا يجوز لأي هيئة أو جماعة أو حزب، إنشاء تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية، والدفاع عن الوطن وأراضيه واجب مقدس والتجنيد إجباري وينظم القانون التعبئة العامة، كما ينظم القانون العسكري ويحدد اختصاصاته، ويكون للقوات المسلحة مجلس أعلى يختص بالنظر فى كل ما يتعلق بالشؤون الخاصة بها والميزانية المتعلقة بشؤون التسليح، ويؤخذ رأيه فى التشريعات الخاصة بالقوات المسلحة قبل إصداره، ورئيس الجمهورية هو الرئيس الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع هو القائد العام لها.

أما المادة 10 فنصت على: «أن ينشأ مجلس يسمى، مجلس الدفاع والأمن القومي الوطني، ويتولى رئيس الجمهورية رئاسته، ويختص بالنظر فى الشؤون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها، كما يختص بنظر ميزانية القوات المسلحة، على أن يتم إدراجها رقما واحدا فى موازنة الدولة، ويحدد القانون تشكيل مجلس الدفاع والأمن القومي واختصاصاته الأخرى، ويعلن رئيس الجمهورية الحرب بعد أخذ رأى مجلس الدفاع والأمن القومي وموافقة مجلس الشعب
اعترف السلمى فيما بعد بأن الجيش هو من طلب الوضع الخاص فى الوثيقة

المعهد: كانت هناك ضغوط مستمرة من ممثلي القوات المسلحة في الجمعية التأسيسية لتمرير مواد تصب في صالح سيطرة المؤسسة العسكرية على الحياة السياسية، صاحبتها تهديدات بحل الجمعية و تشكيل جمعية جديدة وفقا للاعلان الدستوري المكمل، و لم تتوقف هذه الضغوط و التهديدات الا بعد أن قام الرئيس [[مرسي]] بالغاء الاعلان الدستوري المكمل في 12 [[أغسطس]] [[2012]]

المعهد: هناك معلومات أكيدة أن المجلس العسكري كان يعكف بالفعل على إعداد تشكيل جديد للجمعية التأسيسية، و ذلك قبل إعلان نتائج جولة الإعادة الرئاسية، و ذلك للدفع بها في الوقت المناسب

وقد حدث ذلك بالفعل عندما قام سلاح الجو ال[[مصر]]ي بضرب مدينة درنة الليبية بحجة وجود قيادات لتنظيم داعش في [[ليبيا]] بعد ذبح 21 [[مصر]]ياً علي يد تنظيم الدولة في [[ليبيا]] في 16 [[فبراير]] عام [[2015]], وقد سعى نظام السيسي لاستصدار قرارا من مجلس الامن بالتدخل عسكرياً في [[ليبيا]] لمحاربة الجماعات الإسلامية المسلحة لكن سعيه باء بالفشل للرفض الغربي والعربي للقرار والسعي نحو الحل السلمي.

(3 ) في [[مايو]] [[2011]]، عدل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي كان يتولى حكم البلاد آنذاك، قانون القضاء العسكري. فأضاف مادة تعطي النيابة والقضاة العسكريين وحدهم الحق في التحقيق في الكسب غير المشروع لضباط الجيش، حتى لو بدأ التحقيق بعد تقاعد الضابط. وبالتالي تجعل هذه المادة الضباط المتقاعدين بمنأى عن أي محاكمة أمام القضاء المدني.

وقعت الهيئة عقدا مع تحالف يضم شركات: «سيمنس الألمانية وأنسالدو الإيطالية والسويدى ال[[مصر]]ية» لإنشاء 6 وحدات بقدرة 970 ميجاوات بمحطات توليد كهرباء بعتاقة والمحمودية، وذلك ضمن الخطة الإسعافية الثالثة لوزارة الكهرباء لعام [[2015]].

المعهد: هذا ليس جديدا، فالشركات التابعة للمخابرات العامة تمارس أعمالا اقتصادية منذ وقت طويل، شركة وادي النيل للمقاولات على سبيل المثال، مستشفى وادي النيل، الشركة العاملة في مجال استيراد و تجارة المواشي و اللحوم

المعهد: في الوقت الذي تم تخفيض ميزانية المشروعات الاستثمارية للدولة في موازنة [[2014]]/ [[2015]] عن الموازنة السابقة بنحو 18 مليار جنيه، تم رفع موازنات القوات المسلحة و الشرطة في الموازنة الجديدة بنفس المبلغ تقريبا

( 4) المعهد: تستند هذه الخلاصة إلى دراسة قدمها الدكتور عبد الفتاح ماضي، بعنوان: “العلاقات المدنية- العسكرية والجيوش والتحول الديمقراطي”، ضمن المحور الثالث: “التغيرات العربية ودور المؤسسات العسكرية والأمنية”، مؤتمر: “تحديات الديمقراطية في العالم العربي” – مركز عصام فارس للدراسات ال[[لبنان]]ية، بيروت ” 29 حزيران ([[يونيو]]) [[2012]]، ثم الى دراسة قدمها د.عمر عاشور بعنوان: من التعاون إلى القمع: العلاقات الإسلامية العسكرية في [[مصر]]، سلسلة الدراسات التحليلية، الدوحة، مركز بروكنجز، العدد 14، [[مارس]] [[2015]]، ص 28 ـ 31

(5 ) د. عمر عاشور، من التعاون إلى القمع: العلاقات الإسلامية العسكرية في [[مصر]]، سلسلة الدراسات التحليلية، الدوحة، مركز بروكنجز، العدد 14، [[مارس]] [[2015]]، ص 28 ـ 

==المصدر==

*'''تقرير:''' [https://eipss-eg.org/management-of-civil-military-relations-in-egypt/    إدارة العلاقات المدنية العسكرية في مصر] '''المعهد المصري للدراسات'''

[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:المعهد المصري للدراسات تقارير]]